الجميع يتحدث عن هيبة الدولة , و يتباكى على كسر هيبة الدولة و انهيارها و دمارها و المخططات الخارجية و العملاء و الجان و صربيا حتى أصبح الحديث ماسخا رديئا سخيفا مقززا , خاصة عندما يخرج من مثقفين شرفاء و أشخاص أعرفهم شخصيا و أعرف مدى وطنيتهم و ما قدموه لمصر من تضحيات بدون ثمن و أعتذر لجميع أصدقائي فلم تكن للدولة المصرية هيبة منذ زمن طويل , و أظنكم بداخلكم تتفقون معي , و تتذكرون نظرية المنطاد التي طالما صورنا بها حالة مؤسسات كثيرة نراها في مصر , و نظرية المنطاد تعني البالون الكبير الملون الضخم الذي يراه البعض مرعبا في ضخامته و لكن الحقيقة أنه مليئ بالهواء و فارغ و لن يحتمل ضربة واحدة فتظهر خدعته للجميع و أتسأءل أحيانا بداخلي عن هيبة الدولة التي يدافع عنها البعض بشراسة و لكن تطغو علي تساؤلات أخرى قررت أن أشارككم اياها ربما نصل لحل نتفق عليه و نتخذ قرارا ما اذا كنا سندافع عن هيبة تلك الدولة بدون تفكير , أم يجب أن نعمل سويا لبناء دولة هيبتها ليست كالمنطاد - لم نرى هيبة الدولة عندما كنا نقف بسياراتنا في اشارات المرور فتجري علينا طفلة صغيرة لا تتجاوز الخامسة لتمد يدها بكيس مناديل محاولة استدرار عطفنا عليها , و من هؤلاء الاطفال عشرات الالاف لا يعرف لاغلبهم أهل و يتم تعذيبهم و تشغيلهم في مهنة التسول .... نراهم في ذلك العمر يرتعشون بردا في الشتاء القارص و الجميع يعلم و الجميع صامت . - أضحكتني هيبة الدولة عندما كنا نسمع كل يوم عن مئات من الشباب الفقراء يبيعون كل ما تمتلكه عائلاتهم لدفع مقابل مركب خشبي يحارب الامواج ليلقي بهم على شواطئ أوروبا و في أغلب الاحيان يبتلعهم البحر , و ما وصل اليه المصريون من مهانة بجميع دول العالم لحد لا مثيل له فسمعنا عن من يتم ضربه حتى الموت أو اذلاله أو سجنه ظلما و لم تتدخل الدولة ذات الهيبة. - تخايلت فخرا بهيبة الدولة عندما كنت أرى حجم الفساد في مصر و أراضي مصر تنتهك و مرتشون قذرون يقودونها , و أقدس المناصب يتولاها أحقر الناس و أرخصهم ..... عندما وصل حجم تجارة البشر في مصر لارخص الاثمان فباع الفقراء كلاويهم و دمهم و أجزاء من أكبادهم ليطعموا أبناءهم. - أحسست بهيبة الدولة عندما وصلت نسبة الاميين في مصر لاكثر من 30% و علمت أن اسرائيل لا تتجاوز النسبة بها 2 % - أفتخرت بهيبة الدولة و أنا أرى شبابا صغارا لا يتجاوز العشرون يبيعون أجسادهم لسائحات أوروبيات بلغوا من العمر أرذله فيتزوجوهم و يعملون كالجواري عندهم مقابل مبالغ لا تزيد عن 100 يورو في الشهر. - أشعرتني بالفخر هيبة الدولة عندما كان يسافر الاف الشباب المصري لاسرائيل للبحث عن أي عمل يحصل منه على ما يغنيه حتى و لو عمل زبالا , و أطباء و مهندسين هاجروا لامريكا و أوروبا و قبلوا ان ينظفوا الارضيات بها بعد أن مات اي حلم لهم في الوطن. - أستمتعت بهيبة الدولة عندما علا صوت بعرور منهقا أيظن و سعد الصغير مدندنا برائعته العنب في بلد كوكب الشرق أم كلثوم - تجلت عظمة و هيبة الدولة عندما أبدع رجالات الامن و السياسة بها فكانت النتيجة تقسيم السودان و فلسطين لدولتان و حرب أهلية بالعراق و الصومال و تغلل اسرائيلي بافريقيا مع سيطرة شبه كاملة على منابع النيل و نفوذ ايراني قوي بلبنان و العراق. - أبكتني هيبة الدولة عندما تعرضت أقرب انسانة لقلبي لمرض خبيث و شاركتها رحلة علاجها و و صدمت عندما علمت بكم المصابين بهذ المرض و أكتشفت أن مصر من أعلى الدول في العالم انتشارا له و معه العديد من الامراض الاخرى كالفشل الكلوي و التهابات الكبد الوبائية و غيرها من الامراض المفزعة . للاسف لا أستطيع أن أكمل استعراض مظاهر هيبة الدولة فيكفي ما أشعر به من ألم على وطن فقد هيبته , و يحتاج الان للجميع يدهم بيد بعض لاعادة بناءه و استرداد تلك الهيبة