تمر «ساعة ونصف» عليك لن تلتفت تظل مندمجاً إلى حوار وأداء حركى عميق ومكثف، تضحك بهستيريا وتبكى من الوجع وتشعر بالأمل والإحباط فى الوقت نفسه، «1980 وانت طالع» قطعة فنية من الحياة. نجحت فرقة «ستديو البروفة» فى إحياء دور المسرح مرة أخرى، فالعرض استمر لمدة جاوزت ست سنوات، وسط حضور جماهيرى يقدر بالمئات يومياً، من مختلف الأعمار والفئات، يجتمعون على مسرح «الهوسابير» بوسط القاهرة. يعرض مجموعة من الشباب مسرحية بعنوان «1980 وانت طالع» وكأنهم يمسكون بمرآة على المسرح فترى نفسك وما آل إليه أبناء هذا الجيل، فى ظل واقع مرير سترى نفسك وتضحك كثيراً، ولكن ستبكى فى الوقت نفسه من الداخل أكثر. «الوفد» حضرت عرض المسرحية، لنكشف أن ثمن التذكرة خمسة وعشرون جنيهاً فقط، كان لها عامل فى توصيل رسالة الفرقة، التى لم تلتفت إلى المكسب المادى قدر حرصها على تقديم الرسالة وإعادة المسرح مرة أخرى، والتعبير عن طموحات جيل وآلامه، وبث طاقة إيجابية فى أنفس الشباب لاستكمال مسيرة العمل والأمل. تبدأ المسرحية بصورة جماعية، يلتقطها أفراد الفرقة الذين وُلدوا جميعاً بعد عام 1980، وقد أصبح أكبرهم سناً فى عامه الخامس والثلاثين، وبكوميديا قاتمة على ألحان أوبريت «الليلة الكبيرة» لصلاح جاهين، وأوبريت «العقلاء» لإسماعيل ياسين، وأغنية «لو كانوا سألونا قبل ما يولدونا» فى توليفة إبداعية، يروون حكاية الثورة. ويكشف العرض فى أكثر من مشهد عن أزمة المجتمع مع المرأة، من العنوسة والتهميش والسلطوية الذكورية بأسئلة وحوارات سريعة يصاحبه أداء حركى مميز. ببساطة يتحدث العرض عن «الناس العادية» وأحلامهم وطموحاتهم التى يحاول جيل آخر مصادرتها. كما كشفت مسرحية «1980 وانت طالع» الغطاء عن استبداد المجتمع للمرأة وتكبيلها تحت مسميات «العرف» و«العادات والتقاليد» اللاإنسانية المصطنعة، وما أبشع وصمة «العنوسة»، التى تُطبع على جبين الفتيات اللاتى تأخرن فى الزواج. المشهد الأخير ترجم الحيرة والارتباك الذى نعيشه، حين اجتمع الأصدقاء فى رحلة وسط الضباب جعلهم يختلفون، فسألوا نفس السؤال الرئيسى فى حياتنا وثورتنا «هنكمل ولا هنرجع؟»، القرار الفاصل «إذا ما كناش إحنا الشباب إلى هنسوق فى وسط الشبورة والضباب مين هيسوق، العواجيز! »، وبعدها يختتم العرض بصورة جماعية أخيرة، وعقب انتهاء العرض يلتقط أعضاء الفرقة صور «سيلفى» مع الجمهور للذكرى. مسرحية تعيش يوماً بيوم، يعاد عرضها بناء على طلب الجماهير. والمسرحية حصدت جوائز أفضل عرض، وأفضل مخرج، وأفضل مؤلف فى «المهرجان القومى للمسرح» عام 2013، كما حاز مؤلفها محمود جمال على جائزة الدولة التشجيعية فى الإبداع الفنى والمواطنة عن فيلم «هنكتب دستور جديد» للمخرج مازن الغرباوى. العرض تأليف محمود جبريل وإخراج محمد جبر، وتؤديه فرقة «البروفة» التى تعارف معظم أعضائها من خلال فرق المسرح الجامعى، ونجحوا فى صنع أول نسخة من العرض مع بدايات ثورة 25 يناير 2011، وهى نسخة شهدت تطورات عدة مع انتقال العرض إلى أكثر من مسرح، قبل استقراره فى مسرح «الهوسابير». قال على حميدة، أحد أبطال المسرحية، إن الفرقة كلها أصدقاء منذ أيام الدراسة، وبعد تخرجهم قرروا تقديم شىء مختلف للجمهور من خلال انتقاد الواقع حتى يتمكنوا من إيجاد حلول لمشاكلهم، قائلاً: «هو ده التواصل اللى ما بينا وبين الجمهور لأنها نفس المشكلة». وأضاف أن رأى النقاد بالعرض أسعدنا جداً. وأشار «حميدة» أن سعر التذكرة البداية عشرة جنيهات لأننا لم نربط سعر بما نقدمه وتمت زيادتها إلى خمسة وعشرين جنيهاً للمسرح لأننا نعتمد على التمويل الذاتى. فيما أكد حاتم صلاح، ممثل، أن ردود أفعال الجمهور عن العرض حتى الآن فى صالحهم، وإن وجدت وجهات نظر سلبية، لافتاً إلى أن الجيل الأكبر منهم يشجعهم بشكل كبير، مضيفاً أنه يحب اسم المسرحية «1980 وانت طالع» لأن عنوانها يعبر عن الشباب. وقالت نوران زايد، ممثلة بالفرقة: إنها مشاركة بالفرقة منذ ثلاثة أعوام فقط، لأن بعض الممثلين تركوا المسرح فتمت الاستعانة بها لأنها صديقتهم وعندما عرض عليها العمل وافقت على الفور دون تردد. وأضافت: إن الدور النسائى بالعرض يستعرض وجهة النظر الخاطئة للرجل عن الفتاة، ولكن فى إطار كوميدى يوضح تصحيح وجهات النظر الخاطئة للطرفين، لافتة إلى أن ربطهم ما بين الفن والواقع فى هذا العمل تعبير منهم عن صورتهم أمام المجتمع. وأشارت «بطلة العرض» أن العرض ليس ثورة ضد شخص معين، ولكنه عائلى وشبابى يجمع مواقف إنسانية أكثر منها سياسية، لافتة إلى أن الصفحة الخاصة بالمسرحية على موقع التواصل الاجتماعى الشهير «فيسبوك» تم إنشاؤها حتى نتعرف على ردود أفعال الجمهور المختلفة السلبية والإيجابية.