لم يفلح النظام السابق فى شىء قدر فلاحه فى تجريف الشخصية المصرية معنوياً وأخلاقياً خلال العقود الفائتة، إن صفات عدم الاكتراث والتهاون والتنطع والمقامرة وانفلات اللسان والأيدى على أتفه الأسباب.. والانجراف خلف الغوغائية دون تفكير.. هى من أهم السمات التى خلفها العهد البائد فى الشخصية المصرية. لم يكن التعثر الاقتصادى أو السياسى هما أخطر ما يعرض وطناً للخطر والهلاك.. ولكنه الانهيار المعنوى والتردى الأخلاقى.. وقد كان تخريب التعليم والإعلام المرئى وتسطيح الخطاب الدينى هى أدوات ذلك النظام نحو القضاء على ما تبقى من شهامة ورجولة ووطنية لدى الإنسان المصرى. وهذا ما أوصل الثوار والنشطاء أو من يدعون ذلك بأن يتوجوا أخلاق الثورة برفع الأحذية.. هل رفع الأحذية هو آخر ما تبقى من أخلاق الثورة؟ أخلاق رافعى الأحذية لا تقل خطراً عن أخلاق سائق ميكروباص يقف فى عرض الطريق بسيارته دون وازع من أخلاق أو ضمير.. إنها ببساطة مخالفة للذوق وللأعراف وبالأخص مخالفة لأخلاق الثورة وإهانة لدم الشهيد الذى ضحى بأغلى ما يملك من أجل الأخلاق، لأنه لن يتقدم وطن دون أخلاق.. والسادة رافعو الأحذية يعرفون إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا إنها هى الطامة الكبرى أن أوكل أمرى لمن يرفعون الأحذية.. ويوجهون أحط الألفاظ لرجال الجيش الذين يقفون فى صبر على بلاء إخوانهم من أبناء مصر الذين جُرفت أخلاقهم.. ومثابرة على ظروف الطقس الذى لم ترحمهم.. أخلاق رافعى الأحذية وأصحاب الألفاظ النابية.. صاروا الرقم الصعب فى معادلة الثورة والسياسة.. وهم خطر على أطفال مصر الذين نعلمهم أخلاق الشهيد وقيم البناء والوطنية. ومشهد رفع الأحذية دفع على السيد بعدد الثلاثاء 31/1/2012 ب«المصرى اليوم» إلى القول: «فى زيارتى للتليفزيون، كان المشهد صادماً وقاسياً، وكان السباب الخادش للحياء ينهال على جنود وضباط الجيش أكثر كثيراً من المطر الذى هطل كأنه يمنع الإهانة «الشخصية» عن هؤلاء البؤساء الذين رفعت الأحذية فى وجوههم وانهالت اللعنات على رءوسهم وطالت الآباء والأمهات». وعلى الصفحة ذاتها يكتب عمرو الشوبكى محذراً من فشلنا من إمكانية توفيق أمور الحكم بعد انسحاب العسكر «إن معركتنا الحقيقية هى بعد تسليم السلطة لأن العسكر ذاهبون والخطر الحقيقى أن يعودوا بعد أن نفشل نحن فى القيام بواجبنا».. وأنا أرى أنه لو حدث الفشل فسيكون من أسبابه ثقافة رفع الأحذية والغوغائية، كما حذر وائل غنيم على صفحة «الوفد» الإلكترونية يوم 1/2/2012 من حدوث شقاق بين برلمان الثورة وميدان التحرير، معتبراً تعالى الأصوات مؤخراً بإسقاط شرعية مجلس الشعب هو نوع من العبث إن 99٪ من المصريين ضد رفع الأحذية والعبث والغوغائية.. كفاية إهانة لمصر. هشام الشحات