قالت مصادر حكومية إن اجتماع مجلس «المحافظين» الأخير بمجلس الوزراء شهد اعتراض عدد كبير منهم على توصيل المرافق ل«العقارات المخالفة»، مطالبين بضرورة إصدار قانون عاجل للتصالح مع مخالفات البناء لوقف مسلسل ضياع أموال كثيرة على خزانة الدولة، التى تقدر ب150 مليار جنيه سنوياً. اعتراض المحافظين على توصيل المرافق للمبانى المخالفة خلال اجتماع مجلس المحافظين.. ومطالبات حكومية بسرعة إصدار قانون المصالحات وقال المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية، الأمين العام الأسبق للإدارة المحلية، إنه ضد توصيل المرافق للعقارات المخالفة، لأنه يخالف نص القانون الصادر بتجريم بنائها، إضافة إلى مخالفة توصيل العقارات لقرار رئيس مجلس الوزراء السابق. وأضاف «عبدالظاهر» أن توصيلها هو اعتراف ضمنى من الحكومة بها ما يتسبب فى العديد من السلبيات، أهمها إهدار أموال كثيرة على خزانة الدولة، فضلاً عن الأخطار المحدقة بساكنى هذه العقارات لبنائها دون تراخيص. وقال الدكتور محمد شتا، أستاذ الإدارة المحلية بجامعة المنوفية، الأمين العام للإدارة المحلية الأسبق، إن توصيل المرافق للعقارات المخالفة دون حصولها على تراخيص بناء أهدر على الدولة سنوياً حوالى 150 مليار جنيه عن كل عام منذ ثورة 25 يناير 2011، مشيراً إلى أن الحكومة بكافة أجهزتها التنفيذية لن تستطيع أن تزيلها، مرجعاً ذلك لسببين، أولهما شيوع وكثرة العقارات المخالفة التى تجاوزت 5 ملايين عقار، والثانى أن أغلبها يقطنها سكان، وفى ظل أزمة الإسكان الحالية، فإن الحكومة لن تجرؤ على تشريدهم إذا أزالتها. وأشار «شتا»، إلى أن قانون التصالح مع أصحاب المخالفات هو الحل الأنسب الذى تستفيد من ورائه الحكومة مادياً واجتماعياً وسياسياً، الذى سيعود عليها نظير تحصيل رسوم استهلاك المياه والكهرباء، وإنهاء إجراءات التراخيص الرسمية تصل إلى 150 مليار جنيه تصب فى خزانة الدولة، ما يؤدى إلى سد العجز فى الموازنة، مؤكداً أنه ما دامت الحكومة عزمت على توصيل المرافق للعقارات المخالفة من كهرباء ومياه وغاز، فمن الأفضل أن تقوم الدولة بالإسراع فى إصدار قانون التصالح، بشرط ألا تكون مخالفة البناء تعدياً على خط التنظيم والمتمثل فى الاعتداء على حرم الشوارع الرئيسية والفرعية أو الاعتداء على أملاك دولة أو اغتصابها. وقال اللواء محسن النعمانى، وزير التنمية المحلية الأسبق، إن توصيل المرافق للعقارات المخالفة اعتراف ضمنى من الحكومة بتقنين أوضاعها، ما يزيد من الأزمة تعقيداً، ويهدر حقوق الدولة المادية، وأن الإقدام عليها سيشجع آخرين على استمرار الظاهرة ما يصعب المهمة على الأجهزة التنفيذية فى إزالتها. وفيما يتعلق بالمصالحة مع أصحابها، أشار «النعمانى» إلى أنها مشكلة معقدة للغاية، ويجب النظر إليها من منظور سياسى واجتماعى وقانونى، ولذلك يجب أن تضع لها الأجهزة التنفيذية قاعدة بسيطة تحتاج إلى فرز وتصنيف، لكى يتم التعامل معها بشكل يحقق المصلحة العامة. وأضاف «النعمانى» أن الحكومة مطالبة بعمل استفتاء شعبى حول إصدار قانون للتصالح مع مخالفات البناء قبل اتخاذ أى قرار بشأنها، لافتاً إلى أن اكتظاظ العقارات المخالفة بالأسر الساكنة يحتم على الدولة توفير «البديل» المناسب لهم قبل الإزالة، وأيضاً يصعب على الدولة هذا الحل، ومن هنا فإن التصالح يعتبر أمراً مهماً، ولكن يجب أن يتم فى ضوابط محددة أهمها، ألا يكون العقار متعدياً على حرمات الشارع أو أرض زراعية. وأوضح الوزير السابق أن المشرّع فى المستقبل لا بد أن يغير نظرته عند وضع نصوص جديدة لمخالفات البناء بشىء أكثر حسماً وصرامة، وتعديل المسمى، ليتضمن معنى جنائياً للعقاب على ارتكاب جريمة، لأن كلمة مخالفة هى أسهل أنواع العقوبات، مؤكداً أنها لا