مفاجأة في سعر الدولار اليوم في البنوك    مفاجأة عن نهج الرئيس الجديد لتايوان مع بكين    توافد طلاب الشهادة الإعدادية على لجان الشرقية لأداء امتحانة العربي والدين (صور)    محمد سامي ومي عمر يخطفان الأنظار في حفل زفاف شقيقته (صور)    تشكيل الترجي المتوقع لمواجه الأهلي ذهاب نهائي دوري أبطال أفريقيا    جلسات تحفيزية بفندق الإقامة للاعبي الأهلي قبل مواجهة الترجي    أسعار اللحوم والدواجن والخضروات والفواكه اليوم السبت 18 مايو    الأرصاد تحذر من طقس اليوم وتوجه نصائح لمواجهة ارتفاع الحرارة    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 18 مايو    أوما ثورمان وريتشارد جير على السجادة الحمراء في مهرجان كان (صور)    ناقد رياضي: الترجي سيفوز على الأهلي والزمالك سيتوج بالكونفدرالية    أكثر من 142 ألف طالب يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية بالشرقية اليوم    ذوي الهمم| بطاقة الخدمات المتكاملة.. خدماتها «مش كاملة»!    عادل إمام.. تاريخ من التوترات في علاقته بصاحبة الجلالة    زعيم كوريا الشمالية يشرف على اختبار صاروخ جديد: تعزيز الحرب النووية    عاجل - آخر تحديث لسعر الذهب اليوم في مصر.. عيار 21 يسجل 3150 جنيها    عاجل.. حدث ليلا.. اقتراب استقالة حكومة الحرب الإسرائيلية وظاهرة تشل أمريكا وتوترات بين الدول    زيلينسكي: أوكرانيا ليس لديها سوى ربع الوسائل الدفاعية الجوية التي تحتاجها    نوح ومحمد أكثر أسماء المواليد شيوعا في إنجلترا وويلز    لبلبة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: الدنيا دمها ثقيل من غيرك    كاسترو يعلق على ضياع الفوز أمام الهلال    خالد أبو بكر: لو طلع قرار "العدل الدولية" ضد إسرائيل مين هينفذه؟    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    رابط مفعل.. خطوات التقديم لمسابقة ال18 ألف معلم الجديدة وآخر موعد للتسجيل    حلاق الإسماعيلية: كاميرات المراقبة جابت لي حقي    إصابة 3 أشخاص في تصادم دراجة بخارية وعربة كارو بقنا    نصائح طارق يحيى للاعبي الزمالك وجوميز قبل مواجهة نهضة بركان    الأول منذ 8 أعوام.. نهائي مصري في بطولة العالم للإسكواش لمنافسات السيدات    فانتازي يلا كورة.. هل تستمر هدايا ديكلان رايس في الجولة الأخيرة؟    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون يطالبون بنسف قانون التأمينات الاجتماعية
نشر في الوفد يوم 08 - 03 - 2017

مطلوب رفع الحد الأدنى التأمينى إلى 6 آلاف.. والمعاش العادل 7500 جنيه
9 ملايين مواطن يعيشون فى أحضان الهموم، بلا قمر ولا نجوم..جميعهم يصبّر نفسه ويدوس على يأسه، على أمل أن ينجو من الكابوس الذى يعيشه، ولكنه فى النهاية، يتوه وسط الزحام ويغرق فى بحار الآلام.
الملايين التسعة -وهم إجمالى أصحاب المعاشات- يتعرضون لأبشع جريمة أخلاقية، وأفظع خطيئة دينية، وأكبر عار اقتصادى، وأبشع فضيحة اجتماعية..
يتعرضون لكل ذلك رغم أنهم ضعفاء، وهنت عظامهم واشتعل شعرهم شيباً، ولكن الجانى المتجبر-وهى الحكومة- تصر-أولاً- على الاستحواذ على أموالهم، وتصر -ثانياً- على الإبقاء على قوانين العهد الاشتراكى لكى تحدد قيمة المعاشات وقواعد صرفها، رغم أن ذات الحكومة طلقت العهد الاشتراكى بالثلاثة، وتركت المصريين تحت رحمة السوق الحر!
