مسلسل درامى حزين عشناه طوال يوم الخميس الماضى، أبطال هذا المسلسل المطربة الكبيرة أنغام والمطرب الكبير وائل جسار مع ضيوف الشرف الكبار السادة المسئولين فى الإذاعة المصرية. المسلسل تدور أحداثه حول عودة حفلات أضواء المدينة من جديد بعد غياب. تبدأ الأحداث قبل شهر من هذه الليلة بزفة اسكندرانى لأبطال العمل الذين جاءوا ليغنوا من أجل مصر، مع أخبار هنا وهناك بأن ليالى أضواء المدينة تعود لتواصل مشوارها الذى بدأ قبل 63 عاما مع الإعلامى الكبير جلال معوض. وتتصاعد أحداث المسلسل ببيان للمطربة الكبيرة أنغام على صفحتها تدين فيه الإذاعة واتحاد الإذاعة والتليفزيون وتتهمه بعدم إرسال تذاكر الطيران لها وللفرقة وعدم حصولها على أجرها، ما دعا الفنان وائل جسار لأن ينسحب هو الآخر من الحفل. وبعد ساعات خرج المطرب اللبنانى الكبير أيضا ببيان مماثل يعلن فيه انسحابه. وتتصاعد الأحداث سريعا ويدخل منظم الحفل وليد منصور فى الأحداث على اعتبار أنه لم يفِ بالتزاماته المادية لنجوم الحفل. على الجانب الآخر، هناك جلسات وتليفونات بين السادة الضيوف المسئولين عن الإذاعة المتواجدين فى شرم لإيجاد مخرج، لأن الأمر فى النهاية يخص الإذاعة التى أعلنت انها تعيد حفلات أضواء المدينة إلى الحياة. ويبدو أن المسئولين عن الإذاعة "ناس طيبين جدا" زى حالتنا ليس لهم فى آلاعيب الحواة و الآلاتية. المسلسل يكشف أن هناك أناسا يتغنون باسم مصر فقط أمام الشاشات لكن فى الغرف المغلقة هنا وضع آخر، نغنى يا أحلى اسم فى الوجود يا مصر أمام الشاشات وفى اللقاءات التليفزيونية وعلى صفحات التواصل الاجتماعى، لكن عندما تحضر لغة المال والفلوس والدولارات تجد "ناس" تانية خالص ليسوا من مصر. أحداث هذه المهزلة يجب ألا تمر مرور الكرام لأن هذه الحفلات تحمل اسم مصر والإذاعة المصرية أكبر من أن تتعرض لهذه الأمور. فهذه الإذاعة لمن لا يعرف فضلها على الجميع مصريين وعربا من المحيط إلى الخليج ولولاها ما كان هناك غناء. وهذه الإذاعة كان الجميع «يحفى» من أجل الوقوف امام الميكروفون، وكان الجميع يلهث من أجل الاعتماد من لجنة الاستماع الموحدة. لكن على ما يبدو أن أهل الطرب انشغلوا بملايين الفضائيات الخاصة، وأن المسئولين عن الاذاعة أنفسهم أصابهم نوع من فقدان الثقة فى أنفسهم وبالتالى لم يعد هناك مدافع عن هذا الكيان العظيم «الإذاعة المصرية». وبالتالى فقدت الإذاعة جزءا كبيرا من أهمية أى كيان وهو الهيبة نعم لم يعد لاتحاد الاذاعة والتليفزيون أى هيبة، نتيجة حالة عدم الثقة التى تحدثنا عنها، لذلك اعتذرت أنغام واعتذر وائل جسار، لأنهما يعلمان كثيرا أن الأمر سيمر مرور الكرام، ولن يحدث شيء لهما حتى وإن صدر قرار وهذا لن يحدث يمنع أغانيهم من الإذاعة فهم يملكون مائة اذاعة وقناة أخرى خاصة سوف يظهران من خلالها. لكن أتمنى ألا ينسى السادة المسئولون عن الفضائيات والقنوات الخاصة أن هذا الحفل كان يتبع كيانا مصريا ملك الشعب، وأن سمعة مصر اهتزت لأنها لم تعد قادرة على تنظيم حفل غنائى لاثنين من المطربين، كما أن عائد الحفل كان موجها لصندوق تحيا مصر الذى ينفق على الكثير من المشروعات الهامة والحيوية التى تخص الشعب المصرى، يعنى من الآخر الإهانة طالت الجميع. هذا أمر، أما الأمر الثانى فيما يخص أضواء المدينة لو تعلم أنغام قيمة الغناء لصالح الوطن لذهبت الى المسرح وغنت لأن وجه مصر أمام العالم العربى أهم من وجه أى نجم مهما كان شأنه. لو علمت انغام ان سيدة الغناء أم كلثوم هى صاحبة السبق والريادة لصالح الوطن عندما أحيت حفلات فى الكثير من الدول لصالح المجهود الحربى، وصندوق تحيا مصر الآن يقوم بمشروعات لا تقل أهمية لما فعلت هذا. النجومية مسئولية وليست فستانا أو نيولوك أو فيديو كليب جديدا، النجومية ليست ابتعاد عن الناس والتعامل بتعالٍ، النجومية مسئولية ولسان يتحدث الى الناس