عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطر .. قصة صناعة ولاية أمريكية
نشر في الوفد يوم 12 - 01 - 2012

التدخل القطري السافر والمرفوض في الشأن الداخلي لمصر وليبيا
حكاية القصف الأمريكي المزعوم لقناة الجزيرة
الفراغ الإعلامي العربي منح الجزيرة فرصتها الذهبية
في مقال الأسبوع الماضي حول «الظاهرة القطرية» حاولت رصد الظروف والملابسات التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تري في «إمارة قطر» الاختيار الأمثل من ناحية الموقع والظروف السياسية لتصبح رأس الحربة المؤهلة لردع أي تحركات معادية للسياسات الأمريكية قادمة من إيران أو أي قوة أخري في المنطقة وأيضا لاستخدام الموقع المتميز كمنصة تنصت ومراقبة للتمدد الصيني والروسي في منطقة وسط آسيا وذلك بإقامة أكبر قاعدة عسكرية أمريكية تتمتع بحرية حركة كاملة غير مقيدة بأي حساسيات سياسية للإمارة التي أقيمت القاعدة علي أراضيها.
وفي عجالة رصدت عناصر القوة التي تصنع دولة يكون لها وزن وتمكنها من امتلاك القدرة علي أن تتحول من إمارة صغيرة وهامشية الي «دولة» تنافس الدول ذات النفوذ التقليدي في المنطقة.
وأتصور أن قناة «الجزيرة» هي أحد أهم عناصر القوة التي أتاحت لقطر تحقيق هذا الهدف وفي نفس الوقت طمأنت الولايات المتحدة الأمريكية الي أن «الحليف» الذي صنعته أصبح قادرا علي تقديم «الخدمات» الحيوية التي تحتاجها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل معا.
إطلاق قناة الجزيرة
بعد الإطاحة بأميرقطر الشيخ خليفة آل ثان بانقلاب قام به نجله ولي العهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثان وبتخطيط ودعم من وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثان بدأت الخطوات الجادة لتحويل «إمارة قطر» الي «دولة».
كان هاجس اجتياح القوات السعودية لمخفر الحفوس الحدودي القطري والحملة الإعلامية الشرسة التي شنتها علي قطر ترسانة الإعلام السعودي كان هذا الهاجس مسيطرا علي تفكير الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية وقرر الرجل أن تكون الأولوية في مسيرة امتلاك قوة الردع والتأثير موجهة لتأسيس مؤسسة إعلامية قوية.
وشاءت الظروف أن أكون شاهدا علي ميلاد فكرة هذه المؤسسة، كنت أتهيأ لمغادرة الدوحة بعد أن أنهيت بعض الأعمال الخاصة بي عندما تلقيت دعوة من الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية للقاء بمكتبه أبلغني بها الأستاذ أحمد الحمر مدير عام الوكالة القطرية للأنباء، وفي لقاء بمكتب الشيخ حمد ضم كلا من الأستاذ أحمد الحمر والأستاذ أحمد علي مدير المكتب الصحفي لوزير الخارجية طرح وزير الخارجية رؤيته لأهمية إطلاق فضائية تليفزيونية، وطلب مني أن أقدم دراسة لإطلاق مثل هذه القناة وعندما طلبت منه إطلاق قنوات تليفزيون قطر علي موجات فضائية رفض الرجل الفكرة مؤكدا أن الفضائية التي يريد إطلاقها ستكون قناة خاصة مستقلة وسألته ما مساحة الحرية التي ستتاح لمثل هذه القناة؟ وكانت الاجابة الحاسمة «ستكون للقناة حرية مطلقة بلا حدود» وأكد أن هذه الحرية تشمل أيضا التعامل مع أخبار وقضايا قطر.
وكان تعقيبي علي رؤية الرجل هو «في هذه الحالة نستطيع أن نطلق فورا القناة وأضمن لك أنها ستحقق نجاحا باهرا في جذب الجماهير العربية» ولم تمض سوي شهور قليلة حتي كانت قنوات أوربت السعودية توقف البرامج العربية التي تقدمها الB.B.C علي قنواتها لخلافات لا مجال هنا للتوقف أمامها ونتيجة لهذا التوقف استقبل سوق العمل الإعلامي عددا كبيرا من المذيعين ومقدمي البرامج المؤهلين الذين اكتسبوا خبرة في مؤسسة لها سمعة عالمية وهي الB.B.C وانتهز الشيخ حمد بن جاسم هذه الفرصة النادرة مبادرة بالتعاقد مع عدد من هؤلاء الإذاعيين الباحثين عن فرصة عمل وتم تكليف أحد المهندسين القطريين وهو المهندس حسين جعفر للتعاقد فورا علي أحدث التجهيزات الهندسية التي يحتاجها إطلاق فضائية، ولسرعة إطلاق القناة تم بناء «هنجر» في أرض فضاء تقع في نطاق مبني الإذاعة والتليفزيون القطري.
