صندوق النقد: مصر ستعالج تسهيلات السحب على المكشوف من المركزي    حماس تعلن تسلمها رد إسرائيل الرسمي حول مقترحات صفقة تبادل الأسرى ووقف النار بغزة    حماس تعلن تسلمها رد إسرائيل بشأن محادثات وقف النار في غزة    حسام حسن يحتفل بخطبة ابنته يارا على رجل الأعمال أحمد على راشد (صور)    اسكواش - تكرارا للموسم الماضي.. علي فرج ونوران جوهر يتوجان بلقب الجونة    كولر: مازيمبي لم يشكل أي خطورة علينا.. وسنحتفل اليوم بالتأهل    "اتهاجمت أكثر مما أخفى الكرات ضد الزمالك".. خالد بيبو يرد على الانتقادات    كانت ماشية بالصدفة، حبس 4 أشخاص تسببوا في مقتل ربة منزل أثناء مشاجرة بينهم بأسيوط    أول رد من أحمد السقا على شائعة انفصاله عن زوجته مها الصغير    استشهاد شابين فلسطينيين في اشتباكات مع الاحتلال بمحيط حاجز سالم قرب جنين    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    ننشر نتيجة انتخابات نادى القضاة بالمنيا.. «عبد الجابر» رئيسا    حالة خوف وقلق في مدينة رفح الفلسطينية مع تهديد الجيش الإسرائيلي.. تفاصيل    هجوم صاروخي حوثي على ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر    أستاذ علاقات دولية: الجهد المصري خلق مساحة مشتركة بين حماس وإسرائيل.. فيديو    دينا فؤاد : تكريم الرئيس السيسي "أجمل لحظات حياتي"    الدكتور أحمد نبيل نقيبا لأطباء الأسنان ببني سويف    رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 27 إبريل بعد الانخفاض الآخير بالبنوك    3 وظائف شاغرة.. القومي للمرأة يعلن عن فرص عمل جديدة    وزير الرياضة يُهنئ الأهلي لصعوده لنهائي دوري أبطال أفريقيا للمرة ال17 في تاريخه    قبل مواجهة دريمز.. إداراة الزمالك تطمئن على اللاعبين في غانا    بعد التخفيضات.. تعرف على أرخص سيارة تقدمها جيتور في مصر    والد ضحية شبرا يروي تفاصيل مرعبة عن الج ريمة البشعة    رسالة هامة من الداخلية لأصحاب السيارات المتروكة في الشوارع    بعد حادث طفل شبرا الخيمة.. ما الفرق بين الدارك ويب والديب ويب؟    نظر محاكمة 14 متهما في قضية "خلية المرج".. السبت    اليوم.. مرتضى منصور أمام المحكمة بسبب عمرو أديب    الشركة الصينية الأم لمنصة تيك توك: لن نبيع التطبيق    عز يسجل مفاجأة.. سعر الحديد والأسمنت اليوم السبت 27 إبريل في المصانع والأسواق    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    دينا فؤاد: الفنان نور الشريف تابعني كمذيعة على "الحرة" وقال "وشها حلو"    حضور جماهيري كامل العدد فى أولي أيام مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير .. صور    تنفع غدا أو عشا .. طريقة عمل كفتة البطاطس    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    "أسوشيتدبرس": أبرز الجامعات الأمريكية المشاركة في الاحتجاجات ضد حرب غزة    الترجي يحجز المقعد الأخير من أفريقيا.. الفرق المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    العراق.. تفاصيل مقتل تيك توكر شهيرة بالرصاص أمام منزلها    حمزة عبد الكريم أفضل لاعب في بطولة شمال أفريقيا الودية    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية التعاملات السبت 27 إبريل 2024    بالصور.. رفع المخلفات والقمامة بعدد من شوارع العمرانية    في سهرة كاملة العدد.. الأوبرا تحتفل بعيد تحرير سيناء (صور)    علي الطيب: مسلسل مليحة أحدث حالة من القلق في إسرائيل    السيسي محتفلا ب"عودة سيناء ناقصة لينا" : تحمي أمننا القومي برفض تهجير الفلسطينيين!!    