«التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل    محافظ مطروح يلتقي قيادات المعهد التكنولوجي لمتابعة عمليات التطوير    تعرف على طقس غسل الأرجل في أسبوع الألم    تنفيذ 3 قرارات إزالة لحالات بناء مخالف خارج الحيز العمراني في دمياط    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    بايدن: الحق في الاحتجاجات الطلابية لا يعني إثارة الفوضى    صحيفة يونانية: انهيار القمة الأمريكية التركية.. وتأجيل زيارة أردوغان إلى البيت الأبيض    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولى على قرية أوشيريتين    الأهلي يطلب ردًّا عاجلًا من اتحاد الكرة في قضية الشيبي لتصعيد الأزمة للجهات الدولية    سون يقود تشكيل توتنهام أمام تشيلسي في ديربي لندن    صحة مطروح تتأهب لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    مهرجان كان يمنح ميريل ستريب السعفة الذهبية الفخرية    معرض أبو ظبي.. نورا ناجي: نتعلم التجديد في السرد والتلاعب بالتقنيات من أدب نجيب محفوظ    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    خالد الجندي: الله أثنى على العمال واشترط العمل لدخول الجنة    هيئة الرعاية الصحية بجنوب سيناء تطلق حملة توعية تزامنا مع الأسبوع العالمي للتوعية بقصور عضلة القلب    «كانت زادًا معينًا لنا أثناء كورونا».. 5 فوائد غير متوقعة لسمك التونة في يومها العالمي    حزب مصر أكتوبر: تأسيس تحالف اتحاد القبائل العربية يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار في سيناء    «أكثر لاعب أناني».. مدرب ليفربول السابق يهاجم محمد صلاح    كوريا الجنوبية ترفع حالة التأهب القصوى في السفارات.. هجوم محتمل من جارتها الشمالية    عاجل| الحكومة تزف بشرى سارة للمصريين بشأن أسعار السلع    6 مصابين جراء مشاجرة عنيفة على ري أرض زراعية بسوهاج    مواعيد قطارات مطروح وفق جداول التشغيل.. الروسي المكيف    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    بينها إجازة عيد العمال 2024 وشم النسيم.. قائمة الإجازات الرسمية لشهر مايو    وزيرة البيئة تنعى رئيس لجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بمجلس الشيوخ    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    النجمة آمال ماهر في حفل فني كبير "غدًا" من مدينة جدة على "MBC مصر"    الفائزون بجائزة الشيخ زايد للكتاب يهدون الجمهور بعض من إبداعاتهم الأدبية    توقعات برج الميزان في مايو 2024: يجيد العمل تحت ضغط ويحصل على ترقية    استشهاد رئيس قسم العظام ب«مجمع الشفاء» جراء التعذيب في سجون الاحتلال    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية في الطور    ما هو حكم قراءة الفاتحة خلف الإمام وكيفية القراءة؟    تجديد حبس عنصر إجرامي بحوزته 30 قنبلة يدوية بأسوان 15 يوما    تراجع مشاهد التدخين والمخدرات بدراما رمضان    الخطيب يُطالب خالد بيبو بتغليظ عقوبة أفشة    الأمم المتحدة: أكثر من 230 ألف شخص تضرروا من فيضانات بوروندي    لحظة انهيار سقف مسجد بالسعودية بسبب الأمطار الغزيرة (فيديو)    الفندق المسكون يكشف عن أول ألغازه في «البيت بيتي 2»    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    انتبه.. 5 أشخاص لا يجوز إعطاؤهم من زكاة المال| تعرف عليهم    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي الثاني للطب الطبيعي والتأهيلي وعلاج الروماتيزم    رئيس الوزراء يعقد اجتماعًا مع ممثلي أبرز 15 شركة كورية جنوبية تعمل في مصر    فقدت ابنها بسبب لقاح أسترازينيكا.. أم ملكوم تروي تجربتها مع اللقاح    الرعاية الصحية تطلق حملة توعوية حول ضعف عضلة القلب فى 13 محافظة    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    تزايد حالات السكتة الدماغية لدى الشباب.. هذه الأسباب    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    تحديد أول الراحلين عن صفوف برشلونة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يسرى الجمل: اختفت الثقافة والرياضة والفنون من التعليم.. فظهر التطرف والتكفير والإدمان
نشر في الوفد يوم 19 - 12 - 2016

قال الدكتور يسرى الجمل، وزير التربية والتعليم الأسبق، إن الكثافة السكانية تلتهم موارد التعليم، ولدينا أكثر من مليون وربع المليون مدرس يحتاجون إلى التدريب والتأهيل لمواكبة التطور فى التعليم.
