تنسيق الجامعات 2025.. الكليات المتاحة لطلاب الأدبي في المرحلة الأولى    توقف جزئي ب «جزيرة الدهب».. مصدر يكشف سبب انقطاع المياه في محافظة الجيزة    شريان الحياة من مصر | شاحنات المساعدات تصطف أمام معبر رفح تمهيدًا لدخولها إلى غزة    تحالف بقيادة قوات الدعم السريع يعلن تشكيل حكومة موازية في السودان    القنوات الناقلة ل مباراة برشلونة وفيسيل كوبي الودية.. وموعدها    رغم سفره مع بيراميدز في معسكر الإعداد للموسم الجديد.. سيراميكا كليوباترا يعلن ضم فخري لاكاي    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    درجة الحرارة 47.. إنذار جوي بشأن الطقس والموجة الحارة: «حافظوا على سلامتكم»    احمِ نفسك من موجة الحر.. 8 نصائح لا غنى عنها لطقس اليوم    الخامسة في الثانوية الأزهرية: «عرفت النتيجة وأنا بصلي.. وحلمي كلية لغات وترجمة»    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    الدفاع الروسية: إسقاط 12 مسيّرة أوكرانية خلال ساعات الليل    دقيق وسكر ومعلبات.. جيش الاحتلال يبدأ إسقاط مساعدات إنسانية على غزة (فيديو)    الجنرال الصعيدي.. معلومات عن اللواء "أبو عمرة" مساعد وزير الداخلية للأمن العام    لطيفة تعليقًا على وفاة زياد الرحباني: «رحل الإبداع الرباني»    «حريات الصحفيين» تعلن دعمها للزميل طارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقدٌ مشروع    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    أمين الفتوى: الأفضل للمرأة تغطية القدم أثناء الصلاة    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    إصابة 11 شخصًا بحادث طعن في ولاية ميشيغان الأميركية    عيار 21 بعد الانخفاض الكبير.. كم تسجل أسعار الذهب اليوم الأحد محليًا وعالميًا؟    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 27 يوليو 2025    محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: لن أسمح بأي تقصير    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    عكاظ: الرياض لم يتلق مخاطبات من الزمالك بشأن أوكو.. والمفاوضات تسير بشكل قانوني    نيجيريا يحقق ريمونتادا على المغرب ويخطف لقب كأس أمم أفريقيا للسيدات    وسام أبو علي يودع جماهير الأهلي برسالة مؤثرة: فخور أنني ارتديت قميص الأهلي    عطل مفاجئ في محطة جزيرة الذهب يتسبب بانقطاع الكهرباء عن مناطق بالجيزة    5 أسهم تتصدر قائمة السوق الرئيسية المتداولة من حيث قيم التداول    "مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    سم قاتل في بيت المزارع.. كيف تحافظ على سلامة أسرتك عند تخزين المبيدات والأسمدة؟    خلال ساعات.. التعليم تبدأ في تلقي تظلمات الثانوية العامة 2025    مصرع شخصين وإصابة 2 آخرين في حادث تصادم دراجة بخارية وتوك توك بقنا    أعلى وأقل مجموع في مؤشرات تنسيق الأزهر 2025.. كليات الطب والهندسة والإعلام    قبل كتابة الرغبات.. كل ما تريد معرفته عن تخصصات هندسة القاهرة بنظام الساعات المعتمدة    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تامر أمين يعلّق على عتاب تامر حسني ل الهضبة: «كلمة من عمرو ممكن تنهي القصة»    نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم لمعهد