قدم الخبراء في مصلحة الطب الشرعي مشروعا بقانون جديد لإعادة هيكلة المصلحة بدلا من قانون 1952 الذي مازالت تعمل المصلحة وفقا لبنوده. ويأمل الخبراء بوزارة العدل أن يسرع البرلمان ومجلس الوزراء من الموافقة علي هذا القانون وتفعيله لكي يصبح الطب الشرعي هيئة خبرة قضائية مستقلة لا تتبع للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل التي طالما تدخلت في تقاريره وقتما وكيفما شاءت, وهناك العديد من القضايا التي لا تخفي علي أحد والتي كانت دليلا علي التدخل الفادح من قبل السلطة الحاكمة في عمل الطب الشرعي مثل قضيتي خالد سعيد وسيد بلال. ولا يمكن الحديث عن استقلال القضاء دون الحديث عن استقلال الطب الشرعي لأن تقارير الطب الشرعي تقيد القاضي في حكمه فرغم أن القانون اعتبر أن القاضي هو الخبير الأعلى الا أنه أبطل حكمه بعد أن تعرض لمسألة فنية وأعطاه فقط صلاحية الفصل والترجيح بين التقارير الفنية المختلفة لذا فالتقرير المعيب يغل يد القاضي – مهما كانت درجة استقلاله وحيدته –. وأكد الخبراء أنهم يقدمون هذا المشروع كضمانة لاستقلال منظومة العدالة في مصر وحتي يوفر الحماية الكاملة للخبراء ولا ترتعش يد أي خبير وهو يكتب تقريرا أو يتم الضغط والتأثير عليه أو أن تكون له أي حسابات أخرى سوى الحق والعدل. ويتكون المشروع من 5 أبواب و122 مادة تشمل: أولا: التوصيف الصحيح مع هيئة خبراء الطب الشرعي فهي هيئة تختص بأعمال الخبرة القضائية وخبراؤها خبراء قضائيون – يتم انتدابهم من جهات القضاء المختلفة – وهي المسئولة عن أعمال الخبرة وتحقيق الدليل الفني في مجالات تخصص أعضائها الفنية . ثانيا: الانفصال عن السلطة التنفيذية يؤكد القانون استقلال هيئة الطب الشرعي عن السلطة التنفيذية شأنها شأن جميع الجهات التي تعمل في مجال العدالة وجعل لها مجلس أعلى يتولى إدارة شئونها على غرار المجلس الاعلى للقضاء والمجلس الخاص بمجلس الدولة والمجلس الاعلى لهيئة النيابة الادارية وهيئة قضايا الدولة, ولهذا الأمر جذور في المرسوم بقانون رقم 96 الذي ينظم عمل الخبرة فقد خص مصلحة الطب الشرعي – لطبيعة عملها – بمجلس يتولى شئونها دون باقي جهات الدولة, الا أنه جعله استشاريا وتابعا لوزارة العدل مما جعله مجلسا صوريا لا نفع منه وقد آن الأوان للتدخل التشريعي وإصلاح هذا الخلل وإقرار مبدأ الفصل بين السلطات الذي حرص المشرع على تأكيد عموميته بالشطر الأخير من المادة 166 من دستور 1971 والمادة 47 من الاعلان الدستوري والذي ينص على: "لا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا او في شئون العدالة". ثالثا: إعادة الهيكلة لضمان حيدة التقارير واستقلالها قام مشروع القانون بمضاهاة نظام الجمعيات العمومية عند القضاة واعتماده كهيكل رئيسي لهيئة خبراء الطب الشرعي لتصبح لكل إدارة من إدارات الهيئة الاربع الجمعية العمومية الخاصة بها والتي تكون مسئولة عن ادارة شئونها والبت فيها مع المجلس الاعلى للهيئة . رابعا: ضمان عدم إسناد قضية بعينها لخبير بعينه قلص القانون من سلطات كبير الخبراء/ الاطباء في إسناد قضايا اللجان الي