استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم 24 مايو 2024    عاجل| جيش الاحتلال يكشف عدد ضحاياه في الحرب على غزة (رقم كبير)    الصين تتهم تايوان بدفع الجزيرة نحو الحرب    غارات إسرائيلية تستهدف عددا من المناطق جنوب لبنان    ندالا يبشر الأهلي قبل مواجهة الترجي في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا    أنشيلوتي يتحدث عن.. اعتزال كروس.. مشاركة مبابي في الأولمبياد.. وموقف تشواميني من نهائي الأبطال    محمد عادل: فرصة مصر قوية للتأهل لكأس العالم لكرة القدم للساق الواحدة    غدا.. 27 ألف و779 طالبا وطالبة يؤدون امتحانات الدبلومات الفنية ببني سويف    سياحة ومصايف الإسكندرية: نسب اشغال الشواطئ مرتفعة ورفع الرايا الحمراء في غرب    منتظرون بشغف: كل ما تريد معرفته عن موعد وقفة عيد الأضحى 2024    تعرف على موعد ومكان عزاء شقيق الفنان مدحت صالح    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    صحة دمياط تنظم قافلة حياة كريمة في قرية أبو عدوي    تحرير 21 ألف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    حصاد البرلمان | إصدار قانون إدارة وتشغيل وتطوير المنشآت الصحية.. الأبرز    الاحتفال باليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم بطب عين شمس    قائمة أسعار الأجهزة الكهربائية في مصر 2024 (تفاصيل)    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من ميت سلسيل بالدقهلية    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    ضبط شخص بأسيوط لتزويره الشهادات الجامعية وترويجها عبر فيسبوك    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    راشد: تصدر جنوب الجيزة والدقي وأوسيم ومديرية الطرق إنجاز المشروعات بنسبة 100%    هشام ماجد يكشف عن مفاجأة بشأن مسلسل "اللعبة"    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    «التنمية الصناعية»: طرح خدمات الهيئة «أونلاين» للمستثمرين على البوابة الإلكترونية    "طرد للاعب فيوتشر".. حكم دولي يحسم الجدل بشأن عدم احتساب ركلة جزاء للزمالك    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    نقيب المحامين الفلسطينيين: قرار محكمة العدل ملزم لكن الفيتو الأمريكي يمكنه عرقلة تنفيذه    السيدة زينب.. هل دفنت في مصر؟    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا (4)    وزارة الثقافة تحتفي بأعمال حلمي بكر ومحمد رشدي بحفل ضخم (تفاصيل)    15 دقيقة لوسائل الإعلام بمران الأهلى اليوم باستاد القاهرة قبل نهائى أفريقيا    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    واشنطن تدرس تعيين مسئول أمريكى للإشراف على قوة فلسطينية فى غزة بعد الحرب    ظهرت الآن.. رابط بوابة التعليم الأساسي للحصول على نتيجة الفصل الدراسي الثاني 2024    4 أفلام تتنافس على جوائز الدورة 50 لمهرجان جمعية الفيلم    الإسلام الحضاري    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    جوميز يخطر لاعبي الزمالك بهذا القرار بعد التعادل مع فيوتشر    وزير العمل يشهد تسليم الدفعة الثانية من «الرخص الدائمة» لمراكز التدريب    مجلس أمناء جامعة الإسكندرية يوجه بضرورة الاستخدام الأمثل لموازنة الجامعة    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق «سيوة / مطروح» بطول 300 كم    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    سول تفرض عقوبات ضد 7 أفراد من كوريا الشمالية وسفينتين روسيتين    17 رسالة من «التربية والتعليم» لطمأنة الطلاب    بوتين يوقع قرارا يسمح بمصادرة الأصول الأمريكية    «الحج بين كمال الايمان وعظمة التيسير» موضوع خطبة الجمعة بمساجد شمال سيناء    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    التموين تعلن التعاقد علي 20 ألف رأس ماشية    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطر .. قصة صناعة ولاية أمريكية
نشر في الوفد يوم 12 - 01 - 2012

التدخل القطري السافر والمرفوض في الشأن الداخلي لمصر وليبيا
حكاية القصف الأمريكي المزعوم لقناة الجزيرة
الفراغ الإعلامي العربي منح الجزيرة فرصتها الذهبية
في مقال الأسبوع الماضي حول «الظاهرة القطرية» حاولت رصد الظروف والملابسات التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تري في «إمارة قطر» الاختيار الأمثل من ناحية الموقع والظروف السياسية لتصبح رأس الحربة المؤهلة لردع أي تحركات معادية للسياسات الأمريكية قادمة من إيران أو أي قوة أخري في المنطقة وأيضا لاستخدام الموقع المتميز كمنصة تنصت ومراقبة للتمدد الصيني والروسي في منطقة وسط آسيا وذلك بإقامة أكبر قاعدة عسكرية أمريكية تتمتع بحرية حركة كاملة غير مقيدة بأي حساسيات سياسية للإمارة التي أقيمت القاعدة علي أراضيها.