وفي شهرأبريل 1996 كانت الفضائية التي حلم بها الشيخ حمد بن جاسم تنطلق الي الفضاء لتستقبلها الجماهير العربية في جميع البلاد العربية تحت الشعار الذي اتخذته اسما لها وهو «الجزيرة».
سر نجاح الجزيرة
لم تمض سوي بضعة أسابيع حتي كان المثقفون ورجال السياسة في مصر والبلاد العربية يتحدثون عن فضائية جديدة اسمها «الجزيرة» تكسر كل أسوار الحصار الإعلامي التي سيدتها أنظمة الحكم العربية لتمنع تسرب الاخبار التي لا ترضي عنها والتي تتعلق بأي نشاط معارض.
وانتشرت أخبار «الجزيرة» بسرعة خارقة ليتسع نطاق مشاهديها بمعدلات بالغة السرعة ولتجذب قطاعات جديدة من الجماهير العربية كل يوم.
كانت أنظمة الحكم العربية بماوضعته من قيود ثقيلة علي وسائل الإعلام قد تسببت في وجود «فراغ إعلامي» تام، وكانت الجماهير العربية قد فقدت تماما الثقة فيما يبثه الإعلام الرسمي بل والإعلام الخاص الذي يخضع تماما لهيمنة السلطات الحاكمة، وكان التدفق الحر للأخبار خاصة الأخبار الممنوعة تماما في الإعلام الرسمي والخاص كان هذا التدفق الحر للأخبار واستضافة الجزيرة لرموز المعارضة المحظور ظهورهم في إعلام بلادهم كان هذا هو المفتاح السحري الذي حقق لقناة الجزيرة كثافة مشاهدة لم تتحقق لأي وسيلة إعلامية عربية أخري في أي بلد عربي في هذه الحقبة.
انزعاج أنظمة الحكم العربية
بقدر استبشار الجماهير العربية وإقبالها علي مشاهدة هذه القناة الوليدة، بقدر ما استقبل الحكام العرب هذه القناة بقدر كبير من الانزعاج وبدأ بعض هؤلاء الحكام في استخدام وسائل الضغط الدبلوماسي لمنع الجزيرة من التعرض للموضوعات التي تزعج الحكام العرب وعندما فشلت الضغوط الدبلوماسية لجأت بعض الدول الي إغلاق مكاتب الجزيرة، وكان هذا التصرف يتسبب دائما في زيادة شعبية القناة، وكانت المحاولات الأكثر ذكاء هي الاتجاه لإطلاق فضائيات رسمية تتمتع بقدر معقول من الحرية ومن أمثلة هذه القنوات «العربية» السعودية أما مصر فقد سمح نظام حكم مبارك بقدر من الحرية للقنوات الرسمية وبقدر أكبر من الحرية للقنوات الخاصة.
الجزيرة في أفغانستان
وجاءت حرب أفغانستان والغزو الأمريكي بدعوي الحرب علي الإرهاب، جاءت هذه الحرب ليستغلها المسئولون عن رسم الخطط الأمريكية أفضل استغلال فقد انفردت الجزيرة بتغطية هذه الحرب في مختلف ميادينها، وجذبت هذه التغطية الحية للحرب ملايين المشاهدين وقدمت هذه التغطية الحية للحرب ملايين المشاهدين وقدمت هذه التغطية قناة الجزيرة للجماهير العربية في صورة القناة العربية التي تنافس مهنيا قنوات عالمية مثل CNN التي قدمت نموذجا للتغطية الإعلامية المتميزة خلال حرب تحرير الكويت المعروفة بحرب الخليج الثانية.
هذه التغطية الحية للحرب في أفغانستان كرست منزلة الجزيرة في المجال المهني كقناة متميزة وبهذا كسبت الجزيرة مزيدا من ثقة الجماهير بمنطق أنها تلتزم بالمعايير المهنية العالمية للإعلام ويؤكد الخبراء أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت بذكاء أن تستثمر الثقة التي اكتسبتها الجزيرة في أفغانستان وذلك باستغلال هذه الثقة لتكون الحزيرة «قناة اتصال» غير رسمية مع قيادات تنظيم القاعدة وطالبان.
الجزيرة والثورات العربية
مع بداية الثورة التونسية تحركت الجزيرة بسرعة لتنقل علي الهواء وقائع الثورة التونسية علي مدار الأربع وعشرين ساعة وكرست قناتها «الجزيرة مباشر» لنقل أحداث هذه الثورة ولا شك أن هذه المتابعة الحية ساهمت في نجاح الثورة التونسية.