طريقة عمل كريب فاهيتا فراخ زي المحلات.. خطوات بسيطة ومذاق شهي    استئصال ورم سرطاني لمصابين من غزة بمستشفى سيدي غازي بكفر الشيخ    حظك اليوم برج العقرب السبت 27-4-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    قلاش عن ورقة الدكتور غنيم: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد    البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة "باتريوت" متاحة الآن لتسليمها إلى أوكرانيا    تعرف علي موعد صرف راتب حساب المواطن لشهر مايو 1445    أعراض وعلامات ارتجاج المخ، ومتى يجب زيارة الطبيب؟    الصحة تكشف خطة تطوير مستشفيات محافظة البحيرة    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن نحقق الابتزاز بحرق النفس
نشر في صباح الخير يوم 25 - 01 - 2011


أشرف على الملف : مها عمران
شارك بالملف : هايدى عبد الوهاب - يارا سامى - شاهندة الباجورى - لميس سامى -نهى العليمى - ايات الموافى - هيام هداية - لمياء جمال - ياسمسن خلف
بعد المظاهرات.. والاحتجاجات.. والاعتصامات التى شهدها رصيف مجلس الشعب.. وشارع مجلس الوزراء وسلالم النقابات ونقلتها شاشات التليفزيون المصرى والفضائيات وناقشتها البرامج الحوارية ونواب الشعب تحت قبة البرلمان والتى طالبت بمطالب اجتماعية واقتصادية وسياسية.. استجيب لبعضها.. ووضع البعض الآخر محلاً للدراسة.. والتنفيذ.
فوجئنا بمسلسل الحرق وأصبح كل من له مطلب شخصى يفكر فى لفت الأنظار لشكواه بمحاولة للانتحار «حرقا».
صاحب مطعم يطلب حصة استثنائية من الخبر لمطعمه وأب هربت منه ابنته.. وموظف يرفض النقل من إدارة لإدارة.. و.. و..
فماذا نسمى هذا.. هل هو تقليد أم ابتزاز وكيف تتقزم المطالب.. وتتضاءل الطموحات ويظن البعض أن الحل هو الحرق ومن الذى يرضى بقتل النفس التى حرم الله قتلها ويقبل أن تكون وسيلة للضغط.
أكد الكاتب الصحفى صلاح عيسى أن مسلسل الانتحار الذى شهدته الفترة الأخيرة هو عبارة عن نوع من التقليد بسبب أحداث تونس فعمليات الحرق ما هى إلا «لفت نظر» لإثارة الانتباه، خاصة أن معظم من قاموا بهذه العمليات كانت لهم أسباب شخصية واجتماعية وبعيدة كل البعد عن السياسة وكلها مشاكل معروفة.
صلاح عيسى
وهؤلاء الأشخاص يتصورون أن انتحارهم يثير ثورة فى مصر وهذا لن يحدث. وما حدث من تقليد هو ظرف مؤقت سوف ينتهى بعد عدة أيام، فماذا تفعل الحكومة لأب ابنته تركته وهربت فهى مسائل عائلية وخاصة جداً، وماذا يفعل الشعب لرجل انتحر بسبب 20 رغيف عيش، ماذا ينتظر أن يحصل؟ فكلها أحداث يجب عدم التوقف عندها بهذا الاهتمام لأنها ليست ظاهرة بل إنها شكل من أشكال الاعتراض المتكرر فى مصر فكل يوم نرى مظاهرة إلى جانب أن عام 2010 شهد أكبر عدد من الاعتصامات على نفس رصيف مجلس الشعب.
ومن ناحية أخرى أضاف صلاح عيسى أنه لابد أن يكون الإعلام محايداً لا يمجد المنتحرين بل يوضح أنه موقف سلبى وأن الانتحار جريمة فى حق الوطن وفى حق الفرد نفسه.
ويؤكد صلاح عيسى أنه من الخطأ ونحن مجتمع يحترم جميع الأديان السماوية أن يظهر شيخ له مكانته الدينية على الفضائيات ويدعو الناس للدعاء لهؤلاء الشهداء وطلب الرحمة لهم على الرغم من أن الانتحار فى جميع الأديان هو حرام وكفر بالله.
