قطعت 4 مرات للضغط السياسي.. وخبراء: 5 أسباب وراء عودتها مجددًا العلاقات المصرية الأمريكية علاقات تبدو جيدة ظاهريًا، لكن باطنها ممتلئ بالشد والجذب، على حسب قول العديد من الخبراء الذين أكدوا أن العلاقة المصرية الأمريكية زاد توترها منذ تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ووصلت ذروة حدتها بعد ثورة 30 يونيو، عندما قررت أمريكا وقف المعونة الأمريكية لمصر وعادت المياه لمجاريها بقرار الولاياتالمتحدة بإعادتها لمصر مؤخرًا. تاريخ طويل من «لي الذراع» المعونة ورقة الضغط الأمريكي على مصر لعصور فمنذ بداية إرسال المعونة عام 1953 وهى السنة التى تلت ثورة يوليو، قدمت أمريكا شحنات القمح لمصر بدوافع إنسانية فى ظاهرها واستدراج الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى باطنها، لم يكد يحل عام 56 حتى بلغت كميات المعونة نحو 19 مليون دولار، حتى جمدتها الولاياتالمتحدة عقابًا على قرار عبدالناصر بتأميم قناة السويس. بعدها تم تثبيت المعونة كمبلغ ثابت سنويًا تتلقاه مصر من أمريكا، حسب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1978، حينما أعلن الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، تقديم معونة اقتصادية وأخرى عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل، لتأتي مصر في المرتبة الثانية بعد إسرائيل من بين الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية من الولاياتالمتحدة بحسب متحدثة البيت الأبيض. وتحولت المعونة الأمريكية لمصر منذ عام 1982 إلى منح لا ترد بواقع 2.1 مليار دولار لمصر، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليار دولار معونة عسكرية، وتمثل المعونات الأمريكية لمصر 57% من إجمالي ما تحصل عليه من معونات ومنح دولية، كما أن مبلغ المعونة لا يتجاوز 2% من إجمالي الدخل القومي المصري. تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن؛ حيث توقفت المعونة للمرة الثالثة عقابًا لمصر، بسبب قرار عبدالناصر بإرسال قوات مصرية إلى اليمن لدعم الثورة اليمنية التى أطاحت بالنظام الملكي الموالى للمملكة العربية السعودية إذ اعتبرت الولاياتالمتحدة تدخل مصر فى اليمن ضغطًا على السعودية الحليف الاستراتيجي لها بالمنطقة. وفى سبتمبر عام 1964 أبدى عبدالناصر رغبته فى الحصول على المساعدات الأمريكية وعندها اعتبرت أمريكا أن طلب عبدالناصر فرصة للضغط عليه وبعد أن علمه بموقف أمريكا وجه خطابًا قال فيه: «هو إذا كان الأمريكان بيفهموا أنهم بيدونا المعونة عشان ييجوا يتحكموا فينا ويتحكموا فى سياستنا أنا بقول لهم إحنا متأسفين إحنا مستعدين نقلل من استهلاكنا فى بعض حاجات ونحافظ على استقلالنا استقلال خالص وإذا كان سلوكنا مش عاجبهم أنا بأقول اللى سلوكنا مش عاجبه يشرب من البحر». وبعدها ظلت العلاقات المصرية الأمريكية مجمدة حتى قامت حرب أكتوبر ولم تجد الولاياتالمتحدة مناصًا من التعاون مع الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ثم بدأت مرحلة جديدة من أشكال المعونة الأمريكية التى استخدمت كأداء للتدخل السياسي الأمريكي في مصر. وفى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، سارت المعونة الأمريكية شوطًا كبيرًا واستخدمتها أمريكا فى الهيمنة السياسية والاقتصادية على مصر وفرض سياسات معينة كشرط لتقديمها واستمرت المعونة الأمريكية، أيضًا بعد الإطاحة بمبارك وتولي الرئيس المخلوع محمد مرسي الحكم. تم قطع المعونة الأمريكية للمرة الرابعة بداية عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، عندما تم تجميد توريد الأسلحة إلى مصر بعد الإطاحة بمرسي في أغسطس 2013، حينما أعطى أوباما تعليماته بالنظر في تقديم مساعدات لمصر في مجال الأمن رافضًا ما حدث في مصر، واصفًا إياه بالانقلاب، بحسب قوله، كما قررت الإدارة الأمريكية بعد أسابيع من قيام السلطات المصرية بفض اعتصامى رابعة وإلغاء مناورات النجم الساطع بين الجيشين المصري والأمريكي، والتي كان من المقرر أن تجرى في سبتمبر 2013، وصرح الرئيس الأمريكي بأن التعاون الأمريكي مع مصر «لا يمكن أن يستمر في الوقت الذي يُقتل فيه مدنيون». بطلب من «السيسي» زيادة مرتقبة للمعونة وطلب الرئيس عبدالفتاح السيسي، من الولاياتالمتحدةالأمريكية زيادة مساعداتها العسكرية للقاهرة، قائلاً: «إنه من المهم جدًا للولايات المتحدة أن تتفهم حاجة مصر الملحة للأسلحة والمعدات في وقت يشعر فيه المصريون بأنهم يحاربون الإرهاب»، مشيرًا إلى أن المصريين يريدون أن يشعروا بأن الولاياتالمتحدة تقف إلى جوارهم وهم يحاربون الإرهاب.
