القارئ الطبيب أحمد نعينع المولود فى مركز مطوبس عام 1954 بمحافظة كفر الشيخ لأب تاجر عرف بسمعته الطيبة بين الناس، والحاصل على بكالوريس الطب جامعة الإسكندرية ذاع صيته فى السبعينيات فضمه الرئيس الراحل أنور السادات إلى سكرتاريته الخاصة، ومن يومها أصبح قارئ الدولة الرسمى الأول، فقد جمع د. «نعينع» بين لقبين هما القارئ والطبيب وما من مناسبة رسمية للدولة إلا وكان الافتتاح والختام فيها بصوته، حتى أنه قرأ فى حفل تنصيب المشير عبد الفتاح السيسى رئيسا للجمهورية، فى قلب المحكمة الدستورية العليا وأثناء الاحتفال الذى أقيم أيضا فى قصر القبة الرئاسى. «نعينع» الذى تميز بالصوت العذب الذى يجذب المستمعين إلى عالم روحانى هو أكثر القراء حيازة للألقاب، فهو من أشهر قراء القرآن الكريم في العصر الحالي في أنحاء العالم الإسلامي، وقد أجاد «نعينع» تقليد مشاهير القراء مثل الشيخ محمد رفعت والشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ أبو العينين شعيشع لكن بهره صوت الشيخ مصطفي إسماعيل عندما كان مدعواً لتلاوة القرآن في إحدي القري المجاورة لقريته «مطوبس» بمحافظة كفر الشيخ، وذهب «نعينع» ليشاهد عملاق التلاوة الشيخ مصطفي إسماعيل رؤية العين، فشغفه حباً، وظل يقلده حتي كان من الصعب التمييز بين الصوتين، وكان لايفارقه أبدا حتى أنه كان الأستاذ وكنت التلميذ، لكن التلميذ تفوق حتى صار علما من أعلام التلاوة «الوفد» التقت به وهذا نص الحوار: منذ متى بدأت رحلتك مع القرآن؟ - عشقت كتاب الله منذ الصغر وكنت أذهب للكتاب لسماع القرآن منذ أن كان عمرى عامين، فقد كان فى قريتى قارئ كفيف البصر ونحيف الجسم اسمه الشيخ «أمين الهلالى» وكنت أردد وراءه الآيات حتى قبل أن أتعلم القراءة والكتابة وحفظت القرآن على يديه قبل أن أذهب للمدرسة، وفى المدرسة الابتدائية تعلمت قراءة القرآن بتشكيله حتى انتقلت للمرحلة الإعدادية فتعلمت التجويد وبدأت أحيى حفلات المدرسة فى المناسبات المختلفة. وماذا عن دخولك الإذاعة كيف كان.. وهل حققت طموحاتك؟ - تقدمت للإذاعة بناء علي نصيحة أساتذتي، فقد شجعوني إلي أن ذهبت وتقدمت لإذاعة القرآن واعتمدت قارئاً بالإذاعة والتلفزيون من أول اختبار، وليس هناك نهاية للطموح، فالإنسان لا يشبع من النجاح. مهنة الطب شاقة تحتاج لتفرغ كامل واليوم انتشر لقب «القارئ الطبيب» فما تعليق فضيلتكم؟ - أستطيع أن أنظم وقتي بالنهار في عملي، والحمد لله العمل لا يعوق قراءتي للقرآن في المساجد، وعلي العكس فهي السبيل لنجاحي، وبالنسبة للقب القارئ الطبيب فقد أطلقه مسؤولو الإذاعة عليّ وليس هذا من عندي، وذلك علي سبيل التميز. وفي أي فروع الطب تخصصتم؟ - طب الأطفال. كيف تعرفت على الرئيس الراحل محمد أنور السادات؟ - علاقتي بالرئيس السادات رحمه الله كانت طيبة للغاية، فقد تعرفت عليه على رصيف نمرة 9 للقوات البحرية، حيث كنت مجندا كضابط احتياط بالقوات البحرية بالإسكندرية وحضر السادات احتفالا هناك وقرأت فى هذا الحفل أمامه فأعجب بتلاوتى وسلمت عليه وانصرفت ولم يكن يدور فى ذهنى أنه سيأتى يوم وتجمعنى بالسادات هذه المحبة الوطيدة، فقد كان رحمه الله يحب الشيخ مصطفى إسماعيل أستاذى الذى تعلمت منه الكثير وكنت متأثرا به جدا، وبعد ذلك ضمنى للسكرتارية الخاصة به كطبيب خاص لرئيس الجمهورية، وكنت أرافقه دائما فى اعتكاف الأيام العشرة الأواخر فى شهر رمضان فى وادى الراحة فى سيناء. وماذا عن علاقتك برؤساء وملوك الدول العربية والإسلامية؟ - جمعتني علاقة بكل رؤساء وملوك الدول العربية والإسلامية وفى مقدمتهم الرئيس الأسبق مبارك وأولاده، كما كان الملك الحسن ملك المغرب يدعوننى لقراءة القرآن أمامه فى المجالس الحسنية فى رمضان والتى أحرص عليها إلى الآن وأنا قارئ دائم فى المغرب وفى معظم البلدان العربية والإسلامية. اختفي سميعة القرآن.. فهل أنت معي في ذلك؟ - نعم.. وذلك لأن الحياة تغيرت، بمعني أن الناس شغلتهم الحياة، وطلب الرزق، وقديماً كان الموسيقار محمد عبدالوهاب له مقولة شهيرة وهي «الأستاذ مات»، حيث كان يقصد الجمهور المستمع، لأن الناس مشغولة بظروف الحياة. يؤكد البعض انتهاء عصر التفرد أو غياب النجومية فهل تتفقون مع هذا؟ - كنا أيام زمان ما يقرب من «15» مليون نسمة في الثلاثينيات، لدرجة أن الموهبة كانت تظهر، أما الآن فالموهبة غير ظاهرة فمن الممكن أن يقرأ القارئ جمعة من كل عام، فهناك أصوات جميلة، ولكن وسط هذا الكم الهائل لا يستطيع أن يظهر القارئ ليستمع له الناس أو بالأعم أن يعرف ويؤثر كجيل العمالقة الكبار أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ مصطفي إسماعيل، فقد اختلط الحابل بالنابل وإن كان هناك البعض يقلد البعض أو يتأثر به. ماذا عن تسجيلاتك بالإذاعة؟ - الحمد لله سجلت ختمة مرتلة وأخري مجودة للقرآن الكريم في الإذاعة المصرية، وكان رئيس لجنة تسجيل الختمتين الشيخ رزق خليل حبة شيخ عموم المقارئ السابق رحمه الله، والشيخ إبراهيم عطوة والشيخ محمود برانق والشيخ محمود طنطاوي. أخيراً.. ما أهم مرة قرأت فيها ولم تنسها؟ - لم أنس قراءتى فى الحرم المكى وكان الوقت متأخرا بعد منتصف الليل تقريبا وطلب منى بعض المقربين أن أقرأ القرآن وعندما بدأت التلاوة شعرت كأن روحى خرجت من جسدى وسبحت فى ملكوت الله، وعندما انتهيت من التلاوة وجدت عدد من كانوا يستمعون إلى صوتى قد زادوا أضعافاً مضاعفة والدموع غمرت أعينهم جميعا من شدة التلاوة.