وفي عجالة رصدت عناصر القوة التي تصنع دولة يكون لها وزن وتمكنها من امتلاك القدرة علي أن تتحول من إمارة صغيرة وهامشية الي «دولة» تنافس الدول ذات النفوذ التقليدي في المنطقة.
وأتصور أن قناة «الجزيرة» هي أحد أهم عناصر القوة التي أتاحت لقطر تحقيق هذا الهدف وفي نفس الوقت طمأنت الولايات المتحدة الأمريكية الي أن «الحليف» الذي صنعته أصبح قادرا علي تقديم «الخدمات» الحيوية التي تحتاجها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل معا.
إطلاق قناة الجزيرة
بعد الإطاحة بأميرقطر الشيخ خليفة آل ثان بانقلاب قام به نجله ولي العهد الشيخ حمد بن خليفة آل ثان وبتخطيط ودعم من وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثان بدأت الخطوات الجادة لتحويل «إمارة قطر» الي «دولة».
كان هاجس اجتياح القوات السعودية لمخفر الحفوس الحدودي القطري والحملة الإعلامية الشرسة التي شنتها علي قطر ترسانة الإعلام السعودي كان هذا الهاجس مسيطرا علي تفكير الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية وقرر الرجل أن تكون الأولوية في مسيرة امتلاك قوة الردع والتأثير موجهة لتأسيس مؤسسة إعلامية قوية.
وشاءت الظروف أن أكون شاهدا علي ميلاد فكرة هذه المؤسسة، كنت أتهيأ لمغادرة الدوحة بعد أن أنهيت بعض الأعمال الخاصة بي عندما تلقيت دعوة من الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية للقاء بمكتبه أبلغني بها الأستاذ أحمد الحمر مدير عام الوكالة القطرية للأنباء، وفي لقاء بمكتب الشيخ حمد ضم كلا من الأستاذ أحمد الحمر والأستاذ أحمد علي مدير المكتب الصحفي لوزير الخارجية طرح وزير الخارجية رؤيته لأهمية إطلاق فضائية تليفزيونية، وطلب مني أن أقدم دراسة لإطلاق مثل هذه القناة وعندما طلبت منه إطلاق قنوات تليفزيون قطر علي موجات فضائية رفض الرجل الفكرة مؤكدا أن الفضائية التي يريد إطلاقها ستكون قناة خاصة مستقلة وسألته ما مساحة الحرية التي ستتاح لمثل هذه القناة؟ وكانت الاجابة الحاسمة «ستكون للقناة حرية مطلقة بلا حدود» وأكد أن هذه الحرية تشمل أيضا التعامل مع أخبار وقضايا قطر.
