دون خشية أو رحمة فى إزهاق أرواح المواطنين، أو الحفاظ على حقوق الدولة وسيادتها، وبعيدًا عن الخضوع للقوانين التى تنظم عمليات البناء فى مصر، وبالرغم من الإجراءات التى وضعتها البلاد لتجفيف منابع الفساد واقتلاع جذوره، عمل العديد من تجار الأرواح على إنشاء عقارات مخالفة دون تصريح، وارتفاع طوابقها على ما حدده القانون ليتخطى عدد أدورها ال13 طابقًا، لتحقيق أكبر مكاسب مالية، ما يهدد عشرات الآلاف من المصريين. مجهود لا بأس لأجهزة الدولة لإزالة آلاف العقارات والمبانى المخالفة والمشيدة دون تراخيص والبناء على أراضى الدولة التى خلفتها حالة الانفلات الأمنى عقب ثورة 25يناير 2011 واستمر لمدة الأربع سنوات الماضية، إلا أن تجار الأرواح ما زالوا مستمرين فى تشييد مئات العقارات المخالفة دون تراخيص حتى بلغت 700 ألف مخالفة بناء. وامتد جبروت أصحاب العقارات إلى الحصول على خدمات الكهرباء والمياه بطريقة غير رسمية «السرقة» حتى يتمكنوا من بيع الوحدات السكنية بأعلى عائد دون احترام للقواعد العامة للبلاد، والتغاضى عن خطط التنمية التى تسعى الدولة لتحقيقها لتوفير حياة كريمة للمواطنين، بالرغم من الجهود التى تبذلها الدولة لمواجهة التعديات وسيادة القانون. أبراج شاهقة يصل ارتفاعها إلى اثنى عشر طابقاً فى شوارع لا يتخطى عرضها الأربعة أمتار, عند النظر إليها تشعر أنها على وشك التلاحم من الأعلى بسبب ضيف الشارع والارتفاع الجنونى, البعض منها مائل وقابل للانهيار لعدم مطابقتها للمواصفات, جميعها شيد دون تراخيص أو إشراف هندسى ما يجعلها أكبر خطر يهدد المواطنين وينذر بوقوع كارثة حال انهيار أحدها, تصميمها يخالف كافة القواعد والشروط التى وضعتها الدولة لضمان حماية الشعب, تعتبر النواة لتفشى العشوائيات فى مصر رغم أسعارها التى تتخطى ال 5 آلاف جنيه للمتر الواحد. منطقة الهرم وفيصل بمحافظة الجيزة أكثر الأماكن التى تشهد تشييد عقارات مخالفة دون تراخيص, حيث يستغل أصحاب العقارات وتجار الأرواح نفوذهم فى بناء العمارات والأبراج دون تراخيص وسرقة الكهرباء والمياه لبيع الوحدات بأسعار خيالية نتيجة عدم الرقابة وعدم قدرة الحى على الإزالة, حسب ما ذكر محمد توفيق أحد سكان منطقة المريوطية, لافتاً إلى أن هناك العديد من العمارات التى ترى أنها تميل على العقارات المجاورة نتيجة عدم إنشائها طبقًا للمواصفات ورغم ذلك يقطنها عشرات الأسر وكل ذلك لم يحرك أحد ساكناً من مسئولى المحافظة أو الحى لإزالتها وجميع سكان المنطقة يخشون من سقوطها, وقام الأهالى بوضع دعامات حديدية تحت العمارة فى محاولة لطمأنة أنفسهم وعدم انهيار العقار. جميع أصحاب العقارات المخالفة يفضلون العمل والإنشاء ليلاً حتى لا يتمكن موظفو حى الهرم من وقف الإنشاء بقدر أنهم على علم بذلك, ولكن لكى يتلاشى الشكاوى من الجيران, هذا ما قاله محمد نجيب موظف فى أحد البنوك ويقطن بمنطقة اللبينى بالهرم. وأكد نجيب أن منطقة المريوطية تحوى عشرات المبانى المخالفة وغير الصالحة للحياة وجميعها يحصل على الخدمات بطرق غير شرعية أو من خلال العداد