برنامج «نورة» يضم لأول مرة فتيات من ذوي الهمم    الفقه والنحو.. انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج    براتب 13 ألف ريال.. وزارة العمل تعلن عن وظائف في السعودية    وكيل وزارة التربية والتعليم فى أسيوط يتابع سير العملية التعليمية بإدارة أبوتيج    بروتوكول تعاون بين جامعتي الأزهر وعين شمس لدعم أهداف التنمية المستدامة    وزارة التضامن تقرر إشهار جمعيتين في محافظة البحيرة    وزير الإسكان يُتابع مشروعات صيانة الصرف الصحي بعدد من المدن    محافظ المنيا: رصد أية تداعيات محتملة للزلزال ورفع درجة الاستعداد بكافة الأجهزة التنفيذية    رئيس هيئة قناة السويس يدعو وفد «ميرسك» لتعديل جداول إبحارها والعودة التدريجية للعبور    المشاط تستعرض مع صندوق النقد الدولي مؤشرات الاقتصاد الكلي وتنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية    محافظ الدقهلية يضبط صاحب مخبز يبيع الخبز بالسوق السوداء: القرش اللى خدته هتدفعه عشرة    الدفاعات الروسية تدمر 12 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    الأمم المتحدة ترحب برفع العقوبات على سوريا    «ماسك» يشكر السعودية لدعم ستارلينك في الطيران    الصين تعتزم تعديل الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية المستوردة    «وقع العقود».. شوبير يعلن رحيل نجم الأهلي للدوري السعودي    موعد مباراة الأهلي والبنك| والقنوات الناقلة    مدرب سلة الزمالك: سعداء بالفوز على الأهلي وسنقاتل للتأهل لنهائي دوري السوبر    «مجهود النحاس».. شوبير يكشف موعد تولي ريفيرو قيادة الأهلي    كرة اليد.. انطلاق بطولة أفريقيا للأندية أبطال الكؤوس اليوم في الأهلي    «الداخلية» تستجيب لشكوى أهالي شارع ستاد العريش بشأن حوادث المرور    جداول امتحانات الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني في 19 محافظة    وفاة شرطي متقاعد في حريق منزل بسبب ماس كهربائي بطامية في الفيوم    ضبط لحوم غير صالحة للاستهلاك وتحرير 273 محضرا في حملات تموينية بأسيوط    سيناريوهات تنتظر الفنان محمد غنيم بعد القبض عليه فى واقعة تهديد طليقته    الأرصاد تكشف حقيقة العاصفة شيماء وموعد ارتفاع درجات الحرارة    تحرير 11 محضرا لمخالفات تموينية بكفر الشيخ    السجن المشدد 15 عامًا للمتهمين بقتل مواطن بعد خطفه في الشرقية    وزير الثقافة: يجب الحفاظ على الهوية المصرية وصونها للأجيال القادمة    فتح باب استقبال الأفلام ل الدورة الثالثة لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من مايو 2025.. أفكار جديدة ومكافأة مالية    ماذا يقال من دعاء عند حدوث الزلازل؟    عبد الغفار يشهد توقيع بروتوكول لتحسين جودة الرعاية الصحية في مصر    «الصحة العالمية» توصي بتدابير للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية    لليوم الثالث على التوالي.. محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى التأمين الصحي في جديلة    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية تطلق خدمة «واتساب» لتيسير التواصل مع الشركات والمصانع    هآرتس: إسرائيل ليست متأكدة حتى الآن من نجاح اغتيال محمد السنوار    وزير العمل يستعرض جهود توفير بيئة عمل لائقة لصالح «طرفي الإنتاج»    وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    سعد زغلول وفارسة الصحافة المصرية!    