قبل الإعلان عن الجدول الزمني.. المستندات المطلوبة للترشح في انتخابات مجلس النواب    تعرف على أسعار الذهب اليوم الجمعة 3-10-2025    قطع المياه 6 ساعات عن بشتيل لعبة فى الجيزة مساء اليوم    وزيرة التنمية المحلية توجه بإحالة مسئولي عدد من مراكز ومدن وأحياء الشرقية للنيابة    الشرطة البريطانية: أحد الضحيتين في هجوم كنيس مانشستر ربما قتل برصاص ضابط شرطة    بعد تعافيهم من الإصابة.. جاهزية الشحات وزيزو وأفشة وشكري لمواجهة الأهلى وكهرباء الإسماعيلية    مهرجان الإسكندرية يكرم ليلى علوى بدورته ال41 تقديرا لمشوارها    الخارجية اللبنانية تتابع توقيف إسرائيل لمواطنين لبنانيين كانا على متن أسطول الصمود العالمي المتوجه إلى غزة    "يونيسف": الحديث عن منطقة آمنة فى جنوب غزة "مهزلة"    بعد إغلاق الحكومة.. نواب جمهوريون يعارضون خطط ترمب لتسريح موظفين    ماريسكا: ليفربول الأفضل فى إنجلترا.. وكل فريق لديه نقاط ضعف    محافظ المنوفية: 87 مليون جنيه جملة مشروعات الخطة الاستثمارية ب تلا والشهداء    أحمد سليمان: جون إدوارد صاحب قرار رحيل فيريرا من الزمالك    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 والقنوات الناقلة    ضبط متهم بممارسة البلطجة وفرض الإتاوة على موظف بالجيزة    السكة الحديد تسيّر الرحلة ال22 لعودة الأشقاء السودانيين طواعية إلى وطنهم    تحريات لكشف ملابسات تورط 3 أشخاص فى سرقة فرع شركة بكرداسة    وكيل الري بالبحيرة: متابعة يومية لمنع ارتفاع مناسيب المياه بفرع النيل برشيد    موعد شهر رمضان 2026 .. تعرف على أول أيام الشهر الكريم    رفع درجة الاستعداد القصوى بالمنوفية لمواجهة ارتفاع منسوب المياه بأراضي طرح النهر    عشان أجمل ابتسامة.. بسمتك دواء مجانى ب 8 فوائد اعرفها فى يومها العالمى    صلاح يشارك في الترويج لكرة كأس العالم 2026    نائب بالشيوخ يشيد بمشروع مستقبل مصر ويؤكد دوره في توفير فرص العمل وتعزيز التنمية المستدامة    أسماء محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    خاص| ميمي جمال تكشف تفاصيل شخصيتها في فيلم "فيها إيه يعني"    محمد رمضان ينافس على جائزة Grammy Awards    لاورا ريستريبو: غزة كشفت سوءات القيم الغربية    ابنة الملحن محمد رحيم تعاني وعكة صحية وتخضع للرعاية الطبية    ضبط 295 قضية مخدرات و75 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    القبض على المتهمين في مشاجرة «أبناء العمومة» بالمنيا    إدارة مسار تشدد على ضرورة الفوز أمام الأهلي.. وأنباء حول مصير عبد الرحمن عايد    محمد صلاح على موعد مع التاريخ في قمة ليفربول وتشيلسي بالبريميرليج    طائرة مسيّرة إسرائيلية تلقي قنبلة صوتية قرب صياد لبناني في الناقورة    حزب العدل يعلن استعداده للانتخابات ويحذر من خطورة المال السياسي بانتخابات النواب    الليلة.. ختام وإعلان جوائز الدورة ال21 من مهرجان مسرح الهواة بالسامر    وزير الخارجية يلتقي سفراء الدول العربية المعتمدين لدى اليونسكو لدعم ترشيح خالد العنانى    دار الكتب والوثائق القومية تحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    مجلس الإدارة ينضم لاعتصام صحفيي الوفد    جامعة قناة السويس تواصل دعم الحرف اليدوية بمشاركتها في معرض تراثنا الدولي    الأونروا تنتصر قضائيا في أمريكا.. رفض دعوى عائلات الأسرى الإسرائيليين للمطالبة بتعويضات بمليار دولار    إجراءات وقائية تجنب طفلك عدوى القمل في المدارس    نجاح أول جراحة قلب مفتوح بالتدخل المحدود داخل مستشفى النصر في بورسعيد    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    حكم البيع الإلكترونى بعد الأذان لصلاة الجمعة.. الإفتاء تجيب    ضبط شبكات تستغل ناديا صحيا وتطبيقات إلكترونية لممارسة أعمال منافية للآداب    تعرف على سعر بنزين 92 اليوم الجمعة 3 أكتوبر 2025 فى محطات الوقود    اليوم العالمى للابتسامة.. 