لايستطيع أحد أن ينكر أن ما يحدث في ليبيا حاليا من مجازر بشعة جاء نتيجة لعقلية ديكتاتور عاش أكثر من أربعين عاما على كرسي العرش الذي لايرغب في تركه إلا وهو جثة هامدة ، فإن عقلية الزعيم الليبي معمر القذافي و"جنون العظمة" الذي يعيشه ربما تنطبق على كل عربي يتسلم سلطة ، ولانعلم هل هذا "مرض عقلي" أم "عشق للسلطة" في عالمنا العربي. لقد أثبتت الثوارت الشعبية الأخيرة التي اجتاحت الدول العربية أن الديمقراطية هي الحلم الكبير المراد تحقيقه في العالم العربي، ولكن فيما يبدو أن هذا الحلم أصبح بمثابة شبح يطارد الحكام لتتحول إلى "ديكتاتورية" بات العالم أجمع أن يلعنها. ولعل ما يثبت أن "داء العظمة" يصيب كل عربي يتسلم السلطة هو ما يحدث ويدور حاليا داخل الأراضي الليبية من قتل للمدنيين العزل وإحراق للجثث بسبب القصف المدفعي الذي تتعرض له المناطق السكنية لمجرد أن هؤلاء خرجوا يطالبون بالحرية والديمقراطية في بلادهم. ويقول الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية: "إن جنون العظمة مرض نفسي يجعل أي انسان يتمكن من الحصول على شىء ك"السلطة" يصاب بنوع من الغرور والتكبر فهو مرض نفسي له جانب عدواني وجانب شخصي". وعرف صبحي الجانب العدواني بأن المصاب بجنون العظمة يرى الناس ثيارا دائما ،فهو ينظر إلى الناس من فوق جبل عالٍ فيراهم صغارا ونسي أن الناس يرونه أيضا صغيرا بحكم المسافة. وأضاف صبحي أن المريض بداء العظمة لايري الحق ولا البساطة ولايرى الانتماء إلى الآخر، ولايرى احترام مشاعر الآخرين ولايري غير قدرته، فهو مصاب بنوع من العمى الوجداني الذي لايجعله يرى الحقيقة. وأشار صبحي إلى أن "من يتولى السلطة دائما يصاب بهذا الداء الخطير فهو لايرى الحقيقة ولاالبساطة ولايرى الواجب والمسئولية ولايرى إلا نفسه ومن هنا يظهر داء العظمة". وأكد صبحي أن داء العظمة يمكن أن يتسبب في إبادة شعب بأكمله ، مستشهدا بقول الله عز وجل في كتابه الكريم " ولاتمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا" ، فنهي الله في هذه الآيه عن استعظام الإنسان نفسه بأكثر مما هو عليه ، وإظهار القدرة والقوة والعظمة إنما هو وهم يتوهمه، فإن هناك ما هو أقوى منك. وعلق د. صبحي عما يدور في ليبيا قائلا " القذافي مريض بجنون العظمة وقد أصيب بعمى وجداني فلايهمه أن تقصف الطائرات شعبه ". واختتم صبحي قائلا " العظمة داء خطير يصيب بعض الذين لايراعون الآخرين ولايهتمون بمصالح ولايهتمون إلا بذواتهم فقط".