حالات غير منطقية
ويقول الدكتور فاروق أبوزيد أن عمليات الانتحار التى انتشرت خلال أيام هى عبارة عن مسألة نفسية بحتة لأنها لأسباب اجتماعية وشخصية من الدرجة الأولى خاصة أننا كشعب نعيش بقدر من الحرية فمن حقنا أن نتظاهر ونعتصم وبالإضافة إلى وسائل الإعلام التى تناقش الأوضاع المختلفة للمجتمع حتى برامج «Talk show» التوك شو التى تظهر على شاشة التليفزيون المصرى تملك حق الاعتراض ومناقشة كل القضايا بحرية كاملة.
د . فاروق أبو زيد
وأضاف د. فاروق إن من الصعب تفسير هذه الحالات لأنها غير منطقية فهؤلاء أشخاص لا يملكون القدرة على الاحتمال ويفكرون فى أنهم من الممكن أن يظلوا على قيد الحياة وبذلك فهى تظهر حالة تهدف إلى الرغبة فى الظهور الإعلامى لأن الانتحار عملية بشعة فى جميع الأديان السماوية. وفى نهاية حديثه يؤكد أن عمليات الانتحار لابد أن تعالج بموضوعية ولو افترضنا أن للحكومة دوراً فيكون من خلال اختيار أحد يمثلها ويظهر فى وسائل الإعلام المختلفة يوضح للشعب أن الحكومة بريئة من دم هؤلاء الأشخاص ويخاطب الجهات التنفيذية بضرورة مواجهة أى مشكلة وتذليل الصعاب أمام المواطنين.
قنوات الحوار
يرى دكتور عدلى رضا رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة أن أسلوب الحرق هو أسلوب غير ملائم للتعبير عن الغضب أو الاحتجاج لأنه يتعارض مع الدين الذى يحثنا على الحفاظ على النفس وعدم إلقاء أنفسنا فى التهلكة.. فإذا كان لدى أى مواطن أى مشكلة فعليه بالتعبير عنها من خلال الأساليب الشرعية سواء المظاهرات أو الإضراب أو مخاطبة الجهة المعنية لعرض الشكوى.. كذلك على الدولة أن تنتبه لمشاكل المواطنين فى المجتمع وأن تستمع إلى شكواهم وتتعرف على احتياجاتهم حتى تصل إلى حلول وكذلك لا يجب أن تجعل المشاكل تتراكم وأن تفتح جسور اتصال بينها وبين المجتمع وأن تكون هناك مكاتب لتلقى الشكاوى من المواطنين ويضيف قائلاً: يجب أن تزيد الحكومة من مساحات الديموقراطية حتى لا يكون هناك قلق من حدوث مثل تلك الأساليب.. وأن تترك المواطن يعبر عن رأيه بصراحة ولا تكتفى بمجرد مشاهدة الغضب فى صمت.. بل تتخذ إجراءات فعلية.
د . عدلى رضا
ويستطرد قائلاً: من الخطأ أن نعقد مقارنة بين ما حدث فى تونس وما يحدث فى مصر لأن الشعب التونسى يفتقر إلى الديموقراطية وحرية التعبير عن الرأى.. كذلك أن ظروف المجتمع المصرى تختلف عن نظيره التونسى.. وأنا أرى أن تصرف «بوعزيزى» والمصريين الذين أحرقوا أنفسهم هو تصرف خاطئ وغير حضارى.
وأخيراً.. لابد من البحث عن حلول جذرية لمشاكل واحتياجات الشباب لأنهم مستقبل الوطن.
خداع الحكومة
تقول دكتورة عالية المهدى عميد كلية اقتصاد وعلوم سياسية بجامعة القاهرة: أن إقدام أى شخص على الانتحار هو تصرف لا يقره أى دين أو عرف أو تقليد ومادامت تلك الظاهرة قد ارتفعت وتيرتها فى الفترة الأخيرة فلابد أن نأخذها على دلالتها.
فالمواطنون لديهم مشاكل هى فى نظرهم أضخم مشكلة فى الدنيا وهى مشكلات قابلة للحل ولكن ما من مسئول يقدم على حلها أو حتى «يستعنى» بهؤلاء المواطنين البسطاء.
