كتبت - أمانى زكى: يرى سياسيون ودبلوماسيون أن تهديدات مسئولى الولاياتالمتحدةالأمريكية للدول الرافضة لقرارها الخاص بتهويد القدس وجعلها عاصمة لإسرائيل هى «بلطجة» ليست جديدة على «واشنطن»، التى طالما مارست سياسة لى الذراع تجاه أصحاب المواقف والمبادئ التاريخية، كما تخوف البعض من خضوع بعض الدول لهذا الابتزاز السياسى خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأكدوا أن مصر بالرغم من احتياجها لهذه المعونة إلا أنه لا شك فى استمرارها بموقفها تجاه القضية الفلسطينية ودعم عربية «القدس»، ولفتوا إلى أن تهديدات «واشنطن» بقطع المعونة ليس بجديد على مصر، حيث لجأت إلى التلويح به فى عهد الرئيس السابق باراك أوباما كموقف ضد مصر بعد التخلص من حكم الإخوان. وكانت نيكى هايلى مندوبة الولاياتالمتحدة لدى مجلس الأمن، قالت فى تغريدة على «تويتر»، مستبقة تصويت آخر فى الجمعية العامة للأمم المتخدة أمس الخميس: «دائماً ما يطلب منا فى الأممالمتحدة فعل وتقديم المزيد، لذلك فعندما نتخذ قراراً بناء على إرادة الشعب الأمريكى بشأن مكان سفارتنا، فإننا لا نتوقع أن يستهدفنا هؤلاء الذين نساعدهم. ويوم الخميس سيكون هناك تصويت ينتقد خيارنا، وسوف تدون الولاياتالمتحدة الأسماء». كما قال الرئيس دونالد ترامب الرئيس الأمريكى فى مؤتمر صحفى عقده أول أمس، «إنهم يتلقون مئات الملايين من الدولارات ومن ثم يصوتون ضدنا. حسناً، سنقوم بمراقبة تلك الأصوات، فليصوتوا ضدنا، ونحن سنوفر الكثير، هذا لا يهمنا». ومن جانبه أكد اللواء حاتم باشات عضو لجنة الشئون الأفريقية بمجلس النواب، أن تصريح «ترامب» غير محترم وموقفه غير مسئول من رئيس أكبر دولة فى العالم، حيث يهدد دولاً لها رؤية ونظرة تاريخية ولها مبادئ وقيم. وأضاف «حينما يهدد الدول التى بالفعل فى حاجه لهذه المعونة فهو يشكل تخوفاً لتراجع بعض هذه الدول عن موقفها بالجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا أتخيل أن تراجع دول موقفها مقابل هذا، لذا أتمنى وأطالب بأن تتحد الدول وتتخذ موقفاً قوياً، حتى الدول العظمى يجب أن تساند الدول الأخرى، فأمريكا تريد أن تجبر العالم كله لينصاع إليها من أجل دعم إسرائيل» وحول احتمالية الصدام المصرى الأمريكى وخاصة بعد موقف مصر وتبنيها للقضية الفلطسينية وموقفها بمجلس الأمن قال «باشات»: «إن هذا سابق لأوانه ولابد من دراسته بشكل جيد، ومن المفترض أن تربطنا بالولاياتالمتحدة خلال الفترة الحالية علاقة قوية، فضلاً عن أن عدم استقرار الأوضاع فى الشرق الأوسط حالياً سيؤدى إلى مزيد من الإرهاب وهذه الرسالة التى نتعامل فيها مع أمريكا طبقاً لتصريحات سابقة لترامب بأنه يكافح الإرهاب فكيف يصطدم بأكبر دولة تكافح الإرهاب فى المنطقة؟». ولفت باشات إلى موقف مصر السابق حينما هددت إدارة ترامب بتخفيض المعونة حيث رفضت هذا الإجراء واتسمت بالثبات تجاه هذا التهديد، علما أن المعونة لا تمثل سوى 2% من الاقتصاد المصرى، وأضاف «نراهن على وحدة الدول ذات المبادئ والقيم». وأوضح الدكتور سعيد اللاوندى، خبير العلاقات الدولية أن تهديد «ترامب» هو شكل من أشكال العربدة التى تمارسها أمريكا على دول العالم، كما توقع وقوع صدام وشيك بين مصر وأمريكا نظراً لدور مصر فى القضية الفلسطينية ودعم رفض القرار الأمريكى بجعل القدس عاصمة إسرائيل بمجلس الأمن، كما ترى الولاياتالمتحدة أن مصر تمارس العداء تجاهها مؤخراً بسبب هذا الموقف وتقدمها باقتراح الجلسة بالجمعية العامة للأمم المتحدة أيضًا بخلاف موقفها بمجلس الأمن. وحول تهديدات قطع المعونة بالنسبة لمصر تحديداً فهو أمر يتعامل معه الشعب المصرى بشجاعة وقادر على توفير احتياجاته، والرضوخ للتهديد لا يساوى أن تبيع مصر موقفها وقضيتها، حيث إن هذه المعونة يتم استخدامها سياسياً لتوظيف مواقف مصر ومصر رفضت ذلك سابقاً، حينما هددت إدارة أوباما بتخفيض المساعدات بعد خلع الإخوان، فضلاً عن أن هناك مطالب شعبية بالفعل لإلغاء هذه المعونة للتخلص من الهيمنة الأمريكية. وأوضح الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية أن تهديدات ترامب جديدة على العلاقات الدولية، قائلاً إن ترامب يضع سياسة دولية جديدة تسمى ب«العلاقات الترامبية» وتصرفه غير لائق ومستفز، وحديثه يؤكد أن مندوبته بمجلس الأمن لم تتحدث من فراغ وإنما كانت بتشجيع من جانبه. وتابع «وللعلم أن كل الدول التى تحصل على معونة من الولاياتالمتحدة تجنى من ورائها أمريكا أكثر مما تحصل عليه هذه الدول، حيث إنها تعطى المساعدات على هيئة معدات عسكرية ومنقولة على حاملات أمريكية وتأتى المعونة بالخبير الأمريكى صاحب الأجر العالى الذى يستنزف الدولة، فالعائد يكون لصالح أمريكا أكثر من الدولة المعانة». «وما تبقى من المعونة لمصر الذى يمثل 800 مليون دولار كمعونة عسكرية يمكن الاستغناء عنه تماماً وخاصة بعد تلميح ترامب على مصر تحديداً» بحسب «حسين»، واضاف أن العلاقة بين الدول أعمق من الأشخاص حيث إن ترامب لا يستطيع وحده اتخاذ قرارات عدائية تجاه الدول ولا يصح أن تدار السياسة بهذا المعنى. وتابع «أن تهديد ترامب يستفز الحكام للتصويت ضده، ودعا رؤساء الدول للوقوف ضد العنجهية الأمريكية حتى يعرف ترامب حدوده، خاصة أن قراره معيب قانونياً وسياسياً والسياسة الأمريكية ظلت سنوات ترفض اختراق القانون، وهو يتخيل الآن أن خطوته هذه شجاعة ولا يعلم أنه غباء سياسى». يذكر أن المعونة الأمريكية لمصر هى مبلغ ثابت سنوياً تتلقاه مصر من الولاياتالمتحدةالأمريكية فى أعقاب توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1978، حيث أعلن الرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت جيمى كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، تحولت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل، و2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية. وتمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالى ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، من الاتحاد الأوروبى واليابان وغيرهما من الدول، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالى الدخل القومى المصرى.