فن المسرح بشكل عام يعتبر أصعب أنواع الفنون وأهمها، ولذلك دائما ما يطلق عليه «أبوالفنون»، نظرا لاحتكاك الفنان المباشر بالجمهور واستخدامه لسلاح الموهبة والإبداع لإقناع المشاهد بعيدا عن حواجز الكاميرا والصورة، فلا يكون هناك إعادات للمشاهد أو وجود احتمالية للخطأ. كثيرا ما شاهدنا إبداعات مسرحية بداية من زمن الريحانى وإسماعيل يس، مرورا بفؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولى، وأخيرا عادل إمام ومن بعد محمد رمضان وأشرف عبدالباقى، ولكن ما ذكرناه سابقا هى فرق مسرحية مدعومة بميزانيات تحافظ على استمراريتها حتى وإن كانت النصوص بعيدة بعض الشىء عن الإبداع، وهنا لا بد أن نقف لننظر إلى مسرح «الهواة والطلبة» الذين يعملون بالمجهودات الذاتية لرغبتهم وإصرارهم على خروج طاقات إبداعية للجمهور، بالإضافة لحبهم وعشقهم لفنون المسرح والاحتكاك المباشر مع الجمهور. مؤخرا عرض على مسرح الهوسابير مسرحية بعنوان «ساحر الحياة» للمخرج المسرحى محمد جبر، الذى استطاع أن يسلط الضوء بشدة على مسرح الهواة من خلال عرضه المسرحى السابق 1980 الذى جذب الجمهور بشدة، بالرغم من ضعف الدعاية أو انعدامها ونفس الشىء بالنسبة لميزانية العمل. «ساحر الحياة» تدور فكرتها حول ضرورة الرغبة فى الحياة والإصرار على تحقيق الأحلام، مهما كانت الصعوبات والمتاعب التى تواجهنا وشارك فى العرض عدد من الطلاب الجامعيين الذين نجحوا فى لفت انتباه الجمهور الذى صفق لهم بحرارة فى اليوم الأخير من عرض المسرحية. «الوفد» التقت مخرج العرض، بالإضافة إلى بعض الأبطال وتحدثنا معهم عن رؤيتهم للمسرح كجيل جديد يتطلع للإبداع والصعوبات والعوائق التى واجهتهم بالإضافة إلى طموحاتهم وأحلامهم الفنية. فى البداية تحدثنا مع مخرج العرض محمد جبر الذى قال: «ساحر الحياة» عرض مسرحى يتحدث بلسان معظم شباب مجتمعنا ويناقشهم فى العواقب والمشاكل التى تواجههم فى حياتهم، ولذلك هو قريب للغاية من الجمهور. وعن العمل مع مجموعة من الشباب سلاحهم الوحيد هو الموهبة بدون أى خبرات قال: مسرح الهواة هو الطاقة الإبداعية الكبيرة الذى يتفاجأ بها الجمهور وبالمناسبة بالنسبة لى التعاون مع الشباب أسهل من النجوم، لأن الشباب ينصتون إلى ما يقال لهم، بالإضافة أيضا أنهم يعملون بهدف وحيد وهو الإفصاح عن طاقتهم الإبداعية وحبهم للمسرح. وعن أزمة المسرح بشكل عام قال «جبر»: المسرح فى مصر يفتقد الدعم وأقصد هنا مسرح الدولة، بالإضافة إلى سيطرة الروتين عليه، التعامل معه على أنه وظيفة حكومية فقط. وأضاف: أما بالنسبة لمسرح الهواة فهو تقريبا معدم من حيث الدعم، ونحن كشباب نحاول بقدر الإمكان تقديم الأفضل فى ظل إمكانياتنا المحدودة. من جانبه قال الفنان صابر عادل، بطل العرض: أجسد شخصية قائد ورشة تدريب الرقص الحديث مصاب بإعاقة فى قدمه ولكن الشخصية لها أبعاد مختلفة تماما عن الرقص والاستعراض، فهو رجل فى مرحلة عمرية كبيرة يقود مجموعة من الشباب صغار السن لتحقيق ما فشل فيه حينما كان شابا. وعن تجسيده لشخصية فى مرحلة متقدمة من العمر على خشبة المسرح قال: أعشق المسرحية للغاية لأنه الفيصل الأساسى فى تحديد موهبة أى فنان نظرا للاحتكاك المباشر مع الجمهور. أما بطلة العرض علياء فهى طالبة فى المرحلة الأولى من الدراسة الجامعية وقالت: المسرح بالنسبة لى هو الحياة بدون أى مكان للرتابة أو الملل، لا يمكننى وصف إحساس الصعود على خشبة المسرح والتحرك بخفة وتجسيد الشخصية مع مشاهدة النتيجة بشكل مباشر مع الجمهور، ولذلك سعيدة للغاية بهذه التجربة وأتمنى استمرار عملى بالمسرح. وأضافت: أجسد شخصية فتاة أرادت دخول ورشة تدريس للرقص الحديث، لأنها تحلم بأن تكون بطلة استعراض كبيرة يتحدث عنها العالم، وبالرغم من صعوبة التعامل مع قائد الفرقة إلا أنها وجدت بداخله طاقة كبيرة من الحنان والحب أرادت أن تخرجها لتنعكس النتيجة على الفرقة بالكامل التى تعمل بإمكانيات محدودة للغاية ولكن الجميع لديه حلم يحارب من أجله. وأضافت: جذبنى فى الشخصية طاقة الأمل والإصرار الكامنة بداخلها، فمنذ وصولها للفرقة قامت بتغيير أشياء كثيرة بها للأفضل، بالإضافة إلى فريق عمل المسرحية الرائع بقيادة المخرج محمد جبر الذى وجهنا جميعا للأفضل، وقام بإخراج أفضل ما بداخلنا للعمل فى جو مناسب من الإبداع.