د . عالية المهدى
ولكن ما يتم فى مصر من خلال وسائل الإعلام يربط ما حدث فى تونس بعد أن قام «محمد بوعزيزى» بحرق نفسه، بقيام عدد من المواطنين بحرق أنفسهم هو الذى أثار تلك الضجة الإعلامية ولكن هذه الظاهرة ليست بجديدة على مصر فهى موجودة فى مصر قبل «بوعزيزى» فكانت الزوجة على سبيل المثال عندما يضيق بها الحال من زوجها تسكب على نفسها «جاز» وتشعل النار فى جسدها أو تشرب «بوليس النجدة» ويبدو أن حالة بوعزيزى قد تطابقت مع حالة الرجل الذى أشعل النار فى نفسه من أجل الخبز «فكبرت فى دماغه» لأن لديه نفس المشكلة «فقال يعمل مثله».. فأنا أرى أن ما يحدث نتيجة شعور الناس بأنهم «مكتومين» ومعظمهم لديهم مشاكل وإن كانت صغيرة ولكنها تمثل بالنسبة لهم عبئاً كبيراً فينبغى أن تكون الحكومة أكثر رحمة فى التعامل مع مشاكل الناس.
فالمواطنون أيقنوا أن الضغط على الحكومة يأتى بنتائج فعلية ويحقق أهدافهم، والدليل على ذلك ما حدث مع وزير التربية والتعليم عندما قام بنقل العديد من الموظفين وعندما تظاهروا وأبدوا اعتراضهم قام الوزير على الفور بإرجاعهم إلى مواقعهم بل ومنحهم علاوة أيضاً.. وفى النهاية أود أن أقول إن الشعب المصرى شعب وسطى غير دموى فالعدوانية ليست من طبعهم فعندما يصل هذا الشعب الطيب الهادئ إلى الانتحار فمعنى ذلك أنه يعانى من خداع الحكومة.
التهديد بالحرق
يقول دكتور هانى رسلان خبير سياسى بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: ما حدث فى الأيام الماضية من محاولة بعض الأشخاص الانتحار حرقًا لا أجد لها اسماً أو توصيفاً أو معنى سوى أنها طريقة للفت الأنظار خاصة أن حالات الحرق لن تؤدى بهم إلى الموت، فهم قاموا بحرق أنفسهم ابتداًء من الأرجل ليجدوا أيدى تساعدهم فى إطفاء حريقهم وأيضا كل من قام بحرق نفسه لماذا لم يفعلوا هذه الفعلة فى بيوتهم؟؟ سوى أنهم يعتقدون أن بهذه الطريقة سيأخذون حقوقهم أو يطالبون بمطالب ليست من حقهم، فهم استخدموا الحرق كتهديد،
ولكن للأسف لا يعلمون أن هذه الأساليب لن تجدى نفعا ولن تعطيهم أى حق حتى وإن كانوا أصحاب حق فهم اعتقدوا أن حالة الحرق ستجدى نفعا مثل ما حدث فى تونس على الرغم من أننا لن نصبح تونس أبدا فتونس كان بها كتم حريات فلم يقوموا بمظاهرات أو اعتصامات وإضرابات مثلما نفعل نحن المصريون إضافة إلى أن الإنترنت مراقب ولا يسمح لهم بالتعبير عن آرائهم بأى شكل وكتم الحريات ولد انفجاراً، أما نحن فجميع طرق التعبير عن الغضب موجودة وجميع طرق تفريغ الشحنات أيضا موجودة والكل مسموح له أن يعبر عن رأيه بكلام أو أغانٍ أو مسرحيات وأشعار ورسومات ولم نحجر آراء الناس.
ورقة ضغط!!