وأكد «الجمل» أن مجاميع الثانوية العامة وهمية وليست حقيقية لأنها نتيجة للتدريب على حل الامتحانات وحفظ أنماطها، مؤكدًا أن التعليم المصرى أقل نسبة استيعاب فى العالم فى تنمية مهارات الطلاب، وأشار إلى أن المنظومة تفتقد غرس القيم المجتمعية الجادة، وأن اختبارات التعليم ونماذجها تقتل كل إبداع واجتهاد وابتكار.
وأضاف الخبير التعليمى أن غياب المدرسة عن القيام بدورها أظهر المدرس الخصوصى والسناتر لتدريب الطلاب على اجتياز الامتحانات، مضيفاً أن مصر لن تدخل عصر المعرفة والنهضة إلا بتحسين التعليم، واصفاً خروج التعليم المصرى من التصنيف الدولى بأنه نتيجة سياسات خاطئة لإدارة التعليم.
فيمَ تتمثل تحديات وأزمات التعليم؟
- تحديات التعليم متعددة الجوانب، لكن أهمها وأكثرها إلحاحاً هو الكثافة الطلابية فى المدارس، مع عدم توافر بناء المدارس بنسبة تواجه الزيادة التى وصلت إلى 2 مليون نسمة كل سنة، وهذا يحتاج إلى موارد مالية عالية جداً، ولذلك أصبح يوجد مدارس تعمل فترتين ومناطق محرومة من التعليم، وتحد آخر يتعلق بالمدرسين، لأنه يوجد أكثر من مليون وربع المليون مدرس يحتاجون إلى إعادة تأهيل وتدريب لمواكبة التطور الذى حدث فى التعليم وطرق التدريب والتكنولوجيا، وهذا أيضاً يحتاج إلى إنفاق لإعادة التدريب والتأهيل ليتفاعل المدرس مع ما يحدث فى العالم، لأن طرق التدريس المفترض أنها تعتمد على تنمية الفكر والعقل والابتكار والإبداع واكتشاف المواهب بعيداً عما يحدث من التلقين والحفظ وعملية الاختبارات النمطية، ونموذج الإجابات المحددة التى تقتل كل إبداع وابتكار.
وماذا عن كادر المعلمين الذى لم يتم تفعيله وتوقف عند الكادر المادى؟
- بالفعل.. كان يوجد عدد من المستويات للمدرسين، وكل مدرس حتى يتم ترقيته للمستوى الأعلى كان لابد أن يتقدم بملف للأكاديمية المهنية للمعلمين التى أنشئت للترقية والارتقاء بالمدرسين حتى لا تتم الترقية بمرور الوقت والأقدمية، وملف المدرس يفترض أنه يحتوى على دورات التدريب التى حصل عليها المدرس، والإنجازات التى تمت ورأى الإدارة فى التنمية المهنية ونتائج الطلبة، والأكاديمية لها فروع فى كل المحافظات وتعلن رأيها فى ترقية المدرس من عدمه بعد إطلاعها على الملف، وهذا كما هو متبع مع أعضاء هيئات التدريس فى الجامعات، ولكن بعد 2011 بدأ هذا النظام يتراجع، والكادر أصبح يعتمد على أنه كادر مادى فقط.
