النوبيون.. كما جاء ذكرهم فى كتاب «وصف مصر» يتميزون باللطف والرقة ويعيشون فى سلام بقدر ما يستطيعون مع جيرانهم، وخاصة العربان، وكانوا يلجأون إلى الاحتماء بالصخور عندما يشن العربان غاراتهم عليهم، حيث تعجز الخيول عن الوصول إليهم، هم مسلمون متحمسون لدينهم ومعروفون بالاستقامة والأمانة والإخلاص.. هم يخضعون لسلطة الدولة المصرية منذ حكم الفراعنة وحتى الآن باستثناء فترات قليلة من التاريخ.. ومنطقة النوبة مثل غيرها من مناطق الصعيد الفقر بها دكر غير قابل للخصوبة، ومن ثم صارت مرتعاً خصباً وبراحاً تركض فيه منظمات المجتمع المدنى المشبوهة، ومن أهمها منظمة «المرأة الزنجية» التى تعمل فى أسوان منذ عام 1997، وهى منظمة يهودية-أمريكية استطاعت العمل فى جنوب السودان قبل انفصاله عن الشمال. وليس لها ترخيص من الدولة ولها محل إقامة وهمى بالمنيل بالقاهرة، وتدار من السفارة الأمريكية تحت إشراف المخابرات الأمريكية. ويمثلها فى مصر ناشطة نوبية، وتدعو المنظمة دون مواربة لانفصال النوبة عن مصر ومنحها الحكم الذاتى، وتعتبر المرأة النوبية ذات أصل زنجى لا ينتمى لمصر ولا يربطها بها صلة. واستطاعت المنظمة تسفير نحو 1300 فتاة وسيدة نوبية إلى أمريكا للتدريب على أعمال التظاهر والحشد والمواجهات الدامية.. ويدير المجلس القومى للمرأة الزنجية فى واشنطن مجموعة تضم وزراء وبرلمانيين أمريكان، وترأسه دورثى آت هايت وهى امرأة زنجية تحمل لقب المناضلة من أجل حقوق السود فى العالم. والوكيل القانونى للمنظمة فى مصر هو الدكتور أحمد كمال أبوالمجد ومعه تسعة محامين بموجب توكيل رقم 11423 صادر من دورثى هايت ومصدق عليه من القنصلية المصرية بواشنطن. والعنوان المسجل بالتوكيل للمجلس القومى هو مقر الخارجية الأمريكية، وفى أقوالها أمام محكمة الجنايات فى قضية التمويل الأجنبى ذكرت السفيرة فايزة أبوالنجا، وزيرة التعاون الدولى، أنها سألت أبوالمجد فى اجتماع المجلس الاستشارى الذى أنشأه المشير حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى عن هذا التوكيل ودور المنظمة فى مصر، فأجابها بأنه لا يعرف شيئاً عن التوكيل، ولما أعادت عليه السؤال مرة أخرى أجابها بأنه سوف يستفسر عنه عندما يذهب إلى مكتبه. ومن ساعتها لا حس ولا خبر، فلا الوزيرة ولا الدولة بحثت فى الموضوع بجدية سواء عن صحة التوكيل بالشهر العقارى ودور المنظمة المشبوهة فى تغذية النعرات القبلية والعرقية والتحريض على المطالبة بالحكم الذاتى لا هى فعلت ولا الدكتور أبو المجد اهتم بالرد على اتهام واضح وصريح. كان لجريدة «الوفد» شرف السبق والانفراد بالكشف عن هذه المنظمة فى عام 2012، ورغم متابعتى وإلحاحى فى وقف نشاط هذه المنظمة الأمريكية، إلا أن الدولة لم تتخذ أى إجراء قانونى طوال هذه الفترة، الجديد فى هذه القضية أن البلاغ رقم 4649 الذى تقدم به رمضان الأقصرى رئيس حزب مصر 2000 منذ 4 سنوات، والذى يتهم فيه أبو المجد بالسعى لتقسيم النوبة والحصول على الحكم الذاتى، ويطالب بوقف نشاط المنظمة فى مصر تحرك فى الأسبوع الماضى من مكتب النائب العام وتمت إحالته إلى نيابة وسط القاهرة للتحقيق، كما يعتزم محمد يحيى المحامى بالنقض وعضو لجنة الحريات بنقابة المحامين إقامة دعوى قضائية أمام محكمة الأمور المستعجلة لوقف نشاط منظمة المرأة الزنجية. كما يعتزم أيضاً التقدم بطلب لرفع الحصانة عن النائب ياسين عبدالصبور، عضو مجلس النواب عن دائرة نصر النوبة، ويؤكد أن النائب حنث بالقسم بالدستور والحفاظ على سلامة الوطن ووحدة أراضيه واتهمه بإثارة الفوضى والبلبلة وتهديد استقرار الأمن العام، حيث أعلن فى