«توزيع للأدوار» هذا ما يحدث الآن بين واشنطن وتل ابيب للتعامل مع الملف الايرانى، فالسيناريو المطروح على الساحة لا يختلف كثيرا عن سيناريوهات سبق وقامت بها أمريكا نفسها للتحرك العسكرى المنفرد تجاه دولة ما وعلى رأسها العراق، مع توزيع الادوار بينها وبين الغرب مع تقديم المساعدات العسكرية سرا ، وإسرائيل الان تسعى لتوجيه ضربة عسكرية منفردة ضد ايران تستهدف منشآتها العسكرية، وتقوم أمريكا بدور المعارض علنا والداعم سرا لهذه الضربة ، وفى النهاية ستنفذ إسرائيل عملية ضرب إيران وسط رفض أمريكى واستنكار أوروبى، ولن يتحرك احد لمحاسبة حكومة تل أبيب على تحركها المنفرد . وزيارة رئيس الاستخبارات الاسرائيلية لواشنطن قبل اسابيع، واستطلاعه سرا ردود افعال أمريكا حال تحرك إسرائيل بصورة منفردة عسكريا ضد ايران ، ليس إلا استقراء للموقف الامريكى، وحصول على الضوء الاخضر من واشنطن لتتحرك اسرائيل تحت المباركة والرعاية السرية الامريكية ، وليس وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك يوم الاربعاء في واشنطن بنظيره الامريكى ليون بانيتا الا حلقة تكمل توزيع الادوار ، كما ان لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نتنياهو فى واشنطن مع الرئيس الامريكى باراك اوباما يوم الاثنين القادم ليس إلا استكمالا لما بدأته اسرائيل على مدى الايام الماضية من ضمان التأييد السرى الامريكى لخطواتها العسكرية المرتقبة ضد المنشآت النووية الايرانية ، وتماشيا مع سيناريو توزيع الادوار ، حذر جاي كارني المتحدث باسم البيت الابيض يوم الاربعاء من ان أي عملية عسكرية ضد إيران ستخلق «مزيدا من عدم الاستقرار» ويمكن ان يهدد امن الامريكيين في افغانستان والعراق. ومعلوم ان اسرائيل لا يمكنها الاقدام على اى تصرف على المستوى الدولى إلا بدعم وتأييد أمريكى، خاصة إذا كان هذا التحرك عسكرىاً، وضد دولة لها ثقلها على غرار ايران ، والتى يمثل المساس بها نوعا من تفجير الوضع السياسى والامنى فى منطقة الشرق الاوسط ككل، وقد ركزت سياسة الولاياتالمتحدة خلال الفترة الماضية على عزل ايران من خلال عقوبات اقتصادية لارغام النظام على التخلي عن برنامجه النووى ، وترى أمريكا ان تلويح اسرائيل بالعصا العسكرية ضد ايران ، نوع من الخروج عن المألوف لما هو متبع من ادوار سياسية وعسكرية امريكيا، فكان من باب اولى ان تلوح أمريكا الدولة الكبرى القوية بهذا التهديد لا ان تلوح به اسرائيل، ولكن لا غضاضة أمريكية فى ان تقوم اسرائيل بهذا خاصة ضد ايران . واستكمالا لتوزيع الأدوار، ستواصل واشنطن رفضها للتحرك العسكرى الاسرائيلى ضد طهران، مع إبراز بعض الخلافات والترويج الإعلامى حول توتر العلاقات بين الدولتين الحليفتين.