الخبراء وجعل المسئول عن تحديد تلك اللجان وإحالة القضايا اليها لجنة مكونة من سبعة خبراء برئاسة كبير الخبراء/ الاطباء يختار أعضاؤها الجمعية العمومية للادارة, مع مراعاة المرونة في الأمر حتى لا يتسبب في تعطيل العدالة وتأخير الفصل في القضايا – عندالتطبيق الفعلي – فقد جعلت اللجنة الحق في تفويض رؤساء الإدارات في بعض أول اختصاصاتها. خامسا: الموازنة بين الحقوق والواجبات كما يعطي الاستقلال حقوقا فإنه يفرض تبعات والتزامات لا تفرض في الاحوال المعتادة, وراعى مشروع القانون هذا الامر فطبق ذات قواعد التعيين والتفتيش والتأديب والصلاحية المطبقة على رجال القضاء على الخبراء, بل راعى المشروع التماثل في تشكيل مجالس التأديب والصلاحية بعد اضافة عناصر من الخبراء اليها. سادسا: تفعيل التفتيش الفني فعل القانون التفتيش الفني وبدلا من وضعه الحالي كإحصاء لعدد القضايا دخولا وخروجا, تم وضع إطار قانوني له بالمشروع ليقوم بالدور المطلوب منه في تقييم عمل الخبراء ومستواهم الفني وأصبح عدم الكفاءة سببا في الاحالة للصلاحية التي تقضي إما بالاحالة الي المعاش وإما الاحالة لوظيفة إدارية بعيدا عن أعمال الخبرة . سابعا: الاعتناء بالتدريب والبحث العلمي أسس مشروع القانون مكتبا فنيا للتدريب والبحث العلمي بكل إدارة من الادارات الاربع ليكون مسئولا عن جوانب التدريب والبحث العلمي . ثامنا: تنظيم العمل الداخلي عالج مشروع القانون السلبيات المتعلقة بتنظيم العمل وإدارته بالقانون السابق فقام باعتماد نظام الجمعيات العمومية واللجان الوقتية للادارات الاربع, وانشاء مجلس أعلى للخبراء يدير شئونهم وأفرد بابا كاملا لإجراءات الخبرة عالج فيه عددا من السلبيات التي كانت تواجه الخبراء عند التطبيق العملي للقانون وتعوقهم عن أداء أعمالهم مثل عدم توافر الحماية الامنية أو عدم القدرة على الاطلاع على التوقيعات بالبنوك وغيرها. تاسعا: المجلس الأعلى للهيئة المجلس الأعلى للهيئة هو الجهة المختصة بإدارة شئونها وفضلا عن كونه عاملا مشتركا في جميع الهيئات المستقلة مثل المجلس الاعلى للقضاء, فإن مشروع القانون حرص على استقلال المجلس وعلى الفصل بين وظيفتي كبير الاطباء/الخبراء وبين رئاسة المجلس والهيئة فجعل رئاسة المجلس لأقدم الخبراء من التخصصات الاربعة, وراعى ان يكون كل من التخصصات الاربعة ممثلا بالمجلس بثلاثة خبراء: كبير الخبراء ونائبه وخبير تنتخبه الجمعية العمومية لتلك الادارة ليمثل عموم الخبراء بتلك الإدارة ويتحدث باسمهم . عاشرا: الموازنة المستقلة استقرت المواثيق الدولية على ان الاستقلال المالي هو إحدى الركائز الاساسية لاستقلال القرار ولم يغب هذا الامر عن المشرع المصري فلم يجعل الموازنة المستقلة لرجال القضاء فقط بل جعلها أيضا للسلطة التشريعية وللجهات التي يستلزم عملها حرية في القرار وبعدا عن الضغوط والتأثير مثل الجهاز المركزي للمحاسبات وجهاز المدعي العام الاشتراكي . الحادي عشر: تنظيم عمل الموظفين الإداريين راعى مشروع القانون المساواة بين الموظفين الاداريين بمصلحة الطب الشرعي وبين نظرائهم في المحاكم والنيابات .