بميزان، النجومية ليست منزلا فى «كمباوند أو سيارة فارهة»، النجومية أن يشعر الناس بارتياح عندما تطل عليهم يشعرون بصدقك وليس بزيف كلامك هكذا تعلمنا من الرواد وعباقرة الغناء الحقيقيين الذين كانوا يتركون أى شىء وكل شىء من أجل الوطن، النجومية ليست فى اختيار فرقة موسيقية تتكون من 100 عازف نصفهم أو أكثر لا يعزفون لكنهم موجودون على المسرح شأنهم شأن المانيكان الموجود فى فتارين المحلات، النجومية ليست عازفين بالعشرات لاستكمال مشهد الغرور والتعالى والشو الإعلامى، النجومية ليست عشرات من العازفين يحشدهم المايسترو الهمام على المسرح لا لشىء سوى «البرستيج» و«الأبهة» لأن الأغانى التى تقدم لا تستحق كل هذا العدد. أما الإذاعة فهى كل يوم تثبت أن هناك أزمة إدارة بداخلها، البداية تخلت عن الغناء الجاد وذهبوا خلف البرامج الضعيفة ليقلدوا الإذاعات التافهة التى أصبحت تسيطر على المشهد الإعلامى المصرى إذاعات اوكا وأورتيجا وادينى سلام يا عبدالسلام. الإذاعة بكل ما تملكه من تاريخ تذهب لمتعهد حفلات لكى يحضر لهم أنغام ووائل جسار تخيلوا هذا. ولا أعلم ماذا ستفعل الاذاعة لو أرادت أن تدعو فيروز أو ماجدة الرومى، الاذاعة الآن تحاول أن تساير الموضة، رغم أن الموضة هى التى قتلت الإبداع فى مصر. وللأسف لم يعد هناك مسئول تستطيع أن تلجأ اليه لكى توجه له اللوم فيبادر بالاستجابة وعقاب المخطئ. وهنا نتوجه بالسؤال إلى السيدة رئيس الإذاعة: مَن صاحب فكرة اللجوء الى متعهد حفلات. لأن الأزمة ليست فى أن فلوس المطربين تأخرت أو أن تذاكر الطيران لم تذهب لأعضاء الفرقة فهذا الكلام لا يدخل عقل طفل. هل من المعقول أن مسئولي الاذاعة والأخ المتعهد حتى بداية الحفل بساعات لا يعرفون شيئا عن تذاكر السفر وباقى اموال المطربين. وللأسف الاذاعة أصدرت بيانا هزيلا لا يقل عن البيانات السطحية التى أصدرها المطربون على صفحات «الفيس بوك». تخيلوا الاذاعة المصرية تتم مخاطبتها عن طريق «الفيس بوك». البيان يقول: «فى محاولة جادة من الإذاعة المصرية لعودة أضواء المدينة لصالح صندوق تحيا مصر، قامت الإذاعة بالاتفاق مع منظم الحفلات وليد منصور ممثل شركة تالنت، وتقاضى من الجهات الراعية مبلغ 675 ألف جنيه للتعاقد مع الفنانين وحجز تذاكر الطيران والإقامة، وفوجئنا بالمطربة «أنغام» تخرج على صفحتها على الفيس بوك ببيان تدين فيه الإذاعة واتحاد الإذاعة والتليفزيون وتتهمه بعدم إرسال تذاكر الطيران لها وللفرقة وعدم حصولها على أجرها ما دعا الفنان وائل جسار إلى أن ينسحب هو الآخر من الحفل، وتقول نادية مبروك – رئيس الإذاعة إنه وبالتواصل مع الفنانة «أنغام» أرسلت رسالة صوتية أكدت فيها عدم حصولها على أى مستحقات وأنها لم تتعاقد مع الاتحاد وعلاقتها بالحفل كانت من خلال منظم الحفل وليد منصور ممثل شركة تالنت وتؤكد رئيس الإذاعة أنها حرصت من البداية على أن يخرج الحفل بشكل يليق بالإذاعة المصرية ودورها التاريخى فى حفلات أضواء المدينة، لذلك لم يبخل أحد على التنظيم بتجنيد كافة الإمكانيات البشرية والفنية وما جرى كان خارج إرادتنا ونحن نعتذر لكل المستمعين والمشاهدين على وعد بالتصحيح وإقامة الحفل فى وقت آخر، الى هنا انتهى البيان وأتصور لو أن الاذاعة حريصة على خروج الحفل بشكل يليق بتاريخها لما سمحت لموظفيها بالاتصال بمتعهد حفلات حتى تعود أضواء المدينة الحفلات التى قامت على أكتاف اعلاميين عظام لهم تاريخهم الكبير جلال معوض ووجدى الحكيم وغيرهما. أما نقابة الموسيقيين التى أصدرت بيانا أيضا وكأنها تريد أن تقول أنا موجودة فأتصور أنها جانبها الصواب، لأن الجميع يعلم تماما أن أى مطرب فى العالم العربى لا يهمه سوى مصلحته فقط، وبالتالى ما قيل عن أن الفنانين ألغوا الحفل لأن المتعهد أو الاذاعة لم يحصلا على تصريح من النقابة فهذا أمر يحتاج من النقابة الى اعادة طرح وتدقيق.