حقيقة القبض على رمضان صبحي لاعب بيراميدز خلال تأدية امتحان نهاية العام الدراسي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 14 مايو 2025    ياسر ريان: حزين على الزمالك ويجب إلتفاف أبناء النادي حول الرمادي    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 14 مايو 2025    فتحي عبد الوهاب: عادل إمام أكثر فنان ملتزم تعاملت معه.. ونجاحي جاء في أوانه    فتحي عبد الوهاب: عبلة كامل وحشتنا جدًا.. ولا أندم على أي عمل قدمته    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    رسالة مؤثرة يستعرضها أسامة كمال تكشف مخاوف أصحاب المعاشات من الإيجار القديم    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    «السرطان جهز وصيته» و«الأسد لعب دور القائد».. أبراج ماتت رعبًا من الزلزال وأخرى لا تبالي    بقوة 4.5 ريختر.. هزة أرضية تضرب محافظة القليوبية دون خسائر في الأرواح    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    معهد الفلك: زلزال كريت كان باتجاه شمال رشيد.. ولا يرد خسائر في الممتلكات أو الأرواح    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    استعدادًا لموسم حج 1446.. لقطات من عملية رفع كسوة الكعبة المشرفة    سامبدوريا الإيطالي إلى الدرجة الثالثة لأول مرة في التاريخ    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد سراج الدين‮ يخرج من قبره محذراً‮ مبارك‮:‬
نشر في الوفد يوم 10 - 02 - 2011

قبل‮ 20‮ عاماً،‮ وبالتحديد في‮ 12‮ ديسمبر‮ 1991‮ حذر زعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين من خطورة الوضع الداخلي
‮ في‮ مصر،‮ ونبه سراج الدين‮ - رحمه الله‮ - الرئيس حسني‮ مبارك إلي‮ نقاط ضرورية‮ غاية في‮ الأهمية تأتي‮ في‮ مقدمتها سرعة تخليه عن رئاسة الحزب الوطني،‮ وقدم له زعيم الوفد آنذاك أمثلة واقعية وموضوعية ودلائل من كل الدول الديمقراطية المحترمة لعله‮ يستجيب إلا أن مبارك‮ »‬العنيد‮« مضي‮ وتكبر وأصر علي‮ قناعاته الوهمية التي‮ فجرت ثورة الشباب في‮ 25‮ يناير‮ 2011،‮ فرداً‮ علي‮ ما أدلي‮ به‮ »‬مبارك‮« لصحيفة الحزب الوطني‮ في‮ بداية ديسمبر عام‮ 1991‮ »‬أن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني‮ كلام‮ غير مقنع وغير واقعي‮..« إنها حرية‮.. وليقولوا ما‮ يقولون‮«.‬
خاطب زعيم الوفد الرئيس المصري‮ تحت عنوان‮: عفواً‮ سيدي‮ الرئيس‮.. الأمثلة التي‮ ذكرتها‮ غير مطابقة للواقع‮.. قائلاً‮: من حق الرئيس علينا أن نصحح ما جاء في‮ بعض إجاباته،‮ خصوصاً‮ إذا كانت تتناول وصفاً‮ داخلياً‮ يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي‮ حد سواء‮..‬
وأوضح الزعيم للرئيس أن المعارضة طالبت مراراً‮ وتكراراً‮ بضرورة تخلي‮ رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني،‮ وذكره الزعيم بلقاء المعارضة بالرئيس‮ يوم الإفراج عنهم في‮ نوفمبر ‮1891 حيث طالبوا فيه بهذا التخلي،‮ ولم‮ يقل‮ يومها الرئيس مبارك،‮ إن هذا المطلب‮ غير مقنع ولا واقعي‮ بل كان رده بالحرف الواحد‮: »‬مسألة لم تتقرر له‮« واعتقدت المعارضة أن مطلبها الرئيسي سيتحقق في‮ وقت لاحق ولكن خاب حتي‮ اليوم،‮ فلايزال مبارك‮ يتشبث بالحزب الوطني‮ الذي‮ خربت مصر علي‮ يد رجاله‮.‬
