«لولا الأمل ما كان العمل» للكلمات معنى، لا يدركها غير من يحيا عليها.. ومحدثى واحد منهم، الأزمات تخلق مواطن قوة بأنفسنا لا نكن نعلمها هكذا تكون قناعته، مشوار حياته الصعب، لم يمنحه سوى إصرار وعزيمة، حفر فى الصخر إلى أن وصل إلى الرضاء عن النفس، شخصيته تحمل تفاصيل متشعبة، كتبها القدر، حينما أراد له تحمل المسئولية فى سن مبكر، ملامحه تخفى شخصية، أكثر انطلاقاً، مهتماً بالعواطف والمشاعر، ربما لنشأته فى عائلة تعمل بالأدب والشعر، وهذا سر عشقه للطبيعة. محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة «التوفيق» المالية محدد فى عمله، وحسم الأمور لديه اتجاه واحد ليس رمادياً، يصفه أصدقاؤه بالمدرب الشاطر، يهوى مقعد المراقب، حتى يرى المشهد بصورة شاملة ودقيقة، ليتمكن من معالجة الأخطاء، لكل أمر وجهان، سلبى، تداعياته مؤقتة، وإيجابى سوف تجنى ثماره مستقبلاً، وهكذا الحال فى قرار التعويم، وسط حالة من النشاط بين جدران المكان والإقبال على العمل فى مكتبه بدأ متمرداً على كل ما هو تقليدى فى الحياة العملية، متفائلاً من منطلق العمل يخلق التفاؤل فى أحلك الظروف. «لليل نهاية والضوء قادم لا محالة، ترقبنا التعويم رغم تداعياته السلبية على المدى القصير، لكن ها هو الاقتصاد، بدأ يلتقط الأنفاس والصورة أصبحت أفضل حالاً»..على هذا الأساس ركز «فتح الله» حديثه على ثمار التعويم المتوقع جنيها قريباً، حيث سوف تتحول الدولة إلى الإنتاج، وخلق مناخ للتصدير، بما يساهم فى قدرتها على المنافسة، وبالتالى تتغير سياسة التصدير من الفوائض الإنتاجية إلى خلق التصدير، بل وتنافس الأسواق عالمياً. «فتح الله» عندما بلغ سن السادسة من عمره بدأ والده يعتمد عليه للوقوف بجانبه فى تجارته لذا تجده يحلل الأمور بدقة، حيث يرى أن الضغط على الدولار سوف تستمر حتى نهاية العام، فى ظل تغطية المراكز المالية للمؤسسات، ومع مطلع العام الجديد سوف يستقر السعر ما بين مستويات 13 إلى 15 جنيهاً. أقاطعه قائلاً: إذن ماذا نحتاج فى المرحلة القادمة؟ يرد علىّ: «لا بد من الدخول فى مرحلة جديدة، تحتاج إجراءات غير عادية، تتطلب تفكيراً خارج الصندوق، ابتكاراً لحلول تشد من عزيمة الدولة، والاستفادة من الاقتصاد غير الرسمى والمقدر له سنوياً 330 مليار جنيه، وكذلك الاستفادة من دول تجارب دول المنطقة فى الاهتمام بصناعات محددة وعدم الاعتماد على الاقتصاد الريعى المتمثل فى إيرادات الأراضى والعقارات، وإنما الدخول بقوة فى مشروعات تنموية تعمل على تحقيق النمو، وخفض معدلات البطالة». الصدق وعدم اليأس صفتان حرص عليهما الرجل الأربعينى منذ مقتبل حياته، لأنهما رأس ماله فى مشواره، وهكذا يبدو حال الحكومة أمامه، وعليها أن تكون صادقة فيما تتخذه من إجراءات اقتصادية. تظل السياسة النقدية والمالية مثار جدل كبير بين الخبراء إلا أن «فتح الله» له وجهة نظر صريحة فى هذا، يعتبر أن تأخر قرار التعويم عطل مسيرة النهضة الاقتصادية، وأضاع العديد من الفرص، وكان الأمر سوف يختلف