أكدت شبكة "روسيا اليوم" الإخبارية في أحدث تقاريرها الصادرة أن مصر لن تركع لأزماتها الطاحنة، بالرغم من حالة الارتباك الاقتصادي الهائل خلال الفترة الانتقالية. وأضاف التقرير أن دخول الثورة عامَها الثاني في مصر، لم يساعد على تحسن الأحوال المعيشيةَ فيها، فغلاء الأسعار بقي على حالِه وتحديات كثيرة أمام حكومة الجنزوري التي لم تقدم شيئا ملموسا حتى الآن ترفع به العبءَ عن كاهل المصريين في هذه الفترة الانتقالية التي تتسم بإرباك كبير. وذكر التقرير: "قامت الثورة من أجل الحرية وإقامة العدالة الاجتماعية في بلد يقبع أكثر من 40% من سكانه تحت خط الفقر، لكن الرياح لم تأت بما تشتهي السفن"، في حين لم تقدم حكومة الجنزوري خطة عمل ترفع الاعباء المعيشية عن المواطن وانما اكتفى رئيسها باتهام جهات لم يسمها بقطع المساعدات عن بلاده. وأكد مسئولون في حكومة الجنزوري أن لديهم خططا تتضمن محاور للعمل الوطني خلال الأشهر القليلة القادمة على الرغم من تراجع ايرادات السياحة بحوالي 30 % عن العام الماضي وتراجع الصادرات ايضا بنسبة 40 % بالاضافة الى تراجع الاستثمارات بمعدل بلغ 11 % حسب تقرير صادر عن البنك المركزي المصري. ويكشف بيان عرضه رئيس الوزراء كمال الجنزوري أخيراً أمام مجلس الشعب عن مؤشرات خطيرة عما وصلت إليه الأمور على الجانب الاقتصادي، وخطط الإنقاذ ويشير بأسى إلى مصير الوعود العربية والعالمية حول المساعدات، لكنه يرفع في ذات الوقت نبرة تحدٍّ حول قدرة مصر على تجاوز الفترة العصيبة. وكشف كمال الجنزوري عن خروج 10 مليارات دولار من مصر خلال عام 2011 من حجم الاستثمارات، وأوضح أن "قيمة الواردات من السلع ارتفعت من 12 مليار دولار حتى وصلت 25 مليار دولار"، وأن "عدد العاطلين عن العمل وصل إلى 3,5 مليون عاطل مسجل لدى دائرة القوى العاملة، وذلك بعد عودة الجامعيين المصريين من ليبيا، ليصبح معدل زيادة البطالة 200 ألف عاطل سنويا". ويعزز ما جاء في البيان توقعات ودراسات سابقة أشارت إلى أن خسائر مصر في مرحلة بعد الثورة تتراوح بين 10 و15 مليار دولار، إثر تراجع مؤشرات الاقتصاد كثيراً نتيجة توقف العمل والاحتجاجات المطلبية للعمال في القطاعات المختلفة، وأن الأوضاع الأمنية المتردية تسببت في عدم استعادة بلاد الأهرامات ألقها كواحدة من أهم المقاصد السياحية العالمية، وأن كثيراً من المستثمرين آثروا التمهل قبل ضخ أموالهم في مشروعات في مصر نتيجة عدم الوضوح السياسي، وحالة الانفلات الأمني الجزئي، فحجم الاستثمار الأجنبي المباشر في العام الماضي لم يتجاوز 376 مليون دولار. ومع تراجع إيرادات السياحة هوى حجم احتياطي مصر من العملات الأجنبية إلى أقل من النصف مع نهاية العام الماضي إلى (18,1) مليار دولار من 37 ملياراً في بداية الأزمة، وناهز عجز الموازنة 161 مليار جنيه مصري. اللافت أن رئيس الوزراء المصري شدد في بيانه الأول أمام مجلس الشعب على أن "مصر لن تركع مهما كانت الضغوط من الدول العربية أو الغربية". ولم تخل لهجته من التحدي وخصوصاً عندما أشار إلى الدول العربية التي وعدت مصر بالمساعدة بما قيمته 20 مليار دولار لدعم اقتصادها. وأكد الجنزوري أن بعض الدول "رفض قبول صادرات مصر، طارحا تساؤله: "هل أخطأت مصر، وهل أخطأ شعبها عندما تخلص من الاستبداد، ومن الظلم الذي عاش تحت ويلاته نحو 30 عاماً". وألقى الجنزوري على السلطات السابقة المسؤولية عن "ارتفاع الدين الحكومي في الفترة ما بين عامي 1999 -2010 إلى 807 مليارات جنيه بعد أن كان 147 مليار جنيه، أي أنه تضاعف 6 مرات، بما يمثل ربع الموازنة، أي أنه لابد لمصر أن تقتطع ربع الموازنة سنوياً، كما بلغ عبء الدين الحكومي والخارجي 106 مليارات جنيه". وعزى ما تشهده مصر من ارتفاع الأسعار إلى توقف الإنتاج في كثير من القطاعات خلال الفترة من عام 2000 إلى 2010 ، وقال: "اعتمدنا خلال تلك الفترة على الاقتصاد الريعي واتجهنا إلى الاستيراد، حتى أننا نستورد من الخارج مثلا 45 في المائة من إنتاج رغيف الخبز، و35 في المائة من السكر، و65 في المائة من الغاز". وعرض الجنزوري آلية للخروج من الأزمات بإجراءات مؤقتة وشدد على أنه "لابد من تحريك عجلة الإنتاج، وفي نفس الوقت ضبط الحالة الأمنية من خلال متابعتي شخصيا مع وزير الداخلية"، وأعلن أنه "سيتم إعادة تشغيل 1750 مصنعا متوقفا منذ 8 سنوات بسبب المديونيات أو التسويق أو غيرها. كما سيتم زيادة الأسر المستفيدة من معاش الضمان الاجتماعي إلى 1.5 ملايين أسرة، وإضافة 5 ملايين امرأة معيلة وأولادها دون السادسة إلى التأمين الصحي". وجاء الرد على بيان الجنزوري وخطة الإنقاذ المقترحة متبايناً، فالدكتورة هبة نصار أستاذة الاقتصاد في جامعة القاهرة ، ورغم تأكيدها أن "حكومة الدكتور الجنزوري هي حكومة إنقاذ وطني وتبذل مجهودات بالفعل"، إلا أنها اشارت إلى ضرورة " أن نقوم بمهام الإنقاذ بحل المشكلات الملحة التي يعانيها المواطن". وتوضح نصار "للأسف نحن في مرحلة إنقاذ ولم أجد في بيانه برامج لعلاج هذه المرحلة تكون سريعة وعاجلة، وجدته يتحدث عن خطط طويلة المدى ومصانع متوقفة يسعى لإعادة تشغيلها وهذا لن يحدث لأنها تحتاج لمجهود ويتم تأجيل تشغيلها لفترة تالية وليس الآن، وهناك وحدات قائمة بالفعل يجب التركيز عليها.. وكنت أنتظر التركيز على برامج قصيرة مثل قوانين ميسرة للاستثمار، ومن المعروف دوليا أن أسرع برامج التشغيل تعالج الفقر، ويمكن الاستعانة بأموال الصندوق الاجتماعي للتنمية".