وكان تعقيبي علي رؤية الرجل هو «في هذه الحالة نستطيع أن نطلق فورا القناة وأضمن لك أنها ستحقق نجاحا باهرا في جذب الجماهير العربية» ولم تمض سوي شهور قليلة حتي كانت قنوات أوربت السعودية توقف البرامج العربية التي تقدمها الB.B.C علي قنواتها لخلافات لا مجال هنا للتوقف أمامها ونتيجة لهذا التوقف استقبل سوق العمل الإعلامي عددا كبيرا من المذيعين ومقدمي البرامج المؤهلين الذين اكتسبوا خبرة في مؤسسة لها سمعة عالمية وهي الB.B.C وانتهز الشيخ حمد بن جاسم هذه الفرصة النادرة مبادرة بالتعاقد مع عدد من هؤلاء الإذاعيين الباحثين عن فرصة عمل وتم تكليف أحد المهندسين القطريين وهو المهندس حسين جعفر للتعاقد فورا علي أحدث التجهيزات الهندسية التي يحتاجها إطلاق فضائية، ولسرعة إطلاق القناة تم بناء «هنجر» في أرض فضاء تقع في نطاق مبني الإذاعة والتليفزيون القطري.
وفي شهرأبريل 1996 كانت الفضائية التي حلم بها الشيخ حمد بن جاسم تنطلق الي الفضاء لتستقبلها الجماهير العربية في جميع البلاد العربية تحت الشعار الذي اتخذته اسما لها وهو «الجزيرة».
سر نجاح الجزيرة
لم تمض سوي بضعة أسابيع حتي كان المثقفون ورجال السياسة في مصر والبلاد العربية يتحدثون عن فضائية جديدة اسمها «الجزيرة» تكسر كل أسوار الحصار الإعلامي التي سيدتها أنظمة الحكم العربية لتمنع تسرب الاخبار التي لا ترضي عنها والتي تتعلق بأي نشاط معارض.
وانتشرت أخبار «الجزيرة» بسرعة خارقة ليتسع نطاق مشاهديها بمعدلات بالغة السرعة ولتجذب قطاعات جديدة من الجماهير العربية كل يوم.
كانت أنظمة الحكم العربية بماوضعته من قيود ثقيلة علي وسائل الإعلام قد تسببت في وجود «فراغ إعلامي» تام، وكانت الجماهير العربية قد فقدت تماما الثقة فيما يبثه الإعلام الرسمي بل والإعلام الخاص الذي يخضع تماما لهيمنة السلطات الحاكمة، وكان التدفق الحر للأخبار خاصة الأخبار الممنوعة تماما في الإعلام الرسمي والخاص كان هذا التدفق الحر للأخبار واستضافة الجزيرة لرموز المعارضة المحظور ظهورهم في إعلام بلادهم كان هذا هو المفتاح السحري الذي حقق لقناة الجزيرة كثافة مشاهدة لم تتحقق لأي وسيلة إعلامية عربية أخري في أي بلد عربي في هذه الحقبة.
انزعاج أنظمة الحكم العربية
بقدر استبشار الجماهير العربية وإقبالها علي مشاهدة هذه القناة الوليدة، بقدر ما استقبل الحكام العرب هذه القناة بقدر كبير من الانزعاج وبدأ بعض هؤلاء الحكام في استخدام وسائل الضغط الدبلوماسي لمنع الجزيرة من التعرض للموضوعات التي تزعج الحكام العرب وعندما فشلت الضغوط الدبلوماسية لجأت بعض الدول الي إغلاق مكاتب الجزيرة، وكان هذا التصرف يتسبب دائما في زيادة شعبية القناة، وكانت المحاولات الأكثر ذكاء هي الاتجاه لإطلاق فضائيات رسمية تتمتع بقدر معقول من الحرية ومن أمثلة هذه القنوات «العربية» السعودية أما مصر فقد سمح نظام حكم مبارك بقدر من الحرية للقنوات الرسمية وبقدر أكبر من الحرية للقنوات الخاصة.