ناصر ووزارتا الثقافة والصحة تتابعان حالته الصحية    مستشفى بركة السبع تجري جراحة طارئة لشاب أسفل القفص الصدري    بدء المؤتمر الجماهيري لحزب "الجبهة الوطنية" في المنوفية استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    ماكرون يشكر الرئيس السيسى على جهود مصر لحل الأزمة فى غزة والضفة الغربية    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابات جراء قصف الاحتلال شقة سكنية في غزة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    "الخارجية الفلسطينية": العجز الدولي عن معالجة المجاعة فى قطاع غزة غير مبرر    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    وفاة وإصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل داخل ترعة بقنا    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    جامعة الجلالة تُطلق برنامج "التكنولوجيا المالية" بكلية العلوم الإدارية    5 أبراج «يتسمون بالجشع»: مثابرون لا يرضون بالقليل ويحبون الشعور بمتعة الانتصار    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد سراج الدين‮ يخرج من قبره محذراً‮ مبارك‮:‬
نشر في الوفد يوم 10 - 02 - 2011

قبل‮ 20‮ عاماً،‮ وبالتحديد في‮ 12‮ ديسمبر‮ 1991‮ حذر زعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين من خطورة الوضع الداخلي
‮ في‮ مصر،‮ ونبه سراج الدين‮ - رحمه الله‮ - الرئيس حسني‮ مبارك إلي‮ نقاط ضرورية‮ غاية في‮ الأهمية تأتي‮ في‮ مقدمتها سرعة تخليه عن رئاسة الحزب الوطني،‮ وقدم له زعيم الوفد آنذاك أمثلة واقعية وموضوعية ودلائل من كل الدول الديمقراطية المحترمة لعله‮ يستجيب إلا أن مبارك‮ »‬العنيد‮« مضي‮ وتكبر وأصر علي‮ قناعاته الوهمية التي‮ فجرت ثورة الشباب في‮ 25‮ يناير‮ 2011،‮ فرداً‮ علي‮ ما أدلي‮ به‮ »‬مبارك‮« لصحيفة الحزب الوطني‮ في‮ بداية ديسمبر عام‮ 1991‮ »‬أن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني‮ كلام‮ غير مقنع وغير واقعي‮..« إنها حرية‮.. وليقولوا ما‮ يقولون‮«.‬
خاطب زعيم الوفد الرئيس المصري‮ تحت عنوان‮: عفواً‮ سيدي‮ الرئيس‮.. الأمثلة التي‮ ذكرتها‮ غير مطابقة للواقع‮.. قائلاً‮: من حق الرئيس علينا أن نصحح ما جاء في‮ بعض إجاباته،‮ خصوصاً‮ إذا كانت تتناول وصفاً‮ داخلياً‮ يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي‮ حد سواء‮..‬
وأوضح الزعيم للرئيس أن المعارضة طالبت مراراً‮ وتكراراً‮ بضرورة تخلي‮ رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني،‮ وذكره الزعيم بلقاء المعارضة بالرئيس‮ يوم الإفراج عنهم في‮ نوفمبر ‮1891 حيث طالبوا فيه بهذا التخلي،‮ ولم‮ يقل‮ يومها الرئيس مبارك،‮ إن هذا المطلب‮ غير مقنع ولا واقعي‮ بل كان رده بالحرف الواحد‮: »‬مسألة لم تتقرر له‮« واعتقدت المعارضة أن مطلبها الرئيسي سيتحقق في‮ وقت لاحق ولكن خاب حتي‮ اليوم،‮ فلايزال مبارك‮ يتشبث بالحزب الوطني‮ الذي‮ خربت مصر علي‮ يد رجاله‮.‬
وقدَّم الزعيم للرئيس أمثلة واقعية تفند كل ما أدلي‮ به لمحرر صحيفة الحزب الوطني‮.. وأوضح لمبارك‮: أن كل رؤساء الدول في‮ البلاد الديمقراطية تخلوا عن ممارسة أي‮ نشاط حزبي‮ أثناء توليهم الرئاسة سواء كان ذلك في‮ فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي‮ تفرق بين الحزب الحاكم ورئيس الدولة‮.‬
