فجرت ثورة 25 يناير مطالبات واسعة، لإصدار مرسوم بقانون يعطي الاستقلال الكامل للسلطة القضائية والهيئات القضائية، لتحصينها من تدخلات السلطة التنفيذية مستقبلا. ارتفعت المطالبة بالاستقلال القضائي عن السلطة التنفيذية، عقب إصدار المجلس العسكري مرسوماً بقانون باعتبار القضاء العسكري هيئة قضائية مستقلة، ومرسوماً بقانون آخر باستقلال المحكمة الدستورية العليا والتأكيد علي تعيين رئيسها القادم من أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة، وليس من خارجها كما كان يفعل النظام السابق. المستشار محمد عبدالعزيز الجندي فور توليه منصب وزير العدل، أعلن ترحيبه بنقل إدارة التفتيش القضائي من لاظوغلي مقر وزارة العدل، إلي دار القضاء العالي مقر مجلس القضاء الأعلي رأس السلطة القضائية في مصر. وأثارت إحالة وزير العدل المستشارين حسن النجار رئيس محكمة الاستئناف ورئيس نادي قضاة الشرقية، وعلاء شوقي رئيس محكمة استئناف الجيزة، لإدارة شكاوي المستشارين المختصة بالتحقيق في الشكاوي المضادة لبعض المستشارين، وذلك للتحقيق معهما في المذكرة المقدمة ضدهما من هيئة القضاء العسكري، حول ابدائهما رأيهما في وسائل الإعلام بعدم اختصاص الأخير في محاكمة المدنيين، والمطالبة بقصر دوره علي محكمة العسكريين فقط دون المدنيين، الأمر الذي اعتبر في نظر هيئة القضاء العسكري انتقاصاً من دوره باعتبار أن قضاته غير قابلين للعزل كما نصت علي ذلك تعديلات 2007 الدستورية، فضلا عن اعتبار إحالة وزير العدل للمستشار أمير عوض عضو مجلس إدارة نادي قضاة المنصورة، إلي مجلس الصلاحية، تراجعا خطيرا في تحقيق رغبة القضاة الخاصة بنقل التفتيش القضائي لمجلس القضاء الأعلي. المستشار «الجندي» يزور حاليا سيرلانكا للمشاركة في اجتماعات الدورة ال 50 للمنظمة القانونية الأفروآسيوية، لم يعلن حتي الآن عن قيام وزارة العدل بإعداد مشروع مرسوم بقانون بتعديل قانون السلطة القضائية لتحقيق الاستقلال المنشود. المثير في الأمر أن مستشاري نادي مستشاري هيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية، هددوا مؤخرا بعقد عمومية طارئة مشتركة أمام مقر المجلس العسكري ومجلس الوزراء، في حالة عدم إصدار مرسومين بقانون لتعديل قانوني الهيئتين وتحقيق الاستقلال الكامل لهما بعيدا عن التدخلات والتبعية للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل. في سياق متصل، تصاعدت أيضا المطالبة باستقلال مصالح الطب الشرعي والشهر العقاري والتوثيق والخبراء لتصبح هيئات مستقلة تماما عن السلطة التنفيذية، وأبرز تلك المطالب إصدار مرسوم بقانون لتعديل المرسوم بقانون رقم 96 الصادر عام 1952 الخاص بتنظيم عمل خبراء وزارة العدل، والذين اعتصموا قرابة شهرين عام 2009 علي سلالم وزارة العدل لتحقيق هذا المطلب،ولكن النظام السابق تصدي لهم بالمراوغة والتهرب من التنفيذ بحجج مختلفة. أبرز مطالب القضاة لتحقيق استقلال السلطة القضائية، تبعية التفتيش لمجلس القضاء الأعلي وتعيين النائب العام ورؤساء المحاكم الابتدائية بالأقدمية من قبل المجلس دون السلطة التنفيذية كما درج النظام السابق الذي اختزل التعديل في نقل الميزانية من وزارة العدل لمجلس القضاء الأعلي، وإلغاء لقب مستشار واشتراط الحصول علي تقدير جيد للالتحاق بالسلطة القضائية. في سياق متصل، أكد المستشار إبراهيم عبدالخالق رئيس محكمة الاستئناف والمتحدث الرسمي لوزارة العدل، أن نقل مقر التفتيش القضائي لمجلس القضاء الأعلي يحتاج لتعديل تشريعي. وأضاف المستشار محمد عيد سالم نائب رئيس محكمة النقض والأمين العام لمجلس القضاء الأعلي، انه لا يوجد مشروع مرسوم بقانون لتعديل قانون السلطة القضائية، لعرضه علي مجلس القضاء حاليا، ومن المتوقع إعداده خلال الأيام القادمة. وأوضح المستشار محمد عيد محجوب نائب رئيس محكمة النقض والمستشار الفني لمجلس القضاء الأعلي، ان الاستقلال الكامل للسلطة القضائية يتحقق بنقل تبعية التفتيش القضائي لمجلس القضاء الأعلي مشيرا إلي ان نقل الميزانية المالية للمجلس ليس كافياً.