وتكررت التجربة مع ثورة يناير في مصر وبنجاح أكبر لأن الإعلام الرسمي في مصر اتخذ موقفا معاديا للثورة منذ اندلاعها وحتي تنحي الرئيس المخلوع مبارك وكانت القنوات الخاصة في مصر تقف موقفا متأرجحا بين التأييد المتحفظ وإفساح المجال أمام مؤيدي نظام مبارك لفرض مواقفهم المعارضة للثورة.
وكان موقف قناة الجزيرة المؤيد بوضوح وقوة للثورة عاملا له أثره في نجاح ثورة يناير وتكرر الموقف في ليبيا كانت له أبعاد تجاوزت دعم قناة الجزيرة لثوار ليبيا، فقد سارعت قطر الي المشاركة الرمزية في قوات حلف الأطلسي التي دعمت الثوار الليبيين، وأنشأت قناة كرستها لمتابعة أخبار ثورة ليبيا تبث من الدوحة، ومن بني غازي ومن أماكن المعارك التي خاضها الثوار ضد قوات القذافي.
استغلال الدعم الإعلامي
هذا الدعم الإعلامي الذي قدمته قناة الجزيرة للثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن لم يكن دعما خاصا لوجه العروبة أو نشاطا إعلاميا كل هدفه تقديم خدمة إعلامية متميزة بل كان دعما هدفه تمهيد الطريق لحكام قطر لكسب نفوذ أدبي في هذه الدول، ولا أري بأسا في استثمار هذا الدعم لتحقيق نفوذ أدبي، غيرأن طموح حكام قطر تجاوز - علي ما يبدو - حدود النفوذ الأدبي ليحاولوا التدخل السافر في الشأن الداخلي لهذه الدول.
في ليبيا كشف عبدالرحمن شلقم وزير خارجية ليبيا الأسبق ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة وأول من أعلن انضمامه للثورة كشف شلقم عن محاولات قطرية مستقرة للتدخل في شئون ليبيا ومحاولة فرض بعض التيارات السياسية ودعمها بالمال والسلاح للاستيلاء علي السلطة بعد نجاح الثورة وفي سبيل تحقيق هذا المخطط تم إطلاق قناة «الليبية» من طرابلس بتمويل وإدارة قطرية لتكون الذراع الإعلامية للقوي السياسية التي تدعمها قطر وتحاول أن تدفع بها لتقوي مواقع السلطة بل إن الاخبار تتحدث عن دعم مالي ودعم بالسلاح يتدفق من قطر علي هذه القوي مستغلة حالة السيولة السياسية التي تعيشها ليبيا وحالة تشرذم جماعات الثوار المسلحة.
وفي مصر يتكرر المشهد بطريقة تناسب ظروف مصر فيقتصر الأمر ظاهريا علي إطلاق فضائية تدار من الدوحة تحت اسم «الجزيرة مباشر مصر» تحاول أن تدعم اتجاهات سياسية معينة قريبة من التوجهات التي يتبناها حكام قطر ولو أضفنا الي هذا الوضع ما تم تناقله من أخبار عن أموال بالملايين تدفقت من قطر لدعم بعض تيارات الإسلام السياسي في مصر فمعني هذا أننا أمام محاولة للتدخل السافر في الشأن الداخلي في مصر كما هو الحال في ليبيا ومن قبل في تونس.
قنوات محلية تدار من الدوحة
لعل أبرز مظاهر التدخل القطري في الشئون الداخلية لعدد من الدول العربية هو إنشاء فضائيات تابعة للجزيرة يتم بثها من أراضي دول عربية أخري.
كانت البداية عندما قررت الجزيرة بث فترة اخبارية علي موجات قناة الجزيرة مكرسة لأخبار المغرب العربي تحت مسمي «الحصاد المغاربي» وكانت هذه الفترة تبث من المغرب ورأت المغرب أن البث من الأراضي المغربية لقناة ممولة من دولة أخري وتضع هذه الدولة الممولة سياسات هذه القناة رأي المغرب أن هذا تدخل سافر غير مقبول في شئونه الداخلية.
وتكررت التجربة مع مصر بإطلاق قناة «الجزيرة مباشر مصر» وقد أغلقت السلطات المصرية هذه القناة ومنعت بثها من القاهرة ورغم ذلك فإن هذه القناة لم تزل تبث من القاهرة باستخدام تقنيات قادرة علي تجاوز المنع، وتقوم هذه القناة بنفس الدور الذي تقوم به الجزيرة في ليبيا.
وحاولت هذه القناة أن تنسب ثورة يناير الي فصيل من فصائل الإسلام السياسي فقدمت بعض أعضاء هذا الفصيل علي أنهم هم الذين خططوا وقادوا ثورة يناير؟! وأطلقت علي أحدهم لقب أمين عام ائتلاف الثورة؟! ونسبت الي هؤلاء أعمالا خارقة تشبه أعمال «السوبرمان» الأمريكي؟!