والعجيب أن البرلمان، يعرف هذه الفضيحة، ولكنه -حتى الآن- ارتضى لنفسه أن يكون شيطاناً أخرس بالسكوت عن الحق، ومن يبحث فى ملف معاشات المصريين سيجد نفسه أمام 3 ألغاز محيرة.. أولها أن أموال المعاشات 684 مليار جنيه، ورغم ذلك فإن أقصى معاش 1750 جنيهاً!. اللغز الثانى يتعلق بإصرار الحكومة على الإبقاء على القوانين الاشتراكية، التى تحدد قيمة المعاشات وقواعد صرفها رغم أننا نعيش زمن الرأسمالية!.. اللغز الثالث يتعلق بالطريقة التى يتم بها احتساب قيمة المعاش،وحسب خبير محاسبات، فإن المتوسط العادل للمعاشات فى مصر يبلغ 7500 جنيه شهرياً.. وبالتالى كيف يحصل 48% من أصحاب المعاشات على أقل من 1200 جنيه شهرياً؟!
وفى المقابل، يهدد أصحاب المعاشات كل مسئولى مصر.. يهددونهم ليس بتنظيم مظاهرة أو اعتصام أو المشاركة فى عمل إرهابي، وإنما يهددونهم بالدعاء عليهم.. وأحدهم قال لي: أحذر المسئولين.. أحذرهم من دعاء أصحاب الشعر الأبيض».
منذ زمن مبارك والدولة تتعامل مع أصحاب المعاشات كما لو كانوا عالة أو متسولين أو طالبى إحسان.. وبعد ثورة يناير لم تتغير ذات النظرة لهم.. رغم أنهم بلغة الأرقام والثروة مليارديرات، يمتلكون 684 مليار جنيه، ورغم ذلك يعيشون حفاة عراة، يتسولون الدواء والغذاء!
والظلم فى مملكة المعاشات، بلا آخر، والغريب أنه يحتمى بالقانون، وتحديداً يحتمى فى 5 قوانين بالتمام والكمال وهى قانون 79 لسنة 1975، والخاص بالعاملين لدى الغير، وقانون 108 لسنة 1976 لأصحاب الأعمال والتأمين عليهم، والقانون 50 لسنة 1978 للعاملين بالخارج، والقانون 112 لسنة 1980، والخاص بالعمالة غير المنتظمة، وقانون 71 لسنة 1964، الخاص بالمعاشات الاستثنائية، وليس فى مصر أحد إلا ويقر ويعترف بأن القوانين الخمسة فى حاجة إلى تعديل، بدليل أن الحكومة ذاتها بدأت منذ عام 2015 فى إعداد مشروع قانون جديد للتأمينات والمعاشات، وأعدت بالفعل مسودة قانون جديد موحد للتأمينات والمعاشات.
وحسب مصادر حكومية، فإن مسودة القانون التى أعدتها وزارة التضامن تحوى عدة تعديلات، على رأسها حساب المعاش بنسبة 80% على آخر أجر، وليس متوسط نسبة ما يتقاضاه الفرد خلال العام الأخير.
المسودة أيضًا تضمنت رفع الحد الأدنى من قيمة اشتراك التأمينات، وهو ما يغلق الباب أمام أصحاب العمل الذين يؤمنون اجتماعياً على العاملين لديهم بمبالغ هزيلة تقل كثيراً عن الرواتب التى يحصلون عليها بالفعل، وأيضًا تعديل البنود الخاصة بالعمالة غير المنتظمة، وأعمال المقاولة من أجل إلزامهم بالتأمينات وضمان حقوقهم، وليست الحكومة وحدها التى تعترف بضرورة تعديل قانون المعاشات، فهناك أكثر من 60 نائباً فى البرلمان، يعترفون بذات الأمر، وقدموا بالفعل مشروع قانون لإضافة 3 مواد جديدة لقانون المعاشات والتأمينات تقضى بأن يتقاضى كل مواطن معاشاً شهرياً بمجرد بلوغه سن المعاش أو الوفاة، سواء أكان ممن يعمل بالجهاز الإدارى للدولة أو من لم يعين بأى جهة عمل.. كما شملت التعديلات أيضًا حصول الورثة الشرعيين على معاش التضامن فى حالة وفاة عائلهم، وكذلك صرف معاش شهرى لكل معاق يبلغ من السن 21 عامًا وغير قادر على العمل.