الجزيرة في أفغانستان
وجاءت حرب أفغانستان والغزو الأمريكي بدعوي الحرب علي الإرهاب، جاءت هذه الحرب ليستغلها المسئولون عن رسم الخطط الأمريكية أفضل استغلال فقد انفردت الجزيرة بتغطية هذه الحرب في مختلف ميادينها، وجذبت هذه التغطية الحية للحرب ملايين المشاهدين وقدمت هذه التغطية الحية للحرب ملايين المشاهدين وقدمت هذه التغطية قناة الجزيرة للجماهير العربية في صورة القناة العربية التي تنافس مهنيا قنوات عالمية مثل CNN التي قدمت نموذجا للتغطية الإعلامية المتميزة خلال حرب تحرير الكويت المعروفة بحرب الخليج الثانية.
هذه التغطية الحية للحرب في أفغانستان كرست منزلة الجزيرة في المجال المهني كقناة متميزة وبهذا كسبت الجزيرة مزيدا من ثقة الجماهير بمنطق أنها تلتزم بالمعايير المهنية العالمية للإعلام ويؤكد الخبراء أن الولايات المتحدة الأمريكية استطاعت بذكاء أن تستثمر الثقة التي اكتسبتها الجزيرة في أفغانستان وذلك باستغلال هذه الثقة لتكون الحزيرة «قناة اتصال» غير رسمية مع قيادات تنظيم القاعدة وطالبان.
الجزيرة والثورات العربية
مع بداية الثورة التونسية تحركت الجزيرة بسرعة لتنقل علي الهواء وقائع الثورة التونسية علي مدار الأربع وعشرين ساعة وكرست قناتها «الجزيرة مباشر» لنقل أحداث هذه الثورة ولا شك أن هذه المتابعة الحية ساهمت في نجاح الثورة التونسية.
وتكررت التجربة مع ثورة يناير في مصر وبنجاح أكبر لأن الإعلام الرسمي في مصر اتخذ موقفا معاديا للثورة منذ اندلاعها وحتي تنحي الرئيس المخلوع مبارك وكانت القنوات الخاصة في مصر تقف موقفا متأرجحا بين التأييد المتحفظ وإفساح المجال أمام مؤيدي نظام مبارك لفرض مواقفهم المعارضة للثورة.
وكان موقف قناة الجزيرة المؤيد بوضوح وقوة للثورة عاملا له أثره في نجاح ثورة يناير وتكرر الموقف في ليبيا كانت له أبعاد تجاوزت دعم قناة الجزيرة لثوار ليبيا، فقد سارعت قطر الي المشاركة الرمزية في قوات حلف الأطلسي التي دعمت الثوار الليبيين، وأنشأت قناة كرستها لمتابعة أخبار ثورة ليبيا تبث من الدوحة، ومن بني غازي ومن أماكن المعارك التي خاضها الثوار ضد قوات القذافي.
استغلال الدعم الإعلامي
هذا الدعم الإعلامي الذي قدمته قناة الجزيرة للثورات العربية في تونس ومصر وليبيا واليمن لم يكن دعما خاصا لوجه العروبة أو نشاطا إعلاميا كل هدفه تقديم خدمة إعلامية متميزة بل كان دعما هدفه تمهيد الطريق لحكام قطر لكسب نفوذ أدبي في هذه الدول، ولا أري بأسا في استثمار هذا الدعم لتحقيق نفوذ أدبي، غيرأن طموح حكام قطر تجاوز - علي ما يبدو - حدود النفوذ الأدبي ليحاولوا التدخل السافر في الشأن الداخلي لهذه الدول.
