تواجه صناعة الجلد والأحذية في مصر أزمة كبيرة تهدد من استمرارها كسابق عهودها في الماضي، نتيجة لارتفاع أسعار المواد الخام الخاصة بالصناعة، وكذا أسعار الجلود وغياب دعم الدولة لها على الرغم من كونها أحد أهم الصناعات الوطنية التي يعمل بها الآلاف من عمال الجلود وأصحاب الورش الخاصة بصناعة الأحذية. وترتب على ذلك غلق ما يقرب من 40 % من الورش والمصانع الخاصة بصناعة الأحذية، وفقدان مصانع الأحذية المستمرة قرابة 20 % من طاقتها الإنتاجية بحسب ما ذكرت شعبة الجلود بالغرفة التجارية، وكذا قلة الإنتاج و ارتفاع الأسعار وضعف جودة المنتج المصري بالأسواق المصرية، ما أصاب سوق الأحذية لحالة من الركود و الكساد. هنا درب آية هنا قلعة صناعة الأحذية بمنطقة باب الشعرية، المركز الرئيسي لصناعة وتصدير الأحذية المصرية على مستوى الجمهورية. تجولت عدسة الوفد داخل مصانع وورش الأحذية بالمنطقة للوقوف على أسباب التدهور الشديد الذي آلت إليه أحد الصناعات الوطنية الهامة و التى يعمل بها الآلاف من العمالة المصرية. في البداية استوقفنا شخص يدعى عم طارق – صاحب ورشة أحذية – متسائلًا إذا ما كنا نبحث عن بضاعة جلود أو أحذية جيدة بهدف التجارة، وعندما كشفنا عن هويتنا أجاب قائلًا : الصنعة أصبحت في ذمة الله، والصنيعية تركوها رغم أنفهم نظرًا لضيق الحال وقلة الرزق نتيجة لارتفاع الأسعار، وإذا ما سألت التجار الحاليين وأصحاب المصانع سيقولون لك أن 70 % من الورش والمصانع أغلقت أبوابها. وأضاف طارق قائلًا : أعمل في المهنة منذ نعومة أظافري ونحن هنا داخل السوق، فهي مهنة أبائنا وأسلافنا وتورثناها عنهم، فنحن داخل منطقة صناعية من الطراز الأول هنا كل ما تبحث عنه من أنواع الجلود الطبيعية الجيدة وكذا الصناعية وكافة مستلزمات صناعة الأحذية، فهنا محلات وورش ومصانع النعال والإكسسوار وطباعة اللوجو على النعال كل ما يمكنك تخيله لكي يصلك الحذاء في قدمك بالصورة النهائية. وتابع طارق "الاستيراد وتحرير سعر الصرف وارتفاع أسعار الدولار، أحد أهم الأسباب الرئيسية في غلق المصانع والورش، الجلد الطبيعي ارتفع سعره وهو يتم تصديره لمصانع أوروبا لتنقيته وعند استيراده مرة أخرى يتم شراءه باسعار مرتفعة، والآن الأسعار ارتفعت علينا بنسبة 200 % وهي نسبة لا أبالغ فيها ولكن هذا ما حدث، والآن كما ترى هذا البناء المكون من 7 طوابق كان به فقط ما يقرب من 60 ورشة الآن لم يتبق سوى الورشة التي أمتلكها و 6 ورش أخرى مختصة بصناعة الأحذية الحريمي". الصنيعية الآن تركو المهنة وأصبحوا سائقين تكاتك، وهو مستوى أقل بكثير مما كان يتحصل عليه في العهود السابقة، فمنذ قرابة أربع أعوام أقل يومية كان يتحصل عليها الفرد مبلغ وقدره 120 جنيهًا، الآن سعر الحذاء جملة يقف تكلفته قرابة ال 50 جنيه للواحد ليصل سعره جملة ما يقرب من 65 جنيهًا للقطعة الوحدة قبل أن يصل للتاجر والمستهلك فكيف أقدر