كتب – عبدالقادر إسماعيل: ورطة كبيرة تعانى منها وزارة المالية حاليًا بسبب تهديد خطط خفض العجز فى الموازنة العامة للدولة، ويعود السبب وراء ذلك إلى الارتفاع المتوقع فى فاتورة دعم المواد البترولية خلال العام المالى الجارى نتيجة الزيادة المتوالية فى سعر برميل النفط عالميًا. وتظهر حجم الأزمة من خلال الفجوة ما بين السعر المحدد للبرميل فى موازنة العام المالى الجارى والمقدر بنحو 55 دولارًا للبرميل، لاستهداف قيمة دعم للمواد البترولية بواقع 110 مليارات جنيه، بخلاف الفجوة أيضًا ما بين سعر الدولار المحدد بالموازنة عند 16 جنيهًا، فى حين يتم تداوله بمتوسط 17.70 جنيه. ومع خطة الحكومة لرفع الدعم عن المواد البترولية نهائيًا مع بداية العام المالى 2019 – 2020، فإنه من المتوقع أن يشهد بداية العام المالى المقبل زيادة كبيرة فى سعر المحروقات نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالميًا، حيث قفزت فاتورة الدعم ما بين العام المالى الجارى والسابق بقيمة 75 مليار جنيه دفعة، من 35 مليارًا للعام المالى 2016 – 2017 إلى 110 مليارات العام الحالى. وتؤكد تلك التوقعات القاعدة التى وضعتها وزارة المالية بشأن تأثر فاتورة الدعم من أسعار النقط العالمية، حيث يتسبب كل دولار زيادة بأسعار برميل النفط فى رفع فاتورة المواد البترولية بنحو من 3 إلى 4 مليارات جنيه، فضلاً عن أن كل 10 قروش زيادة فى قيمة الدولار مقابل الجنيه، تكلف الدولة نحو 2.5 مليار جنيه إضافية فى فاتورة دعم المواد البترولية سنويًا. وتستهدف وزارة المالية خفض عجز الموازنة إلى نحو 4% بحلول 2022، حيث بلغ العجز 12.5% العام المالى الماضى، ويستهدف خفض العجز تحسين فرص الاستثمار بمصر وتوجيه الفائض إلى الأولويات من بنود الصرف، وخلق مزيد من فرص العمل ومزيد من الاستثمارات خلال الفترات القادمة. وتشير أحدث البيانات الصادرة عن وزارة المالية تراجع عجز الموازنة خلال النصف الأول من العام المالى الحالى إلى 4.4%، مقابل عجز بلغ 5% بالفترة المقارنة من العام المالى السابق، كما تراجع العجز الأولى إلى 0.3% من الناتج المحلى، مقارنة بنحو 1.1% نفس الفترة العام السابق. وحول التكهنات بتقديم موعد زيادة أسعار المحروقات، أكد عمرو الجارحى، وزير المالية، أنه لا يوجد توقيت حاليًا لرفع أسعار البنزين، ورغم تغير أسعار البترول عالميًا، لافتا أن مصر كانت من أرخص 3 أو 4 دول فى العالم فيما يتعلق بأسعار البترول، موضحًا انه فى عام 2002 كان سعر برميل البترول 20 دولارًا، ولم يتم رفع أسعار الوقود من وقتها على الرغم من زيادته كل عام، مؤكدًا أن الدولة كانت كأنها ترمى يوميًا 400 مليون جنيه دون فائدة على دعم الوقود، لأنه يذهب للجميع مما ساهم فى خسارة المليارات. وأكد الدكتور محمد معيط، نائب وزير المالية للخزانة العامة، فى تصريح ل»الوفد» أن ارتفاع سعر برميل النفط سيؤثر بشكل مباشر على زيادة عجز الموازنة، نظرًا لعدم توفر موارد للدولة تعوض فارق هذه التكلفة. وكشف أن زيادة فاتورة دعم المواد البترولية سيؤدى إلى تعديل تقديرات عجز الموازنة من 9.1% إلى 9.5% بحد أدنى، موضحًا أن الدولة ستلجأ إلى تدبير تمويل لتوفير هذه الفجوة من خلال الاستدانة، وذلك عن طريق زيادة إصدار سندات وأذون بالسوق المحلية والأجنبية، مع البحث عن اتفاقات تمويل جديدة مع بعض الجهات. وانتقلت أزمة فاتورة دعم الوقود إلى مجلس النواب، حيث تقدم الدكتور محمد فؤاد عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب بطلب إحاطة للدكتور على عبدالعال رئيس المجلس موجها لرئيس مجلس الوزراء وعمرو الجارحى وزير المالية بشأن تغير الفرضيات التى بنيت عليها الموازنة. وأكد «فؤاد» أن تحديد وزارة البترول لمتوسط سعر برميل النفط الخام بقيمة 55 دولارًا فى الموازنة العامة للدولة للعام المالى الحالى 2017- 2018، يعنى أن هناك نحو 15 دولارًا فارقًا بين متوسط السعر الذى بنت عليه الوزارة تقديراتها وبين السعر العالمى للنفط المتداول هذا الأسبوع والذى وصل إلى 70 دولارًا، أى أننا بصدد زيادة لفاتورة الدعم تقدر بقيمة 45 مليار جنيه. وأوضح «فؤاد» أن تحديد سعر الدولار فى الموازنة عند 16 جنيهًا، رغم استقراره عند مستوى 17.70 قرش يعرض الموازنة لعجز إضافى مقداره 25 مليار جنيه. وأكد «فؤاد» أن الحكومة أمامها خياران، إما أن تنعكس هذه الزيادة على عجز الموازنة والذى قد يتحرك بمقدار 1% على الأقل، أو أن يتم تحريك الأسعار، مما يعقد من مشهد التضخم الذى بدأ فى الانحسار، حيث إن أى زيادة فى أسعار الطاقة سيكون لها أثر تضخمى كبير يدفعنا إلى مستويات أعلى من 20% ويعقد إمكانية الوصول إلى مستهدفات التضخم المنشودة، وبالطبيعى سيؤثر ذلك على الظروف المعيشية للمواطن. وطالب «فؤاد» الحكومة بأن تدرس نتائج تقديراتها الخاطئة وأن تختار بين زيادة عجز الموازنة أو زيادة التضخم، على أن يحال طلب الإحاطة إلى لجنة الخطة والموازنة لدراسته.