ورغم أن الحكومة والبرلمان يقران بأن قانون التأمينات، يحتاج إلى تغيير شامل أو على الأقل تعديل، إلا أن شيئاً لم يحدث على أرض الواقع، واستمرت مأساة أصحاب المعاشات!
وفى المقابل يؤكد شوقى الصباغ -رئيس النقابة العامة لأصحاب المعاشات- أن كل قوانين التأمينات والمعاشات لا تحتاج إلى تعديل وإنما يجب نسفها.. ويقول: «ليس مقبولاً أخلاقياً ولا سياسياً ولا اجتماعياً، ولا اقتصادياً أن تظل قوانين التأمينات على حالها».
ويضيف: «قوانين التأمينات التى لا تزال تتحكم فى المعاشات صدرت فى فترة تختلف قلباً وقالباً عما يحدث الآن، فهذه القوانين صدرت فى فترة السبعينات، ووقتها كانت الحكومة تلتزم بتوفير فرصة عمل لكل من يحصل على مؤهل دراسى» وكان بعض الخريجين يتهربون من التعيين فى الحكومة، فكانت تعاقبهم بفرض غرامات كبيرة عليهم، ولهذا كان كل موظف فى مصر يقضى فى الخدمة أكثر من 36 عاماً، وهو ما يعطيه الحق فى الحصول على المعاش كاملاً، أما الآن فلا يفوز بوظيفة حكومية سوى أصحاب الحظ العظيم، كما لم يعد الحصول على وظيفة فى القطاع الخاص أمراً سهلاً، وفى الغالب لا يفوز الخريجون الجدد بوظيفة خاصة سوى بعد سنوات طويلة من البحث، والبعض يظل عاطلاً وباحثاً عن وظيفة لسنوات قد تصل إلى 10 أو 15 عاماً، وهكذا أصبح فى حكم المستحيل أن يحصل المواطن فى مصر على معاشه كاملاً، لأن القانون يشترط أن يقضى الموظف فى عمله 36 عاماً، حتى يحصل على معاشه كاملاً.
ويواصل رئيس نقابة أصحاب المعاشات: «هناك فروق أخرى رهيبة بين الوضع الحالى، والأوضاع التى كانت سائدة فى السبعينات، وقت صدور قوانين التأمينات، ففى السبعينات، كانت الحكومة تسيطر على الأسعار بشكل كامل، وكانت هناك تسعيرة جبرية لكل سلعة أو خدمة، أما الآن فالأسعار سداح مداح، وكل تاجر أو صانع يبيع سلعته بالثمن الذى يحلو له، وأيضًا كانت الدولة تقدم دعم تموينى كامل لكل مواطن فى مصر، ولهذا الأمر لم يعد قائماً الآن، وفوق هذا فإن كل القوانين التى تحكم عالم المعاشات صدرت فى عصر الاشتراكية، بينما نعيش منذ عقود طويلة فى ظل نظام رأسمالى، وبالتالى فكل هذه التغيرات تحتم تعديل كل قوانين التأمينات، لتتماشى مع الأوضاع القائمة التى اختلفت كلياً وجزئياً عن وقت إصدار تلك القوانين فى السبعينات».