بعد توقفها عامين.. المعونات الأمريكية تطل مجددًا ب5 شروط استبعد المحللون أن تقطع أمريكا المعونة العسكرية لمصر في عهد السيسي لأنها تساعد في تعزيز الأهداف الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، واستفادت من خلالها واشنطن الكثير، مثل السماح لطائراتها العسكرية بالتحليق في الأجواء العسكرية المصرية، ومنحها تصريحات على وجه السرعة لمئات البوارج الحربية الأمريكية لعبور قناة السويس، إضافة إلى التزام مصر بشراء المعدات العسكرية من الولاياتالمتحدة. تحقق كلام المحللين حيث عادت المعونة العسكرية الأمريكية تطل علينا من جديد بعد أن وافقت لجنة الاعتمادات التابعة لمجلس النواب ب«الكونجرس» الأمريكي على مشروع القانون الخاص بالسنة المالية 2016 وأبقت اللجنة لإقرار مشروع قانون المساعدات الخارجية، على الجزء الخاص بمصر، بإجمالي 1.3 مليار دولار كمساعدات عسكرية. وقالت رئيسة اللجنة «كاى جرانجر» «فى الوقت الذى يشهد فيه الشرق الأوسط حالة من الاضطرابات، تحتاج الولاياتالمتحدة لمصر كحليف مستقر لديها، الأموال التى تم تخصيصها لمصر فى مشروع القانون تعكس التزام الولاياتالمتحدة الواضح بالحفاظ على علاقتنا مع مصر». ووفقًا لمشروع قانون «الإمدادات الخارجية»، الذي عرضته لجنة المخصصات للسنة المالية لعام 2016، ستكون المساعدات متاحة للحكومة المصرية، على أن تلتزم الخارجية الأمريكية بتقديم تقارير كل 90 يومًا، منذ تفعيل القانون حتى 30 سبتمبر 2017، إلى لجان المخصصات بالكونجرس الأمريكي، بما يفيد اتخاذ مصر خطوات إزاء تحقيق 4 محاور رئيسية، هى: إقامة الانتخابات البرلمانية، وحماية وتعزيز حقوق المرأة والأقليات الدينية، وتنفيذ القوانين أو سياسات الحكم الديمقراطى، وحماية حقوق الأفراد، تنفيذ الإصلاحات التى تحمى حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
باحثة أمريكية: «باستخدام المعونة أمريكا ترسل رسالتين للسيسي» لخصت الباحثة الأمريكية ميشيل دون، المتخصصة في العلاقات المصرية الأمريكية، السياسة الأمريكية تجاه مصر، قائلة: «الإدارة الأمريكية تحاول حاليًا أن ترسل رسالتين إلى مصر في عهد السيسي، الرسالة الأولى هي الرغبة في استمرار العلاقات والتعاون الاستراتيجي بين الدولتين، ولكن الرسالة الثانية هي التعبير عن القلق بالنسبة للطريق الذي اختارته القيادة العسكرية في مصر بعد عزل الرئيس مرسي».
«نيويورك تايمز»: «2 مليار دولار خسارة أمريكا حال وقف المعونة لمصر» نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسئولين أمريكيين، أن قرار استئناف المساعدات العسكرية الأمريكية إلى مصر لا علاقة له بالديمقراطية بل يأتي خدمة للوظائف في أمريكا، وأوضح مسئول أمريكي أن أي تأخير أو وقف للمساعدات العسكرية لمصر يهدد بخطر تجميد عقود مصنعي الأسلحة الأمريكيين ويسفر عن توقف خطوط الإنتاج، وكان سيتسبب بدفع غرامات مالية كبيرة قد تصل إلى 2 مليار دولار، إذا تم وقف كل المبيعات، مشيرة إلى أن هذه العقوبات ستفرضها الشركات المصنعة للسلاح على البنتاجون وسيتحملها دافعو الضرائب الأمريكيون وليس الجنرالات الحاكمين في مصر.