وما تحديات المناهج التعليمية؟
- المناهج تحتاج إلى كثير من التنقية لتواكب ما هو موجود فى العالم كله، وأيضاً أسلوب الاختيار الذى يعتمد على الإجابة النموذجية، وهنا نحدد للطالب أن يسير فى اتجاه واحد، وإذا خرج عنه تنخفض درجاته أو ممنوع عليه الدخول فى أى مجال للإبداع أو التفكير، وهذا يمنع الطالب من البحث والتفكير فى أى فكرة جديدة، ويصبح مقيداً بسبب المناهج وطريقة الاختبار، وهنا نقتل الاجتهاد والإبداع لدى الطالب من بدايته، ويظل الطالب داخل الصندوق النموذج.
وماذا عن الأطر والقيم التى يفتقدها التعليم المصرى؟
- بالفعل.. لأن منظومة القيم الكل أصبح يشكو منها، لأن القيم تبنى فى المراحل الأولى للتعليم، و«السيسى» عندما زار اليابان وشاهد المدارس لم يجد فى المراحل الأولى تقييماً للطلبة لأنهم يهتمون بتنمية القيم فى العمل الجماعى وقيمة الإتقان واحترام النظام والقانون والنظافة وأى قيمة يحتاجها المجتمع يتم غرسها فى الطالب، وهذا لا يتم من خلال دروس جافة، بل من خلال أنشطة تجهز الأطفال لتقبل هذه الأفكار والقيم، خاصة فى التعاون والعمل الإيجابى، فتنمية منظومة القيم مهمة جداً خلال المراحل الأولى للطلاب، ولكننا فى مصر نستعجل جداً لذهاب أولادنا فى مراحل الK.G فى عمر الأربع سنوات حتى يتعلموا القراءة واللغة الإنجليزية، مع أن الأهم هو ألا نستعجل على ذلك، بل نهتم بتعليمهم المبادئ والقيم والنظام من خلال الأنشطة واللعب، وتؤجل موضوع الاختبارات التى تضغط على أولادنا فى هذه السن والمرحلة العمرية التى تحتاج إلى تنمية المهارات وغرس القيم المجتمعية وهذا ما يفتقده التعليم المصرى.
تقصد عدم تنظيم الاختبارات أكثر فى العملية التعليمية؟
- نعم.. لأنه بعد ذلك يدخل الطالب على منظومة التأهيل والاختبارات، وكل ولى أمر نجده مهموماً ويسعى مع ابنه لكى يصل إلى الثانوية العامة ويجتاز اختبارها الذى يصبح الهدف الأكبر لكل الأسر، وأهم شىء لديها هو تحقيق كم فى المائة في الثانوية العامة، وكل ما عدا ذلك ليس له أهمية، وهذا يرجع إلى أسلوب القبول فى الجامعات الذى انعكس على كل مراحل التعليم وأصبح الأهم هو درجة اجتياز الامتحان.
ولهذا السبب اختفى دور المدرسة فى غرس أى قيم يحتاجها المجتمع؟
- نعم.. لأن دور المدرسة فى تنمية شخصية الطالب وعندما أصبح الاختبار هو المهم توقفت جميع الأنشطة من تنمية المهارات والمواهب فى المدارس، وبرز دور المدرس الخصوصى والمراكز الخاصة والسناتر، التى أصبح عملها هو تدريب الطلاب على اجتياز الاختبار وليس الفهم، وهذا ما نتج عنه من اختفاء الثقافة العامة والفنون والأنشطة الرياضية.