وأوضح رئيس نقابة المعاشات أن تعديلات جوهرية يجب أن تدخل على قوانين التأمينات، أولها النص على وجود علاوة دورية سنوية لأصحاب المعاشات تعادل قيمة التضخم السنوى، مع رفع الحد الأقصى للأجر التأمينى من 3652 جنيهاً، إلى 6 آلاف جنيه وهو ما يرفع من قيمة المعاش، مع إنشاء صندوق خاص لرعاية أصحاب المعاشات، وصرف منح خاصة لهم فى المناسبات والأعياد وحالات المرض.. ويقول: « لأن الحد الأقصى الحالى للأجر التأمينى هو 3652 جنيهاً، فإن أقصى معاش يحصل عليه من يخرج للمعاش حالياً هو 1750 جنيهاً وهو مبلغ لا يشترى 15 كيلو لحمة.
وأضاف: «الدولة عليها أن تحتوى أصحاب المعاشات، الذين منحوا مصانعهم وشركاتهم والهيئات والمؤسسات التى عملوا فيها زهرة شبابهم، ولا يصح أبداً أن يعاملهم المسئولون بطريقة خيل الحكومة التى يجب أن تقتل أو تموت بمجرد أن تتوقف عن العمل».
تأكل فى بطونها ناراً
الحكومة تهدر 53 مليار جنيه من العوائد سنوياً.. وهيئة التأمينات حققت 2 مليار جنيه أرباحاً فى العام الأخير
طوال 4 عقود، والحكومات المتعاقبة تستغل المعاشات، وتستولى على أموالهم، ثم لا تلقى لأصحابها إلا الفتات، وتتركهم يحتسون دموع جراحهم، بعد أن أفنوا أجمل سنوات عمرهم وزهرة شبابهم فى العمل، وعندما تحل بهم الشيخوخة يفاجأون بانخفاض دخولهم لنسب تصل أحياناً إلى 90%، وعندها تصدمهم المفاجأة، فكيف يعيشون بدخول لا تزيد على 10% مما كانوا يحصلون عليه قبل المعاش.. بعضهم لا يحتمل الصدمة فيقصف الحزن عمره، والأشداء منهم يسقطون فى أنياب الضغط والسكر، وقائمة طويلة أخرى من الأمراض، ويزيد حزنهم عندما يعجزون عن الوفاء بمتطلبات أبنائهم، فيشعرون أن باطن الأرض أفضل لهم من ظهرها.
يحدث كل هذا لأصحاب المعاشات رغم أن أموال المعاشات فى مصر حالياً تبلغ 648 مليار جنيه، ورغم أن الحكومة نصبت من نفسها أميناً على أموال المعاشات ففعلت بها الأفاعيل..
والمفاجأة أن هيئة التأمينات والمعاشات حققت هذا العام 2 مليار جنيه فائضاً بين إيراداتها ومصروفاتها، ومع ذلك ترفض زيادة المعاشات!
فخلال العام الماضى بلغت مصروفات هيئة التأمينات والمعاشات 116 مليار جنيه، فى مقابل إيرادات بلغت 118 مليار جنيه تشمل 38 مليار جنيه من تحصيل أموال التأمينات من العاملين بالقطاع العام وقطاع الأعمال، و24 مليار جنيه من تحصيل أموال تأمينات من العاملين بالقطاع الخاص، و5.5 مليار جنيه تمثل فوائد 55 مليار جنيه من أموال المعاشات يستثمرها بنك الاستثمار مقابل فائدة سنوية قيمتها 10%، و29٫5 مليار جنيه عائدات صكوك قيمتها 328 مليار جنيه، تستثمرها الحكومة بعائد 9%، و20 مليار جنيه عائدات 137 مليار جنيه من أموال المعاشات تستخدمها الحكومة فى الاستثمارات المباشرة.
وتكشف هذه الأرقام عجزاً حكومياً واضحاً فى استثمار أموال المعاشات، بدليل أن البنوك المصرية تمنح فوائد للمودعين بنسب تتراوح بين 13% و16%، وبالتالى فلو أن أموال المعاشات مودعة فى أى بنك من تلك البنوك فإن عوائدها السنوية تتراوح بين 88,9 مليار جنيه و109٫44 مليار جنيه، فى حين أن الحكومة لا تحقق منها عوائد سوى 56 مليار جنيه فقط، وهكذا تسبب الإدارة الحكومية فى ضياع ما بين 34 ملياراً و53 مليار جنيه سنوياً على أصحاب المعاشات!
