«الجهد الذى تبذله اليوم كأنك تبنى مكانا لنفسك فى الغد، فكلما كان البناء صحيحا، كان مكانتك لائقة»..هكذا عقيدته منذ نعومة أظافره...الصدق يقود الى الارتقاء بالذات، والحكمة تمنحك الإقناع.. فلسفة استمدها من والده.. بيئته التربوية التى نشأ فيها منحته الثقة بالنفس، والحكمة فى تقدير الأمور.. رتب لحياته بصورة دقيقة، والصدفة وحدها وضعت البيزنس فى طريقه. عماد الدين نصر العضو المنتدب لشركة «أمان» المالية ليس من طبعه الندم، ومن هنا يكون أكثر تحفظا فى قراراته، رغم مغامراته العملية، تخصصه المحاسبى يجعله أكثر دقة.. يلتمس الأعذار ولا يسىء الظن بالآخرين. فى حى يجمع بين الأصالة والمعاصرة.. ومبنى يتميز بالطابع المعمارى الفريد، على بعد أمتار من قصر عابدين يقع مكتب الرجل.. بدأ الرجل أكثر تحفظا ربما لعدم سابق لقاء بيننا، حذر فى حديثه، يؤثر السلامة حتى لا يتحمل آثار الكلمة.. فى غرفة مكتبه جلسنا.. يبدو منشغلا بين حديثنا وعمله، وكثيرا ما توقف الحديث.. صراع ورؤية تحمل الضبابية ظلت تسيطر على الرجل طوال السنوات الماضية.. «يكفى ما شهده وتكبده الاقتصاد بسبب الخوف من القرارات الحاسمة، والأيادى المرتعشة وهذا كلفنا كثيرا فى الفترات الماضية، وتأخرت عملية الاصلاحات الاقتصادية الى ان تفاقم الوضع وارتفع الدولار الى مستويات مبالغ فيها».. هكذا يقول. الطريق فى المشهد الاقتصادى غير واضح المعالم.. وظل هكذا إلى أن كانت الانفراجة مع قرارات المجلس الأعلى للاستثمار ثم قرار التعويم وقتها تملك الرجل تفاؤل بأن القادم أفضل، وللتفاؤل مبرراته رغم أن جنى ثمار الإصلاحات الاقتصادية يستغرق وقتا، إلا أن مؤشرات التحسن تتكشف يومًا بعد الآخر فى حزمة القرارات الاقتصادية التى كان لها مفعول السحر، ودفعت المؤسسات إلى إعادة تصنيف وتقييم الاقتصاد، وكذلك ما أشار إليه صندوق النقد الدولى حول ان الاقتصاد يحرز تقدما جيدا فى برنامج قرض قيمته 12 مليار دولار مع الصندوق، وإن عملتها ربما تستقر بعد تهاويها إلى مستويات قياسية منخفضة. الرجل الخمسينى الذى يتقن اللغة العربية ويحظى ببلاغة الحديث المكتسبة من والده معلم اللغة العربية له وجهة نظر بأن الاقتصاد على الطريق الصحيح، ولا بد من عدم تعجل النتائج، لكن فى فترة زمنية لا تتجاوز عاما ونصف العام وإلا سوف يحدث انفجار للسواد الأعظم من المواطنين، وتحدث انتكاسة نحن فى غنى عنها. أقاطعه.. لكن البعض يعدد ملاحظات على الاقتصاد التى تعوق تقدمه. يجيب «نعم يوجد ارتفاع فى نسبة معدلات التضخم، ووصوله إلى مستويات مرتفعة بلغت 29%، وتعتبر نسبة كبيرة للغاية، و تمثل تحديا اقتصاديا، على الحكومة مواجهته بصورة سريعة، فمع انخفاض قيمة الدولار لم ينعكس ذلك بصورة ملموسة فى السوق، ولابد من رقابة حاسمة من الحكومة لمراقبة الاسعار التى ارتفعت بصورة جنونية، تراوحت بين 100% الى 200% وهى أرقام مرتفعة لا يمكن تحملها. «نصر» متسامح مع نفسه الى أبعد الحدود، لا يفترض سوء النية، منهجه يبنى التماس العذر لمن يقدم لك الإساءة، لديه رؤية لتحسن المشهد اقتصاديا، مع تحرير سعر الصرف لا بد من تثبيت سعر الدولار الجمركى فى حدود 15 أو 16 جنيها، وللقدرة على عملية الاستيراد للسلع الأساسية، والمواد الخام. بادرنى سؤال فى ذهنى: إذا كان الخبراء منقسمين على الأداء فى ملف السياسة المالية والنقدية.. إذن فما الوضع؟.. يبدو أنه لاحظ حيرتى.. قال والابتسامة تعلو وجهه: إن عدم الرضا يسيطر على الجميع لفترة، حيث ظلت الفروق كبيرة بين سعر السوق الرسمى والموازى، بعدما ترك إلى الشارع، رغم