القارئ الطبيب صلاح الجمل، أحد كبار أعلام مدرسة التلاوة المصرية، حفظ القرآن الكريم، وعمره 10 سنوات وحصل على المركز الأول على مستوى الدقهلية، ثم الثانى على الجمهورية، وعمره 11 عاماً، حتى وصل إلى العالمية ليحصل على المركز الأول فى مسابقة كيب تاون بجنوب أفريقيا عام 1995، شاء الله له أن يطوف العالم ممثلًا لمصر من قبل وزارة الأوقاف عام 1987 قارئاً للقرآن، إلى أن طلبته الإذاعة المصرية حتى اجتاز اختباراتها منذ أن بدأ رحلته مع القرآن، وبعد عرض برنامجه الشهير «دعاء الأنبياء»، الذى كان فاتحة الخير، احتل «الجمل» مكانة كبيرة فى قلوب المسلمين من شتى العالم، بسبب صوته العذب، الذى ما إن تسمعه حتى تقشعر الأبدان، ليجعلك تشعر بحلاوة القرآن وتستشعر آياته المحكمات، «الجمل» يرفض التقليد ويعيب على الكثيرين اتخاذهم لهم كمنهج فى تلاواتهم، ويطالب بالاهتمام بالكتاتيب وإعادة دورها، بالإضافة إلى النظر فى تشكيل لجنة اختيار القراء بالإذاعة، حتى تستعيد مصر ريادتها فى عالم التلاوة. «الوفد» التقته، ومن ثم هذا نص الحوار: ■ ماذا عن البدايات ومسيرتك مع القرآن؟ - أنا من مواليد قرية «أويش الحجر» مركز المنصورة بمحافظة الدقهلية، وهذه البلدة تشتهر بتحفيظ أولادها للقرآن الكريم، ومن عائلة «الجمل» وهى عائلة أكرمها الله سبحانه وعالى بالصوت منها الشيخ محمد الجمل، ويلقب بالجمل الكبير، والشيخ وجيه الجمل والشيخ هلال الجمل وفاروق الجمل والشيخ رفعت مصطفى الجمل، وهو من أعظم القراء الذين تأثرت بهم فى بداياتى، حتى إن الناس كانوا يخلطون بينه وبين الشيخ محمد رفعت، خاصة عند تلاوته سورة «التحريم»، فالشيخ «الجمل» كان عبارة عن خليط بين الشيخين محمد رفعت والشيخ مصطفى إسماعيل، ولكن كانت له بصمته الخاصة، ولذلك تأثرت به فى بداياتى والحمد لله حفظت القرآن وسنى 10 سنوات وكنت الأول على المحافظة، وحصلت على المركز الثانى على مستوى الجمهورية وعمرى 11 عاماً، وكنت الأول على مستوى العالم فى مسابقة يوم القرآن بكيب تاون فى جنوب أفريقيا عام 1995، وعلى أثر هذه الجائزة تم قبولى بالإذاعة بعد إجراء الاختبارات، لكنهم اعطوني مهلة 6 أشهر لتعلم الأداء النغمى. ■ إذن، تم اعتمادك قارئاً للقرآن فى الإذاعة؟ - نعم.. وكان ذلك فى عام 1995، وفى عام 2000 اعتمدت كقارئ هواء لمدة نصف ساعة، وقراءة الفجر والجمعة وكثير من الحفلات الإذاعية. ■ ما القرار المصيرى فى حياتك خلال مسيرتك كقارئ للقرآن؟ - كنت الوحيد الذى نجحت فى الثانوية الأزهرية فى قريتى ووجدت من حولى يدفعوننى نحو الالتحاق بكلية الطب، ولم أكن أسمع بها فقد كنت أزهريًا ولم تكن من أحلامى كلية الطب أو الهندسة أو التربية، وكنت أهوى الخطابة والتلاوة أو أن أصبح مثل الشيخ محمد الجمل، أو أن أكون مدرسًا للغة الإنجليزية، إلى أن التحقت بكلية الطب بناء على رغبة من حولى، ولم أحبها إلا فى الفرقة الرابعة، وهذا القرار غيّر مسار حياتى، حتى حصلت على دبلوم الجراحة، ثم ماستر من أمريكا وجامعة الأزهر، إلى أن جاء موعدى مع «دعاء الأنبياء» وحدث الفتح المبين من ربى، فانشغلت بجمع أدعية القرآن فى المصحف، ثم الأحاديث النبوية، ومن هنا بدأت الشهرة التى غيرت مسارى. ■ أى الألقاب أحب إليك: القارئ أم الطبيب؟ - لا أحب لقب القارئ الطبيب، لكن الناس هم الذين أطلقوا هذا اللقب علىّ، وكنت أكتب فى برامجى صلاح الجمل فقط، دون لقب طبيب، فأنا أرى ذلك شيئًا عاديًا من وجهة نظرى الشخصية، وأهم من الألقاب الإخلاص والعمل، لكى نقدم الجديد للناس. ■ مَن قدوتك من الرعيل الأول من القراء؟ - ليس هناك قدوة لى غير الشيخ رفعت الجمل، فهو من أعظم الناس خلقًا وعلمًا وأداء، وأنا أستمع لكل القراء لكننى لا أقلد أحداً. ■ إذن، أنت ترفض ظاهرة التقليد؟ - نعم.. ولو كان بيدى الأمر لمنعت كل مقلد من التقليد، فأنا أرى أن التقليد هو الذى آخر مصر فى عالم القراءة وسحب البساط منها. ■ لكن بعض القراء يقولون إن التقليد لا بد منه فى البداية فى مرحلة التعلم؟ - أوافق على هذا، لكن على القارئ أن يبدأ ذلك بينه وبين نفسه، لكن حينما تختار الإذاعة صوتًا لا بد أن يكون لهذا الصوت لون وطعم مميز، فالإذاعة ليست حقل تجارب، ومن الضرورى ألا تقبل الإذاعة صوتًا يغلب عليه التقليد لشخص آخر، ولا بد من النظر فى إعادة تشكيل لجان الاستماع بالإذاعة عند اختيار القراء. ■ وما رأيك فى الجيل الحالى من القراء؟ - أرى أن الشيخ حجاج الهنداوى أفضل القراء فى الجيل الحالى على وجه الإطلاق، أما البقية فأكثرهم مقلدون، لكن الشيخ «حجاج» يتفرد بين أقرانه ببصمة خاصة فى القراءة. ■ البعض يرى أن انتشار القراء السعوديين أدى إلى تراجع الصوت المصرى.. فما رأيك؟ - وأين الصوت المصرى الآن حتى يتراجع؟! ■ وما رأيك فى ظاهرة أبناء القراء الذين اشتهروا الآن بسبب شهرة آبائهم من القراء العمالقة؟ - أنا أقدر وأحترم أن ابن القارئ يحب مهنة أبيه، وهذا شىء يسعدنى وأدعو الله أن يثبتهم، لكن إذا كان الأمر من أجل الالتحاق بالإذاعة من أجل كونهم أبناء المشاهير من القراء، فأنا أرفض هذه الظاهرة وأقول إنها ليست «تكية» لأنهم يقلدون آباءهم، ولا شىء يميزهم بذاتهم. ■ ولماذا تراجعت مدرسة التلاوة المصرية فى رأيك؟ - لأن الاختيارات فى الأصوات الجديدة عند الالتحاق بالإذاعة لا تتناسب مع الوقت الحالى، فقد أصبحت طريقة عقيمة لا جدوى منها، ولا بد من الاهتمام بالكتاتيب، فهى المصدر الأول لحفظ القرآن بطريقة سليمة ومتقنة. ■ ما الصفات التى يجب أن يتحلى بها قارئ القرآن؟ - أهم صفة أن يكون قارئًا يمشى على الأرض، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان خلقه القرآن وأن يكون فاهمًا للمعنى العام للقرآن ولا بد أن يسمع الموشحات والطقطوقات والأغانى الوطنية حتى تكون لديه معرفة بالمقامات دون مغالاة. ■ ماذا عن البلاد التى زرتها؟ - العالم كله تقريباً، إيطالياوجنوب أفريقيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وأمريكا ولندن والسنغال والدانمارك، لكن ليس هناك أجمل من مصر، الذى يحاكى مصر فقط جنوب أفريقيا، وعلى وجه التحديد «كيب تاون» والحمد لله حصلت على المركز الأول فى تلاوة القرآن ومثلت مصر عالمياً. ■ وما أهم التكريمات؟ - ترشيحى للجائزة البلاتينية، وهذا شىء أسعدنى كثيراً، والأول على العالم، وجائزة إبداع. ■ ماذا عن أهم البرامج التى قدمتها؟ وما أقربها لقلبك؟ - قدمت العديد من البرامج، منها برنامج «دعاء الأنبياء» و«الرضا والنور»، وبرنامج «تسبيح الملائكة» الذى قدم وجبة ثقافية عالية جدًا ويكفى أن الناس عرفت منه أسماء 30 ملكاً، و«الدعاء المستجاب» وقد بذلت مجهودًا كبيرًا فيه، وسافرت الصين والهند وإسبانيا على وجه التحديد وفرنسا وتايلاند وماليزيا، والآن أقدم أجمل مولود جديد وهو برنامج «نور النبى» على جزأين وأدعيته كتبها العالم الجليل عاشق الرسول د. أحمد عمر هاشم ونحكى فيه قصة حياة النبى من يوم مولده إلى أن فتح مكة تم تصويره فى الحرم وفى مصر أيضاً. وفى العام القادم الجزء الثانى حياة الرسول فى المدينة وسيصور فى المدينةالمنورة. ■ أخيراً.. ماذا عن أمنياتك؟ ورسالتك للقراء؟ - قرّاء القرآن أهل الله وخاصته، ويسعدنى قراءة القرآن، لكن الأكثر لا بد من العمل به، وحملة القرآن شرف لأى إنسان أن يتعامل معهم، أما أمنياتى على المستوى الشخصى، فأتمنى من الله أن يحسن خاتمتى.