الرئيس السيسي يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول    السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكاري للجندى المجهول وقبر السادات    رئيس مجلس النواب يفتتح الجلسة العامة لعرض بيان موازنة 2024-2025    جدول امتحانات الفصل الدراسي الثانى لمدارس كفر الشيخ    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    سعر الدولار في البنك المركزي صباح اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024    بمناسبة اقتراب شم النسيم.. أسعار الرنجة والفسيخ اليوم الثلاثاء 23/4/2024    حنفي جبالي يفتتح الجلسة العامة للبرلمان    حالات لا يشملها المخالفات المرورية السعودية..طريقة طلب اعفاء من المخالفات المرورية    وزير التعليم العالى يبحث فتح فرع لجامعة أبردين البريطانية فى مصر    البورصة المصرية، EGX يتلون بالأحمر بإجمالي 20 ألف عملية تداول ببداية جلسة اليوم    تموين القليوبية: توريد 8565 طن قمح للصوامع والشون    جلسة مشاورات موسعة بين وزير الخارجية ونظيره الأيرلندى (صور)    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    المصري يبحث عن وصافة الدوري الممتاز بمواجهة فاركو اليوم    الإسكواش، تعرف على مواجهات اليوم في ربع نهائي بطولة الجونة    رسالة رئيس ريال مدريد لبرشلونة بشأن مستقبل تشافي    تضرر سيارات وبنك وعقار، انتداب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق الجمالية    إصابة 21 موظفا بإحدى الشركات بحادث انقلاب أتوبيس بطريق السويس (صور)    ضبط سباك بالقاهرة لتعديه على مسنة مما أودى بحياتها بقصد السرقة    كاميرات المراقبة وسيلة الأجهزة الأمنية لكشف غموض اختفاء فتاة بالصف    تأجيل محاكمة المتهم بالتسبب في وفاة 3 أشخاص بالقطامية    سر الاحتفال باليوم العالمي للكتاب يوم 23 أبريل    قائمة أفلام عيد الأضحى 2024..أفضل الأعمال الجاري عرضها    وزيرا التعليم العالي والصحة يشهدان حفل تكريم الفائزين بجوائز "السعودي الألماني"    شعبة الأدوية: انفراجة في توفير كل أنواع ألبان الأطفال خلال أسبوع    نصائح للحماية من الإصابة بالأمراض في موسم الحج 2024    إسماعيل بامبا: مستمر مع بتروجت.. ولدي بعض العروض    إسرائيل تستهدف مهندسًا بوحدات الدفاع الجوي لحزب الله    قتلى في تصادم طائرتين هليكوبتر بماليزيا (فيديو)    زلزال بقوة 5 درجات يضرب المنطقة البحرية قبالة محافظة هوالين فى تايوان    وكيل تعليم مطروح يحيل العاملين بمدارس براني للتحقيق    جامعة القاهرة: دخول جميع الطلاب امتحانات نهاية العام دون حرمان غير المسددين للمصروفات    جدول امتحانات الصفين الأول والثاني الثانوي لمدرسة الحلي والمجوهرات للتكنولوجيا التطبيقية    اليوم.. استئناف مدير حملة أحمد الطنطاوي على الحكم الصادر ضده    التنمية الاجتماعية والاقتصادية.. أهداف واختصاصات التحالف الوطني للعمل الأهلي    محافظ شمال سيناء يستقبل وزير الشباب والرياضة خلال زيارته للعريش (صور)    رسولوف وهازنافيسيوس ينضمان لمسابقة مهرجان