أنه منذ سنوات والعمل بين شركات الصرافة والبنوك يتم بشكل متكامل ومتوازن، والفروق محدودة بينهم، ولكن بعد الثورة جزء كبير من الأزمة ارتبط بالمضاربة، والآخر سياسيا انعكس بصورة سلبية على الاقتصاد، خاصة فى ملف السياحة التى عانت ولا تزال، وتوقف المصانع، وتسريح العمالة، وكل ذلك تسبب فى أزمة الدولار. أسأله: لا يزال بعض الخبراء يحملون الحكومة استنزاف مواردها فى الدفاع عن العملة الوطنية. يرد: «لو لم تقم الدولة فى فترات طويلة بمساندة الجنيه، واتخذ قرار التعويم مبكرا، وقتها لن يتجاوز سعر الجنيه أمام الدولار 10 جنيهات، ومتوقع أن يستقر خلال الفترات القادمة بين 12و 13 جنيها، بعد السندات الدولارية المطروحة بالخارج، والإقبال الشديد عليها من المؤسسات الاجنبية». يؤثر «نصر» السلامة مع الجميع، ودقيق فى آرائه، ويتصف بحكمة القرار، ينتظر من الحكومة قرارات تحفيزية بتوسيع القاعدة الضريبية، وإدخال الاقتصاد غير الرسمى المنظومة الضريبية وتحقيق العدالة بالضريبة التصاعدية. لحظات ساد السكون مكتبه، ثم واصل حديثه قائلا: لم نر أي تدفقات جديدة للأموال باستثناء دول الخليج، ونحن فى حاجة الى استثمارات جديدة من خلال حسم القوانين وتنفيذ نافذة الاستثمار، مع توافر بيئة استثمار لتحقيق التكامل، والعمل على الترويج الجيد وتسويق فرص الاستثمار للخارج، وكذلك تعزيز الاستقرار الأمنى، والاهتمام بالصعيد لتوقف هجرة الاستثمار. لا يهوى التفاصيل إلا إذا كان الامر يتطلب ذلك، له رؤية خاصة فى القطاعات القادرة على قيادة قاطرة الاقتصاد يتصدرها القطاع الصناعي، الذى يساهم فى زيادة الموارد، والإنتاج، بما يحقق عائدا كبيرا ويعمل على الحد من الاستيراد بصورة كبيرة، بالإضافة الى السياحة التى تتطلب عملا متواصلا لاستعادتها، من خلال 4 محاور الترويج والاهتمام بالسياحة المختلفة العلاجية والشواطئ والبيئية، وتحسين الخدمات السياحية بصور كبيرة، وكذلك الاهتمام بالقطاع العقارى الذى يقوم عليه اكثر من 90 مهنة. لا يزال «نصر» مؤمنا ببورصة النيل باعتبارها منصة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولكن سوء التعامل مع بورصة النيل جعلها تتجه لمنحدر آخر أضر بصورتها الذهنية فى ظل عمليات تلاعب متكررة. الندم فى حياته نادرا ما يحدث رغم أنه يتسم بالمغامرة، لكن واجهته ظروف مع مجلس إدارة الشركة نجحوا فى التعامل معها والخروج بأقل الخسائر عقب الأزمة المالية العالمية، وتداعيات ثورة 25 يناير، من خلال انتهاج سياسة انكماشية دفعتهم الى تقليص عدد فروع الشركة من إجمالى 8 أفرع. فترات عمله وخبرة الرجل فى الخارج واكتساب خبرات ومهارات من مدارس أمريكية وإنجليزية فى تجارب العمل، جعلته أكثر دقة، ويحدد سياسة شركته الذى يبلغ رأسمالها 20 مليون جنيه مع مجلس الإدارة الى استراتيجية مرنة تتوافق مع السوق ومجريات الاقتصاد، ومع نشاط السوق سوف تعمل الإدارة على زيادة قاعدة العملاء الضعف، التى يصل عدد المكودين بها 20 ألف عميل. «نصر» شغوف بالقراءة التاريخية، فهى تضيف الى تجارب الآخرين يسعى مع ادارة الشركة الى العودة الى السياسة التوسعية، فى مسيرة حياته محطات، لكل محطة تفاصيلها، اعتزازه بمرحلة جنى الثمار، وهى الحالية يحاول استقطاب مؤسسات وصناديق عربية للشركة، لتدعيم مكانتها وثقتها مع العملاء. الرجل عاشق للألوان التى توحى بالصفاء والنقاء التى ترتبط بشخصيته، يسعى دائما الى تحقيق المزيد للشركة. لا يهمه الصفوف الأمامية للشركة وانما يشغله ثقة العميل ورضاؤه التام.. فهل يحافظ على ما يتمناه لشركته؟