ولهذا ظهر الفكر المتطرف والإدمان؟
- نعم.. فقد بدأ ظهور كل الأفكار التى نعانى منها، لأن الإنسان المثقف والمتذوق للفنون يكون معتدلاً وسطياً فى أفكاره، لا ينحرف ولا يتطرف وأيضاً الذى يمارس نشاطاً رياضياً لن يتجه إلى الإدمان أو الانحراف، لكن كل من يتم الضغط عليه لاجتياز الاختبار، وتتوقف جميع الأنشطة لديه فترة ما بعد الامتحان، في هذه الفترة من الفراغ سيكون أرضاً خصبة سواء للإدمان أو التطرف بالإقبال على الأفكار الشاذة والجماعات الضالة وهذا لا ينتج مبدعين، ولا حتى موظفين.
وما المرتكزات التى يجب أن يقوم عليها التعليم؟
- الدولة لها دور والوزارة لها دور وبالطبع المجتمع لابد أن يكون له دور مهم جداً، ولابد أن يكون الدور السياسى موجوداً فى أن التعليم لابد أن يكون الحلم القومى لمصر، ولا مجال لأن ننافس وندخل عصر المعرفة إلا بتحسين التعليم، مع أن الدستور به بند يحدد نسبة 6٪ من الناتج القومى للتعليم، ولم يتم توفيرها حتى الآن، مع أن هذا رقم يمكن أن يعطى للتعليم دفعة قوية، ثم لابد من التعامل مع القطاع الخاص لبناء مدارس بأسلوب المشاركة بالبناء بشكل خاص، والأهم التفاف المجتمع حول المدرسة التى أصبحت خاوية بعد أن أصبح كل طالب يحل مشكلته منفرداً وولى الأمر يعطى ابنه الدرس الخصوصى من بداية الصيف، وعند بداية الصف الدراسى يجد الطالب أن المدرسة تبدأ معه فى الدرس الأول فى حين أنه يكون انتهى من الدرس الخامس، فيصبح غير مهتم بالمدرسة، وتركيزه فى السناتر على الدرس الخصوصى وهنا فقدت المدرسة دورها.
وما الحل إذاً؟
- الحل أن يعود المجتمع ويؤمن مرة أخرى بدور المدرسة، ودور مجلس الأمناء الذى سيتشكل من خمسة من المدرسين و5 من الشخصيات العامة فى كل منطقة ويهتمون بالتعليم، وهذا المجلس هو الذى يقود المدرسة ويتم متابعتها من 7 صباحاً ليتأكد أن الطابور تم وأن الطلبة دخلت الفصول، والمدرسون متواجدون والحصص تسير حسب الجدول الحصصى، والتأكيد على حالات الغياب ويبحثون المشاكل الاجتماعية للطلاب، وهذا هو النظام المدرسى الذى نتمنى أن يتواجد حتى نعيد دور المدرسة مرة أخرى ونوفر المليارات التى تنفق على الدروس الخصوصية، وترهق كاهل الأسرة.
وما المعايير اللازمة التى تتناسب مع إمكانياتنا لضبط التعليم؟
- العالم كله أصبح كتاباً مفتوحاً ونستطيع الاطلاع على أى منظومة تعليمية فى العالم، ونتبنى ما يتناسب مع ظروفنا، وأيضاً لدينا الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، ولديها مجموعة معايير تطبقها على المدارس وتعطى فرصة للمدرسة للقيام بالتقييم الذاتى، وإذا تم تطبيق هذا سنكتشف الفجوة، ثم نقوم بسدادها حتى نستوفى المعايير، وبعد التأكد تمنح شهادة الجودة.
هل توجد مدارس حققت هذه المعايير؟
- الحقيقة أنى أول مرة زرت فيها مجلس الشعب كان مع الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى، وكان للتقدم بمشروع الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، والهدف منه تقديم خدمة تعليمية للمدارس والجامعات، ولكن ليس من المعقول أن من يقدم الخدمة هو الذى يقيّمها بل نضع المعايير وجهات أخرى تقوم بالتقييم، وهذا تم فى 2006 ولكن العمل فى 2007 وحتى الآن نسبة المدارس والجامعات التى حصلت على التقييم لم تصل إلى 20٪ والهدف مهم جداً وهو وجود معايير لمساعدة المدارس والجامعات بأن ترتقى إلى معايير الهيئة القومية لضمان جودة التعليم، وإذا حصلت مدرسة على شهادة بذلك، فهذا يعطى أولياء الأمور رسالة بأن كل شىء فى المدرسة مضبوط كالأداء والمدرسين والمنهج.