وقدَّم الزعيم للرئيس أمثلة واقعية تفند كل ما أدلي‮ به لمحرر صحيفة الحزب الوطني‮.. وأوضح لمبارك‮: أن كل رؤساء الدول في‮ البلاد الديمقراطية تخلوا عن ممارسة أي‮ نشاط حزبي‮ أثناء توليهم الرئاسة سواء كان ذلك في‮ فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي‮ تفرق بين الحزب الحاكم ورئيس الدولة‮.‬
وأكد فؤاد سراج الدين في‮ نهاية مقاله المنشور ب‮ »‬الوفد‮« قبل عقدين من الزمان أن إصرار الرئيس مبارك علي‮ رئاسة الحزب والدولة معا فيه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ويترتب عليه آثار وخيمة‮.‬
قال سراج الدين للرئيس‮ »‬في‮ فرنسا‮ يتخلي‮ رئيس الدولة فور فوزه في‮ انتخابات الرئاسة عن أي‮ نشاط‮ يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له‮«.‬
وانتهي‮ زعيم الوفد في‮ مقاله بتجديد مطلبه للسيد الرئيس بأن‮ يفي‮ بوعده ويتخلي‮ عن رئاسة الحزب الوطني‮ الحاكم،‮ وأن تكون الفترة المرحلية قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر،‮ ترسيخاً‮ للديمقراطية وقضاء علي‮ هذه الأوضاع الخاطئة التي‮ نعيشها‮.. وإلي‮ المقال الذي‮ نشر بعد عشر سنوات من وعد مبارك بالتخلي‮ عن رئاسة الحزب الوطني،‮ والآن ورغم مضي‮ 30‮ عاماً‮ وليس عشر سنوات مازال‮ يقبض مبارك علي‮ رأس الحزب الوطني‮ الحاكم وإلي مقال الزعيم‮:‬
عفواً‮ سيادة الرئيس‮..‬
الأمثلة التي‮ ذكرتها‮ غير مطابقة للواقع
بقلم‮: فؤاد سراج الدين
أدلي‮ السيد الرئيس محمد حسني‮ مبارك بحديث إلي‮ صحيفة الحزب الوطني‮ يوم الاثنين قبل الماضي،‮ ومن حقه علينا أن نصحح ما جاء في‮ بعض إجاباته،‮ خصوصاً‮ إذا كانت هذه الإجابة تتناول وضعاً‮ داخلياً‮ يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي‮ حد سواء‮.‬
سأل المحرر الرئيس عن رأيه فيما تطالب به المعارضة عن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني‮ فكان جوابه بالحرف‮: »‬كلام‮ غير مقنع وغير واقعي‮ والأمثلة كثيرة‮.. هل تخلي‮ ميتران عن رئاسة الحزب الاشتراكي‮ عندما تولي‮ الرئاسة،‮ وهل تخلي ميجور عن حزب المحافظين عندما تولي رئاسة الوزارة وهل ترك كول الحزب المسيحي‮ الديمقراطي‮ عندما أصبح مستشاراً‮ لألمانيا؟ إنها حرية رأي‮ وليقولوا ما‮ يقولون‮«.‬
بداية‮.. المعارضة تردد دائماً‮ مطالبتها بضرورة تخلي‮ رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني‮.. وكانت المعارضة قد طلبت منه عدم تولي‮ هذه الرئاسة عندما التقي‮ بقياداتها في‮ مقر الرئاسة‮ يوم الإفراج عنهم في‮ نوفمبر‮ 1981،‮ وكان هذا فور توليه مقاليد الحكم،‮ ولم‮ يقل السيد الرئيس‮ يومها إن طلب المعارضة‮ »‬غير مقنع وغير واقعي‮« بل كان رده بالحرف الواحد‮ »‬إنها مسألة لم تتقرر بعد،‮ وعلي‮ كل حال لو تمت فسوف تكون لمرحلة‮« ولم‮ يقل سيادته‮ يومها إن هذا المطلب‮ غير‮ »‬مقنع وغير واقعي‮« وهاقد مضت عشر سنوات علي هذا الموعد ولم تنته الفترة المرحلية بعد‮! واعتقدنا أو تصورنا أن الظروف لن تسمح للسيد الرئيس بتنفيذ وعده طوال هذه الفترة الطويلة،‮ إلا أننا فوجئنا في‮ حديثه الأخير مع صحيفة حزبه بأن سيادته‮ يصف مطلب التخلي‮ بأنه‮ »‬كلام‮ غير مقنع وغير واقعي‮«.‬
أما عن الأمثلة الثلاثة التي‮ سردها سيادته في‮ حديثه فهي‮ لا تصلح رداً‮ علي‮ مطلب المعارضة،‮ بل إنها علي‮ العكس تؤكد كل التأييد ما تنادي‮ به أحزاب المعارضة من وجوب تخلي‮ رؤساء الدول‮ (‬في‮ البلاد الديمقراطية‮) عن ممارسة أي‮ نشاط حزبي‮ أثناء توليهم هذه الرئاسة‮.‬