كان السينمائي    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024.. «الجدي» المال في طريقك و«الميزان» يجد شريك مناسب    نيللي كريم تثير فضول متابعيها حول مسلسل «ب100 وش»: «العصابة رجعت»    توفيق السيد: غياب تقنية الفيديو أنقذ الأهلي أمام مازيمبي.. وأرفض إيقاف "عاشور"    «سيدات يد الأهلي» يواجه أبيدجان في ربع نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    اليوم.. الأهلي يستأنف تدريباته استعدادا لمواجهة مازيمبي    الرئيس البولندي: منفتحون على نشر أسلحة نووية على أراضينا    طلاب الجامعة الأمريكية يطالبون الإدارة بوقف التعاون مع شركات داعمة لإسرائيل    الدفاعات الأوكرانية: دمرنا جميع الطائرات المسيرة التي أطلقتها موسكو خلال الليل    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    بدرية طلبة تشارك جمهورها فرحة حناء ابنتها وتعلن موعد زفافها (صور)    مصرع عامل دهسه قطار الصعيد في مزلقان سمالوط بالمنيا    ملتقى القاهرة الأدبي.. هشام أصلان: القاهرة مدينة ملهمة بالرغم من قسوتها    أسعار الدواجن اليوم 23 أبريل في النازل.. الحقلك فرختين قبل نهاية الشهر    أستاذ مناعة يحذر من الباراسيتامول: يسبب تراكم السموم.. ويؤثر على عضلة القلب    خلال ساعات العمل.. أطعمة تجعل الجسم أكثر نشاطا وحيوية    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانتحار.. والعلاج الوهمي
نشر في الوفد يوم 26 - 01 - 2011

قضايا الانتحار تتصدر المشهد، وأصبحت تحتل الأولوية عند الجميع ويتناولها الفقهاء وأصحاب الفتاوي وخطباء المساجد، وتتصدر المنابر الإعلامية.. وهذا الاهتمام الكبير بعمليات الانتحار لم يأت بسبب تحول الأمر إلي ظاهرة، أو نتيجة لاستيقاظ الضمائر فجأة والحسرة علي المنتحرين.. وإنما اهتمام وقتي بسبب النتائج التي يمكن أن تحدث جراء عمليات الانتحار بعد أحداث تونس التي اندلعت شرارتها من جسد محمد بوعزيزي المشتعل اعتراضاً علي الإهانة والظلم وتجبر السلطة، وهي نفس الأسباب التي دفعت عددا من أبناء الشعب المصري والعربي إلي نهج نفس السلوك.. إلا أن الملفت هو رد الفعل تجاه عملية الانتحار من استخفاف وتسطيح، وأحياناً تسفيه.
بداية فإن عملية الانتحار تشكل ظاهرة في المجتمع المصري منذ عدة سنوات وتناولتها بعض وسائل الإعلام من قبل، وكتبت فيها أكثر من رأي في هذا المكان بعد أن فوجئت بإحصائيات بالغة الخطورة تشير إلي أن عدد المنتحرين زاد في العام الواحد علي مائة ألف مواطن، بالإضافة إلي محاولات بلغت 300 ألف فشلوا في الانتحار ومعظم هذه الحالات كانت لأسباب معظمها يتعلق بالفقر والبطالة وعدم القدرة علي مواجهة مصاعب الحياة، والقليل منها يتعلق بظروف نفسية أو عاطفية للشباب، وهي احصائيات تكشف عن عمق الأزمات التي تواجه المصريين، وكانت مثار اهتمام وألم الرأي العام.. إلا أنها مرت مرور الكرام علي المسئولين ولم تشكل بالنسبة لهم أكثر من خبر في بعض وسائل الإعلام.. بينما تغير الأمر الآن وأصبح يشكل اهتماما، ليس للمنتحر وإنما لرد فعل المجتمع.