كيف استقبلت إذاً مقولة الرئيس السيسى أنه لا يجد قيادات للتعليم فى مصر؟
- بالفعل.. وعن تجربة شخصية فى الوزارة كان أحد التحديات الموجودة هو موضوع القيادات، لأنها لم تكن على المستوى المطلوب، ولكننا جمعنا حوالى 140 فرداً تم اختيارهم جيداً من المراحل العمرية فى سن ال45 و50 سنة ووضعنا لهم برنامجاً كاملاً لمدة 9 شهور فى المدينة التعليمية ب6 أكتوبر وتم تدريبهم على الإدارة التعليمية وإدارة الموارد البشرية وإدارة الجودة، تحت إشراف أساتذة متخصصين من جامعتى القاهرة والأمريكية وحصلوا على برنامج نظم معلومات، وهذه القيادات ما زالت موجودة فى التربية والتعليم وهم من أفضل من يقودون العملية التعليمية، ومعروفون بالاسم ومنهم وكلاء وزارة، وفى المديريات، والرئيس ربما قال هذا لأنه يعلم أن قضية التعليم تحدٍ كبير وأيضاً ربما بعض من يطلب منه أن يقود العملية التعليمية لا يقبل لأن التحدى كبير جداً والمجتمع متعجل، وفى الوقت ذاته موارده غير متوفرة، وعليه ضغوط كبيرة جداً من أولياء الأمور وهذا التحدى أمام أى مسئول يكون تحدياً صعباً، ولابد أن يكون لديه الرقابة والقدرة على تحمل هذه المسئولية.
وما دور التعليم فى مراحل التحول السياسى الكبرى لمواكبة الطموحات العريضة فى المجتمع؟
- كما حدث فى دول كثيرة جداً، ولتنظر إلى تجربتى ماليزيا وكوريا الجنوبية نجد أنهما اهتمتا بالتعليم وأولوياته، ومهاتير محمد كان وزير تعليم ثم تولى رئاسة الوزراء وأول شىء بدأ به قال: إن لدينا 7 سنوات للارتقاء بالدولة، ولهذا ستتجه الموارد إلى التعليم، فقالوا له: وماذا عن الإسكان والصحة والطرق وباقى الخدمات؟ فقال: لو انصلح حال التعليم ستنصلح كل هذه الأمور، وبدأ الاهتمام بالمعلمين وتحسين أجورهم وتنمية قدراتهم وتأهيلهم، ومصر كانت على المستوى نفسه مع كوريا الجنوبية بنفس التعداد 26 مليون نسمة واليوم نحن نقارب المائة مليون نسمة وكوريا 52 مليون نسمة وبالطبع النمو السكانى يمثل ضغوطاً شديدة على الموارد، ولكنهم وضعوا التعليم فى الأولوية واتفقوا عليه جيداً فمراحل التحول لابد أن تتجه إلى المستقبل وهذا من خلال التعليم، وليس بالكلام بل بالمساندة المجتمعية، ومصر اليوم تتحدث عن مشروعات قومية وبها طموح ولكن الأهم هو تنمية الموارد البشرية التى ستقود وتنفذ هذه المشاريع، ولابد من تكاتف الإعلام بتسليطه الضوء على النماذج المضيئة التى بها إيجابيات لتنمية الإبداع والابتكار وليس الحفظ والتلقين، والأهم لابد من تغيير منظومة الالتحاق بالجامعات من المرحلة الثانوية لأنها لا تساعد على الابتكار والإتقان.