في ليبيا كشف عبدالرحمن شلقم وزير خارجية ليبيا الأسبق ومندوبها الدائم في الأمم المتحدة وأول من أعلن انضمامه للثورة كشف شلقم عن محاولات قطرية مستقرة للتدخل في شئون ليبيا ومحاولة فرض بعض التيارات السياسية ودعمها بالمال والسلاح للاستيلاء علي السلطة بعد نجاح الثورة وفي سبيل تحقيق هذا المخطط تم إطلاق قناة «الليبية» من طرابلس بتمويل وإدارة قطرية لتكون الذراع الإعلامية للقوي السياسية التي تدعمها قطر وتحاول أن تدفع بها لتقوي مواقع السلطة بل إن الاخبار تتحدث عن دعم مالي ودعم بالسلاح يتدفق من قطر علي هذه القوي مستغلة حالة السيولة السياسية التي تعيشها ليبيا وحالة تشرذم جماعات الثوار المسلحة.
وفي مصر يتكرر المشهد بطريقة تناسب ظروف مصر فيقتصر الأمر ظاهريا علي إطلاق فضائية تدار من الدوحة تحت اسم «الجزيرة مباشر مصر» تحاول أن تدعم اتجاهات سياسية معينة قريبة من التوجهات التي يتبناها حكام قطر ولو أضفنا الي هذا الوضع ما تم تناقله من أخبار عن أموال بالملايين تدفقت من قطر لدعم بعض تيارات الإسلام السياسي في مصر فمعني هذا أننا أمام محاولة للتدخل السافر في الشأن الداخلي في مصر كما هو الحال في ليبيا ومن قبل في تونس.
قنوات محلية تدار من الدوحة
لعل أبرز مظاهر التدخل القطري في الشئون الداخلية لعدد من الدول العربية هو إنشاء فضائيات تابعة للجزيرة يتم بثها من أراضي دول عربية أخري.
كانت البداية عندما قررت الجزيرة بث فترة اخبارية علي موجات قناة الجزيرة مكرسة لأخبار المغرب العربي تحت مسمي «الحصاد المغاربي» وكانت هذه الفترة تبث من المغرب ورأت المغرب أن البث من الأراضي المغربية لقناة ممولة من دولة أخري وتضع هذه الدولة الممولة سياسات هذه القناة رأي المغرب أن هذا تدخل سافر غير مقبول في شئونه الداخلية.
وتكررت التجربة مع مصر بإطلاق قناة «الجزيرة مباشر مصر» وقد أغلقت السلطات المصرية هذه القناة ومنعت بثها من القاهرة ورغم ذلك فإن هذه القناة لم تزل تبث من القاهرة باستخدام تقنيات قادرة علي تجاوز المنع، وتقوم هذه القناة بنفس الدور الذي تقوم به الجزيرة في ليبيا.
وحاولت هذه القناة أن تنسب ثورة يناير الي فصيل من فصائل الإسلام السياسي فقدمت بعض أعضاء هذا الفصيل علي أنهم هم الذين خططوا وقادوا ثورة يناير؟! وأطلقت علي أحدهم لقب أمين عام ائتلاف الثورة؟! ونسبت الي هؤلاء أعمالا خارقة تشبه أعمال «السوبرمان» الأمريكي؟!
ولا شك أن هذا الدور الذي تقوم به قناة الجزيرة يراد به منح قطر نفوذا أدبيا هائلا وقوة ناعمة تستخدمها قطر لفرض نفسها كقوة عربية وإقليمية يحسب لها حساب ويعزز هذا التحرك السياسي للشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري الذي يشتبك مع جميع المشكلات العربية لدعم أحد أطراف المشكلة أو لطرح نفسه كوسيط قادر علي حل هذه المشكلات مدعوما بقوة إعلامية توفرها له قنوات الجزيرة وقوة مادية متوفرة لدي قطر من عائدات الغاز وقوة سياسية تستند الي مباركة ودعم أمريكي.
الجزيرة وأمريكا وإسرائيل
تدرك القيادة السياسية القطرية أن الشعوب العربية تدرك مدي انحياز الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل وأن هذه الشعوب تري - بحق - أن سياسية الإدارات الأمريكية سياسات معادية للحقوق المشروعة للشعوب العربية.