أما دكتور هاشم بحرى دكتوراه فى الطب النفسى فتقول: إذا رجعنا لأصول الأشياء سندرك سبب أو توصيف وتسمية الحالات التى أحرقت نفسها فالحرق نوع من أنواع إيذاء النفس، وهو أشد أنواع الإيذاء من أى نوع آخر، وفى نفس الوقت أكثر الأنواع لفتا للنظر وهناك نوعان وهدفان من الانتحار بالحرق، الأول أن يكون الشخص الذى يحرق نفسه هدفه الموت بالفعل دون تحقيق أى مكاسب أو مطالب، وبالتالى سيسكب الجاز بشكل عشوائى على جسده ويلقى عود كبريت حتى تلتهمه النيران ويقوم الشخص بهذه الفعلة فى حالة عدم وجود أحد يمنعه من تحقيق هدفه فى الموت، والنوع الآخر هو شخص يريد أن يشعر الآخرون بأنه سينتحر ما إذا لم ينفذ له مطالبه وأغراضه، فهنا يصبح غرض الانتحار معلقاً بتحقيق مكسب أو مطلب فإذا تم تنفيد ما يريده سيعود مرة أخرى لمباشرة حياته.
د . هاشم بحرى
ويفعل هذا النوع فعلته أمام جموع من الناس حتى يتأكد أنه لن يموت، فهو غير راغب فى الموت وترك الحياة وهذا النوع لديه انفصام فهو لا يدرك ماذا يريد، إضافة إلى أنه يعتقد أن هذا سيكون ورقة ضغط لتحقيق رغبته واستعطاف مشاعر الجميع فأول شخص حاول أن ينتحر ثانى يوم زاره وزير الصحة، وأصبح هذا الشخص بعدما كان يشعر بالفشل فى حياته حديث مصر كلها، وحقق شهرة من جراء الحريق، فالجميع سيقلد هذه الفعلة الشنعاء سواء كان لديه حق مشروع أو غير مشروع.
شو إعلامى
ويقول د شعبان شمس عميد كلية إعلام وفنون الاتصال جامعة 6 أكتوبر: قيام بعض المواطنين بحرق أنفسهم سواء فى أماكنهم أو أمام المجالس السياسية هو نوع من الشو الإعلامى ولفت الانتباه إليهم، خاصة أن وسائل الإعلام بدأت تسلط الأضواء بصورة كبيرة على هؤلاء المنتحرين، فإننى حقا أراها مسألة استعراضية بأن يقوم مواطن بحرق نفسه- وقد يتم إنقاذه ثم تأتى وسائل الإعلام لتتحدث عنه وتسلط الاضواء عليه ,وفى النهاية فإننا ندرك أن اتباع هذا الأسلوب لن يحل أزمته
ويضيف د شعبان: إن هناك معايير نحتكم لها (الدستور و القانون والنظام ) فلايعقل أن كل من واجهته أزمة أو مشكلة يقوم بحرق نفسه فهذا لن يحل الموضوع. ويشير د شعبان إلى أن أى واقعة جديدة عندما تحدث تكون غريبة على المجتمع المصرى فيتم تسليط الأضواء عليها وبعد مرور الوقت وتكرارها كثيرا مما يفقد معناها وهذا ما نراه الآن فى مسلسل حرق المواطنين، ويجب على المؤسسات الدينية أن تساهم فى تحجيم هذا الدور من خلال الخطب الدينية.
صورة البطل
ويوضح د. صفوت العالم أستاذ الإعلام بكلية الإعلام جامعة القاهرة أنه قد تتكون قياسات خاطئة نتيجة صورة معينة تكونها وسائل الإعلام عن أشخاص يقومون بسلوك معين وهذا بالفعل قد رأيناه حينما قام عدد غير قليل من وسائل الإعلام خاصة الفضائيات بتعظيم الصورة الذهنية لمحمد البوعزيزى بائع الخضار المنتحر فى تونس والبعض قال إنه مفجر الثورة وأصبحت صوره تتناقل على مواقع الإنترنت فهذه الصورة خلقت منه لظروف معينة خاصة بتداعياتها التى صاحبته بطلاً كانت له مطالب معينة.
ويضيف د. صفوت إن هذه الصورة خلقت صورة البطل ومن ثم فكان هناك عدد من وسائل الإعلام تجرى نوعا من القياس (افتراضى) بأن عدد الذين ينتحرون فى دولة يتم إبراز صورهم ومطالبهم خاصة أنها أصبحت محاولة للفت الانتباه.