في الحالات الأولي للانتحار، تم إعلان الأمر علي أنه لمرضي نفسيين وحاولوا توثيقه بشهادات مضروبة طبيا واجتماعيا من خلال توجيه البعض للاعتراف بالمرض.. ومع زيادة الحالات وتكرار المحاولات صعب الأمر علي السلطة وأبواقها وأصبح يشكل سخرية للرأي العام لدرجة جعلت كثيرين يذهبون مع هذا التوصيف علي اعتبار ان النظام قد تسبب في إصابة المصريين بالاكتئاب واليأس والمرض إلي درجة تدفعهم للانتحار، وبعد أن تدارك النظام خطورة الموقف ذهب كعادته لأسهل الحلول بعيدا عن لب المشكلة عندما دفع خطباء المساجد إلي تناول المشكلة، وتكفير المنتحرين وتهديدهم بأشد ألوان العذاب، كما دفع بمشايخ الفتاوي المستعدين والجاهزين لشتي المواقف والقضايا لترهيب كل اليائسين والمحبطين من عذاب جهنم وخسارتهم للآخرة بعد أن خسروا الدنيا.
ولم ينس سدنة النظام استنهاض أطباء علم النفس وتوجيههم لتسفيه الأمر إلي الدرجة التي جعلت البعض يصور الانتحار علي انه لفت نظر وشهرة أو بطولة زائفة، وكأن حياة الإنسان أصبحت بسيطة وتافهة إلي هذه الدرجة!!
هذه المعالجة القاصرة والسطحية لظاهرة موجودة في المجتمع منذ سنوات ولم يلتفت إليها أحد.. تؤكد أن النظام مفلس كعادته ولا يستطيع مواجهة أي من المشكلات الكبري، وبدلا من مناقشة الأسباب الحقيقية، ذهب للمعالجة الوهمية ولم يسأل نفسه السؤال الصريح والواضح.. لماذا ينتحر المصريون؟! وهل المشاكل التي يواجهها المصريون علي المستوي الفردي أو الجماعي تستدعي انتحار عشرات الآلاف سنويا؟!
المؤكد أن المصريين أصبحوا أكثر شعوب الأرض عرضة للمشاكل والضغوط النفسية، وكل التقارير المحلية والدولية تؤكد أن حوالي نصف هذا الشعب يعيش تحت خط الفقر ويعاني من أحوال معيشية صعبة، وأن غالبية المصريين يعانون من التضارب والتفاوت بين الدخل وارتفاع الأسعار.. وأن البطالة تضرب الشباب المصري الذي تعلم وتخرج في الجامعات بشهادات ورقية لا تغني ولا تثمن من جوع بعد أن عانت أسرته من تعليمه ودروسه الخصوصية، ويجلس الآن علي المقاهي محبطاً وفاقداً للأمل ويائساً من المستقبل، والقلة الطامحة لا تجد أمامها سبيلاً إلا المغامرة في الهجرة غير الشرعية إلي أوروبا أو الإضطرار للعمل داخل مصر في مهن متدنية لمجرد تدبير المصروفات الشخصية، بعيدا عن الطموح في الزواج وتأسيس مسكن.. والمؤكد أيضاً أن غالبية المصريين يعانون من تردي الخدمات والمرافق إلي درجة لا نجدها في أصغر دول العالم، وليس أدل علي ذلك من سوء المواصلات والطرق التي تحصد أرواح عشرات الآلاف سنوياً، والأمر لا يختلف في قطاع الصحة حتي بات يطلق علي المستشفيات العامة والحكومية الداخل مفقود والخارج مولود بسبب ترديها، وهذه المستشفيات يرتادها غالبية المصريين بسبب ظروفهم الاقتصادية التي تجعلهم يتحملون المرض والأوجاع ويفضلون الموت علي الاقتراب من المستشفيات الخاصة، المؤكد أيضاً أننا نعيش حياة سياسية فاسدة.. ليس لها علاقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وأدت إلي ترسيخ القهر والظلم والفساد وبات المجتمع يعاني من الرشوة والوساطة والمحسوبية وتراجع القانون، وكل هذا يحدث بسبب احتكار فئة للسلطة والمال والثروة، وتهميش الشعب المصري، وليس أدل علي ذلك من نتائج انتخابات مجلس الشعب الأخيرة التي عادت بالبلاد إلي الوراء سنوات طويلة.. فكيف يشعر الناس بالرضا والأمان والأمل في المستقبل؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.