"أرجوك أعطنى هذا الدواء".. جملة بسيطة جسدت رحلة عذاب المصريين فى البحث عن «علبة دواء» تقضى على آلامهم أو توقف أنين أطفالهم الصغار أو أحد والديهم من كبار السن. البحث عن الدواء رحلة عذاب يومية يعرفها جيدًا الباحثون عن الشفاء حاملين بين أيديهم روشتة الطبيب ليشهد العرق المتصبب عليها مدى ما ذاقوه من تعب ومعاناة فى رحلة العثور على العلاج من حى لآخر ومن محافظة إلى أخرى. اختفاء العديد من الأدوية المرتبطة بالأمراض المزمنة خصوصًا البنسلين وأدوية الأورام كارثة.. أما الجريمة فهى عمليات الغش التى طالت بعض الأدوية من خلال التلاعب فى المادة الفعالة وسوء التخزين وإعادة تدوير الأدوية منتهية الصلاحية عبر شركات «بير السلم» فى غياب الرقابة!! والنتيجة دائمًا تصب فى صالح الأدوية المستوردة غالية الثمن نافذة المفعول ليحصل عليها القادرون، أما الغالبية العظمى من المرضى فيضيع ما تبقى من أعمارهم بين البحث عن الدواء أو انتظار الموت!! رحلة المصريين مع وزارة الصحة وويلاتها التى لا تنتهى تمتد من سوء الخدمات المقدمة داخل المستشفيات غير المجهزة إلى عدم وجود أسرّة وأطباء والكثير من المشكلات التى يحفظها المصريون عن ظهر قلب. وباتت العناية المركزة حلمًا بعيد المال للمرضى، والحصول على سرير بداخلها أشبه بالمستحيل، فهناك 1٫4 سرير لكل ألف موطن فى المستشفيات الحكومية.. أما المستشفيات الخاصة فلا يقدر على نفقاتها من يصارعون الموت على أعتاب المستشفيات الحكومية. وباعت وزارة الصحة الوهم للمرضى فى مستشفيات الإحالة وأنفقت الملايين على المبانى وأهدرت تطوير العنصر البشرى فى غياب الخطط المدروسة والاكتفاء بتغيير المسميات. ولم تتوقف الكوارث فى حق الشعب عن هذا الحد بل طالت الأطفال الرضع بلا ذنب حيث تفترس أجسادهم النحيلة الفيروسات والأمراض داخل الحضانات الملوثة فى ظل نقص الكوادر المدربة وغياب الرقابة، وتكتمل أركان الجريمة داخل حضانات «بير السلم» لتصعد الأرواح البريئة إلى خالقها تشكو الظلم والإهمال. باختصار.. منظومة الصحة فى مصر فى غرفة الإنعاش.. أما الوزير فإنه يتعامل مع المصريين على طريقة «لا أكذب ولكنى أتجمل».. ولا عزاء للمرضى. إقرأ آيضاً المواد الفعالة فى الدواء.. داخل قفص الاتهام مواطنون يصارعون الموت على أبواب العناية المركزة وزارة الصحة تبنى الوهم فى مستشفيات «الإحالة» حضانات «بير السلم» تحصد أرواح الأطفال تصريحات الوزير «وردية».. والمرضى «كعب داير»