الكودى أو الممارسات التى تفرضها شركة الكهرباء على الوحدات السكانية رغم عدم وجود تراخيص للعقارات. وحول سبب انتشار العقارات المخالفة أكد محروس زيدان تاجر عقارات, أن صعوبة الحصول على تراخيص السبب الرئيسى وراء انتشار العقارات المخالفة فى مصر, حيث تتطلب تراخيص قطعة لإقامة عقار الكثير من الأموال للموظفين حتى يقوموا بعملهم, فضلًا عن الانتظار لشهور طويلة للحصول على ترخيص, قائلًا: «الناس بتفضل بناء العقارات دون تراخيص حتى يتمكنوا من الابتعاد عن المعاناة التى يعيشها أصحاب العقارات». وطالب بأهمية تبسيط إجراءات الحصول على التراخيص للحد من انتشار العقارات المخالفة حتى تتحقق المصلحة للجميع وتتمكن الدولة من الحصول على حقوقها المشروعة فى رسوم التراخيص التى لا تحصل عليها بسبب البناء المخالف, مشددًا على أهمية تقنين أوضاع العقارات المخالفة ووضع حلول لها للحصول على الخدمات حتى يستطيع ملاك الشقق من السكن والإقامة. أما منطقة الطلبية بفيصل, فتستطيع أن تقول إنها تحولت من منطقة شعبية إلى عشوائية بسبب العقارات المتراصة بجوار بعضها دون مراعاة للشروط والضوابط التى كفلها القانون ما جعلها عرضة لوقوع الكوارث حالة حدوث أى طارئ داخل تلك المناطق بالإضافة إلى اختلال أساس بعضها ما يجعلها قابلة للسقوط, وفقا لرؤية عبدالله فؤاد أحد سكان المنطقة. وقال محمود الفولى, صاحب عقار بمنطقة العمرانية, إن الحكومة السبب الرئيسى فى إهدار حقوقها من خلال صعوبة إصدار التصاريح الخاصة بالبناء, لافتًا إلى أن موظفى الأحياء يعلمون بكل عقار يتم إنشاؤه ومع ذلك لا يتخذون أى إجراءات ضدة قبل الانتهاء بسبب الرشوة التى يحصلون عليها من التجار. وأوضح الفولى, أن حل تلك المشكلة قبل وقوع الكوارث يتطلب من الدولة والأجهزة الرقابية التصدى للعقارات قبل إنشائها, وتيسير إصدار التراخيص وتشديد الرقابة على موظفى الأحياء لمنع إنشاء عقارات تحت سمعهم وطاعتها نظير تقاضى مبالغ مالية على حساب الدولة والمواطن. =وعن تصدر المحافظات لمشكلة البناء المخالف تحتل القاهرةوالجيزةوالإسكندرية النصيب الأكبر الذى يتخطى ربع مليون مبنى, وصل عدد العقارات المخالفة فى القاهرة لأكثر من 80 ألف مبنى, وفى الجيزة 129 ألف مبنى, وفى الإسكندرية 48 ألف مبنى ليكون إجمالى عدد العقارات المخالفة فى الثلاث محافظات 257 ألف مبنى مخالف. شروط النيابة للتصالح فى المبانى المخالفة وفى عام 2012/2013 أوردت النيابة فى تقاريرها السنوية، عدة شروط وضوابط للتصالح فى بعض مخالفات البناء، وذلك إذا رأت الدولة أنه لا بد من إجراء التصالح، وقدمت رؤية للتصالح فى مخالفات البناء دون ترخيص ووضعت شروطًا لذلك؛ منها حظر التصالح فى مخالفات البناء على أملاك الدولة والبناء على الأراضى الزراعية، المخالفات المتعلقة بسلامة البناء الإنشائية، التعدى على خطوط التنظيم، القيود الواردة فى قوانين أخرى. ونصت تقارير النيابة على أن يكون التصالح عن مخالفات البناء السابقة للعمل بهذا القانون، والتى أصبحت أمراً واقعاً يتصل بالثروة العقارية ومصالح