لقد ضرب السيد الرئيس مثالاً‮ بالمستشار الألماني‮ كول ويتساءل‮: »‬هل ترك كول الحزب المسيحي‮ الديمقراطي‮ عندما أصبح مستشاراً‮ لألمانيا؟‮« وأوضح سيادته أن كول ليس رئيساً‮ لألمانيا بل هو رئيس لحكومتها وهناك‮ يطلقون لقب مستشار علي‮ رئيس الحكومة‮.. أما رئيس ألمانيا فهو‮ »‬ريتشارد فون فايتسكر‮« ونفس الأمر بالنسبة لجون ميجور رئيس وزراء بريطانيا فإن استشهاد الرئيس بحالته‮ غير سليم لأنه ليس رئيساً‮ لبريطانيا أو ملكاً‮ عليها بل مجرد رئيس لحكومتها‮.‬
إننا لم نطالب بتخلي‮ الدكتور عاطف صدقي‮ رئيس حكومة مصر عن عضوية الحزب الوطني‮ ولو أنه كان رئيساً‮ له فلن نطالبه بالتخلي‮ عن هذه الرئاسة،‮ وتوليه هذه الرئاسة لن‮ يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ولن‮ يترتب عليه الآثار الأخري‮ السيئة التي‮ تترتب علي‮ رئاسة رئيس الدولة للحزب الحاكم‮.‬
أما عن المثال الثالث الذي‮ استشهد به السيد الرئيس وهو فرانسوا ميتران فهو استشهاد في‮ غير صالح سيادته،‮ بل إنه‮ يؤيد رأي‮ المعارضة كل التأييد من وجوب تخلي‮ رئيس الدولة عن أي‮ نشاط حزبي‮.‬
إن رئيس الدولة في‮ فرنسا‮ يتخلي‮ فور فوزه في‮ انتخابات الرئاسة عن أي‮ نشاط‮ يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له،‮ فلم نسمع أن الحزب الاشتراكي‮ - حزب رئيس الدولة‮ - يحتكر وسائل الإعلام الحكومية،‮ ولم نسمع أن الجهاز الحكومي‮ في‮ فرنسا مسخر لخدمة حزب رئيس الدولة،‮ ولم نسمع أن فرانسوا ميتران‮ يرأس اجتماعات حزبه في‮ المقر الرسمي‮ لإقامته أو في‮ قصر رئاسة الجمهورية أو حتي‮ في‮ مقر الحزب‮. ونشرت صحيفة الأهرام في‮ عددها الصادر‮ يوم الاثنين الموافق‮ 9‮ ديسمبر أن الرئيس مبارك‮ »‬عقد اجتماعاً‮ في‮ اليوم السابق بالقصر الجمهوري‮ بعابدين مع أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطني‮«!‬
ولم نسمع أن رئيس الدولة في‮ فرنسا‮ يشرف بنفسه علي‮ تنظيمات حزبه أو‮ يقوم بوضع ومراجعة قوائم مرشحيه في‮ الانتخابات،‮ بل إن العلاقة تنتهي‮ تماماً‮ بين رئيس الدولة وبين الحزب الذي‮ يرأسه فور فوزه بالرئاسة،‮ ولا امتياز أو أفضلية بعد ذلك لحزب رئيس الدولة‮.‬
إننا‮ - والشعب المصري‮ كله معنا‮ - مازلنا نطالب السيد الرئيس بالوفاء بوعده في‮ التخلي‮ عن رئاسة الحزب الوطني‮ الحاكم وأن تكون‮ »‬الفترة المرحلية‮« قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر ترسيخاً‮ للديمقراطية وقضاء علي‮ هذه الأوضاع الخاطئة التي‮ نعيشها‮.
قبل 20 عاماً، وبالتحديد في 12 ديسمبر 1991 حذر زعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين من خطورة الوضع الداخلي في مصر، ونبه سراج الدين - رحمه الله - الرئيس حسني مبارك إلي نقاط ضرورية غاية في الأهمية تأتي في مقدمتها سرعة تخليه عن رئاسة الحزب الوطني، وقدم له زعيم الوفد آنذاك أمثلة واقعية وموضوعية ودلائل من كل الدول الديمقراطية المحترمة لعله يستجيب إلا أن مبارك »العنيد« مضي وتكبر وأصر علي قناعاته الوهمية التي فجرت ثورة الشباب في 25 يناير 2011، فرداً علي ما أدلي به »مبارك« لصحيفة الحزب الوطني في بداية ديسمبر عام 1991 »أن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني كلام غير مقنع وغير واقعي..« إنها حرية.. وليقولوا ما يقولون«.
