أكد المستشار الدكتور يحيي البنا وكيل إدارة التشريع السابق بوزارة العدل، أن اصرار البرلمان علي تمثيل أعضاء مجلسي الشعب والشوري بنسبة 50٪ للجمعية التأسيسية مقابل 50٪ للشخصيات العامة يعد بحق مخالفة للمبادئ الدستورية والإعلان الدستوري! وأوضح أن الأثر المترتب علي ثورة 25 يناير هو إسقاط دستور 1971 والمبدأ الدستوري يؤكد أن الساقط لا يعود وبالتالي فإن الدولة المصرية حتي هذه اللحظة دولة خالية من الدستور تماماً وتعيش حالة تسمي «حالة الأزمة» والإعلان الدستوري ما هو إلا وثيقة مؤقتة تمنح سلطات مؤقتة لمؤسسات الدولة التشريعية، والقضائية والتنفيذية، تسمي «سلطات الأزمة». وأضاف أن مجلسي الشعب والشوري، ولدا من إعلان مؤقت بسلطات مؤقتة لا تمنحه سلطة وضع دستور دائم للبلاد، فمجلس الشعب سلطة مؤسسة ينشئها والدستور وتستمد منه وجودها وكيانها، وليس مجلس الشعب هو الذي ينشئ الدستور. ويظل الشعب بكل طوائفه صاحب السلطة التأسيسية الاصلية لوضع دستور جديد ودائم للبلاد. وقال: من المسلم به في المبادئ الدستورية الهامة ان الاغلبية لا تضع الدستور وإلا كان ذلك علي حد تعبير المحكمة الدستورية قهراً للنصوص الدستورية لاخضاعها لفلسفة بذاتها يعارض تطويعها لآفاق جديدة يريد مجموع الشعب بلوغها، فلا يكون دستور الأغلبية كفيلا لها بل حائلا دون ضمانها. وأشار إلي أن الفقه الدستوري ميز بين نوعين من الجمعيات المكلفة بوضع الدستور الأولي جمعية تأسيسية لها السلطة التأسيسية الأصلية والثانية جمعية تأسيسية لها السلطة التأسيسية المنشأة. وقال إن الأولي تشكل من مجموع الشعب ولا تستمد وجودها من أي نص دستوري لخلو البلاد من الدستور وتكون مهمتها الرئيسية اسقاط النظام الدستوري السابق، ووضع نظام جديد بايديولوجية سياسية جديدة تختلف كل الاختلاف عن الدستور القديم. والثانية، سلطة تأسيسية منشأة تستمد وجودها من نصوص قائمة تحدد تشكيلها واختصاصاتها وتكون مهمتها تعديل الدستور القائم دون وضع نظام دستوري جديد ومن ثم يمكن للبرلمان القائم أن يشترك في تشكيلها. إذان فمجلس الشعب والشوري إذا ما اشتركا بنسبة 50٪ في اللجنة التأسيسية المكلفة باعداد الدستور، يكون قد غير من مهمتها من لجنة لوضع دستور جديد للبلاد إلي لجنة مهمتها مجرد تعديل الدستور قائم. في سياق متصل، أكد «البنا» أن الإعلان الدستوري نص في المادة «60» من الإعلان الدستوري علي عقد اجتماع لنواب مجلسي الشعب والشوري والمنتخبين، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولي اعداد دستور جديد للبلاد خلال ستة أشهر، ويعرض المشروع علي الشعب لاستفتاء في شأنه القاعدة الدستورية تؤكد أن المشرع إذا أورد مصطلحا معينا في نص ما وجب الالتزام به فهذا النص يخاطب الأعضاء غير المعينين من مجلسي الشعب والشوري باعتبارهم جماعة الناخبين ولا يخاطب الكافة، وبالتالي فالإعلان الدستوري انشا للأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشوري مركزاً قانونياً «هيئة الناخبين» مغايرًا للمركز القانوني للأعضاء المعينين وجموع الشعب «هيئة المرشحين». وقال «البنا» إنه لا يجوز الخلط بينهما، ولا يجوز المساواة بينهما بنسبة 50٪ لكل فريق وإلا كان ذلك مخالفاً للاعلان الدستوري الذي شكل الجمعية التأسيسية من الفائزين من «هيئة المرشحين» ويعد مخلا بمبدأ تكافو الفرص إذ جعل المنتخب يتماثل مع المرشح فيترشح الناخب وينتخب نفسه! وأوضح أنه لو أراد الإعلان إعطاء أعضاء مجلسي الشعب والشوري المنتخبين الحق وحدهم، أو بعضهم الحق في الترشيح في عضوية الجمعية التأسيسية، لأضاف للنص عبارة الانتخاب جمعية تأسيسية «ولهم» أو «من بينهم». وقال إن هذا علي ما يبدو هو الذي جعل قضاء مجلس الدولة يصدر حكما في الطلب المستعجل بوقف تنفيذ قرار نسبة 50٪ من اللجنة التأسيسية. وطالب البنا الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشوري بعدم الاشتراك في لجنة وضع الدستور والا يشترك فيها حزب الأغلبية فالأغلبية لا تضع الدستور وأوضح ان الدستور ما هو إلا عقد اجتماعي يتم بالتوافق بين جميع الاطياف السياسية حتي يعكس ما ارتأته الإرادة الشعبية أقوم لدعم مصالحها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعيداً عن الآراء والميول والعصبية والحزبية.