على دفع أجور ورواتب الصنيعية. والتقط طرف الحديث أحمد الحسيني – صاحب ورشة أحذية – الورشة هنا هي أحد فروع خدمات الأحذية التي تقوم بطبعة وتحسين شكل المنتج وهي أحد الورش المكملة المساعدة للمصانع الرئيسية، نعاني هنا الأمرين من ارتفاع المواد الخام نتيجة لارتفاع أسعار الدولار، وغلاء الأسعار ما اضطر الكثير من أرباب المهنة لتركها وغلق أغلب المصانع والورش المجاورة، وحتى الآن لا أحد يشعر بنا والغرفة التجارية وشعبة الجلود لم يتحرك لها ساكن ويكتفوا بالتصريحات والوعود الرنانة. أما محمود صبحي – عامل أحذية – الحذاء الآن الذي أقوم بتصنيعه ارتفع سعره الضعف، ونعيش حالة من الركود الشديد ولا نشعر بموسم دراسة أو عيد والأيام كلها أصبحت سواء، فمثل هذه الأيام كان يتهافت علينا التجار لطلب الشحنات والبيع بالجملة الآن سوق الأحذية والورش والصناعة أصبحت مثل حلبة المصارعة حيث البقاء للأقوى. وأضاف محمود : البضاعة المستوردة أثرت في السوق المصرية بشكل كبير، نظرًا لخفض سعرها بالنسبة للمستهلك، رغم عدم جودتها مثل نظيرها المصري. ويقول أحمد ابراهيم – عامل بمصنع أحذية – البضاعة المستوردة وقفت حالنا والأسعار نزلت بصورة كبيرة، على الرغم من كون المنتج اليدوي المصري هو خامة أفضل إلا أن المستهلك يفضل المستورد لانخفاض سعرها ما يؤثر سلبًا على الورش والمصانع القائمة هنا لافتًا إلى أن الأسعار تختلف باختلاف الخامات التي يتم الصناعة باستخدامها، بالإضافة إلى مكان بيع المنتج، على سبيل المثال الجلد الطبيعي يعد الأغلى والأفضل على الإطلاق، كما أن الجلد الصناعي هو الذي يتم استخدامه في الصناعة وهو الأكثر مبيعًا. ويضيف علي محمود – أحد تجار الأحذية – منطقة باب الشعرية تعد أحد أهم أكبر تجمع لصناعة الجلود في مصر المصنع الواحد هنا به ما يقرب من 15 عاملًا ، إضافة إلى الورش والمحلات التي تعمل على خدمة هذه المصانع، وعلى الرغم من ضخامة وحجم وأهمية هذا القطاع الكبير الذي يعمل في هذه المهنة، إلا أنه يواجه العديد من المشكلات، أهمها المنتج الجاهز الذي يتم استيراده من الخارج وغرق السوق المصرية فيه، على الرغم من توافر كافة الإمكانيات المصرية التي تؤهلنا لصناعة الأحذية داخل المصانع والورش المصرية. وتابع على : نمتلك أكفأ وأمهر العمالة التي تقوم على بصناعة أحذية على درجة عالية من الجودة والابتكار وأشكال جمالية لا مثيل لها، إلا أن الصناعة تواجه مشاكل كبيرة تتعلقق بالمنتج المستورد وسيطرة المستوردين على السوق المصرية بشكل كبير الأمر الذي أثر سلبًا على المنتج المصري و بالتالي غلق المصانع والورش المصرية. وطالب أصحاب الورش والمصانع بضرورة تدخل الدولة المصرية، وإحكام السيطرة على الأسواق خاصة المنتج المستورد منها لما له من تأثير سلبي على الصناعة المحلية والذي يهدد بانهيار قلعة صناعة الأحذية والجلود داخل السوق المصرية. شاهد الفيديو ..