لا يختلف أحد علي أن الفساد في مصر يشكل ظاهرة عامة، استفحلت في السنوات الآخيرة، وتحول إلي سرطان ينخر عظام الدولة، بعد أن قننه النظام السابق من خلال احتكار السلطة والثورة في صور وأشكال كثيرة كان علي رأسها مصادرة البرلمان، ومنح أراضي الدولة والمشروعات الاستثمارية والتجارية للصفوة من رجاله، وهي عوامل كانت سببا في انفجار الثورة المصرية.. والمؤسف ان هناك عقولا مازالت تعمل بالمنطق القديم في الوزارات والهيئات في محاولة لعرقلة كل الجهود والتطهير الذي يقوم به المجلس العسكري لانطلاق هذه الأمة نحو الاستقرار والتنمية. حجم المستندات والأوراق التي وضعها أمامي مجموعة من المواطنين المصريين، تكشف فساد نظام بكامله، وليس وزارة الزراعة وحدها، ولا أغالي اذا قلت إن المستندات التي استعرضتها في ساعتين تقدم حكومات للمحاكمة بتهمة الفساد وتدمير هذا البلد وتعمد افقاره والوقوف ضد كل محاولات التنمية.. هذه القضية تحتاج إلي صفحات وسلسلة تحقيقات سوف نسردها فيما بعد، لكشف كيف كانت تمنح أراضي مصر للصفوة، وتمنع عن كل المصريين أصحاب المحاولات الجادة والحقيقية في التنمية والزراعة، كما حدث مع هؤلاء المواطنين الذين صدقوا الحكومة، وأفلسوا بسببها، وضاعت جهودهم وأموالهم مابين رمال الصحراء ودهاليز وزارة الزراعة التي تزكم الأنوف.. هؤلاء المواطنين صدقوا أن الحكومات السابقة تسعي إلي التنمية، وتقدموا بطلب لتخصيص مساحة لاستعلامها وزراتها، وبالفعل حصلوا علي قرار تخصيص من وزير الزراعة، واللجنة الاشرافية العليا، كما حصلوا علي موافقة جميع جهات الدولة بما فيها محافظة الدقهلية التي تقع الأرض في حيزها الجغرافي، واستمرت جهودهم حتي دخلت المنطقة خطة التوسع الأفقي، وحصلوا بعدها علي موافقة وزارة الري بعد معاناة ثلاث سنوات انتهت في عام 2004، وبدأوا في الاستصلاح من خلال شق القنوات وغسل التربة وزراعة بعض المساحات، وفوجئوا بعمليات ازالة شاملة للمزروعات وماكينات الري وبعض المنشآت الزراعية بحجة أنهم لا يملكون عقود تمليك، وتكررت عمليات الازالة، ولم تفلح في مواجهتها كل المستندات الممهورة بختم شعار الجمهورية من وزارتي الري والزراعة، وهيئات الملكية والتصرف والاصلاح الزراعي والتنمية الزراعية وأملاك الدولة الخاصة والمساحة، والصرف ولم تشفع أيضاً التقارير الفنية الصادرة من وزارة الزراعة وشئونها القانونية التي تؤكد تخصيص الأراضي وربط قيمة إيجارية عليها، وتقدير قيمة الأعمال علي الأراضي ب2مليون جنيه طبقا لتقرير وزارة الزراعة.. ولأن القائمين علي المشروع ليسوا من الصفوة وحاشية السلطة والنظام الفاسد، فقد اغلقت في وجوههم هيئة التعمير والتنمية الزراعية كل الأبواب وكل الطرق المشروعة لتحرير عقود التمليك، وفتح البعض أمامهم الأبواب الخلفية التي كانت اكبر من امكانياتهم، وهو الأمر الذي دفع القائمين علي المشروع إلي اللجوء للقضاء المصري العظيم، وتقدموا بحافظة تضم اكثر من 250 مستندا لكشف حجم الظلم والمهازل في اعاقة المشروع واهدار أموالهم وتحرير عقود التمليك.. إلا أن المفاجأة الكبري كانت في استمرار مماطلة هيئة التعمير والتنمية الزراعية، رغم استلامهم الحكم بصيغته التنفيذية بشكل رسمي، في سابقة هي الأولي، والتي تستوجب عزل المسئول الممتنع عن التنفيذ من وظيفته وحبسه طبقا للقانون. السؤال الذي يفرض نفسه.. هل يعلم الدكتور محمد رضا اسماعيل وزير الزراعة باستمرار هذه الأساليب في وزارته؟! واذا كان لا يعلم متي يتحرك لتطهير وزارته التي تعد قاطرة التنمية، من مثل هؤلاء الاشخاص الذين ينتمون للنظام البائد، ويعوقون كل المشروعات الجادة التي تهدف إلي التنمية الحقيقية التي تحتاجها مصر للوصول الي الاكتفاء الذاتي، وأيضا اكبر قدر من الأيدي العاملة ومواجهة البطالة المتضخمة.. أسئلة كثيرة فتنتظر الأجابة عنها من وزير الزراعة.