37% من أهلها شباب.. و90% من أرضها بكر.. وخبير اجتماع سياسى: مبارك تجاهل الشباب فحرم مصر من أن تصبح دولة عظمى فى مطلع الألفية عضو تكتل القوى الثورية يعترف: جمال عبدالناصر وراء انقسام شباب الثورة هل هرمت أرض النيل والهرم؟.. سؤال قد تبدو إجابته المنطقية: نعم.. فدولة عمرها تجاوز 7 آلاف سنة، وحاربتها كل القوى العظمى على مر عصور التاريخ، وظلت تحت الاستعمار المختلف الأشكال والأسماء لمدة تزيد على ألف سنة، وخاضت حروباً فى ال70 عاما الأخيرة، تفوق ما خاضته أى دولة فى العالم.. ودولة هذه هى ملامح قصة حياتها، لابد وأن تهرم وتشيخ وتعانى من كل أمراض الشيخوخة.. ولكن الحقيقة أن مصر ليست كذلك.. نعم زمانها شاب ولكنها شابة ندية عفية وفى ريعان شبابها.. وهذا ليس كلاما مرسلا ولكنه محصلة ما تنتهى إليه كل المؤشرات الدولية لقياس مدى شباب الأمم.. فأرقام الأممالمتحدة تقول أن متوسط نسبة الشباب فى العالم تُقارب 18% من مجموع سكانه، حيثُ يتواجد فى العالم نحو 1.2 مليار شخص يقعون ضمن فئة الشّباب، ولكن ذات النسبة فى مصر تزيد عن 37%، وليس هذا فقط فكل الدراسات تقول أن نحو 90% من أرض مصر لا تزال بكرا غير مستغلة. وعندما تكون دولة شبابها 37% من سكانها و90% من أرضها بكرا، فلابد وأن تكون دولة قوية فى مصاف الدول العظمى، فما الذى منع مصر أن تصل لهذه المكانة؟.. يجيب الدكتور أحمد عبدالفتاح - خبير الاجتماع السياسي- السر فى أن مصر لم تصل لمصاف الدول العظمى هى تهميشها للشباب لعقود طويلة». ويضيف: «هناك قاعدة عالمية شهيرة تقول إن أى دولة لا تخوض حربا لمدة 30 عاما فلابد أن تصبح دولة عظمى، ولكن هذه القاعدة الشهيرة، تكسرت فى مصر، فمنذ عام 1973 لم تدخل مصر فى حرب، وكان المفروض أن تصبح دولة عظمى عام 2003، ولكن هذا لم يحدث لأن مبارك همش الشباب، وتجاهلهم تماما، ففقدت البلاد أكبر قوة محركة تدفعها للتقدم، وهو ما انتبه إليه الرئيس السيسى بشكل واضح ولهذا يحرص على اللقاء بالشباب بشكل دائم، من خلال مؤتمر الشباب الذى يعقد سنويا، إضافة إلى البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة، والذى تشرف علية رئاسة الجمهورية ويستهدف إنشاء قاعدة قوية من الكفاءات الشبابية، لكى تكون مؤهلة للعمل السياسى والإدارى والمجتمعى». وواصل «طوال زمن مبارك لم يكن أمام الشباب سوى أحد طريقين، إما السقوط فى السطحية والانشغال بالتفاهات، أو الغرق فى التطرف، ولم ينج من هذا المصير المؤلم سوى عدد قليل من الشباب، وهؤلاء كانوا الشرارة الأولى فى ثورة يناير». والعجيب أنه بعد أن عاد الشباب إلى صدارة المشهد عقب ثورة يناير 2011، سرعان ما دب بينهم الخلاف والصراع والتشتت، وكان طبيعيا والحال هكذا أن تقفز جماعة الإخوان على الثورة وتسرقها من الجميع، وتجلس على عرش مصر، وهو ما احتاج نضالا لأكثر من عام حتى تم تحرير البلاد من الاحتلال الإخوانى، وبعدها عاد الشباب الثورى إلى الانقسام من جديد، ولم يتوحد حتى الآن.. لماذا؟.. يجيب تامر القاضى عضو تكتل القوى الثورية « كل صادق مع نفسه يصل بسهولة إلى السبب الرئيسى فى عدم توحد شباب الثورة بعد سقوط مبارك، وهذا السبب هو أن كل واحد من هؤلاء الشباب تصور نفسه أنه جمال