خبراء: «السيسي أجبر أوباما على تقديم تنازلات» قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية والعسكرية، إن أمريكا راجعت نفسها أكثر من مرة عندما وجدت أن مصر تستعيد قوتها الدولية خاصة علاقاتها بدول الخليج التي أصبحت أكثر من رائعة؛ لأن مصر تأخذ المنطقة العربية إلى الأمام، مشيرة إلى أن أمريكا كانت تسير على طريق متناقض فهي تستقبل الإخوان والسيسي في نفس الوقت. وأضاف «اللاوندي»، في تصريحات خاصة ل«المصريون»، أن زيارات السيسي الخارجية أقلقت أمريكا؛ لأنها رأت أن مصر أصبحت علاقاتها جيدة بأوروبا؛ فلماذا لا تكون علاقتها جيدة بأمريكا، أيضًا، مؤكدًا أن ما أثير حول أن عودة المساعدة جاءت حتى لا تخسر مصانع السلاح الأمريكية، صحيح؛ لأن المعونة التي تعطيها أمريكا لمصر تعود إليها مرة أخرى في صورة ثمن للسلاح الذي تشتريه منها مصر. وأشار إلى أن هذا الموقف حددته إستراتيجية السياسات الأمريكية، والتي هى أكبر من الرئيس أوباما ذاته، لأن هذه السياسات ترسم خطط الولاياتالمتحدة لسنوات قادمة، وهذا الأمر تم ليس لمجرد استدعاء السفير الأمريكي فى الخارجية المصرية، إنما تم إدراكًا من الأخيرة لأهمية مصر وتأثيرها فى مجريات الأمور فى الشرق الأوسط. ومن جانبه، أكد الدكتور محمد السعدني، الخبير السياسي ونائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، أن قرار الولاياتالمتحدة باستئناف المساعدات العسكرية لمصر ناتج عن سياسة الاحتواء التي اعتادت أمريكا ممارستها مع مصر، قائلاً: «أمريكا تريد عودة المياه الدافئة في البحر المتوسط». وأوضح «السعدني»، في تصريحات خاصة ل«المصريون»، أن الصورة الجديدة التي ترسمها مصر لنفسها في إقليم الشرق الأوسط تأكدت، ومع تنامي الدور المصري تحاول أمريكا استعادة العلاقات القوية معها خاصة الأولويات الأمريكية في المنطقة العربية تدفعها إلى مساعدة مصر وتقويتها، في ظل ما تشهده المنطقة من تغيرات جغرافية خطيرة، مؤكدًا أن إسرائيل تعد أهم أولوية لدى أمريكا في الشرق الأوسط، فمصلحة تل أبيب هي أنْ تبقى مصر قوية للدرجة التي تمكّنها من الدفاع عن حدودها. وأضاف «السعدني» أن إعادة المعونة الأمريكية لمصر، تأتي في ظل تراجع الدور التركي بعد فشل أردوغان، في تغيير النظام السياسي ببلاده، بالإضافة إلى احتياجها إلى حليف قوي قادر على التصدي للنفوذ الشيعي الإيراني الذي أصبح يهدد أمن الدول الخليجية الذي تعاهد الرئيس باراك أوباما بحمايته. وفي سياق متصل، قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الموقف الأمريكي تجاه مصر في تراجع مستمر، فلم يعد يوصف الرئيس عبدالفتاح السيسي برئيس الانقلاب، فبدأ يتآكل بسبب نجاح النظام الحالي في تثبيت أقدامه بالداخل وأنه يحظى بتأييد شعبي حقيقي، بالإضافة إلى تغيير الموقف الإقليمي في الشرق الأوسط بأكمله. وأضاف «نافعة»، أن الموقف الأمريكي الأخير من الرئيس عبدالفتاح السيسي، ليس موقفًا محايدًا ولكن موقفًا سياسيًا متدنيًا، مشيرًا إلى أن الولاياتالمتحدة أصبحت تسعى لتطبيع العلاقات مع مصر، قائلاً: «أمريكا هي اللي قدمت تنازلات مش إحنا». ومن ناحيته، قال السفير عبدالرؤوف الريدى، سفير مصر الأسبق فى واشنطن: «هذا الموقف يؤكد أهمية تحرك الدبلوماسية المصرى فى الفترة الأخيرة، وتقدير أمريكا للدور المصرى فى الحفاظ على استقرار المنطقة». وأضاف أن هذا الموقف الرسمى من الكونجرس يؤكد حرص الأخير على الحفاظ على دفء العلاقات، الذي عاد بالتدريج عقب اندلاع ثورة 30 يونيو وأمريكا لا يمكن أن تستغني عن مصر، ولا يمكن لنا أن نستغني عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، خاصة أن من المصلحة المشتركة الحفاظ على العلاقات القوية.