بنقوش مزخرفة يتخللها كتابات منوعة بالخط الكوفى المزهر، تكتسى حوائط مسجد سليمان باشا الخادم، أعظم المساجد التى بنيت فى مصر على الطراز العثمانى، فوق قلعة الجبل، على يد سليمان باشا الخادم أحد الولاة العثمانيين على مصر فى هذا العام. بنى مسجد سليمان باشا الخادم، عام 1582 داخل قلعة صلاح الدين الأيوبى، على أنقاض مسجد قديم لأبى منصور قسطه والى الإسكندرية فى العصر الفاطمى سنة 535 هجرية 1141وقبل بناء القلعة. وتكمن أهمية هذا المسجد، فى أنه يعتبر أول المساجد التى أنشئت بمصر على الطراز العثمانى، فالجزء المسقوف منه مغطى بقبة فى الوسط تحيط بها أنصاف قباب حليت جميعها بنقوش ملونة جميلة تتخللها كتابات منوعة وتكسو حوائطه من أسفل وزرة من الرخام تنتهى بطراز مكتوب به بالخط الكوفى المزهر آيات قرآنية، وبوسط جداره الشرقى محراب رخامى. وللمسجد منبر من الرخام الأبيض المحلى بزخارف محفورة فيه وبالجدار الغربى باب يؤدى إلى صحن مكشوف فرشت أرضيته بالرخام الملون وأحيط بأربعة أروقة تغطيها قباب محمولة على عقود ترتكز عليها أكتاف بنائه، ويكسو حائط الرواق الشرقى منها وزرة من الرخام الملون، وقد ألحق بالصحن من الجهة الغربية قبة صغيرة بها عدة قبور عليها تراكيب رخامية ذات شواهد تنتهى بنماذج مختلفة لأغطية الرأس التى كانت منتشرة فى ذلك العصر. وتغطى قباب المسجد جميعها بالقاشانى الأخضر، والمنارة أسطوانية ذات تضليع ولها دورتان كل منهما تبرز عن البدن بواسطة مقرنصات متعددة الحطات وتنتهى من أعلى بمخروط تغطيه ألواح من القاشانى الأخضر وهذا الطراز من المآذن العثمانية ساد استعماله فى أغلب المساجد التى أنشئت فى العصر العثمانى. وتخطيط المسجد يتكون من مستطيل كبير يمتد من الشمال للجنوب، وينقسم إلى مربعين متساويين تقريبًا، الشمالى منهما يتوسطه فناء مكشوف فرشت أرضيته بالرخام الملون تحيط به الأروقة من جهاته الأربع، ويغطى كل رواق قباب ضحلة محمولة على عقود ترتكز عليها أكتاف بنائية، ويعرف هذا الجزء فى التخطيط العثمانى للمساجد بالحرم ويكسو حائط الرواق الشرقى منها وزرة من الرخام الملون، وقد ألحق بالصحن من الجهة الغربية قبة صغيرة بها عدة قبور عليها تراكيب رخامية ذات شواهد تنتهى بنماذج مختلفة لأغطية الرأس التى كانت منتشرة فى ذلك العصر. أما القسم الجنوبى فهو بيت الصلاة وهو يتصل بالحرم عن طريق باب فى الجدار الجنوبى لرواق الحرم تعلوه الكتابة التذكارية للجامع، ويغطى بيت الصلاة قبة كبيرة من الحجر، ويحيط بها من جهاتها الثلاث الجنوبية والشرقية والغربية أنصاف قباب حليت جميعها بنقوش ملونة جميلة تتخللها كتابات متنوعة، وهذا النوع من التغطية لبيت الصلاة يمثل نموذجًا فريدًا ويعتبر من مميزات العمارة العثمانية عامة. ويعرف هذا المسجد بجامع سارية الجبل وهى تسمية خطأ ربما جاءت تيمنًا بقصة الصحابى الجليل سارية بن زنيم بن عمر بن عبدالله قائد الجيوش الإسلامية فى عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو الذى ناداه عمر حين كان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم جمعة بقوله: يا سارية الجبل الجبل، من استرعى الذئب ظلم، وهذه القصة لا تمت بصلة لجبل المقطم ولا للجامع، ويذكر أن للجامع مسمى ثالثًا؛ حيث أطلق عليه مسجد الردينى نسبة إلى الشيخ الردينى وهو الحسن بن على بن مرزوق بن عبدالله الردينى الفقيه المحدث. ويكفى لبيان أهمية هذا التخطيط القول بأنه ليس فى العمارة العثمانية فى تركيا نموذج واحد يجمع بين التخطيط على هيئة حرف (T) وبين الحرم، وهذا التخطيط مستلهم من تخطيط المدارس السلجوقية، كما لم ينتشر هذا التخطيط فى مصر إذ لا نجد له مثيلاً بعد ذلك اللهم إلا فى جامع محمد على باشا بالقلعة، أما الضلع الشمالى لبيت الصلاة فيشغله حنية معقودة، ويحتوى الجامع على خمسة مداخل خارجية: اثنان فى بيت الصلاة، أما المداخل الثلاثة الأخرى فيتوسط كل مدخل منها أحد أضلاع الحرم الخارجية.