عبدالناصر وأنه هو قائد الثورة ومن هنا دب الخلاف بين الجميع». وأضاف: «أعترف أن الجميع سقط فى هذا الخطأ، وكنت واحدا ممن سقط فى هذا الخطأ، وأتاح هذا الانقسام أمام الإخوان لكى تقفز على الثورة وتستولى على حكم مصر عام 2012». وواصل «للأسف هذا الانقسام لا يزال مستمرا، ولا يبدو فى الأفق القريب، ما يوحى بإمكانية توحد شباب الثورة». مؤامرة خارجية تستهدف شباب مصر.. ورئيس حزب الشباب: الرئاسة تعمل بمفردها ووزارات الثقافة والشباب والأوقاف غائبة الأرقام الخاصة بالشباب فى مصر، فيها رقم واحد يبعث على الأمل ولكن ما دون ذلك يثير الخوف.. رقم الأمل هو الخاص بعدد شباب مصر فى الفئة العمرية من 18 إلى 35 عاما، وأعدادهم تبلغ 28 مليونا ( بنسبة 37.6%) وهى نسبة تزيد على 3 أمثال المعدل العالمى للشباب والذى تبلغ نسبتها 12% من عدد السكان. وبخلاف هذا الرقم، فإن كل الأرقام الخاصة بالشباب، تشير إلى ضرورة التحرك السريع لتعديل كثير من الأوضاع فى المجتمع.. أول هذه الأرقام تقول إن تعداد الشباب فى المناطق الفقيرة 19.2 مليون نسمة (55% من إجمالى شباب مصر).. أما البطالة فى أوساط الشباب فتصل إلى 20% وهو ما يعنى وجود 5.6 مليون شاب عاطل عن العمل. رقم آخر يتعلق بالمشاركة السياسية للشباب، ففى مصر 104 أحزاب سياسية إجمالى أعضائها مليون و880 ألف عضو، منهم 470 ألف شاب بنسبة 25% من إجمالى عضوية هذه الأحزاب وبنسبة تعادل نحو 1,8% من عدد شباب مصر، وهو ما يعنى أن 98,2% غير منضمين لأى حزب سياسى، وهو ما يعكس حالة عزوف كبيرة من الشباب للانخراط فى العمل الحزبى. وحسب الأرقام الرسمية لجهاز التعبئة والإحصاء فإن عدد الشباب فى المراكز القيادية المتوسطة والعليا فى الأحزاب يبلغ 5640 قيادة معظمهم فى المستوى القاعدى وليس المركزى وبنسبة 10% من إجمالى الكوادر الحزبية البالغ تعدادها 56400 قيادة. نفس الحال يتكرر فى الائتلافات والجمعيات السياسية، ففى مصر 375 ائتلافا عدد أعضائها 20 ألف عضو، منهم 3750 شابا (بنسبة 18,7%)، وفى مصر 42 ألف جمعية أهلية تضم فى عضويتها 3 ملايين و570 ألف عضو، منهم 714 ألف شاب (بنسبة 20%) منهم 18900 شاب فى مراكز قيادية من بين 378 ألف قيادة (بنسبة 5%). وهذه الأرقام جميعا تعنى أن هناك خللا ما تشهده الأوساط الشبابية فى مصر، وهذا الخلل فى رأى أحمد عبدالهادى رئيس حزب شباب مصر، هو فى حقيقته مؤامرة يتعرض لها الشباب المصرى.. ويقول: «هناك أجهزة مخابرات ومنظمات دولية تستهدف شباب مصر، منذ عدة سنوات، وتنفق مليارات الدولارات سنويا من أجل هدم شباب مصر، بهدف عرقلة مصر ومنع تقدمها». ويضيف «عملية الاستهداف تلك بعدة طرق، أغلبها يتم عبر حروب الجيل الرابع التى حولت التكنولوجيا الحديثة إلى أسلحة هدم، ووسيلة من وسائل نشر الفوضى والإحباط، والأكاذيب والرذيلة أحيانا والأفكار الشاذة فى أحيانا أخرى، من أجل أن يتحول الشباب إلى قنابل متفجرة فى قلب الوطن». وواصل: «للأسف عدد غير قليل سقط فى شباك هذه المؤامرة وهو ما يتطلب اتخاذ خطوات جادة وجريئة لإنقاذهم، وعلينا أن نفعل مثلما فعلت الصين عندما تعرض شبابها لمثل هذه المؤامرات، فما كان منها إلا أن قاطعت مواقع الإنترنت جميعا وخلقت لنفسها موقعا إلكترونيا