المواطنين فلا يطبق على المخالفات اللاحقة للعمل به. وينص القانون على أنه يتعين تقديم الطلب خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بالقانون، على أن يرفق مع الطلب، شهادة بالسلامة الإنشائية للمبنى من مكتب هندسى استشارى معتمد من نقابة المهندسين، ولم يسبق له الاشتراك فى الأعمال المخالفة فى أى مرحلة من مراحلها، وصور فوتوغرافية للمبنى من كافة جوانبه وارتفاعه وحدوده. والشروط الأخرى التى تقررها اللائحة التنفيذية للقانون بحيث لا يقبل الطلب بغير توافر هذه الشروط، وأن الغرض من تحديد هذه الشروط بالقانون حتى لا يستغل البعض صدور القانون فى تقديم طلبات تصالح عن مخالفات لم ترتكب بعد، وهو ما حدث فى الماضى القريب عن فتح باب التصالح قبل العمل بالقانون رقم 119/2008 فيكون صدور قانون للتصالح سبباً فى زيادة مخالفات البناء. وحدد القانون قيمة التصالح بضرورة الأخذ فى الاعتبار القيمة السوقية للمتر المربع للوحدات السكنية فى المناطق والأحياء والمحافظات، ويمكن أن تضع اللائحة التنفيذية نسب التصالح وفقاً لجداول تنشأ لذلك أو الاسترشاد بجدول الشهر العقارى الخاصة بالتسجيل على أن تكون مثلاً قيمة التصالح 50% من سعر المتر المربع للوحدة بالمنطقة بالنسبة لمخالفات البناء دون ترخيص للأدوار وفقاً للارتفاع المسموح به، وكل دور يزيد على حدود الارتفاع تزداد النسبة ب10%، وبالنسبة للحالات دون ترخيص تحدد نسبتها بقيمة المتر المربع لها بالمنطقة، وذلك تحقيقاً للعدالة، وبعد مرور أربع سنوات انتهت لجنة الإسكان بمجلس النواب من قانون التصالح فى مخالفات البناء. خبراء إسكان:90 ملياراً إيرادات قانون التصالح وحول قانون التصالح للبناء المخالف أكد النائب علاء والى رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب أن القانون تم الانتهاء منه فى المجلس وينتظر المناقشة، مؤكداً أن القانون ينص على عدة شروط للتصالح فى الإنشاءات المخالفة، منها أن يكون المبنى صالحاً للسكن ومطابقاً لمواصفات البناء السليم وخالياً من أى مشاكل فى البناء، غير مخالف لخطوط الدفاع المدنى والجوى، أن يكون العقار غير مخالف لخطط التنظيم. وأوضح والى فى تصريحات ل«لوفد»، أن إقرار قانون التصالح والموافقة عليه سيوفر للدولة من 70 إلى 90 مليار جنيه إيرادات تدخل الخزانة العامة للبلاد، مضيفاً أن اللجنة طلبت من الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ضرورة حصر كافة المبانى المخالفة لمناقشة أوضاعهم ومعرفة العقارات التى تنطبق عليها شروط قانون التصالح. وأضاف والى أن محافظة الإسكندرية تحتوى على 75 ألف مخالفة بناء، مشيراً إلى أنه لا توجد إحصائية دقيقة عن عدد المخالفات فى باقى محافظات الجمهورية. وحول حصول العقارات المخالفة على خدمات الكهرباء أوضح أن هناك خلافاً بين لجنة الإسكان ووزارة الكهرباء بسبب إتاحة الفرصة للمبانى المخالفة بالحصول العداد الكودى، وهذا يأتى من خشية الوزارة توصيل المرافق بطرق غير رسمية وهى سرقة التيار الكهربائى ما يؤدى إلى زيادة أعباء الدولة. قالت