وما الضوابط التى يجب أن يخضع لها الاستثمار فى التعليم؟
- حتى الآن ما زال حوالى 90٪ من عدد الطلبة فى التعليم الحكومى إذاً ما زال هو الأقوى، ومع هذا لابد من وجود شكل من أشكال التعاون بين القطاع العام والخاص لبناء مدارس حكومية وتجريبية أو المدارس الخاصة التى يجب أن تخضع لرقابة الدولة، والاستثمار لابد أن يكون فى التعليم ولكن ليس استثماراً فى الريح بل فى الموارد البشرية، ورقابة الوزارة مهمة جداً، حيث إنها تفرض وتتابع تدريس اللغة العربية، والدين والتربية الوطنية وجغرافية وتاريخ مصر، وتتأكد من تمام طابور الصباح وتحية العلم، لأننا نشكل أجيالاً بها منظومة قيم تخضع للمجتمع المصرى، أما تدريس الرياضة والعلوم أو اللغات فهذه مواد عالمية ليس فيها فرق كبير.
وما أثر التنوع التعليمى فى اختلاف الرؤى والأفكار وبناء الشخصية والانتماء؟
- التنوع موجود، لكن منظومة اللغة العربية والدين والتاريخ والتربية القومية هذه مرتكزات تظل طوال فترة الدراسة حتى الجامعة، لأنها منظومة قيم مجتمعية يجب الحفاظ عليها وتنميتها.
إذاً ما المسئولية المجتمعية للتعليم نحو المجتمع؟
- فى النهاية المجتمع يسعى إلى غرس قيم مجتمعية فى أولادنا من خلال المنظومة التعليمية التى تنمو فى المراحل الأولى من التعليم، وهذه تبدأ من الطفولة المبكرة، مع أننا ما زلنا مع هذه المرحلة العمرية، من أقل نسب الاستيعاب فى العالم لأن المرحلة العمرية من 4: 6 سنوات هى المرحلة الأهم لنمو مهارات وقدرات الطفل، وإذا ترك بدون تعليم سيفقد الكثير من المهارات، ولهذا يجب أن نوفر أكبر عدد من الفصول لمراحل الطفولة المبكرة، لأنها ستنعكس بشكل إيجابى على الأطفال فى منظومة القيم، وننمى فيهم مهارات خاصة بالالتزام بالقيم واحترام الكبير وقيمة الوقت والعمل من خلال الأنشطة ثم يبدأ التعليم بالاهتمام فى مكافحة التسرب من التعليم، فهذه ظاهرة تعليمية واجتماعية خطيرة، وهذا يحتاج لتعاون مجتمعى مع المدرسة، وتتم متابعة الأولاد فى الأسر التى يتسربون منها لأن هذا التسرب ينتج عنه الأمية والإجرام والتطرف وأطفال الشوارع وعمالة الأطفال.
لماذا لا يؤثر التعليم فى المصريين سياسياً واجتماعياً وثقافياً؟
- لأن أساس المشكلة عميق وخطير وهو الاهتمام بالامتحانات فقط لا غير، ولا يوجد وعى بدور المدرسة ويجب العمل على عودة أولادنا إلى المدرسة، لأن هذا سيساعد على علاج قصور سلبيات كثيرة يعانى منها المجتمع.
متى بدأ التدهور فى المنظومة التعليمية؟
- أستطيع القول إن هذا التدهور بدأ فى الأوقات التى كانت فيها الدولة منشغلة بقضايا فرضت عليها خاصة فترة نكسة 67، لأنه لم يكن يوجد استثمارات فى التعليم حيث كانت جميع مقدرات الدولة موجهة لإزالة آثار العدوان، وبالتالى تراجعت قضية بناء المدارس وتوارت، وأصبح حينها نجد مدارس تعمل 3 فترات، ورواتب المعلمين أصبحت ضعيفة ومتدنية، فاضطروا إلى اللجوء للدروس الخصوصية، ومع الوقت بدأت المدرسة تفقد دورها ولم يعد يوجد تعليم جيد، وأصبح التعليم خارج المدرسة، فى الدرس الخصوصى والسناتر.