محليا وفيس بوك محليا وتويتر محليا، وهذا ما نحتاج إليه فى مصر حاليا خاصة فى وسط الكم الهائل من الأكاذيب والدعايات السوداء التى تبثها المواقع الإلكترونية ضد مصر». وأكد عبدالهادى أن شباب مصر لم يتم وضعهم على الطريق الصحيح حتى الآن رغم الجهود الكبيرة التى تبذلها رئاسة الجمهورية فى دعم وتمكين الشباب، وقال «على الأجهزة الحكومية أن تهتم بالشباب بنفس قدر اهتمام رئاسة الجمهورية، وعلى وزارة الثقافة أن تجعل من قصور الثقافة مقرا لجذب أكبر عدد من الشباب، ولدعم المتميزين منهم وعلى وزارة الشباب أنها تجعل من مراكز الشباب، مقرا لمنتديات الشباب يجتمعون فيه بشكل دائم ويتبادلون فيه الأفكار ويلتقون فيه بممثلى الحكومة ولو مرة شهريا، لتبادل وجهات النظر ولتوصيل رؤى وأفكار الشباب للقيادات التنفيذية، وعلى وزارة الأوقاف ومؤسسة الأزهر أن تتواجد بقوة فى أوساط الشباب، لمحو أى أثر للتطرف والتسمم الفكرى الذى يروجه المتطرفون وأعداء الوطن». 11 خطوة لتحويل الشباب إلى طاقة إيجابية الشباب قوة إما تكون سنابل أو تكون قنابل.. وهم قادة المستقبل وحاملو شعلة التطوير والتقدم فى مجتمعاتهم.. ولهذا كله من المهم أن يتم استغلال طاقاتهم فى بناء الوطن.. وهذه العملية تتطلب 15 خطوة أساسية كما يقول الدكتور عادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاجتماعية، أول تلك الخطوات هو ضرورة مشاركة الشباب فى رسم خطط التنمية المستدامة للدولة، وحثهم دوما على خلق أفكار مبتكرة فى مجال ريادة الأعمال. ومن المهم أيضا - كما يقول الدكتور «عامر» أن تهتم الدولة بتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، المعتمدة على الابتكار، باعتبارها تمثل رافدا مهما من روافد مواجهة البطالة، كما يجب اتباع سياسات لخلق فرص العمل، وتنويع مصادر الدخل لتخفيف الأعباء المالية على الموازنة العامة للدولة، ونشر الوعى بمزايا العمل الخاص والتنسيق والترويج للمبادرات للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتوفير المعلومات وتقديم الدعم التقنى، وتقديم دراسات الجدوى الاقتصادية والبيئية للمشروعات وخلق الفرص المربحة والمبتكرة من خلال توفير معلومات مستمرة، وتنمية العنصر البشرى وتدريب، مع توفير مناقشات موسعة لنماذج الابتكار والتكنولوجيات الناشئة التى يمكن أن تساعد فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وواصل الدكتور عامر «مصر عملت بجدية من أجل تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز رأس المال البشرى والتنمية الاجتماعية، وعلى الأفراد والمؤسسات أدوار يضطلعون بها وواجبات يلتزمونها، فإن الدول، بما تملك من سلطات، تستطيع من خلال أطرها التشريعية أن تعزز العدالة الاجتماعية، وفى المقابل على الشباب أن يعمل بأمانة وكفاءة، بالقدر الذى يزيد من الإنتاج، ويؤدى ذلك إلى فائدة للاقتصاد القومى تتمثل بزيادة فى المدّخرات التى تجد طريقها إلى قنوات الاستثمار، ومن المهم أيضا توسيع وتعميق الوعى بالأهداف الدولية ودعمها، لدى قطاع كبير ومتباين من القيادات السياسية ومنظمات المجتمع المدنى ومجتمعات الأعمال حول العالم، مع ضرورة التضامن فى حشد التأييد لأهداف التنمية المستدامة.