3 أبراج البسمة مش بتفارق وشهم أبرزهم الجوزاء    الداخلية تواصل ضرباتها ضد المخالفات بضبط 4124 قضية كهرباء و1429 بالمواصلات    «العمل» تحرر 6185 محضرًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 22 يومًا    استشاري تغذية علاجية: الأضرار المحتملة من اللبن تنحصر في حالتين فقط    الصين تدعو لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة غزل المحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 3-10-2025 في محافظة قنا    الفيضان قادم.. والحكومة تناشد الأهالي بإخلاء هذه المناطق فورا    «كوكا حطه في جيبه».. أحمد بلال ينتقد بيزيرا بعد مباراة القمة (فيديو)    سورة الكهف يوم الجمعة: نور وطمأنينة وحماية من فتنة الدجال    مختار نوح: يجب محاسبة محمد حسان على دعواته للجهاد في سوريا    بالصور.. مصرع طفلة وإصابة سيدتين في انهيار سقف منزل بالإسكندرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام على ثورة الضمير
نشر في الوفد يوم 23 - 01 - 2012

عام 2011 هو عام يحفل بالكثير من المخاطر ويكشف عن الكثير من الأزمات، فقد عشنا فى عهد مبارك بوهم الأمن ووهم الاستقرار ولم ننعم بأى منهما. كان الأمن فى عهد ما قبل ثورة 25 يناير أمناً للنظام، حسبك أن تذهب إلى قسم الشرطة بدون واسطة كى تدرك ذلك، أما الاستقرار المزعوم فقد كان حالة من الموات، هو استقرار دون الصفر الاستعمارى
(الذى تحدث عنه أحد الكتاب السوريين فى السابق) ومعدلات مرتفعة نسبياً للنمو الاقتصادى يجنى ثمارها حفنة من المحاسيب ولا تصل إلى المواطن العادى. ما الذى حدث إذن حتى تتفجر هذه الأزمات بصورة نحسبها مخيفة ومفزعة، يبدو أن قطاعاً أوسع من المتضررين قد انضم إلى صفوف البؤساء، وكان من هؤلاء المنضّمين الجدد أصحاب رأى وصناعة جعلهم الله أكثر نفيراً ممن سواهم، علماً بأن درجة البؤس التى لحقت بهؤلاء لا يمكن مقارنتها بمن يعيشون تحت خط الفقر –بل تحت المستوى الآدمى للمعيشة- ويقدّرون بالملايين التى تغص بها العشوائيات والقرى المعدمة والتى أصبحت جميعاً مصانع للبلطجية تعمل بطاقاتها القصوى.
فهل فعلت الثورة بهؤلاء كل هذا؟!! بالطبع لا، فقد تراكمت خطايا العهد المبارك –غير المبارك- حتى صنعت وحشاً تواريه تلال من المعلومات الفاسدة والمتضاربة التى صنعت جميعاً تلك الأوهام التى نتحدث عنها. فلم تصنع الثورة سوى أنها كشفت سوءات هذا العهد، وأزاحت أستار الكذب والتضليل والتجميل عن المعلومات فأشارت بأيدى قوية إلى موضع الألم. هل كان هناك أزمات سيولة وتضخم وعجز مزمن فى الميزان التجارى وغياب مؤسف لفلسفة التوزيع العادل للثروات فى عهد مبارك؟ الإجابة نعم. هل كانت الاستثمارات الأجنبية تأتى بشروط أقرب إلى الامتياز الأجنبى فى عهود الاستعمار ثم تمضى مسرعة مع أى هزة فى الثقة، سواءً أكان مصدرها محلياً أو إقليمياً أو عالمياً؟ الإجابة نعم أيضاً، وصافى استثمارات الحافظة الأجنبية يخبرنا بذلك فى عام 2008/2009 حيث كانت أسوأ بكثير من وضعها فى العام الحالى. ثم هل كان نظام مبارك محصناً ضد المخاطر؟ على العكس، فقد استحدثت بعض وكالات التصنيف الائتمانى العالمية نوعاً من المخاطر خاص بمصر فى عهد مبارك أطلقت عليه "مخاطر النائب" أو deputy risk، ذلك لأن هذا النظام الديكتاتورى الذى غاب عنه نائب الرئيس، تقل فيه فرص انتقال السلطة بصورة هادئة، وقد صدقت توقّعاتهم، لذا يمكننى أن أقول أن هروب الاستثمارات الأجنبية بهذه السرعة يكشف عن طبيعة هذه الأموال التى كان مبارك ورجاله يعيّروننا باستقطابها، والتى أتت ساخنة لأن الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لمصر لم تكن خافية على هؤلاء المستثمرين وإن اجتهد عناصر النظام السابق فى إخفائها عن المواطن المصرى.