من هنا كانت القيادة القطرية حريصة علي أن تتبني خطابا سياسيا يتسم بنبرة قناة الجزيرة هجمات عنيفة علي سياسات أمريكا خاصة عندما تبلغ هذه السياسات حدا لا يمكن لأي عربي أن يدافع عنها.
وأثار هذا الموقف الذي يمثل تناقضا بين وجود تحالف أمريكي قطري قوي وبين مثل هذه الهجمات وهنا نتوقف أمام التفسير المنطقي لهذا التناقض الظاهري، فالولايات المتحدة الأمريكية تقبل التغاضي عن مثل هذه الهجمات «الصوتية» ذات النبرة العالية لأنها تحصد في الواقع مكاسب بغير حدود عندما تقوم بتسريب الكثير من المفاهيم والاتجاهات التي تخدمها مصالحها الاستراتيجية في المنطقة خلال اخبار وبرامج تصاغ بدقة وذكاء لتتلقاها الشعوب العربية متسللة بين اخبار أو برامج تبثها الجزيرة وتستفيد من ثقة المشاهدين العرب في هذه القناة.
وفي هذا السياق تم إطلاق اخبار عن عقاب أمريكي عارم مما تبثه قناة الجزيرة وأكدت هذه الاخبار التي سربت بذكاء أن الولايات المتحدة وضعت خطة لقصف مقر قناة الحزيرة؟! وتم تداول هذا الخبر بل وقام مدير القناة السابق وضاح صقر برحلات الي لندن وعواصم أخري للتنديد بهذا الهجوم الأمريكي المزعوم؟!
وأتصور أن أي عاقل لا يمكن أن يتصور سذاجة أمريكية بهذه الدرجة وهي - أي أمريكا - تعلم أن قصفا مهما بلغ عنفه لا يمنع أي قناة من العودة للبث بعد لحظات من أي موقع آخر؟!
ولكن الهدف من تسريب هذا الخبر عن قصف أمريكي مزعوم لقناة الجزيرة هو اقناع الجماهير العربية بأن قناة الجزيرة تقف بقوة ضد السياسة الأمريكية وبالتالي تسترد الجزيرة ثقة قطاعات من الجماهير العربية تحدثت عن دعم الجزيرة للمصالح الاستراتيجية الأمريكية.
ولعل من أهم ماقدمه خبراء السياسة والإعلام في مجال تسخير الجزيرة لخدمة السياسات الأمريكية، ما قامت به قناة الجزيرة من تقديم قيادات عسكرية وسياسية اسرائيلية لتقدم تبريراتها لعدوانها علي الفلسطينيين أو للدفاع عن سياساتها التوسعية والإرهابية بحجة الالتزام بالمعايير المهنية.
لقد استطاعت الجزيرة أن تفتح ثغرة كبيرة في طوق المقاطعة العربية لإسرائيل بهذا الظهور الكثيف للإسرائيليين علي شاشاتها وتحت هذه المظلة فتحت إسرائيل مكتبها التجاري في الدوحة.
تبقي كلمة يستحقها شعب قطر وهي التأكيد علي أن الشعب القطري شعب عربي لم يتأثر بما خططه حكامه وظل في كل مناسبة يؤكد عمليا انتماءه القوي لعروبته ورفضه الحاسم لسياسات أمريكا العدوانية وللعدوان الإسرائيلي.
ويكفي أن المكتب التجاري الإسرائيلي حاول أن يستأجر مبني يباشر منه عمله في الدوحة فلم يجد قطريا واحدا يرضي بأن يدنس بيتا يملكه وفد إسرائيل التجاري فأقام بفندق في الدوحة، التفاصيل كثيرة لكن المساحة المتاحة لا تحتمل المزيد وقد أعود لتفصيل أكثر في أوقات قادمة إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.