د.عفىفى كامل محاضر القانون الدستورى اثناء حدىثه ل »الأخبار« الإعلان الدستوري أشار لجمعية مكونة من 100فرد ولم يوضح كيفية تشكيلها! نحتاج إلي ضوابط لاختيار التأسيسية بعدما أظهرت نتائج المرحلتين بعدا طائفيا أتصور ترشيح أعضاء الجمعية التأسيسية من خلال قوائم مناظرة لدوائر الشوري المواجهة قادمة حتما حول تأليف الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع مشروع الدستور وبدت حرابها تنتصب بعدما اعترضت التيارات الإسلامية علي وثيقة د.السلمي التي تقنن معايير اختيار الجمعية التأسيسية.. ثم انسحاب نفس التيارات من المجلس الاستشاري الذي أنشأه المجلس العسكري..وأخيرا بعدما أظهرت نتيجة المرحلتين الأوليين من الانتخابات البرلمانية تفوق التيار الاسلامي واستحواذه علي معظم مقاعد البرلمان مما يجعله أغلبية بالمجلس! وبدأت هذه الأغلبية البرلمانية تهمس بأحقيتها منفردة بتكوين الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع مشروع الدستور..وفي نفس الوقت بدأ بعض من فقهاء القانون الدستوري يرون غير ما تري الأغلبية.. ويتساءلون كيف تنفرد السلطة التشريعية بتكوين اللجنة التأسيسية المنشئة للدستور؟! والدستور هو الذي ينشئ السلطة التشريعية ويحدد معالمها واختصاصاتها! في حديثنا هذا نحاول الاقتراب والبحث عن حل فقهي قانوني يقارب ما بين وجهتي النظر أو يقدم تصورا جديدا ويقدمه لنا د. عفيفي كامل عفيفي محاضر القانون الدستوري بكلية الحقوق بجامعة الإسكندرية للخروج من هذا المأزق الدستوري خاصة مع عدم وجود نص قانوني ملزم بكيفية تكوين اللجنة التأسيسية ومعايير اختيارها ومن الذي سيضع المعايير هذه.. وكيف تكون الجمعية التأسيسية ممثلة لأطياف الشعب المختلفة. في البداية نجيب علي سؤال بديهي ما الدستور.. احد تعريفات الدستور.. انه القانون الأعلي للبلاد وأبو القوانين.. والدستور هو الذي يحدد نظام الحكم في الدولة واختصاصات سلطاتها الثلاث »التشريعية - التنفيذية - القضائية« وتلتزم بما ورد فيه من قواعد قانونية كل القوانين الأدني مرتبة في الهرم التشريعي.. وهو في حقيقته ينظم الصراع بين فكرتي السلطة والحرية ويضع أطرا لتنظيم تلك العلاقة. وقد حددت المادة ستون من الإعلان الدستوري الثاني الصادر من المجلس العسكري الحاكم بتاريخ 30مارس -دون الاستفتاء عليه- بتشكيل جمعية تأسيسية تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد ونص المادة كالتالي.. يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري في اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة، خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويُعرض المشروع، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده، علي الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء) والإعلان الدستوري السابق لم يبين لنا كيفية اختيار الجمعية التأسيسية التي ستتولي إعداد مشروع الدستور.. وهل سيتم اختيار الجمعية التأسيسية من اعضاء مجلسي الشعب والشوري ام من خارجها؟.. في هذا الحوار سنحاول الاقتراب وفهم ما غمض في هذه المادة مع الدكتور عفيفي كامل استاذ القانون الدستوري.