كثيراً لو تم اتخاذ القرار منذ مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى، واستقر الدولار عند مستويات مقبولة، كما أنه على البنوك العمل على استقطاب شرائح عريضة من المتعاملين مع القطاع المصرفى إذ إنه غير معقول أن النسبة المتعاملة لا تتجاوز 15% من إجمالى عدد السكان. لحظات مرت، ولم ينكسر صمت غرفة مكتبه إلا مع دخول عدد من الموظفين لإمضاء بعض الأوراق، بعدها قال الرجل: «السياسة المالية لا تقوم على خطة طويلة تتوافق مع احتياجاتنا، وإنما تقوم على استراتيجية معالجة الأزمات بالقطعة، غير مقبول أن نبحث كل عام عن كيفية سد عجز الموازنة، وترك السوق السوداء تتحكم فى سعر الصرف. اسأله قائلاً: ماذا يمكن تقديمه لدعم الاقتصاد؟ - يجيب: «نحتاج إلى 4 محاور لدعم الاقتصاد تتمثل فى تحديد الهوية الاقتصادية، وما نحظى به من مميزات تتمكن من تحقيق نهضة اقتصادية، وتنسيق فى القرارات بما يخدم الطبقات العريضة من المجتمع والعمل على استقطاب الاستثمارات الأجنبية بالمؤتمرات المتتالية لعرض الفرص الاستثمارية، وإزالة العقبات امام المستثمرين، بما لا يصل إلى التنازلات». الرجل فى جعبته الكثير للقطاعات القادرة على دعم الاقتصاد خاصة فى الصناعات التحويلية والخدمية والمقاولات والمشروعات الصغيرة، مع الاهتمام بإجراءات وقوانين الاستثمار. إذا كان الرجل اكتسب من والده العزيمة والإصرار، فإن لوالدته الأثر الأكبر فى مشوار حياته العملية، من خلالها تعلم الصبر وسياسة النفس الطويل وتكشف ذلك حينما أراد له القدر أن يتولى مسئولية الشركة فى شهر ثورة يناير، بعد رحلة عمل أصقلت خبرته، وبمنطق الأزمات تخلق مواطن قوة لا نكن نعلمها كانت استراتيجية شركته المرنة والمحافظ على الحصة السوقية للشركة، وكذلك العمالة. نجحت خطط الرجل بالاستقرار والثبات بمنطق إن لم يكن أفضل ربح، يكون أقل خسائر، ووضع استراتيجية الشركة 4 سنوات، ولا يزال هدفه بعد استحواذ النعيم على الشركة التوسع الأفقى، واستقطاب المزيد من العملاء الأفراد الذى يميز الشركة عن منافسيها، خاصة فى شرائح المستثمرين الأجانب والعرب، الرجل حينما يقرر ليس لدية رفاهية الاختيار بالتراجع فى قرارتها إلا لظروف خارجة عن إرادته. «فتح الله» مر بثلاث محطات فى حياته، ولكن أصعبها مرحلة مواجهة المخاطر واستمرت 8 سنوات، ثم محطة إثبات الذات المستمرة للآن ويطمح فى ظل الإدارة الجديدة أن يصل بالشركة إلى المقدمة، خاصة أن شركته تمتلك المقومات فى ظل رأسمال يصل إلى 29.5 مليون جنيه وقاعدة عملاء تصل إلى 15 ألف مستثمر. «فتح الله» لا يشغله عشقه للشعر وقراءته للتاريخ عن طموحاته فى الشركة، هو عاشق للرياضة ومحب للألوان التى تضفى وقاراً، يحفظ من الشعر الكثير ودائم ترديد عدد من الأبيات التى يعشقها للشاعر على الجارم «عزم الشباب هو القضاء ومبتغاه هو القدر.. فارفع جبينك فى الحياة ولا تزل لمقتدر»، لكن يظل يبحث عن الدخول فى المربع الذهبى لشركته بين الكبار.. فهل ينجح فى ذلك؟ صلاح الدين عبدالله