تواصل «بداية جديدة لبناء الإنسان.. ومجتمعنا أمانة» بجامعة قناة السويس    محافظ شمال سيناء يستقبل عدداً من مواطني إزالات ميناء العريش    رئيس جامعة حلوان: الاستثمار في التكنولوجيا استثمار بالمستقبل    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاة    مصر تشارك في اجتماع مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي في أديس أبابا    محافظ الدقهلية يتابع من مركز سيطرة الشبكة الوطنية محاكاة التعامل مع مياه الأمطار وحركة المواقف ومستوى النظافة    توقيع مذكرة تفاهم، وزير الداخلية يبحث مع نظيره الزامبي تعزيز التعاون ومكافحة الإرهاب    الاتحاد الأوروبي يدعو لاحترام وقف إطلاق النار في غزة    بشرى للأهلي.. موقف مرموش.. الزمالك يعسكر للبنك.. وعقوبة عصر| نشرة الرياضة ½ اليوم    «الخطيب أخي وأوفينا بما وعدنا به».. خالد مرتجي يزف بشرى لجماهير الأهلي    أحمد السيد: زيزو أفضل من تريزيجيه.. وجراديشار ليس على مستوى الأهلي    سوزي الأردنية تستأنف على حكم حبسها سنة الصادر من المحكمة الاقتصادية    إحالة البلوجر مداهم للمحاكمة بتهمة بث فيديوهات خادشة    الحبس 5 سنوات للسائق فى حادث دهس كورنيش الشاطبى بالإسكندرية    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا في بحر شبين بالمحلة    محافظ الإسكندرية: افتتاح المتحف المصري الكبير تعزيز لمكانة مصر في السياحة    هل يدخل فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى نادى المائة مليون؟    فلسطين حاضرة في الدورة 26 من مهرجان روتردام للفيلم العربي مع "سيدة الأرض"    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026- 1447ه في مصر وأول أيام الصيام (تفاصيل)    «نرعاك في مصر» خدم أكثر من 24 ألف مريض من 97 دولةً بإيرادات تجاوزت 405 ملايين دولار    محافظ سوهاج يفتتح حديقة ميدان الشهداء العامة بالمنشاه    حماس تدعو في بيان الوسطاء والضامنين إلى تحمل مسؤولياتهم والضغط الفوري على إسرائيل للالتزام التام بوقف إطلاق النار    بايسانوس.. فيلم وثائقي عن الشتات الفلسطيني في تشيلي بمهرجان القاهرة السينمائي    نجل مكتشف مقبرة توت عنخ آمون بالأقصر: عمر والدي كان 12 عامًا وقت الاكتشاف    محمد شبانة: كنت سأنتقد الرابطة لو استجابت لتأجيل الدورى للمنتخب الثانى!    المحكمة تقضي بعدم الاختصاص في قضية علياء قمرون    كليتى العلوم وتكنولوجيا التعليم ببنى سويف يحصلان على جائزة مصر للتميز الحكومى    حادث المنشية.. والذاكرة الوطنية    التنسيق الحضاري: توثيق 365 شارعًا بعدة محافظات ضمن مشروع حكاية شارع    عاجل| تعطيل خدمات البنوك الرقمية يومي الخميس والجمعة    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    مصرع طفلة صدمتها سيارة أثناء عودتها من الحضانة فى البدرشين    صحة المنيا: قافلة حياة كريمة تقدم خدماتها الطبية ل957 مواطنًا بقرية منبال بمركز مطاي    10 مشروبات طبيعية لعلاج الأرق وصعوبة النوم    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    مقاتلات بولندية تعترض طائرة استطلاع روسية فوق بحر البلطيق    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    دون إبداء أسباب.. السودان يطرد مسؤولين من برنامج الأغذية العالمي    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    رئيس اتحاد الناشرين العرب: المبادرات الثقافية طريقنا لإنقاذ صناعة الكتاب العربي    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخليج الإماراتية:فتنة الاقتتال أشد من لعنة الاحتلال
نشر في الوفد يوم 24 - 12 - 2011

الدولة جسم سياسي لا يقوم إلاّ بعمود فقري . في الدولة الديمقراطية، النظام السياسي بسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية هو العمود الفقري، وفي الدولة اللاديمقرطية، يمكن أن يكون الحاكم الفرد أو الحزب الواحد أو الجيش هو العمود الفقري.