إذن، المعاشات التى يحصل عليها أصحابها ليست من خزانة الدولة، إنما هى من أموال مدخراتهم حتى بلوغهم سن المعاش، ولكن الحكومة استولت عليها وفشلت فى استثمارها بصورة جيدة.
مفاجأة
الحكومة تحسب قيمة المعاش على متوسط الحد الأدنى للأجور
على أى أساس يتم حساب قيمة المعاشات؟.. كل من سألتهم عن هذا السؤال من خبراء وأصحاب معاشات قالوا إن الحكومة تعتمد فى تحديد المعاشات بناء على دراسة اكتوارية تسير على هديها وزارة التضامن الاجتماعية..
هذه الإجابة تثير سؤالاً آخر، عن تفاصيل تلك الدراسة ومن أعدها؟.. السؤال يفرض نفسه بقوة خاصة أن قيمة المعاشات فى مصر محيرة للغاية.
ففى مصر حالياً 9 ملايين صاحب معاش، منهم مليون و600 ألف لا تتجاوز معاشات كل منهم 600 جنيه شهرياً، وهناك 4 ملايين آخرين (نحو 48% من أصحاب المعاشات) معاشاتهم ما بين أقل من 1200 جنيه، والباقى موزعون ما بين 1200 جنيه وأعلاهم يحصل على 1750 جنيهاً.
ويفجر خبير المحاسبات -السيد رضوان- مفاجأة، مؤكداً أن كل موظف لو وضع قيمة ما يسدده من تأمينات فى أحد البنوك شهرياً، فإنه عندما يصل لسن الستين سيحصل على عوائد تزيد على ضعف قيمة المعاش الذى تصرفه له الحكومة.. ويقول: «كل موظف أو عامل مؤمن عليه يدفع للتأمينات 14% من راتبه الشهرى، وتسدد جهة العمل 26% من ذات الراتب ليبلغ مجموع ما يتم سداده للتأمينات شهرياً 40% من الأجر الأساسى والمتغير، وبحد أقصى 3652 جنيهاً».
ويضيف: «الحد الأدنى للأجر التأمينى هو 400 جنيه شهرياً، والأقصى 3652، وبالتالى يكون المتوسط هو 4052 جنيهاً، والمبلغ التأمينى لهذا الأجر شهرياً يبلغ 1620 جنيهاً، لو تم إيداع هذا كل شهر فى أحد البنوك، فإنه بعد 36 عاماً سيحقق إجمالى ودائع تبلغ 699 ألفاً و840 جنيهاً، وعائد هذا المبلغ فى أى بنك يصل إلى 7 آلاف و581 جنيهاً شهرياً، وهذا المبلغ هو المتوسط العادل للمعاشات فى مصر، ولكن الحكومة تحدد قيمة المعاشات على الحد الأدنى للأجور البالغ 1200 جنيه شهرياً».
ويضيف: «سيقول قائل إن أصحاب المعاشات يحصلون على تأمين صحى مدعم وبالتالى فإن جانباً من مخصصاتهم يجب توجيهها للتأمين الصحى، وهذا كلمة حق يراد بها باطل، لأسباب كثيرة أهمها أن مستشفيات التأمين الصحى لا تقدم الحد الأدنى للرعاية الصحية، وبالتالى فإن الغالبية العظمى من أصحاب المعاشات يعالجون على نفقتهم الخاصة».
حكم الدستورية
لكل صاحب معاش الحق فى 80% من العلاوات التى لم يتم ضمها لراتبه أثناء الخدمة
أوجاع أصحاب المعاشات، أشد ألماً من الجروح المملوءة بالملح، ونضالهم طويل وممتد، كما لو أنهم يناضلون محتلاً لا يعرف الرحمة، أو غريباً بلا قلب.