وأكد فؤاد سراج الدين في‮ نهاية مقاله المنشور ب‮ »‬الوفد‮« قبل عقدين من الزمان أن إصرار الرئيس مبارك علي‮ رئاسة الحزب والدولة معا فيه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ويترتب عليه آثار وخيمة‮.‬
قال سراج الدين للرئيس‮ »‬في‮ فرنسا‮ يتخلي‮ رئيس الدولة فور فوزه في‮ انتخابات الرئاسة عن أي‮ نشاط‮ يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له‮«.‬
وانتهي‮ زعيم الوفد في‮ مقاله بتجديد مطلبه للسيد الرئيس بأن‮ يفي‮ بوعده ويتخلي‮ عن رئاسة الحزب الوطني‮ الحاكم،‮ وأن تكون الفترة المرحلية قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر،‮ ترسيخاً‮ للديمقراطية وقضاء علي‮ هذه الأوضاع الخاطئة التي‮ نعيشها‮.. وإلي‮ المقال الذي‮ نشر بعد عشر سنوات من وعد مبارك بالتخلي‮ عن رئاسة الحزب الوطني،‮ والآن ورغم مضي‮ 30‮ عاماً‮ وليس عشر سنوات مازال‮ يقبض مبارك علي‮ رأس الحزب الوطني‮ الحاكم وإلي مقال الزعيم‮:‬
عفواً‮ سيادة الرئيس‮..‬
الأمثلة التي‮ ذكرتها‮ غير مطابقة للواقع
بقلم‮: فؤاد سراج الدين
أدلي‮ السيد الرئيس محمد حسني‮ مبارك بحديث إلي‮ صحيفة الحزب الوطني‮ يوم الاثنين قبل الماضي،‮ ومن حقه علينا أن نصحح ما جاء في‮ بعض إجاباته،‮ خصوصاً‮ إذا كانت هذه الإجابة تتناول وضعاً‮ داخلياً‮ يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي‮ حد سواء‮.‬
سأل المحرر الرئيس عن رأيه فيما تطالب به المعارضة عن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني‮ فكان جوابه بالحرف‮: »‬كلام‮ غير مقنع وغير واقعي‮ والأمثلة كثيرة‮.. هل تخلي‮ ميتران عن رئاسة الحزب الاشتراكي‮ عندما تولي‮ الرئاسة،‮ وهل تخلي ميجور عن حزب المحافظين عندما تولي رئاسة الوزارة وهل ترك كول الحزب المسيحي‮ الديمقراطي‮ عندما أصبح مستشاراً‮ لألمانيا؟ إنها حرية رأي‮ وليقولوا ما‮ يقولون‮«.‬
بداية‮.. المعارضة تردد دائماً‮ مطالبتها بضرورة تخلي‮ رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني‮.. وكانت المعارضة قد طلبت منه عدم تولي‮ هذه الرئاسة عندما التقي‮ بقياداتها في‮ مقر الرئاسة‮ يوم الإفراج عنهم في‮ نوفمبر‮ 1981،‮ وكان هذا فور توليه مقاليد الحكم،‮ ولم‮ يقل السيد الرئيس‮ يومها إن طلب المعارضة‮ »‬غير مقنع وغير واقعي‮« بل كان رده بالحرف الواحد‮ »‬إنها مسألة لم تتقرر بعد،‮ وعلي‮ كل حال لو تمت فسوف تكون لمرحلة‮« ولم‮ يقل سيادته‮ يومها إن هذا المطلب‮ غير‮ »‬مقنع وغير واقعي‮« وهاقد مضت عشر سنوات علي هذا الموعد ولم تنته الفترة المرحلية بعد‮! واعتقدنا أو تصورنا أن الظروف لن تسمح للسيد الرئيس بتنفيذ وعده طوال هذه الفترة الطويلة،‮ إلا أننا فوجئنا في‮ حديثه الأخير مع صحيفة حزبه بأن سيادته‮ يصف مطلب التخلي‮ بأنه‮ »‬كلام‮ غير مقنع وغير واقعي‮«.‬
أما عن الأمثلة الثلاثة التي‮ سردها سيادته في‮ حديثه فهي‮ لا تصلح رداً‮ علي‮ مطلب المعارضة،‮ بل إنها علي‮ العكس تؤكد كل التأييد ما تنادي‮ به أحزاب المعارضة من وجوب تخلي‮ رؤساء الدول‮ (‬في‮ البلاد الديمقراطية‮) عن ممارسة أي‮ نشاط حزبي‮ أثناء توليهم هذه الرئاسة‮.‬
