فى وقت ما كان البريطانيون يلبسون أحذية تحمل شعار صنع فى مصر وكانت مصر وقت الاحتلال البريطانى ذات ريادة فى هذه الصناعة العريقة.. الآن وبعد نحو قرن من الزمان تخلت مصر عن ريادتها وأزاح الحذاء الصينى المنتج المصرى واحتل مكانه فى السوق المحلية وأصبحت صناعة الأحذية تواجه منافسة شديدة ومهددة بالانهيار وقد قدرت بعض الإحصاءات حجم الواردات المصرية من الأحذية ب8 مليارات جنيه سنويا. نهى محمد اشترت حذاء أعجبها تصميمه وكان ذا قالب مريح وسعره لم يتجاوز 100 جنيه لكنها بعد مرور شهر واحد فوجئت بانفصال النعل تماما عن الحذاء وتقشر لون الجلد وهو ما جعلها تلقى به جانبا وللأسف حالة نهى تكررت مع صديقاتها فالحذاء الصينى انتشر وغزى السوق المصرية حتى أن الحذاء الحريمى المصرى كاد يختفى بينما الحذاء الرجالى ما زال صامدا ويحتل مكانة لا بأس بها من السوق.
الرجالى يتربع على العرش
يصعب تعميم قول انهيار صناعة الأحذية فى مصر فلا يزال يتربع الحذاء الجلد الرجالى المصرى على عرش صناعة الجلود فى السوق المحلية وينافس بنسبة 70% بحسب شريف يحيى رئيس شعبة الأحذية والمنتجات الجلدية بالغرفة التجارية موضحا أن أسواق الأحذية التقليدية العريقة فى وسط البلد ومصر الجديدة وشبرا 85% من منتجاتها أحذية مصرية بجلد مصرى وأيد عاملة مصرية لكن بمستلزمات مستوردة على عكس الحذاء الحريمى الذى اصبح يواجه مشكلة عدم مواكبته للموضة وهو ما جعل كثيرا من المصانع والورش تتوقف عن انتاجه وتتحول للاستيراد من الصين ويقول يحيى ان طلب تجار الجملة على الحذاء الحريمى المصرى أصبح محدودا ومثيله الصينى أغلق السوق عليه ودفع بالمصنعين ايضا إلى استيراد الجلود الصناعية من الصين لكى تنتج حذاء سعره لا يزيد على 85 جنيها ويشير يحيى إلى أن نسبة الحذاء الحريمى المصنع من جلود طبيعية لا يزيد على 25% بينما يصل فى الحذاء الرجالى إلى 90% وسعره يتراوح فى السوق ما بين 80 600 جنيه بحسب المكونات التى تستخدم فى تصنيعه.
ويصف رئيس الشعبة القرار 660 الخاص بفحص منتجات الجلود المستوردة فى أماكن تصنيعها بالخارج الذى بدأ تطبيقه فعليا منتصف شهر سبتمبر الماضى بالقرار الجيد فى الزمن الخطأ وقال ظاهره الرحمة لكن باطنه سوف يدفع مستوردى السلع الرديئة من المنتجات الجلدية إلى التهريب خاصة مع عدم وجود رقابة جيدة على حدود مصر وأكد أن اثر القرار لن يظهر قبل منتصف أكتوبر الجارى مع وصول شحنات جديدة من الأحذية والجلود من الصين.
500 جنيه للحذاء
اختلافا مع تلك الرؤية يؤكد ممدوح ثابت مكى رئيس شعبة دباغة الجلود باتحاد الصناعات أن القرار الوزراى 660 سوف يحد من دخول المنتجات الجلدية الرديئة إلى السوق المحلية لأنه سوف يلزم المستوردين بشهادة تفيد توافق هذه المنتجات مع المواصفة العالمية وستحد من ظاهرة إغراق السوق بمنتجات الورش الصغيرة فى الصين التى تصنع احذية من خامات رديئة اعيد تدويرها وتصدرها لنا وبذلك لن تدخل السوق سوى منتجات جيدة عالية القيمة سواء من الجلود أم من المنتجات النهائية مشيرا إلى أن كثيرا من الورش تصنع منتجاتها من الجلد الصناعى المستورد ذى السعر المنخفض مقارنة بالمحلى ويقول مكى ورغم ذلك هناك جلود صناعية عالية الجودة أكثر من الطبيعى والتى تصنع منها الأحذية الرياضية ذات الماركات العالمية.
ويشير مكى إلى أن وقف تصدير الجلد «الوايت بلو» الغير كامل التشطيب جاء فى صالح الصناعة والتصدير نظرا لأن هذه النوعية كانت تستنزف الجلد المصرى وكادت أن تدمر الثروة المصرية من الجلود وقننت من عمليات تصديره لافتا إلى أن 30 % من المدابغ هى التى بمقدورها التصدير الآن ويحذر مكى من محاولات تهريب «الويت بلو» للخارج التى تتم بطرق غير شرعية.
محمد على صاحب محل أحذية يشير إلى أن الحذاء الصينى يتميز بجمال الموديل لكن بعض الزبائن تقوم باسترجاع الحذاء بعد ارتدائه بسبب تقشير جلده وعدم «تقفيله» بشكل جيد وهو ما يؤدى إلى خسارتنا ويضيف الحذاء المصرى انقرض بعد ارتفاع أسعار الخامات ورغم رداءة الصينى لا نجد البديل ويقول سعر الصينى يتراوح ما بين 50 120 جنيها.
فيما يؤكد محمود ابراهيم مدير أحد فروع ماركة شهيرة فى الأحذية الحريمى الصينى بأحد المولات أن هناك أنواعا جيدة جدا من الأحذية والشنط الصينى تعرضها فروع التوكيل الذى يصنع منتجاته فى سنغافورة وتوجد مصانع له فى ماليزيا والصين ويقول إن زبونه ذو نوعية خاصة حيث يصل سعر الحذاء إلى 500 جنيه.
مصر تعانى من عجز كبير فى مستلزمات الإنتاج الخاصة بصناعة الأحذية والتى يدخل فيها أكثر من 130 مكملا من البطانة والكعب والقالب والمواد اللاصقة يقول يحيى زلط رئيس غرفة صناعة الجلود باتحاد الصناعات، ويضيف هناك سيل من الأحذية المستوردة تغرق السوق حيث يتم استيراد أكثر من 130 مليون حذاء سنويا بقيمة تقدر ب8 مليارات جنيه ويضيف ان القرار 660 الذى تأجل تطبيقه عدة مرات حتى شهر سبتمبر سيدفع بعض الورش المحلية إلى معاودة نشاطها فى التصنيع بعد أن اخرجها المنتج الصينى من السوق وقال زلط للأسف بعض سلاسل المحال خاصة الكبيرة ترفض عرض المنتجات المصرية وتقتصر معروضاتها فقط على المنتجات الصينية من أحذية وشنط وأحزمة وتحقق مكاسب عالية رغم تفوق الصناعة المحلية ويؤكد زلط أن شهادة فحص المنتجات المستوردة فى بلد المنشأ سوف تحد من استيراد المنتجات الصينية بنسبة 40%.