وصلنا في خارطة الطريق السياسية إلي المرحلة الأخيرة في انتخابات مجلس الشعب والتي تبدأ بعدها انتخابات الشوري ثم إجراءات وضع الدستور.. كيف تقيم الخطوات السابقة؟ دعنا نرجع للوراء قليلا لنري الصورة كاملة ونفهم ما نحن فيه..بداية نحن قد تجاوزنا من قالوا الدستور أولا.. وبدأ المجلس العسكري في تنفيذ أولي مهام الخريطة السياسية التي رسمها ووافقه الشعب عليها في أول استفتاء تم بعد الثورة في 19 من مارس الماضي بأن تبدأ الانتخابات أولا ولم يكن أمام الإرادة الشعبية في تلك الظروف التي حدث فيها الاستفتاء إلا الموافقة..! وكان من الصعب أن تفعل غير ذلك حينذاك . ناهيك عن الخداع السياسي والتزوير المعنوي والغطاء الديني الذي صاحب هذا الاستفتاء السياسي الذي توظفه عادة أنظمة الحكم في العالم الثالث لانتزاع تأييد الشعب لتحقيق أغراض تبغاها سلطة الحكم بزعم تحقيق الاستقرار السياسي. يعني انه كان هناك طريق آخر تسلكه الخريطة السياسية خاصة بعد الثورة؟ أظن انه كان من الأجدر تحقيق أول استحقاقات تلك الثورة العظيمة بانتخاب جمعيه تأسيسية منتخبة لوضع دستور جديد للبلاد بعد أن بات الدستور الفائت الذي منح سلطات ديكتاتورية للرئيس في حكم الساقط وجري الاستفتاء علي تعديلات يغلب عليها الطابع الشكلي أو الإجرائي . سلطات مطلقة وما المأخذ علي هذا الاستفتاء الذي اوصلنا بسلام لهذه المرحلة السياسية؟ من أهم المآخذ ان التعديلات التي اخذ الرأي وتم الاستفتاء عليها انها اختصت ببعض النواحي ولم تمس السلطات المطلقة للرئيس التي كانت هدفا جوهريا للتغيير الذي ضحي من اجله الشهداء وطالب به الثوار الأحرار..! لكن لماذا في رأيك انصاع المجلس العسكري لهذه التعديلات ؟ لا أدري تماما.. لكن المجلس العسكري انصاع لتلك التعديلات دون الإنصات لآراء كبار الفقهاء الدستوريين والسياسيين مكتفيا برؤية لجنه التعديلات الموقرة بقيادة المستشار "طارق البشري" سواء بقصد أو دون قصد.. والله اعلم.. فقد هيمن علي فكر ووجدان طالب هذه التعديلات واللجنة التي قامت بالتعديلات الدستورية في 91 مارس أننا بصدد انتفاضة أو انقلاب علي النظام فحادوا عن فكر الثورة. كيفية الخروج هل اثرت نتيجة ذلك الاستفتاء علي ما نحن فيه من اختلاف ؟ ذلك الأمر أدخلنا في دوامة لا يعلم مداها إلا الله وكيفية الخروج منها بعدما انفرط عقد الأحزاب والقوي السياسية المشاركة في العملية الانتخابية خاصة بعد النتائج التي أفرزتها المرحلة الأولي للانتخابات البرلمانية.. وهذه النتائج غلبت عليها الطائفية الدينية وأسفرت عن سيادة التيارات الإسلامية ممثلة في قطبي جناحيي اليمين واليمين المتشدد حزبي الحرية والعدالة والنور وكلاهما يشكلان الذراع السياسي للدعوة الإسلامية سواء الاخوانية أو السلفية بغض النظر عن المقاعد المحتملة لبقية الأحزاب الدينية الأخري سواء الوسطية منها أو الأصولية فقد قامت بعض الأحزاب علي أساس ديني وجرت الانتخابات في ظل الهيمنة الدينية والمال السياسي وافتقدت الي آلية ضابطة لمخالفاتها سواء الدستورية أو القانونية أو الإدارية. أليست هذه نتيجة انتخابات برلمانية حقيقية ولابد ان نرضي بها؟ بالطبع..لكن لا تنس أننا في حالة استثنائية..الأمر الذي أدي إلي توجس الكثير من القوي السياسية من سيطرة أغلبية برلمانية ذات أيديولوجية دينية تهيمن علي وضع الدستور، ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل رفضت القوي الإسلامية البند التوفيقي لوثيقة السلمي لوضع ضوابط لاختيار جمعية تأسيسية من أطياف الشعب المختلفة بزعم أن ذلك يعد التفافا علي استفتاء 19 مارس الذي يقضي باختصاص الأعضاء المنتخبين لمجلس البرلمان باختيار جمعية تأسيسية كما رفض حزب الحرية والعدالة الاشتراك في المجلس الاستشاري الذي شكله المجلس الأعلي للقوات المسلحة للمشاركة في اقتراح ضوابط اختيار لجنة وضع الدستور. ضرورة دستورية أيعني ذلك اننا أمام إشكالية فقهية؟ بالتأكيد ونستطيع القول ان الأمر يدفعنا إلي القول بوجود إشكاليه في آلية وضع الدستور وقد يحتدم الخلاف و يطول الوفاق حولها وان هناك ضرورة دستورية تفرض علينا إيجاد حل يتفق والمبادئ الدستورية و الديمقراطية والمطالب الثورية. أيعني ألا توجد نصوص قانونية توضح كيفية تشكيل اللجنة التأسيسية التي تضع الدستور؟ لا يوجد حتي الآن.. والنص الذي جاء في الاعلان الدستوري أشار فقط علي ان اللجنة التأسيسية مكونة من 100فرد.. حتي أن اعتراض التيارات الإسلامية علي وثيقة السلمي لم يكن علي النصوص التي تتحدث عن الجيش.. ولكن علي كيفية تشكيل اللجنة التأسيسية.. وحتي وثيقة السلمي غير ملزمة للأغلبية.. والمادة 60 في الإعلان الدستوري الصادر في 30مارس قالت ان المنتخبين من مجلسي الشعب والشوري هم من يشكلون اللجنة أو الجمعية التأسيسية..والجمعية التأسيسية متي تم اختيارها تلغي كل ماعداها بعد ذلك.. وتعتبر هي محتوي السيادة وسلطتها تؤسس للسلطات الأخري.. ولا يوجد ضوابط لاختيارها ولا كيفية الاختيار. إذا كان الأمر كذلك فما المفروض عمله وفقا للأعراف الدستورية؟ وفقا للأعراف الدستورية التي سادت الديمقراطيات المتقدمة أن الدستور هو الذي ينشئ السلطات ومن بينها السلطة التشريعية..ومن ثم لا يجوز أن تتحكم هذه السلطة في وضع الدستور أو يكون من نتاجها.. ومن غير المنطقي أن تحدد سلطاتها فهي سلطة منشأة بموجب الدستور الذي تستمد منه وجودها وشرعيتها واختصاصاتها.
نفهم من ذلك ان المجالس النيابية منشأة بالدستور ولا يجوز لها وضع الدستور..إذن من يضع الدستور؟ أولا لابد ان نفهم ان الدستور هو الذي ينشئ ويؤسس للمجالس..ولذلك من الضروري أن تتولي وضع الدستور هيئة منتخبة من الشعب بوكالة خاصة ومحددة.. وهذه الهيئة لا تعلوها سلطة أخري فهي مستودع السيادة وفوق كل السلطات الأخري، مهمتها مؤقتة بوضع الدستور الذي ينشئ السلطات العامة وينظم سير أعمالها ولذا يطلق عليها السلطة "التأسيسية الأصلية " وإن كانت هناك طريقة أخري لاختيار السلطة التنفيذية لجمعية تأسيسية تضم جميع الهيئات والقوي السياسية المعنية بيد أن الطريقة الأولي بانتخاب جمعية هي الأكثر ديمقراطية وتواكب مطالب الثوار ولاسيما بعد ثورة قامت ضد السلطة التنفيذية، يمكن أن يحدث ذلك في وقت معاصر لانتخابات مجلس الشوري بتعديل دستوري وكيف يتم ذلك؟ أتصور ترشيح أعضاء الجمعية التأسيسية من خلال قوائم مناظرة لدوائر الشوري الثلاثين وليكن خمسة مرشحين بكل قائمة في ذات يوم الاقتراع علي الشوري القادمة علي أن يتم ترشيح أعضائها من الآن بمعايير مغايرة عن مرشحي المجالس النيابية تتفق ومهمة وضع الدستور - الأمر الذي لا يكلف الدولة ولا يثقل كاهل الناخبين، ويمكن اشراك جميع القوي السياسية والمستقلين وائتلافات الشباب من خلال كيانات سياسية تشترك في تلك القوائم بالإضافة إلي تعيين ممثلين من الهيئات والمؤسسات المعنية وغير الممثلة برلمانيا..كالهيئات القضائية والجامعة والأزهر والكنيسة والقوات المسلحة والشرطة يتم ترشيحهم من قبل مجالسهم و تبرز أهمية تشكيل الجمعية التأسيسية في أن مشروع الدستور الذي ستنتهي إليه في ظل ظروفنا الحالية لا يوجد سبيل أمام الشعب إلا الموافقة عليه. جميع الطوائف وهل يضمن ذلك اختيار جمعية تأسيسية ممثلة لكل طوائف الشعب؟ أظن اننا بذلك نضمن اختيار جمعية تأسيسية يمثل بها جميع طوائف الشعب لتضع لنا دستورا ننعم من خلاله بالديمقراطية والحرية والعدالة والمواطنة بعيدا عن العصبية والقبلية و الطائفية والأغراض الحزبية يوسع من رقعة الديمقراطية ولا يعد التفافا علي التعديلات الدستورية فهو إجراء ديمقراطي لاحق تحتمه الضرورة الدستورية مرجعيته الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات. ويقول الله تعالي في محكم آياته "و شاورهم في الأمر" "وأمرهم شوري بينهم" كما يقول الرسول الكريم "انتم اعلم بشئون دنياكم"