لقد ضرب السيد الرئيس مثالاً‮ بالمستشار الألماني‮ كول ويتساءل‮: »‬هل ترك كول الحزب المسيحي‮ الديمقراطي‮ عندما أصبح مستشاراً‮ لألمانيا؟‮« وأوضح سيادته أن كول ليس رئيساً‮ لألمانيا بل هو رئيس لحكومتها وهناك‮ يطلقون لقب مستشار علي‮ رئيس الحكومة‮.. أما رئيس ألمانيا فهو‮ »‬ريتشارد فون فايتسكر‮« ونفس الأمر بالنسبة لجون ميجور رئيس وزراء بريطانيا فإن استشهاد الرئيس بحالته‮ غير سليم لأنه ليس رئيساً‮ لبريطانيا أو ملكاً‮ عليها بل مجرد رئيس لحكومتها‮.‬
إننا لم نطالب بتخلي‮ الدكتور عاطف صدقي‮ رئيس حكومة مصر عن عضوية الحزب الوطني‮ ولو أنه كان رئيساً‮ له فلن نطالبه بالتخلي‮ عن هذه الرئاسة،‮ وتوليه هذه الرئاسة لن‮ يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ولن‮ يترتب عليه الآثار الأخري‮ السيئة التي‮ تترتب علي‮ رئاسة رئيس الدولة للحزب الحاكم‮.‬
أما عن المثال الثالث الذي‮ استشهد به السيد الرئيس وهو فرانسوا ميتران فهو استشهاد في‮ غير صالح سيادته،‮ بل إنه‮ يؤيد رأي‮ المعارضة كل التأييد من وجوب تخلي‮ رئيس الدولة عن أي‮ نشاط حزبي‮.‬
إن رئيس الدولة في‮ فرنسا‮ يتخلي‮ فور فوزه في‮ انتخابات الرئاسة عن أي‮ نشاط‮ يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له،‮ فلم نسمع أن الحزب الاشتراكي‮ - حزب رئيس الدولة‮ - يحتكر وسائل الإعلام الحكومية،‮ ولم نسمع أن الجهاز الحكومي‮ في‮ فرنسا مسخر لخدمة حزب رئيس الدولة،‮ ولم نسمع أن فرانسوا ميتران‮ يرأس اجتماعات حزبه في‮ المقر الرسمي‮ لإقامته أو في‮ قصر رئاسة الجمهورية أو حتي‮ في‮ مقر الحزب‮. ونشرت صحيفة الأهرام في‮ عددها الصادر‮ يوم الاثنين الموافق‮ 9‮ ديسمبر أن الرئيس مبارك‮ »‬عقد اجتماعاً‮ في‮ اليوم السابق بالقصر الجمهوري‮ بعابدين مع أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطني‮«!‬
ولم نسمع أن رئيس الدولة في‮ فرنسا‮ يشرف بنفسه علي‮ تنظيمات حزبه أو‮ يقوم بوضع ومراجعة قوائم مرشحيه في‮ الانتخابات،‮ بل إن العلاقة تنتهي‮ تماماً‮ بين رئيس الدولة وبين الحزب الذي‮ يرأسه فور فوزه بالرئاسة،‮ ولا امتياز أو أفضلية بعد ذلك لحزب رئيس الدولة‮.‬
إننا‮ - والشعب المصري‮ كله معنا‮ - مازلنا نطالب السيد الرئيس بالوفاء بوعده في‮ التخلي‮ عن رئاسة الحزب الوطني‮ الحاكم وأن تكون‮ »‬الفترة المرحلية‮« قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر ترسيخاً‮ للديمقراطية وقضاء علي‮ هذه الأوضاع الخاطئة التي‮ نعيشها‮.
قبل 20 عاماً، وبالتحديد في 12 ديسمبر 1991 حذر زعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين من خطورة الوضع الداخلي في مصر، ونبه سراج الدين - رحمه الله - الرئيس حسني مبارك إلي نقاط ضرورية غاية في الأهمية تأتي في مقدمتها سرعة تخليه عن رئاسة الحزب الوطني، وقدم له زعيم الوفد آنذاك أمثلة واقعية وموضوعية ودلائل من كل الدول الديمقراطية المحترمة لعله يستجيب إلا أن مبارك »العنيد« مضي وتكبر وأصر علي قناعاته الوهمية التي فجرت ثورة الشباب في 25 يناير 2011، فرداً علي ما أدلي به »مبارك« لصحيفة الحزب الوطني في بداية ديسمبر عام 1991 »أن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني كلام غير مقنع وغير واقعي..« إنها حرية.. وليقولوا ما يقولون«.
