تشدني الدول التي تعمل في صمت.. فتحقق أعظم الأحلام.. واذا كانت الدول الكبري قد استقرت اقتصادياً الا ان هناك دولاً اخري تتحرك لتحاول اللحاق بالدول المتقدمة.. وفي النصف الثاني من القرن العشرين وجدنا شعوباً تخرج من تحت الارض وتحقق المستحيل ولن نتحدث هنا عن الصين مثلاً.. ولكننا نتحدث عن شعوب كانت تعاني من كل شيء كانت تأكل كل شيء وأي شيء: فوق الارض وتحت الارض حتي استطاعت أن تقف علي قدميها.. هذه هي كوريا الجنوبية.. تركت شقيقتها الشمالية تتجه إلي إنشاء قوة عسكرية اكبر من احتياجاتها.. وتنفق دم قلبها علي انتاج الاسلحة النووية بينما شعبها يعاني.. ولكن كوريا الجنوبية انطلقت تصنع واحدة من اكبر معجزات العصر، حتي اصبح اقتصادها اكبر منافس للصين الشعبية.. ولليابان أيضاً.. لقد رأت أن العالم يتجه إلي الصناعات العصرية: الإلكترونيات وتوابعها والمنتجات الكهربائية المتقدمة.. تنتجها مع انتاجها من الصناعات الضخمة مثل صناعة السفن والقطارات والجرارات.. وإذا كنا - في الماضي - نهزأ بانتاج تايوان الذي غزا العالم بنوعية أقل من الجودة.. لانها كانت تجري وراء صناعات اليابان فإن كوريا الجنوبية انطلقت بعد انتهاء الحرب الكورية في منتصف الخمسينيات لتدخل حلبة الصراع الدولي حول الصناعة والاقتصاد الحقيقي.. في كل المجالات وقد كان.. ثم نفس المشوار مع دولة اسيوية اخري هي ماليزيا.. التي بدأت تجربتها في منتصف الستينيات .. وكانت في حالة يرثي لها.. حتي ان سنغافورة التي كانت قد دخلت معها في اتحاد.. رأت أن ماليزيا وقتها أقل رغبة منها في المنافسة.. فانسحبت من هذا الاتحاد لتصنع تجربتها هي.. ولكن الله أرسل إلي ماليزيا عقلاً وارادة تفل الحديد هو مهاتير محمد استطاع بفكره ان يعبر بالبلاد من تحت خط الفقر إلي مصاف الدول الغنية.. ووجدنا الشركات الكبري في العالم تجري إلي ماليزيا لتنشئ فيها فروعاً ضخمة لمصانعها المستوردة، من انتاج الادوات الكهربائية إلي السيارات.. بل والادوية والكيماويات.. وبعد ان كانت ماليزيا مشهورة بالمدن القديمة والعادات والصناعات القديمة وجدنا مدنا جديدة تقام حول مضيق ملقا الذي كان يشتهر بعصابات القراصنة ليس إلا.. ليتحول الشاطئ الشرقي للمضيق إلي قاعدة صناعية تنافس ما هو موجود في شمال اوروبا!! ولكن اكثر ما يشدني الآن تلك الدول العظمي في قارة امريكا الجنوبية.. التي كانت تشتهر بمجرد مزارع البن والموز والكاكاو.. ومزارع الابقار اذ بنا نجد هنا الدول تقفز إلي المقدمة كدول صناعية منتجة.. وفي المقدمة.. وهذه هي البرازيل التي استطاعت ان تبني اقتصاداً ضخماً.. واذ بنا نجد واحداً من أكبر بحوث عالم الاقتصاد يصدر قائمة تتحدث عن اكبر عشرة اقتصاديات في العالم.. فتقول هذه الدراسة انه اذا كانت دول إسيا والاقتصاديات الناشئة آخذة في النمو لتتخطي دول غرب اوروبا التي تواجه الانكماش فإن دولة هي البرازيل تخطت باقتصادها دولة عريقة مثل بريطانيا.. بل واحتلت البرازيل المركز السادس وتنزلق بريطانيا إلي المركز السابع.. أما الاقتصاد الروسي فقد قفز إلي المركز التاسع!! «ويقول رئيس مركز الابحاث التنفيذي إن تخطي البرازيل لبريطانيا هو جزء من التغير الكبير الذي يحدث الآن في الاقتصاد العالمي.. وان الدول المنتجة للمواد الغذائية والطاقة في تقدم مستمر ويتقدمون في الترتيب العام.. عاما وراء عام.. واثبت الاقتصاد البرازيلي صدق كل التكهنات التي بدأت مع عام 2011 بانه سوف يتفوق علي الاقتصاد البريطاني.. ولكن نفس التقرير قال ان الاقتصاد البريطاني ربما يتخطي الاقتصاد الفرنسي ولكن عام 2016.. والبرازيل دولة عملاقة المساحة 8 ملايين و512 الف كيلو متر أي مساحتها 8 أمثال مساحة مصر ويقترب سكانها من 200 مليون نسمة وهي دولة اتحادية يمثل البيض 53٪ من سكانها والباقي من أصول افريقية وأصول امريكية قديمة، ونسبة من اليابانيين!! ولغتها البرتغالية، فقد ظلت مستعمرة برتغالية منذ القرن 16 حوالي عام 1500 وتنازعت البرتغال مع اسبانيا للسيطرة عليها إلي ان تدخل البابا لصالح البرتغال إلي ان استقلت عام 1822 وتتحول إلي امبراطورية، ومساحتها تعادل 48٪ من كل مساحة قارة امريكا الجنوبية.. وهي الأولي عالمياً في انتاج البن والبرتقال وقصب السكر وتمتلك واحداً من اعظم انهار الدنيا هو نهر الامازون. وربما لا يعرف الناس عن البرازيل إلا أنها واحدة من أقوي دول العالم في كرة القدم منذ بدأ كأس العالم عام 1930، ولكنها عانت الكثير من المشاكل السياسية وعدم الاستقرار الاجتماعي والفساد.. كما عانت من تدخل العسكر في شئونها.. ولكنها نجحت عندما بدأت نهضة تعليمية عظمي ولكن ثروتها التعدينية هي اساس تقدمها الحالي مثل الذهب والماس والكروم والحديد والصفيح.. ودخلت عالم صناعة السيارات والطائرات والصناعات الكيماوية والغذائية والسكر والصلب والورق والمنسوجات.. انها دولة بدأت من تحت الصفر.. حقيقة كانت تتحرك ببطء.. ولكنها كانت تعرف ما تريد.. بدليل أن اقتصادها يتفوق الآن علي الاقتصاد البرازيلي الذي يعتبره البعض أبو الاقتصاد.. أين نحن مما يجري.. ونحن بدأنا قبل ان تبدأ البرازيل وغيرها .. وهل الفساد يمكن ان يدمر كل شيء كما حدث عندنا؟ الامل كله أن تنجح الثورة المصرية حتي نعرف طريق التقدم كما عرفته دولة بدأت بعدنا.. وأسألوا محمد علي باشا وحفيده الخديو اسماعيل..