مؤتمر عقده بدائرته نصر النوبة فى سبتمبر الماضى تدويل قضية النوبة وجمع توكيلات وأمهل الحكومة ثلاثة أشهر لحل مشاكل أبناء النوبة، وإلا سيكون هناك حديث آخر. واجهت «الوفد» النائب ياسين عبدالصبور عن حزب المصريين الأحرار بهذه الاتهامات التى نفاها قائلاً: المواطن النوبى له حقوق زى المواطن بتاع أسيوط وسيناء وليس بيننا خائن نوبى واحد. وأمن الدولة والمخابرات عندهم خبر وأنا مش قاعد فى النوبة وطول عمرى مقيم فى أبوسمبل، وكنت باشتغل متردوتيل فى أحد الفنادق هناك، وعشان أنا مدرس دخلت نقابة المعلمين وأصبحت نقيباً للمعلمين هناك وعضو النقابة العامة للمعلمين، وطول عمرى حزب وطنى وأعرف تماماً ما أقول. وعندما سألته عن منظمة المرأة الزنجية أجاب: والله العظيم ما أعرفها خالص ولم أسمع عن الملف النوبى قبل أكتوبر عام 2015، ولو أعرف سأبلغ على طول والشباب هم الذين أمهلونى ثلاثة أشهر لحل مشكلة النوبة وإلا أرفع أيدى عنها. وقال أيضاً: أنا قابلت حجاج أدول الناشط النوبى لأول مرة أثناء الانتخابات البرلمانية ولا أعرف منال الطيبى -الناشطة النوبية- وهى ليست مقيمة فى أسوان وهى مضحوك عليها ولو قلت لها ارجعى مش هاترجع. وإحنا مش زنوج والمرأة النوبية ليست زنجية، بل هى تتمتع بالجمال المصرى الأصيل وسمارها زى كل النوبيين من سمار توت عنخ آمون ورمسيس وأحمس. وأوضح «عبدالصبور» أن المجتمع النوبى ليس مجتمعاً تشاؤمياً وأنهم يبحثون عن العودة إلى ضفاف البحيرة. وقال إحنا عايزين نرجع لبلاد الدهب وأنا كنت بأطالب بتفعيل توصيات اللجنة الخاصة التى زارت أسوان فى مارس الماضى ووافق عليها البرلمان، وكنت بأخاطب الرئيس السيسى بتلغرافات، وفى الأسبوع الماضى قابلت رئيس الوزراء وطلب منى ألخص له مشكلة النوبة وكتبت الموضوع فى ثلاث صفحات سلمتها لمدير مكتبه تامر عوف، وقال لى خلاص هانبعت مجموعة من القيادات إلى النوبة وقلت لرئيس الوزراء إن أهالى النوبة أول المطيعين وآخر العصاة. وأن 90٪ مننا استقررنا ومش هانرجع تانى. وقال «عبدالصبور»: الشباب عايزين يرجعوا لأراضى أجدادهم وأهل النوبة يعانون عدم اهتمام الحكومات السابقة بموضوع عودتهم إلى موطنهم على ضفاف بحيرة السد العالى شرقاً وغرباً، والتى تبلغ مساحتها 700 كيلومتر وطالب بتعميرها وإنشاء قرى لتوطين الشباب والذين لم يتم تعويضهم ثم المستثمرين. لماذا أسكت على استحقاق بقاله سنين وأخويا بيتعامل أحسن منى في المحافظات الأخرى. إلى هنا انتهى كلام النائب الذى حرصنا على أخذ رأيه فيما طاله من اتهامات بتدويل قضية النوبة والمطالبة بالحكم الذاتى، ولم ينس أن يخبرنى فى منتصف المكالمة بأنه يسجل ما يدور بينى وبينه (مين يسجل لمين مش عارف). خطورة دعاوى التدويل كما يقول المحامى -محمد يحيى- أن القانون الدولى يعطى لأى أقلية يصل عددها 150 ألف شخص متحدين فى اللون أو الجنس والدين حق الحكم الذاتى ويخضعون لحماية الأممالمتحدة طبقاً للبند السابع. المثير أيضاً أن التوكيل الذى سلمته السفيرة «أبوالنجا» للدكتور أحمد كمال أبوالمجد الذى أشرت إليه آنفاً ينص على حروف (P.V.O) وهى اختصار لأحد أهداف منظمة المرأة الزنجية، وهو قهر الظلم وحماية الأقليات. وأسأل الدكتورة غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى: هل لديكم سجل أو صادر عنكم ترخيص لهذه المنظمة الأمريكية للعمل فى منطقة النوبة، وهل لديها بطاقة ضريبية.. ولو لها تصريح أين مقرها؟ نرجو ألا يطول صمت الحكومة تجاه منظمة تعمل على انفصال النوبة عن مصر منذ عشرين عاماً برعاية السفارة الأمريكية وإشراف ال«سى آى إيه». تحركوا قبل أن تقع الفأس فى الرأس.