هل أسقطت الثورة شرعية النظام؟ سؤال يكثر فيه الجدل، لكن الواقع يخبرنا بأن شرعية النظام السابق فى البقاء قد سقطت، وأن رأس النظام قد لحق بها فلا يضيرنا الأذناب ترقص رقصة الموت طالما اجتمعت إرادة الشعب على إسقاط النظام. الخلاف والصدام بين عناصر القوى السياسية لا يدور موضوعها إذن حول إسقاط النظام السابق، فقد خرجت الملايين تعلنها صريحة "الشعب يريد إسقاط النظام"، الخلاف مناطه بناء النظام الجديد، فهناك من يريدون نظاماً خلا نظيره منذ أكثر من ألف عام! وهناك من يريده نظاماً ينقلنا إلى مصاف دول أوروبا وأمريكا حيث نستحق وحيث أرادنا الخديوى اسماعيل يوماً ما، وهناك من يريد نظاماً جديداً يحمل الكثير من قسمات النظام الساقط لكنهم أبداً لا يريدون عودة النظام القديم، والذى تباروا جميعاً فى الهجوم عليه رافضين صفة حماة الثورة مؤثرين عليها صفة شركاء الثورة، والمرء لا يميل إلى المشاركة فى مشروع خاسر. لكن إذا أردت إقصاء أى فصيل عن المشهد السياسى بزعم أنك تملك وحدك مفتاح الأزمات، فسوف يميل هذا الفصيل إلى محاربتك والانقضاض على إنجازاتك وإن كانت فى مصلحة الثورة.
بخلاف وسائل الإعلام، لا أرى ميدان العباسية فى مقابل ميادين التحرير إلا صورة عبثية، فالثورة لم تزل صفاً واحداً حول هدفها الذى لا خلاف عليه ألا وهو "إسقاط النظام"، أما بناء النظام الجديد فقد وقانا الله تعالى شر الجدل حوله فى أيام الثورة الأولى كى يتم نوره ويتم نصره الذى ارتضى. أرى أن طبيعة النظام الاقتصادى لمصر الجديدة هى الأفضل حظاً والأقل خلافاً بين الفرقاء السياسيين، فكلهم تقريباً يقر مبادئ الاقتصاد الحر، التى لا تضيع فيها كرامة البشر وأبجديات العدالة الاجتماعية. لكن الاقتصاد لا يعمل منفصلاً عن السياق السياسى والاجتماعى، فكيف نطلب عائدات من سياحة أجنبية فى بلد يعلن إعلامه أن هناك مخططات لتشكيل ميليشيات لفرض الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر؟!! الإعلام يلعب الدور الأخطر فى هذه المرحلة، ففى ظل الضبابية التى نعيشها اليوم وغيبة القدرة على التكهّن حتى بالنظام السياسى لمصر المقرر تحديده خلال أشهر من الآن (نحن لا نعلم إن كان الدستور سيرسّخ نظاماً برلمانياً أم رئاسياً أم مختلطاً) فى ظل هذه الضبابية تكون المعلومة سواءً صحّت أو كانت محض شائعة هى العنصر الأهم فى تحديد كافة المتغيرات، بل إن كافة الأسعار -والتى تلعب دور المحرّك للاقتصاد- تكون دالة فى المعلومات وحسب، لأن كل شئ لا يمكن التثبّت من صحته بشكل قاطع لا الإنتاج ولا عودة الأمن ولا عودة النشاط الاقتصادى إلا بالقدر الذى تخبرنا به وسائل نشر المعلومات، على أن تكون هذه الوسائل ذات مصداقية.
خلاصة الأمر، لا يمكن مقارنة الثورة بما قبلها كما لا يمكن مقارنة الحلم باليقظة، ناهيك عن كون الحلم قد تحوّل إلى سلسلة من الكوابيس يعانيها البسطاء، أما وقد أيقظنا الله لنرى ما صرنا إليه فعلينا تغيير الواقع بكل ما أوتينا من قدرة على التغيير.
-----
خبير اقتصادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.