إذاً هذا أمر طبيعى أن يخرج التعليم المصرى من التصنيف الدولى؟
- هذه نتيجة وليست سبباً ووضع مصر تعليمياً بالفعل تراجع فى المؤشرات الدولية والمؤشرات التنموية.
وما كيفية العمل على تفكيك أزمات التعليم؟
- أولاً لابد أن يقتنع المجتمع بأهمية دور التعليم ونضع له خطة واضحة ومحددة بتوقيت زمنى وبها رؤية لما هو مطلوب من التعليم، ونضع التحديات لرفع مستوى التصنيف كل فترة زمنية، والحل يصبح حلاً جماعياً ولا نبتعد عن المدارس لأنه سيصبح لدينا خريج حاصل على شهادة دون قيمة، ومع عدم وجود وظائف فى الدولة والقطاع الخاص به فرص عمل ولكنها تحتاج لمهارات وقدرات لا تبنى إلا فى المدارس وليس فى الدروس الخصوصية أو السناتر.
وكيف ترى المنتج التعليمى فى مصر؟
- هذا المنتج يظهر فى كليات الهندسة التى تستقبل أفضل شريحة حاصلة على أكثر من 94٪ فى شعبة الرياضة فى الثانوية العامة، ونرى أن معدل الرسوب فى أول سنة إعدادى هندسة مرتفع جداً مع أن معظم المواد بها صقل لمواد الثانوية بالإضافة إلى بعض المواد الجديدة، وهذا مؤشر خطير لأن هذا المجموع هو مجموع وهمى وليس حقيقياً وجاء بناء على التدريب على حل الامتحانات من خلال الدروس الخصوصية والسناتر مع حفظ أنماط الامتحانات، دون أى ابتكار والهندسة تكشف هذا لأنها مجال للفكر وليس دراسة نمطية، والطالب اعتاد على الحفظ فى علمى الرياضة يحفظ المسائل وأسلوب حلها.
ما أصعب التحديات التى واجهتها خلال توليك مسئولية التعليم؟
- جميع القضايا التى شرحتها لك كانت تحديات وأهم ما فيها هو كيفية إعداد خطة كاملة لكل تحديات التعليم، وكيف يمكن الإعلان عن خارطة طريق وبالفعل استنفدت سنتين واشترك فيها 200 فرد وظهرت خطة لتطوير التعليم 2007: 2012 وكانت باعتراف اليونسكو أنها أفضل الدراسات التعليمية، لأننا استفدنا بكل الخبرات، وعرضت فى محافل كثيرة منها مجلس الوزراء ومكتبة الإسكندرية وكانت تحوى 12 برنامجاً وحددنا التكلفة وكنا نحتاج إلى 45٫5 مليار جنيه إضافة على موارد التعليم حتى ننفذها، لكن للأسف لم تنفذ لأن الموارد لم تتوفر فى حين أنها كانت نقلة نوعية للتعليم، ثم الاضطرابات التى حدثت من ثورات أوقفتها نهائياً.