خاطب زعيم الوفد الرئيس المصري تحت عنوان: عفواً سيدي الرئيس.. الأمثلة التي ذكرتها غير مطابقة للواقع.. قائلاً: من حق الرئيس علينا أن نصحح ما جاء في بعض إجاباته، خصوصاً إذا كانت تتناول وصفاً داخلياً يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي حد سواء..
وأوضح الزعيم للرئيس أن المعارضة طالبت مراراً وتكراراً بضرورة تخلي رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني، وذكره الزعيم بلقاء المعارضة بالرئيس يوم الإفراج عنهم في نوفمبر 1891 حيث طالبوا فيه بهذا التخلي، ولم يقل يومها الرئيس مبارك، إن هذا المطلب غير مقنع ولا واقعي بل كان رده بالحرف الواحد: »مسألة لم تتقرر له« واعتقدت المعارضة أن مطلبها الرئيسي سيتحقق في وقت لاحق ولكن خاب حتي اليوم، فلايزال مبارك يتشبث بالحزب الوطني الذي خربت مصر علي يد رجاله.
وقدَّم الزعيم للرئيس أمثلة واقعية تفند كل ما أدلي به لمحرر صحيفة الحزب الوطني.. وأوضح لمبارك: أن كل رؤساء الدول في البلاد الديمقراطية تخلوا عن ممارسة أي نشاط حزبي أثناء توليهم الرئاسة سواء كان ذلك في فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي تفرق بين الحزب الحاكم ورئيس الدولة.
وأكد فؤاد سراج الدين في نهاية مقاله المنشور ب »الوفد« قبل عقدين من الزمان أن إصرار الرئيس مبارك علي رئاسة الحزب والدولة معا فيه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ويترتب عليه آثار وخيمة.
قال سراج الدين للرئيس »في فرنسا يتخلي رئيس الدولة فور فوزه في انتخابات الرئاسة عن أي نشاط يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له«.
وانتهي زعيم الوفد في مقاله بتجديد مطلبه للسيد الرئيس بأن يفي بوعده ويتخلي عن رئاسة الحزب الوطني الحاكم، وأن تكون الفترة المرحلية قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر، ترسيخاً للديمقراطية وقضاء علي هذه الأوضاع الخاطئة التي نعيشها.. وإلي المقال الذي نشر بعد عشر سنوات من وعد مبارك بالتخلي عن رئاسة الحزب الوطني، والآن ورغم مضي 30 عاماً وليس عشر سنوات مازال يقبض مبارك علي رأس الحزب الوطني الحاكم وإلي مقال الزعيم:
عفواً سيادة الرئيس..
الأمثلة التي ذكرتها غير مطابقة للواقع
بقلم: فؤاد سراج الدين
أدلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك بحديث إلي صحيفة الحزب الوطني يوم الاثنين قبل الماضي، ومن حقه علينا أن نصحح ما جاء في بعض إجاباته، خصوصاً إذا كانت هذه الإجابة تتناول وضعاً داخلياً يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي حد سواء.
سأل المحرر الرئيس عن رأيه فيما تطالب به المعارضة عن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني فكان جوابه بالحرف: »كلام غير مقنع وغير واقعي والأمثلة كثيرة.. هل تخلي ميتران عن رئاسة الحزب الاشتراكي عندما تولي الرئاسة، وهل تخلي ميجور عن حزب المحافظين عندما تولي رئاسة الوزارة وهل ترك كول الحزب المسيحي الديمقراطي عندما أصبح مستشاراً لألمانيا؟ إنها حرية رأي وليقولوا ما يقولون«.
