تنتابه لحظات من الشرود والحيرة وهو يقف بجوار تشكيلات الطين التي شكلها بأنامله الصغيرة ببراعة وموهبة فطرية، يؤرق الولد النحيل التحذيرات من المحيطين به من نشاطه الفطري في الإبداع في تشكيل ونحت خيالاته على الطين والحجر كونها لا يجدي نفعًا في طاحونة الحياة، يزعج الولد النحيل أيضا أنه متهمًا بصناعة الأصنام ! في دقائق معدودة يستطيع محمد محمد فريز عبد الكريم، 22 عامًا، أن يخرج منتجًا فنيًا رائعًا بيديه الصغيرتين من طمي النيل، وتماثيل نصفية لوجوه مصرية قديمة بالغة العذوبة، الوقت الزمني الذي يحتاجه لإنجاز تشكيلات الطين لا يستغرق ساعة واحدة، وهو يبهرك في سرعته ودقته وخيالاته في التشكيل الدقيق لنسب الوجه وهو لا يعرف معلومة واحدة عن مدارس النحت أو الفن. "فريز" مولود في أسرة بسيطة في محافظة قنا، بدأ نشاطه الفطري في طفولته يقول" كنت أتحصل علي الطين من أسفل الزير في منزلنا وأشكل منه خيالاتي وأول ما صنعته كانت سيارة ألهو بها مع أخواتي". أنهي الفنان الفطري تعليمًا متوسطًا ودخل في دوامة البطالة، ولجأ إلى العمل صيادًا في النيل مع أهل بلدته لجمع جنيهات معدودة تعينه علي شراء احتياجاته الضرورية من حصيلة بيع السمك لجيرانه في بلدته، وهو يحب مهنته لأنها فيها الكثير من الهدوء الذي يجعله يسبح في خيالاته ويخطط لتشكيلات فنية جديدة من الطين. ومابين رغبته الجارفة التي تغذيها موهبته الفطرية في الاستمرار في تشكيلات الطين، والتحذيرات التي تجعله متهمًا بصناعة الأصنام، يقف "فريز" في مساحة من الحيرة والقلق، يقول "أحب ما أفعله وعندي طاقة كبيرة وأريد أن أستمر"، وذهبت إلى قصر الثقافة وتشككوا في أني لست صاحب تماثيل الطين، حتي جلبت كتل طين وشكلتها أمامهم فصدقوا أني أفعل ذلك، ووعدوني أنهم سيجلبون الطين الأسواني وسأدخل مسابقة بتمثال فرعوني. يحتاج ذلك الشاب الهائم في الفن بفطرته، لمن يأخذ بيده ويدعمه بسرعة بالغة، قبل أن تجف أنامله، وتضيع موهبته مثل غيره.