المهندسة نفيسة هاشم رئيس قطاع الإسكان بوزارة الإسكان، إن مجلس الوزراء وافق على تعديلات قانون البناء لتيسير إجراءات البناء ووضع آليات لسرعة مواجهة المخالفات وإعطاء كافة الصلاحيات للمحافظين ورؤساء الهيئات باتخاذ قرارات الإزالة للمبانى المخالفة فى نطاقهم. وأضافت أن هناك مشروع قانون مقدماً إلى القسم التشريعى بمجلس الدولة للتعامل مع مخالفات البناء وليس «التصالح» فى مخالفات البناء، فهناك مخالفات سيتم التصالح معها، وأخرى تستوجب الإزالة، مثل البناء على خط التنظيم، والتعدى على أملاك الدولة، أو المسافات بين الجيران، وهذه لن يتم التصالح معها بأى شكل من الأشكال، والوزارة رأت أن يكون هذا هو اسم المشروع، وذلك للتعامل مع مشكلة قائمة أوجدتها الظروف، خاصة بعد أحداث 25 يناير، رغم أن مخالفات البناء موجودة وقائمة من قبل هذه الأحداث، لكنها استفحلت بعدها. ولفتت، إلى أن تنفيذ القانون سيكون لمدة ثلاثة أشهر فقط ، يتم خلالها استقبال طلبات التصالح، وتخصص لجنة للبت فى هذه الطلبات فى مدة لا تتجاوز أربعة أشهر فقط، وحصيلة التصالح ستذهب للخزانة العامة للدولة، ولا نستطيع حصرها الآن، ولكن سيتم توجيه الحصيلة لتجديد ومد شبكات المياه والصرف الصحى، خاصة أن هذه المبانى شكلت ضغطاً كبيراً عليها، وسوف يتم التعامل مع المخالفات السابقة على القانون، أما ما تم بعد القانون فلن يتم التصالح عليه وسوف يستوجب الإزالة، وستقدر المخالفات طبقا للمكان، فالريف ليس مثل الحضر، وحضر المدينة غير حضر المحافظة وهكذا. وحول الخسائر التى تتكبدها الدولة بسبب المبانى المخالفة أكدت هاشم أن الدولة تخسر كافة حقوقها من خلال رسوم تصاريح البناء وزيادة الضغط على المرافق والخدمات والشبكات المختلفة ما يكلفها الكثير من أعمال الصيانة دون أى عائد من تلك المخالفات، قائلة: «الجهاز الإدارى للدولة تعافى تمامًا من أوجه القصور التى شهدها إبان ثورة يناير والآن يعمل على أكمل وجه لمواجهة الفساد والتصدى للمخالفات التى تعوق تنمية البلاد وإهدار حق الدولة». دراسة حكومية حول عدد المخالفات وتؤكد دراسة حكومية عدد مخالفات المبانى التى تم إنشاؤها منذ عام 2011 وحتى يناير 2016، وبلغ عدد هذه المخالفات نحو 794 ألفاً و133 مخالفة بناء. ويبلغ متوسط عدد المخالفات سنوياً ل158 ألفاً و826 مخالفة تم بناؤها على أراضٍ زراعية وأراضى بناء دولة ودون ترخيص، ووصل إجمالى عدد المخالفات فى عام 2011- 2012 إلى 152820 مخالفة، منها 58842 مخالفة فى المدن والحضر و93978 مخالفة فى الريف، فيما شهد عام 2012-2013 (109383) مخالفة منها 28868 مخالفة فى الحضر، و80515 مخالفة فى الريف، بينما وصل إجمالى عدد المخالفات فى عام 2013 -2014 ل 302006 مخالفات، منها 117946 مخالفة فى الحضر، و184060 مخالفة فى الريف. وتراوح عدد المخالفات فى عام 2014 -2015 ل118168 مخالفة، منها 49768 مخالفة فى الحضر، و68400 مخالفة فى الريف، بينما جاء إجمالى عدد المخالفات فى عام 2015 – 2016 ب111756 مخالفة، منها 46045 مخالفة فى الحضر، و65711 مخالفة فى الريف.