العراق دولة، أو بالأحرى منظومة سياسوية، بلا عمود فقري، فلا وجود لحاكم فرد مركزي قوي، ولا وجود لنظام سياسي مركزي بسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولا وجود لحزب واحد مركزي متفرد ونافذ، ولا وجود لجيش مركزي قوي ومنتشر في كل أنحاء البلاد .
باختصار، العراق في الحاضر كيان أو كينونة هلامية، ترجّح كيانه طويلاً بين الاحتلال والاقتتال قبل أن ينتهي إلى هذه الحال .
لعل المسؤولين الأمريكيين الصهاينة الذين خططوا لمحاصرته وإنهاكه ومن ثم احتلاله وتفكيكه، ما توقعوا قطّ أن ينجحوا على النحو المذهل الذي انتهوا إليه عشية مغادرتهم الملتبسة بلاد الرافدين .
لا شك في أن تركيبة العراق الاجتماعية، القبلية والإثنية، ساعدتهم كثيراً على توليف وتنفيذ مخططهم الرهيب . كانوا أرادوا من غزوه الاستحواذ على نفطه وتدمير قدراته الذاتية كي لا يشكّل في قابل الأيام خطراً على أمن “إسرائيل” . لكنهم ما توقعوا أن يؤدي تفكيكه وتدميره إلى تدهوره إلى حالٍ هلامية يصعب معها بناء عمود فقري يلمّ جسمه السياسي، أو أن توفر حاله الهلامية فرصةً نادرة لإيران لملء الفراغ الناجم عن انحسار الاحتلال، بل لتجسير الفجوة الجغرافية بينها وبين سوريا فيتكامل مع عملية التجسير تحالفٌ ممانع ومقاوم يمتد من شواطئ بحر قزوين والخليج إلى شواطئ البحر المتوسط .
كي لا تتكامل عملية التجسير مع تكامل التحالف الممانع، ستحاول أمريكا، من الآن فصاعداً، استئناف عملية التفكيك وصولاً إلى التفتيت، أي إلى الفوضى الشاملة التي يمتنع معها بناء عمود فقري، أي سلطة مركزية متماسكة في البلاد .
ما كان غريباً ومفاجئاً، إذاً، أن يشتبك أعضاء النادي الحاكم في ما بينهم غداة انحسار الاحتلال الأمريكي الظالم . كان كل عضو مقتدر، نسبياً، بينهم يتربص بالآخرين ويعدّ العدة لينقضّ عليهم ويستأثر بالسلطة، وأي سلطة! غير أن الأعضاء جميعاً، وبدرجات متفاوتة، ما أدركوا حال الهشاشة التي انتهى إليها وضع البلاد ومدى ارتباط موازين القوى الداخلية بالمتغيرات الفظة التي عصفت بالمنطقة كلها .
قيل إن طارق الهاشمي وحلفاءه خططوا للقضاء على نوري المالكي وحلفائه وعلى كيان البرلمان، والسيطرة من ثم على المنطقة الخضراء، أي عملياً على بغداد . العاصمة بصيغتها الكبرى ومعها محافظات الجنوب كانت في قبضة المالكي وحلفائه الألداء منذ زمان . مع ملاحقة الهاشمي الذي انكفأ بجلده إلى كردستان، يكون مصير بغداد قد حُسم لمصلحة فئة سياسية بل فئات من لون مذهبي واحد . كيف سيواجه خصوم المالكي وحلفاؤه الألداء هذه الحقيقة؟
لعلهم بدأوا المواجهة في لحظة انكفاء الهاشمي: قاطعوا اجتماعات مجلس الوزراء بعدما قاطعوا جلسات مجلس النواب، ثم سارع زعيمهم إياد علاوي، رئيس كتلة نواب “القائمة العراقية”، من عمان إلى وصف المالكي بأنه ديكتاتور يشبه صدام . ترى، من يشبه علاوي؟
الحقيقة أن المالكي والعلاوي وآخرين من أهل النادي الحاكم هم قوام ما يسمى العملية السياسية التي باشرها الأمريكيون من أجل تسويغ احتلالهم وإيجاد طبقة سياسية تقوم بإدارة البلد تحت إشرافهم . العملية السياسية انهارت الآن، وبانهيارها يدخل العراق نفقاً مظلماً لا يعرف أحد كم من الوقت والمعاناة سينقضيان قبل أن يخرج منه .