خاطب زعيم الوفد الرئيس المصري تحت عنوان: عفواً سيدي الرئيس.. الأمثلة التي ذكرتها غير مطابقة للواقع.. قائلاً: من حق الرئيس علينا أن نصحح ما جاء في بعض إجاباته، خصوصاً إذا كانت تتناول وصفاً داخلياً يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي حد سواء..
وأوضح الزعيم للرئيس أن المعارضة طالبت مراراً وتكراراً بضرورة تخلي رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني، وذكره الزعيم بلقاء المعارضة بالرئيس يوم الإفراج عنهم في نوفمبر 1891 حيث طالبوا فيه بهذا التخلي، ولم يقل يومها الرئيس مبارك، إن هذا المطلب غير مقنع ولا واقعي بل كان رده بالحرف الواحد: »مسألة لم تتقرر له« واعتقدت المعارضة أن مطلبها الرئيسي سيتحقق في وقت لاحق ولكن خاب حتي اليوم، فلايزال مبارك يتشبث بالحزب الوطني الذي خربت مصر علي يد رجاله.
وقدَّم الزعيم للرئيس أمثلة واقعية تفند كل ما أدلي به لمحرر صحيفة الحزب الوطني.. وأوضح لمبارك: أن كل رؤساء الدول في البلاد الديمقراطية تخلوا عن ممارسة أي نشاط حزبي أثناء توليهم الرئاسة سواء كان ذلك في فرنسا أو ألمانيا أو بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية التي تفرق بين الحزب الحاكم ورئيس الدولة.
وأكد فؤاد سراج الدين في نهاية مقاله المنشور ب »الوفد« قبل عقدين من الزمان أن إصرار الرئيس مبارك علي رئاسة الحزب والدولة معا فيه إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ويترتب عليه آثار وخيمة.
قال سراج الدين للرئيس »في فرنسا يتخلي رئيس الدولة فور فوزه في انتخابات الرئاسة عن أي نشاط يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له«.
وانتهي زعيم الوفد في مقاله بتجديد مطلبه للسيد الرئيس بأن يفي بوعده ويتخلي عن رئاسة الحزب الوطني الحاكم، وأن تكون الفترة المرحلية قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر، ترسيخاً للديمقراطية وقضاء علي هذه الأوضاع الخاطئة التي نعيشها.. وإلي المقال الذي نشر بعد عشر سنوات من وعد مبارك بالتخلي عن رئاسة الحزب الوطني، والآن ورغم مضي 30 عاماً وليس عشر سنوات مازال يقبض مبارك علي رأس الحزب الوطني الحاكم وإلي مقال الزعيم:
عفواً سيادة الرئيس..
الأمثلة التي ذكرتها غير مطابقة للواقع
بقلم: فؤاد سراج الدين
أدلي السيد الرئيس محمد حسني مبارك بحديث إلي صحيفة الحزب الوطني يوم الاثنين قبل الماضي، ومن حقه علينا أن نصحح ما جاء في بعض إجاباته، خصوصاً إذا كانت هذه الإجابة تتناول وضعاً داخلياً يهتم به رجل الشارع وأحزاب المعارضة علي حد سواء.
سأل المحرر الرئيس عن رأيه فيما تطالب به المعارضة عن تخليه عن رئاسة الحزب الوطني فكان جوابه بالحرف: »كلام غير مقنع وغير واقعي والأمثلة كثيرة.. هل تخلي ميتران عن رئاسة الحزب الاشتراكي عندما تولي الرئاسة، وهل تخلي ميجور عن حزب المحافظين عندما تولي رئاسة الوزارة وهل ترك كول الحزب المسيحي الديمقراطي عندما أصبح مستشاراً لألمانيا؟ إنها حرية رأي وليقولوا ما يقولون«.