هل كان بها جانب يتعلق بتطوير نظام الثانوية العامة؟
- نعم.. وكان الجزء الثانى منها لتخفيف الضغوط الشديدة التى تستمر على الأسرة بسبب هذه المرحلة والأعباء التى تضغط على المجتمع وقت الامتحانات، وكان الحل تغيير منظومة الثانوية العامة، وتم عمل مؤتمر قومى لتطوير التعليم عام 2008 وخرجت منه خطة للتطوير بالتعاون مع التعليم العالى، التى أتمنى أن تنفذ ولا يكون الالتحاق بالجامعات مرتبطاً بالمجموع فقط، ونعتبر أن شهادة الثانوية العامة منتهية فى المواد الأساسية وصالحة لمدة 5 سنوات لكن دخول الجامعة يقسم إلى 4 قطاعات وكل اختبار يكون اختباراً عن قطاع والطالب وهو يدرس الثانوية يؤهل لأى من الاختبارات ثم يدخل امتحان قطاع وتضاف نتيجته إلى مجموع الثانوية ويتوجه إلى مكتب التنسيق وهنا سيظل مبدأ تكافؤ الفرص موجوداً، واختبار القطاعات يكون عن القطاع الطبى والقطاع الهندسى والقطاع النظرى والقاطع التجارى والسنة الأولى فى الثانوية تكون عامة وفى السنة الثانية يختار الطالب المواد التى سيتجه بها إلى القطاع الذى سيختاره، وهذا سيعطى أسلوب تغيير والدراسة حينها ستعتمد على الاتصال بقاعدة بيانات سواء كانت للطلبة أو المعلمين.
وما نتيجة مؤتمرات التعليم خلال عصر مبارك؟
- الحقيقة أن مؤتمر 2008 هو المؤتمر الوحيد الذى تحولت توجهاته إلى مجموعة عمل، وبدأنا نضع خطوات تنفيذية أوصلتنا إلى وجود 13 برنامجاً 9 منها تنفذها وزارة التربية والتعليم، و4 برامج تنفذها وزارة التعليم العالى، ووضعنا لها توقيتات وميزانية وحصلنا على أول بند فى الميزانية 300 مليون جنيه وبدأنا فى تطوير المدارس الثانوية.
كان لدينا مؤتمر تعليمى كل سنة ولو نفذنا توصية واحدة كل عام لتقدم التعليم ولم يتدهور؟
- نعم.. وكانت المؤتمرات ينتج عنها توصيات ولا نعرف إلى من توجه أو من ينفذها، أو يتابعها، والتوجهات لابد أن يكون لها برنامج زمنى محدد وتكلفة جاهزة ويعرف من المنفذون وكيفية المتابعة، وإذا تم هذا سنكون قد وصلنا إلى خارطة طريق للنهوض بالتعليم، لكن هذا لم يكن يحدث، فقط كانت تخرج توصيات وكله بيوصى، ولكن لا أحد يعرف يوصى مين وتنتهى المؤتمرات إلى لا شىء.
المفترض أن هذه التوصيات كانت ترفع إلى رئاسة الوزراء أو رئاسة الجمهورية؟
- بالفعل كان يتم ذلك لكن بعد ذلك الوزارات هى التى تنفذ التوصيات، والتحدى الحقيقى أن تتحول توصيات المؤتمر إلى برامج عمل، والأهم أن يرصد لها ميزانيات حتى تنفذ، وأفراد ينفذونها ولجان تتابع عملية التنفيذ وتصحح المسار حتى نرى ما الذى لم ينفذ وكيف يتم تنفيذه.
كيف يساعد التعليم على بناء دولة مدنية؟
- المجتمع المدنى هو الذى يسود فيه القانون والقيم واحترام الآخر والتسامح وروح الاختلاف وليس الخلاف، وهذه القيم لا ولن تنمو إلا داخل المدارس من خلال الأنشطة المدرسية التى تحوى الجماعات الثقافية والفنية والرياضة، ولكن عندما يكون هم الطالب وأسرته هو حضور الدرس الخصوصى حتى ينجح فقط لا غير، فالنتيجة ظهور إنسان سلبى جداً تجاه القضايا العامة، ولا يهتم بالمشاركة المجتمعية أو السياسية، وعند الاختلاف تجده عنيفاً متطرفاً فى أفكاره، ولا يقبل الآخر فى أى شكل من أشكال الاختلاف، لأنه لم يعتَد على المناقشة والحوار وتعدد الآراء والأفكار دون إثارة الأضغان والأحقاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.