تقل فى جريمة بنائها عن القتل العمد، وتعريض أرواح المواطنين للخطر، متفقاً مع الرأى المؤيد لإجراء التصالح، طالما أنها لم تؤثر سلباً على الخطط القومية للدولة، فضلاً عن أنها ستنعش خزانة الدولة. واتفق فى الرأى المستشار محمد عطية، وزير التنمية المحلية وشئون مجلسى الشعب والشورى الأسبق، مؤكداً ضرورة وقف فكرة توصيل المرافق، لأن ذلك مخالفة صريحة لنص القانون، كما أنه يهدر أموالاً كثيرة على الدولة، مضيفاً أنه لوضع آلية جادة لحل هذه الأزمة لا بد من تشكيل لجان متخصصة لفحصها من ناحية سلامة منشآتها، حيث يتم إعفاء الصالحة للسكن، وتتم معها المصالحة بشروط مالية قاسية. وأضاف «عطية» أنه يرفض التصالح تماماً مع العقارات التى لا يثبت فيها عناصر الأمان، مطالباً بضرورة تقديم مشروع قانون جديد بهذا المعنى، ليبدأ العمل فى تنفيذه فى مايو المقبل على أقصى تقدير، حتى يكون كل المواطنين على علم بخطورة الإقدام على خطوة إنشاء عقارات دون تراخيص. وقال الدكتور إبراهيم ريحان، الرئيس السابق لجهاز تنمية القرية بوزارة التنمية المحلية، إن هناك خطوات مهمة قبل الإقدام على مسألة التصالح مع العقارات المخالفة، وتوصيل المرافق إليها تبدأ بضرورة تشكيل لجان هندسية ذات خبرات كبيرة فى الإنشاءات الهندسية فى الأحياء والمراكز والمدن تكون تابعة للجنة رئيسية رفيعة المستوى تشرف عليها وزارة الإسكان ومديرو إدارتى التخطيط الإقليمى والعمرانى بوزارة التنمية المحلية، ويتمتع أفرادها بالنزاهة والشفافية، وحسن السير والسلوك، والتميز العلمى لعمل دراسة شاملة وكافية عن العقارات المخالفة، على أن تكون المدة الزمنية لهذه الدراسة محددة المدة والأجل، لتكوين تقارير عن حالة جميع العقارات. وأضاف «ريحان» أنه بناء على تقارير اللجان سيتم وضع قواعد التصالح، ومن بينها أنه لا يتم التصالح إلا مع العقارات التى تم إنشاؤها فى مناطق عشوائية تستطيع الحكومة إعادة تخطيطها، والتى تثبت اللجان أنها لا تمثل أى خطورة على السكان الآهلين بها، أما العقارات التى لا يتوافر بها هذا الشرط، فلا بد من إزالتها فوراً على نفقة أصحابها، وأن توصيل المرافق بعد إتمام المصالحة سيعود بالنفع على الموازنة، لا سيما فى حالة مضاعفة الغرامات ورسوم التراخيص والإجراءات الإدارية. وطالب الأجهزة التنفيذية بالمحافظات بتفعيل قرارات الإزالة بعد إقرار قانون التصالح رسمياً، لافتاً إلى ضرورة إجراء تعديلات على نصوص وبنود قانون البناء بوضع مواد أكثر صرامة على المخالفات، مقترحاً وضع مادة بمصادرة أى عقار يتم إنشاؤه دون حصول صاحبه على تراخيص، وهذا هو الحل الصارم لوقف زحف المبانى المخالفة، لأنه يمثل خسارة مالية فادحة على المخالف، وكذلك تشكيل لجان هندسية من كليات الهندسة بالجامعات بكل المحافظات لعمل حصر شامل على المبانى لعمل تقارير دورية عن العقارات ومدى سلامة إنشائها ومبانيها بشكل دورى لحماية المواطنين من الوقوع فى دائرة خطر انهيار العقارات، الذى تحول لظاهرة تعانى منها الدولة وتروح ضحيته أرواح كثيرة من المواطنين، والتى كان آخرها عقار الشرقية. وأكد الدكتور حمدى عرفة، خبير الإدارة المحلية، أن توصيل المرافق للعقارات المخالفة أهدر على خزانة الدولة حوالى تريليون و500 مليار جنيه، ضاعت فى صورة سرقة مياه وكهرباء وغاز ورسوم إدارية، موضحاً أن الإحصاءات الرسمية تؤكد وجود 3 ملايين و125 ألف عقار مخالف منذ ثورة 25 يناير حتى نهاية 2015، طبقاً لإحصاءات وزارة التنمية المحلية والإدارة المركزية لحماية الأراضى بوزارة الزراعة، لافتاً إلى أن حجم الثروة العقارية الناتجة عن بناء عقارات مخالفة طبقاً لإحصاءات جهاز التفتيش والبناء حتى2011 بلغ 350 مليار جنيه، ضاعت دون حصول أصحابها على التراخيص القانونية.