شهدت اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب مواجهة ساخنة، اليوم الأربعاء، بين وزير المالية الدكتور عمرو الجارحى واعضاء اللجنة بسبب الصناديق والحسابات الخاصة. كان أعضاء اللجنة وعلى رأسهم الدكتور مدحت الشريف قد طالبوا المالية مرارا بالكشف عن الأرقام الحقيقية للصناديق الخاصة وكيفية عملها والصرف منها، ولم تسجب المالية. وحضر الجارحى اليوم متأخرا بساعة ونصف عن موعد الاجتماع ، وهو ما أثار الأعضاء. وبعد أن عرض أحد مسئولى الوزارة بيانا كاملا عن الصناديق، من حيث عددها وحجمها وأنواعها، عقب الجارحى قائلا: هذا ما لدينا عن الصناديق الخاصة موثقا بالأرقام حتى 31 أغسطس الماضى. وشكك بعض النواب فى الأرقام المعروضة، وهو ما أثار الوزير، وطالبوا الجارحى بسرعة التحرك لضم هذه الصناديق للخزانة العامة للدولة وضبط آدائها. وأوضح الجارحى أن الصناديق الخاصة هى حسابات أنشئت بغرض تأدية عدة خدمات تنموية أو اقتصادية أو غيرها من الخدمات والمشروعات بمرونة وسرعة فى اتخاذ القرار ويمكن الاستدلال على أهدافها من خلال مسمياتها أو قرارات نشأتها أو اللوائح المنظمة لها، والأصل فى تلك الصناديق والحسابات أنها تمول نفسها ذاتياً من الرسوم التى تفرض لها ومقابل أداء خدمات وغيرها من الموارد دون تحميل الخزانة العامة أية أعباء نظير القيام بانشتطها وغالبا ما ترحل فوائض أرصدتها "متى وجدت" من سنة مالية لأخرى. وهناك نوع أخر من الصناديق وهو الصناديق والحسابات الخاصة الصادرة بموجب قوانين مثل: حساب النظافة الذى أُنشئ بموجب القانون رقم (38) لسنة 1967، حساب صندوق عمارة المساجد والأضرحة الذى أُنشئ بموجب القانون رقم (125) لسنة 1967. كما أن هناك صناديق وحسابات خاصة صادرة بموجب قرارات جمهورية مثل : حساب صندوق تحسين الخدمة بالمستشفيات والإدارات الصحية التابع لوزارة الصحة والذى أُنشئ بموجب القرار الجمهورى رقم (2444) لسنة 1965، وحساب حصيلة الزيادة فى أسعار البنزين التابع للأمانة العامة للتنمية المحلية بوزارة التنمية المحلية والذى أُنشئ بموجب القرار الجمهورى رقم (158) لسنة 1980 والمعدل بموجب القرار الجمهورى رقم (490) لسنة 1988. واكد الجارحى أن هناك نواحى فنية وإدارية تلخص فى 6 نقاط ، يجب دراستها قبل اتخاذ أى قرار بشأن ضم الصناديق والحسابات الخاصة ، أولها إنشاء هياكل إدارية وتقسيمات تنظيمية جديدة بجداول وظائف الجهات الإدارية تستوعب نوعية ووظائف العمالة الموجودة بهذه الصناديق والحسابات وذلك لاختلاف مسميات وتوصيف الوظائف بها عن وظائف العاملين المدنيين بالدولة، مع الأخذ فى الاعتبار أن معظم العاملين بهذه الصناديق قد تجاوز سنه الخمسين عاما. الأمر الثانى، أن بعضا من هذه الحسابات لها طبيعة مؤقتة حيث تنتهي بانتهاء المشروع مثل: مشروع فصل إنتاج الخبز عن التوزيع فى ضوء المنظومة الجديدة للبطاقات الذكية، مشروع توزيع أنابيب البوتاجاز فى حال دخول الغاز الطبيعى للمنازل أو تطبيق منظومة الكارت الذكى أيضا وغيرها، وبالتالى فان ضمها للموازنة العامة يعنى استدامة تلك العمالة واستمراريتها ومن ثم تحمل مرتبات العاملين بها رغم انتهاء الغرض من وظائفهم، وأشار وزير المالية إلى أن هناك حسابات خاصة تتعلق بمنح موجهه المشروعات محددة يتم الاستعانة ببعض العمالة المتخصصة لانجاز الأعمال الخاصة بها خلال فترة زمنية محددة وتنتهى عملية الاستعانة بانتهاء المشروع المخصص له المنحة المقدمة. واضاف أن هناك تفاوت كبير فى مرتبات ودخول العاملين بالحسابات والصناديق الخاصة عن أقرانهم بالجهة الإدارية مما يصعب معه لدى دمجها فى الموازنة العامة للدولة إخضاع هؤلاء العاملين لجدول مرتباتها، كما يصعب الحفاظ لهم على ما يحصلون عليه ، مثل مشروعات المناجم والمحاجر، مشروع مركز معلومات مرافق الشبكات بالمحافظات وغيرها . وقال وزير المالية أن الموازنة العامة ستتحمل بكامل أوجه الإنفاق لتلك الكيانات مع احتمالية تقاعس القائمين عليها فى تحقيق وتحصيل الإيرادات والموارد مما يزيد بل وسيرهق كاهل الموازنة بأعباء مالية إضافية. وأخيرا هناك العديد من الصناديق والحسابات الخاصة أرصدتها إما صفر أو بالسالب (سحب على المكشوف)، كما أن منها ما هو عليه مديونيات لبنك الاستثمار القومى تصل للملايين ( على سبيل المثال صناديق الإسكان الاقتصادى ببعض المحافظات، سوق العبور وسوق 6 أكتوبر) وفى حالة ضمها بما لها من أرصدة وما عليها من أموال والتزامات سيمثل ذلك أعباء باهظة على الموازنة العامة أيضاً. واوصى وزير المالية باستصدار تشريع على غرار ما صدر بقانون اعتماد الموازنة رقم (27) لسنة 2012 يقضى بأيلولة 25% من الأرصدة المرحلة والمحققة لتلك الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص فى 30يونيو من كل عام إلى الخزانة العامة للدولة ، مع استيداء نسبة من الإيرادات الشهرية المحققة أيضاً وعلى أن يصاحب ذلك قيام وزارة المالية بدراسة الطلبات والاحتياجات لتلك الكيانات والتى تعجز هى عن تدبيره بعد أداء هذه النسبة وذلك لتسيير أعمالها وتأدية الخدمات المنوطة بها للمواطنين وبما لا يجاوز المبالغ المستقطعة منها لصالح الخزانة العامة للدولة . كما أوصى بتشكيل مجموعات عمل تتولى كل مجموعة عمل فى نطاق اختصاصها حصر أعداد كافة الصناديق والحسابات الخاصة والوحدات ذات الطابع الخاص الأساسية أو المنبثقة منها والوقوف على أسانيدها القانونية المنشئة لها وكذا لوائحها المالية المنظمة للصرف والتحصيل وأيضا أرصدتها وتحديد المنشأ منها خارج الموازنة العامة أو داخل الموازنة العامة للدولة، وذلك بهدف الوقوف على مشروعية وقانونية كل منها وأرصدتها الحقيقية وكيفية الصرف منها والطريقة المثلى لكيفية التصرف حيال تلك الأموال ومدى الحاجة إلى استمرار هذه الحسابات من عدمه .