فمنذ سنوات طويلة رفع مجموعة من أصحاب المعاشات دعوى قضائية لضم العلاوات الاجتماعية لمعاشهم التى صدرت أثناء وجودهم فى الخدمة ولم تضف إلى الأجر المتغير.. وحكمت المحكمة الدستورية لصالحهم فى الدعوى التى تحمل رقم 33 لسنة 52 ق دستورية بعد سنوات من التقاضى، وتم نشر الحكم فى 23 يونيو 2005.. فماذا فعلت الحكومة؟.. رفضت تعميم الحكم رغم أنه صادر من المحكمة الدستورية العليا.. واشترطت على كل صاحب معاش أن يرفع دعوى بنفسه.
وبعد 12 عاماً أخرى من حكم الدستورية العليا وهى أعلى محكمة مصرية.. أوصت هيئة مفوضى محكمة القضاء الإدارى بأحقية كل أصحاب المعاشات فى 80 % من العلاوات التى لم تضف لرواتبهم دون اللجوء إلى القضاء.. وقريباً سيصدر حكم بهذا المعنى، وهو ما سيزيد معاشات كل الذين خرجوا للمعاش فى الثلاثين عاماً الأخيرة..
وإذا كانت الحكومة تعتقد أن صبر أصحاب المعاشات لن ينفد، فهى واهمة، فالغضب بلغ مداه بينهم، ولم يعد فى قوس الصبر منزع –كما يقول المثل العربى الشهير-.. وحسب محمد صبرى –بالمعاش- «نحن أصحاب المعاشات نمتلك مفاتيح كل الانتخابات إذ نمتلك نحن وأسرنا أكثر من 30 مليون صوت انتخابى ومستعدون لانتخاب الشيطان فى الانتخابات القادمة إذا تبنى قضايانا.. مش معقول الأسعار ارتفعت أضعافاً مضاعفة ومعاشاتنا ثابتة لا تكفى العيش الحاف.. البرلمان فاشل والحكومة فاشلة.. حسبى الله ونعمل وكيل فى الظالم.. الناس تعبت».
أحزان أصحاب المعاشات، لا تتوقف عند هذا الحد، فلديهم شعور طاغ بأن الحكومة تتطاول عليهم، وتكذب عليهم، وتتعامل معهم كما لو كانوا عبيد إحسان.. وكما يقول –عبدالفتاح عبدالمعطى– وكيل وزارة سابق بالمعاش- «لا يترك مسئول الحكومة مناسبة، إلا ويمنون على أصحاب المعاشات بالقول بأن المعاشات زادت منذ 2011 وحتى الآن بنسبة 60 %، ونسى المسئولون أو تناسوا أن مرتبات جميع الموظفين بالدولة زادت فى نفس الفترة بنسب تتراوح بين 300% و1000%، وفى ذات الوقت ارتفع التضخم من 2011 وحتى الآن بنسبة تبلغ 500%.. والكارثة الأكبر أن الجنيه فقد أكثر من 60% من قيمته، والأسعار زادت بنسبة 1000% وهو ما يعنى أن القيمة الشرائية للمعاشات تراجعت بشكل مخيف، رغم زيادة ال60% التى تتفاخر بها الحكومة».
يشعر أصحاب المعاشات بالمهانة والعجز، وهم فى خريف العمر، ورغم ضعفهم وقلة حيلتهم وهوانهم على الحكومة وأعضاء البرلمان، إلا أنهم جميعاً –كما يقول حسين أحمد– أحد أصحاب المعاشات- يحذرون المسئولين من غضبهم.. سألته: ممكن تعملوا إيه يعنى؟
فنظر إلى وقال وهو يضغط بما تبقى له من أسنان على كل حرف ينطقه: ممكن نعمل كتير.. وأقول لكل المسئولين اتقوا دعوة أصحاب الشعر الأبيض، فليس بينها وبين الله حجاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.