بداية.. المعارضة تردد دائماً مطالبتها بضرورة تخلي رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني.. وكانت المعارضة قد طلبت منه عدم تولي هذه الرئاسة عندما التقي بقياداتها في مقر الرئاسة يوم الإفراج عنهم في نوفمبر 1981، وكان هذا فور توليه مقاليد الحكم، ولم يقل السيد الرئيس يومها إن طلب المعارضة »غير مقنع وغير واقعي« بل كان رده بالحرف الواحد »إنها مسألة لم تتقرر بعد، وعلي كل حال لو تمت فسوف تكون لمرحلة« ولم يقل سيادته يومها إن هذا المطلب غير »مقنع وغير واقعي« وهاقد مضت عشر سنوات علي هذا الموعد ولم تنته الفترة المرحلية بعد! واعتقدنا أو تصورنا أن الظروف لن تسمح للسيد الرئيس بتنفيذ وعده طوال هذه الفترة الطويلة، إلا أننا فوجئنا في حديثه الأخير مع صحيفة حزبه بأن سيادته يصف مطلب التخلي بأنه »كلام غير مقنع وغير واقعي«.
أما عن الأمثلة الثلاثة التي سردها سيادته في حديثه فهي لا تصلح رداً علي مطلب المعارضة، بل إنها علي العكس تؤكد كل التأييد ما تنادي به أحزاب المعارضة من وجوب تخلي رؤساء الدول (في البلاد الديمقراطية) عن ممارسة أي نشاط حزبي أثناء توليهم هذه الرئاسة.
لقد ضرب السيد الرئيس مثالاً بالمستشار الألماني كول ويتساءل: »هل ترك كول الحزب المسيحي الديمقراطي عندما أصبح مستشاراً لألمانيا؟« وأوضح سيادته أن كول ليس رئيساً لألمانيا بل هو رئيس لحكومتها وهناك يطلقون لقب مستشار علي رئيس الحكومة.. أما رئيس ألمانيا فهو »ريتشارد فون فايتسكر« ونفس الأمر بالنسبة لجون ميجور رئيس وزراء بريطانيا فإن استشهاد الرئيس بحالته غير سليم لأنه ليس رئيساً لبريطانيا أو ملكاً عليها بل مجرد رئيس لحكومتها.
إننا لم نطالب بتخلي الدكتور عاطف صدقي رئيس حكومة مصر عن عضوية الحزب الوطني ولو أنه كان رئيساً له فلن نطالبه بالتخلي عن هذه الرئاسة، وتوليه هذه الرئاسة لن يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ولن يترتب عليه الآثار الأخري السيئة التي تترتب علي رئاسة رئيس الدولة للحزب الحاكم.
أما عن المثال الثالث الذي استشهد به السيد الرئيس وهو فرانسوا ميتران فهو استشهاد في غير صالح سيادته، بل إنه يؤيد رأي المعارضة كل التأييد من وجوب تخلي رئيس الدولة عن أي نشاط حزبي.
إن رئيس الدولة في فرنسا يتخلي فور فوزه في انتخابات الرئاسة عن أي نشاط يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له، فلم نسمع أن الحزب الاشتراكي - حزب رئيس الدولة - يحتكر وسائل الإعلام الحكومية، ولم نسمع أن الجهاز الحكومي في فرنسا مسخر لخدمة حزب رئيس الدولة، ولم نسمع أن فرانسوا ميتران يرأس اجتماعات حزبه في المقر الرسمي لإقامته أو في قصر رئاسة الجمهورية أو حتي في مقر الحزب. ونشرت صحيفة الأهرام في عددها الصادر يوم الاثنين الموافق 9 ديسمبر أن الرئيس مبارك »عقد اجتماعاً في اليوم السابق بالقصر الجمهوري بعابدين مع أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطني«!
ولم نسمع أن رئيس الدولة في فرنسا يشرف بنفسه علي تنظيمات حزبه أو يقوم بوضع ومراجعة قوائم مرشحيه في الانتخابات، بل إن العلاقة تنتهي تماماً بين رئيس الدولة وبين الحزب الذي يرأسه فور فوزه بالرئاسة، ولا امتياز أو أفضلية بعد ذلك لحزب رئيس الدولة.
إننا - والشعب المصري كله معنا - مازلنا نطالب السيد الرئيس بالوفاء بوعده في التخلي عن رئاسة الحزب الوطني الحاكم وأن تكون »الفترة المرحلية« قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر ترسيخاً للديمقراطية وقضاء علي هذه الأوضاع الخاطئة التي نعيشها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.