بداية.. المعارضة تردد دائماً مطالبتها بضرورة تخلي رئيس الدولة عن رئاسة الحزب الوطني.. وكانت المعارضة قد طلبت منه عدم تولي هذه الرئاسة عندما التقي بقياداتها في مقر الرئاسة يوم الإفراج عنهم في نوفمبر 1981، وكان هذا فور توليه مقاليد الحكم، ولم يقل السيد الرئيس يومها إن طلب المعارضة »غير مقنع وغير واقعي« بل كان رده بالحرف الواحد »إنها مسألة لم تتقرر بعد، وعلي كل حال لو تمت فسوف تكون لمرحلة« ولم يقل سيادته يومها إن هذا المطلب غير »مقنع وغير واقعي« وهاقد مضت عشر سنوات علي هذا الموعد ولم تنته الفترة المرحلية بعد! واعتقدنا أو تصورنا أن الظروف لن تسمح للسيد الرئيس بتنفيذ وعده طوال هذه الفترة الطويلة، إلا أننا فوجئنا في حديثه الأخير مع صحيفة حزبه بأن سيادته يصف مطلب التخلي بأنه »كلام غير مقنع وغير واقعي«.
أما عن الأمثلة الثلاثة التي سردها سيادته في حديثه فهي لا تصلح رداً علي مطلب المعارضة، بل إنها علي العكس تؤكد كل التأييد ما تنادي به أحزاب المعارضة من وجوب تخلي رؤساء الدول (في البلاد الديمقراطية) عن ممارسة أي نشاط حزبي أثناء توليهم هذه الرئاسة.
لقد ضرب السيد الرئيس مثالاً بالمستشار الألماني كول ويتساءل: »هل ترك كول الحزب المسيحي الديمقراطي عندما أصبح مستشاراً لألمانيا؟« وأوضح سيادته أن كول ليس رئيساً لألمانيا بل هو رئيس لحكومتها وهناك يطلقون لقب مستشار علي رئيس الحكومة.. أما رئيس ألمانيا فهو »ريتشارد فون فايتسكر« ونفس الأمر بالنسبة لجون ميجور رئيس وزراء بريطانيا فإن استشهاد الرئيس بحالته غير سليم لأنه ليس رئيساً لبريطانيا أو ملكاً عليها بل مجرد رئيس لحكومتها.
إننا لم نطالب بتخلي الدكتور عاطف صدقي رئيس حكومة مصر عن عضوية الحزب الوطني ولو أنه كان رئيساً له فلن نطالبه بالتخلي عن هذه الرئاسة، وتوليه هذه الرئاسة لن يخل بمبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب ولن يترتب عليه الآثار الأخري السيئة التي تترتب علي رئاسة رئيس الدولة للحزب الحاكم.
أما عن المثال الثالث الذي استشهد به السيد الرئيس وهو فرانسوا ميتران فهو استشهاد في غير صالح سيادته، بل إنه يؤيد رأي المعارضة كل التأييد من وجوب تخلي رئيس الدولة عن أي نشاط حزبي.
إن رئيس الدولة في فرنسا يتخلي فور فوزه في انتخابات الرئاسة عن أي نشاط يتصل بحزبه رغم أنه رئيس له، فلم نسمع أن الحزب الاشتراكي - حزب رئيس الدولة - يحتكر وسائل الإعلام الحكومية، ولم نسمع أن الجهاز الحكومي في فرنسا مسخر لخدمة حزب رئيس الدولة، ولم نسمع أن فرانسوا ميتران يرأس اجتماعات حزبه في المقر الرسمي لإقامته أو في قصر رئاسة الجمهورية أو حتي في مقر الحزب. ونشرت صحيفة الأهرام في عددها الصادر يوم الاثنين الموافق 9 ديسمبر أن الرئيس مبارك »عقد اجتماعاً في اليوم السابق بالقصر الجمهوري بعابدين مع أعضاء هيئة مكتب الأمانة العامة للحزب الوطني«!
ولم نسمع أن رئيس الدولة في فرنسا يشرف بنفسه علي تنظيمات حزبه أو يقوم بوضع ومراجعة قوائم مرشحيه في الانتخابات، بل إن العلاقة تنتهي تماماً بين رئيس الدولة وبين الحزب الذي يرأسه فور فوزه بالرئاسة، ولا امتياز أو أفضلية بعد ذلك لحزب رئيس الدولة.
إننا - والشعب المصري كله معنا - مازلنا نطالب السيد الرئيس بالوفاء بوعده في التخلي عن رئاسة الحزب الوطني الحاكم وأن تكون »الفترة المرحلية« قد انتهت بانقضاء هذه السنوات العشر ترسيخاً للديمقراطية وقضاء علي هذه الأوضاع الخاطئة التي نعيشها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.