محمد بركات قولة حق بدأ بها الدكتور الجنزوري بيانه بالأمس أمام مجلس الشعب، الذي هو بيان حكومة الإنقاذ الوطني، حيث أعلن »أن مصر لن تركع ابداً« رغم محاولات التضييق، أو الحصار، الذي تمارسه دول عديدة عليها، منها الشقيق والصديق، وهو ما ظهر جلياً في عدم الوفاء بالوعود الكثيرة، التي صدرت عن هذه الدول، تبشرنا وتلوح لنا بسيل من المساعدات الاقتصادية العاجلة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير،...، وهو ما لم يحدث حتي الآن. وفي جملة ذات دلالة ومعني لكل من يعقل ويدرك، أكد الرجل أن الوعود كانت كثيرة، ولكن لم يتحقق منها شيء بل حدث العكس حيث تعرضنا لحرب اقتصادية فخرجت من مصر عشرة مليارات دولار بعد الثورة، كما حوصرت الصادرات المصرية للخارج،...، ثم أضاف متسائلاً في استنكار واضح، لماذا يفعلون ذلك ؟!، وهل أخطأت مصر عندما ثارت من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة ؟!. والإجابة علي هذه التساؤلات واضحة بالقطع للدكتور الجنزوري، كما هي واضحة لنا نحن أيضاً، وهي أن علاقات الدول تقوم علي المصالح والمنافع المتبادلة، ولا تقوم علي المساعدات والمنح دون مقابل، ولوجه الله،..، وعلي هذا الأساس فإن مصر القوية والمستقرة، لن تقوم إلا بسواعد وجهد أبنائها، وتضحياتهم الصادقة والمخلصة، في اطار خطة واضحة المعالم محددة الأهداف تعتمد في أساسها علي القدرات الذاتية. وانطلاقاً من ذلك تأتي أهمية وضرورة الجهد المكثف والكبير الذي تقوم به كتيبة الفدائيين، أقصد وزارة الإنقاذ الحالية برئاسة الجنزوري، لإعادة الحياة في جسد الاقتصاد المصري المنهك، ومحاولة الخروج به من الحالة المتردية التي هو عليها الآن، نتيجة توقف دولاب العمل، وقلة الإنتاج، وانخفاض الصادرات، وزيادة الاستيراد، وارتفاع البطالة وتدهور حال السياحة، وغيرها من المظاهر والمؤشرات السلبية. وفي هذا الإطار كشف رئيس الوزراء في بيان الحكومة، عن حقائق خطيرة أمام نواب الشعب أمس، منها علي سبيل المثال وليس الحصر، الضعف الشديد في قطاعات الإنتاج الرئيسية في الاقتصاد المصري، وهي قطاعات الزراعة والصناعة والتشييد، التي هي الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها اقتصاديات الدول، نتيجة الإهمال الشديد والممارسات الخاطئة التي ألمت بها طوال السنوات العشر الماضية، ووصلت بها إلي الحالة المزرية التي هي عليها الآن. وكان واضحاً في تشخيصه أن حالة البؤس الاقتصادي التي نحن عليها الآن، قد جاءت نتيجة تعطل الأدوات الرئيسية والفاعلة في الاقتصاد القومي المصري، وتأكيده علي أن الأرقام خير دليل، حيث تضاعف الدين الحكومي ست مرات خلال السنوات العشر الأخيرة ليصل إلي 807 مليارات جنيه بعد أن كان 147 مليارا فقط في عام 9991،...، وبلغ حجم الدين الخارجي "36" مليار، وأصبح عبء خدمات الدين ربع قيمة الموازنة، وعجز الموازنة 10٪، وهذه كلها مؤشرات ودلائل لا تطمئن،...، ولكن الأكثر منها سوءاً، هو ما وصلت إليه أعداد المتعطلين عن العمل حيث أصبحت ثلاثة ملايين ونصف المليون عاطل،...، وهو رقم خطير. خلاصة القول أن مجمل الواقع الاقتصادي الحالي ليس مشرقاً، ولا مطمئناً بأي حال من الأحوال، هذا إن لم يكن معتماً،..، ولكن يبقي الأمل في شباب مصر وقدرتهم علي تحدي الواقع وتغييره إلي ما هو أفضل، والخروج بمصر من عنق الزجاجة الحالي إلي آفاق أرحب وأوسع،...، وهذا هو رهان الدكتور الجنزوري، ورهاننا نحن أيضاً، وهو ما يؤكد إيماننا جميعاً بأن مصر لن تركع أبداً. ونواصل غداً إن شاء الله