بعض عقلاء النادي الحاكم المتصدع من مختلف الاتجاهات دعا إلى عقد مؤتمر وطني لتدارس حال البلاد تفادياً لفتنة الاقتتال التي هي أشد من لعنة الاحتلال . لكن ثمة صعوبات جمّة تقف في وجه انعقاد المؤتمر ليس أقلها عدم وجود قيادة أو هيئة وطنية ذات مكانة مركزية صالحة للدعوة إليه . أجل، لا وجود لأي مركز أو مركزية ذات صفة وطنية ومكانة وقيمة ونفوذ في عراق ما بعد الاحتلال . كل الظواهر والمظاهر والفعاليات السياسية وغير السياسية السائدة طائفية أو مذهبية أو إثنية أو إقليمية، بمعنى نسبتها إلى أحد الأقاليم الآخذة بالتوالد .
ثم هناك الصراع الإقليمي الذي يعصف بالمنطقة بلا هوادة ويُكره القوى العراقية المتصارعة على الاصطفاف إلى جانب هذه القوة الإقليمية أو تلك .
قبل انتفاضات ما يسمى ب”الربيع العربي” كان المالكي وربعه ضد سوريا بما هي ملاذ البعثيين العراقيين المطلوب “اجتثاثهم” . وكان العلاوي ومن يشد مشده متفاهماً مع سوريا التي كانت تتغاضى عن تسلل مئات “المجاهدين” ضد الاحتلال” والطبقة السياسية التي تسانده . بعد اندلاع انتفاضات “الربيع العربي” وانحسار الاحتلال، انقلبت الأدوار . أصبح المالكي ورَبعه داعمين لنظام سوريا الممانع وصديق إيران، بينما تحوّل العلاوي ورَبعه عن تأييد نظام الأسد إلى تأييد خصومه المعادين لإيران وحزب الله والداعمين سياسة أمريكا في المنطقة، والداعين إلى اعتماد الأقلمة (تحويل المحافظات إلى أقاليم تمارس حكماً ذاتياً) .
غير أن هؤلاء لا يشكّلون بشطريهما كل المشهد العراقي في الحاضر والمستقبل . ثمة خط بل تيار من أفراد وجماعات وقوى سياسية وطنية، قومية ويسارية وإسلامية، ملتزمة ترميم الوحدة الوطنية وإحياء السلطة المركزية في إطار دستوري ديمقراطي، وصديقة لقوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، ستحاول التجمّع والانتظام في مؤتمر أو جبهة وطنية على مستوى البلاد بغية تحقيق أهدافها الاستراتيجية .
إلى ذلك، ثمة ضباط وطنيون وقوميون في الجيش، عابرون في عقيدتهم ورؤياهم الوطنية والسياسية للطوائف والمذاهب والأحزاب القائمة، سيحاولون التجمع والانتظام في تيار داخل الجيش من أجل تحقيق أهدافٍ وطنية وسياسية تحاكي تلك التي ترفعها الجبهة الوطنية المدنية العتيدة في قابل الأيام .
من تلاقي الجبهتين “العسكرية” و”المدنية” يتحدد التوقيت الدقيق لطي صفحتي الاحتلال والاقتتال، وفتح صفحة الاستقلال الثاني والحكم الوطني الباني، وعودة العراق إلى النهوض والبناء في خدمة نفسه وأمته .
وإلى أن تدق ساعة التغيّر والتغيير، سيعاني العراق كثيراً رواسبَ الاحتلال ومقاولي الاقتتال، ونفوذ أمريكا المتربصة في قواعدها المنتشرة على امتداد المنطقة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.