ولا شك أن هذا الدور الذي تقوم به قناة الجزيرة يراد به منح قطر نفوذا أدبيا هائلا وقوة ناعمة تستخدمها قطر لفرض نفسها كقوة عربية وإقليمية يحسب لها حساب ويعزز هذا التحرك السياسي للشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري الذي يشتبك مع جميع المشكلات العربية لدعم أحد أطراف المشكلة أو لطرح نفسه كوسيط قادر علي حل هذه المشكلات مدعوما بقوة إعلامية توفرها له قنوات الجزيرة وقوة مادية متوفرة لدي قطر من عائدات الغاز وقوة سياسية تستند الي مباركة ودعم أمريكي.
الجزيرة وأمريكا وإسرائيل
تدرك القيادة السياسية القطرية أن الشعوب العربية تدرك مدي انحياز الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل وأن هذه الشعوب تري - بحق - أن سياسية الإدارات الأمريكية سياسات معادية للحقوق المشروعة للشعوب العربية.
من هنا كانت القيادة القطرية حريصة علي أن تتبني خطابا سياسيا يتسم بنبرة قناة الجزيرة هجمات عنيفة علي سياسات أمريكا خاصة عندما تبلغ هذه السياسات حدا لا يمكن لأي عربي أن يدافع عنها.
وأثار هذا الموقف الذي يمثل تناقضا بين وجود تحالف أمريكي قطري قوي وبين مثل هذه الهجمات وهنا نتوقف أمام التفسير المنطقي لهذا التناقض الظاهري، فالولايات المتحدة الأمريكية تقبل التغاضي عن مثل هذه الهجمات «الصوتية» ذات النبرة العالية لأنها تحصد في الواقع مكاسب بغير حدود عندما تقوم بتسريب الكثير من المفاهيم والاتجاهات التي تخدمها مصالحها الاستراتيجية في المنطقة خلال اخبار وبرامج تصاغ بدقة وذكاء لتتلقاها الشعوب العربية متسللة بين اخبار أو برامج تبثها الجزيرة وتستفيد من ثقة المشاهدين العرب في هذه القناة.
وفي هذا السياق تم إطلاق اخبار عن عقاب أمريكي عارم مما تبثه قناة الجزيرة وأكدت هذه الاخبار التي سربت بذكاء أن الولايات المتحدة وضعت خطة لقصف مقر قناة الحزيرة؟! وتم تداول هذا الخبر بل وقام مدير القناة السابق وضاح صقر برحلات الي لندن وعواصم أخري للتنديد بهذا الهجوم الأمريكي المزعوم؟!
وأتصور أن أي عاقل لا يمكن أن يتصور سذاجة أمريكية بهذه الدرجة وهي - أي أمريكا - تعلم أن قصفا مهما بلغ عنفه لا يمنع أي قناة من العودة للبث بعد لحظات من أي موقع آخر؟!
ولكن الهدف من تسريب هذا الخبر عن قصف أمريكي مزعوم لقناة الجزيرة هو اقناع الجماهير العربية بأن قناة الجزيرة تقف بقوة ضد السياسة الأمريكية وبالتالي تسترد الجزيرة ثقة قطاعات من الجماهير العربية تحدثت عن دعم الجزيرة للمصالح الاستراتيجية الأمريكية.
ولعل من أهم ماقدمه خبراء السياسة والإعلام في مجال تسخير الجزيرة لخدمة السياسات الأمريكية، ما قامت به قناة الجزيرة من تقديم قيادات عسكرية وسياسية اسرائيلية لتقدم تبريراتها لعدوانها علي الفلسطينيين أو للدفاع عن سياساتها التوسعية والإرهابية بحجة الالتزام بالمعايير المهنية.
لقد استطاعت الجزيرة أن تفتح ثغرة كبيرة في طوق المقاطعة العربية لإسرائيل بهذا الظهور الكثيف للإسرائيليين علي شاشاتها وتحت هذه المظلة فتحت إسرائيل مكتبها التجاري في الدوحة.
تبقي كلمة يستحقها شعب قطر وهي التأكيد علي أن الشعب القطري شعب عربي لم يتأثر بما خططه حكامه وظل في كل مناسبة يؤكد عمليا انتماءه القوي لعروبته ورفضه الحاسم لسياسات أمريكا العدوانية وللعدوان الإسرائيلي.
ويكفي أن المكتب التجاري الإسرائيلي حاول أن يستأجر مبني يباشر منه عمله في الدوحة فلم يجد قطريا واحدا يرضي بأن يدنس بيتا يملكه وفد إسرائيل التجاري فأقام بفندق في الدوحة، التفاصيل كثيرة لكن المساحة المتاحة لا تحتمل المزيد وقد أعود لتفصيل أكثر في أوقات قادمة إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.