د . صفوت العالم
ويتساءل د. العالم قائلا: ما جدوى حرق المواطن نفسه أمام مجلس الشعب فالقضية لن تحل بهذا الاسلوب ولا مجلس الشعب يحس به.
ويصف د. صفوت أن ما يحدث ظاهرة إعلامية فهذا ليس تقليلاً من شأن من حاول الانتحار ولكن (تداعيات حدث معين غير قابل للقياس فى مكان آخر لاختلاف الظروف والعوامل المحيطة).. فصورة البطل التى صاحبت احتراق محمد بوعزيزى تختلف عن الظروف المصاحبة لاحتراق آخرين فى مدن ودول أخرى.
ليست جديدة
وتقول جورجيت قلينى عضو المجلس القومى للمرأة إن حالات الانتحار ليست جديدة على المجتمع المصرى، فهناك العديد من حالات الانتحار التى وقعت فى مصر سواء نتيجة أسباب شخصية (اقتصادية و اجتماعية) ولكن بدأ تسليط الأضواء عليها بعد أحداث تونس. وأشارت إلى أن اهتمام الدولة وحرصها على متابعة حالات المنتحرين هو الذى جعل أجهزة الإعلام تسلط الأضواء عليها.
جورجيت قلينى
وأكملت جورجيت: دائما نرى العديد من وسائل التعبير عن الرأى سواء بالاعتصامات او الاحتجاجات.
تمثيلية واستفزاز
ابتسام حبيب عضو مجلس الشعب ورئيس لجنة المواطنة بالمجلس القومى لحقوق الإنسان تقول: أتاحت جميع وسائل الاعتراض، وهناك العديد من أساليب الاعتراض المتاحة لكل صاحب شكوى أوحق، والدولة أتاحت هذه الوسائل ومظاهر التعبير عنها كالمظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات إضافة إلى وجود لجان لاستقبال الشكاوى.
ابتسام حبيب
ومع توافر كل هذه المنافذ للتعبير عن الرأى نجد من يلجأ للانتحار بمثل هذه الطريقة كوسيلة للفت الانتباه للحصول على مطلب شخصى قد لا يكون أساسًا لديه الحق فيه. والإنسان الطبيعى السوى لا يقدم على مثل هذه الأمور، لأن هذا عدم إيمان منه، وهو بذلك يفقد دنياه وآخرته، وأرى هذه المشاهد الانتحارية بهذا الشكل هى مجرد تمثيلية لجذب تعاطف الناس بشكل غير سوى لأنه لو أراد فعلاً الانتحار كان انتحر بطرق أخرى ولما كان فى حاجة لهذا العرض وإيقانه بأنه سيتم إنقاذه، إنما استخدم أسلوب الانتحار حرقًا كوسيلة الهدف منها لى ذراع الحكومة لتحقيق أهداف خاصة فهى أساليب غير مُجدية وغير جاذبة لتعاطف الناس معهم لأنه استفزاز لمشاعرهم.
الانتحار ليس حلاً
أحمد عبد المعطى حجازى
الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى: لا أستطيع إلا أن أقول بأن هذه الصورة ربما كانت البداية لها هى انتحار الشاب التونسى.
ومن ثم كانت حالات الانتحار الأخرى والتى جاءت متعددة الأسباب فلكل حالة ظروفها الخاصة التى دفعت بها لمثل هذاالفعل.
وإن كان الانتحار يعتبر وسيلة للتعبير إلا أنها مرفوضة تمامًا ولا يقبلها عقل أو دين لأن إزهاق الروح ليس حلاً لمشكلة أوخروجاً من أزمة.
نوع من الجنون
د. ليلى عبدالمجيد - عميد كلية الإعلام السابق- جامعة القاهرة: لا شك أن كل إنسان لديه مشاكل وضغوط لكن ليس عليه أن يستسلم للحظات اليأس والإحباط التى قد تؤدى به فى النهاية إلى التخلص من حياته.
د . ليلى عبد المجيد
لأنه بذلك يخسر كل شىء فهو لم يحقق ما أراده ولم يستمر فى حياته بصورة طبيعية ما بين نجاح وإخفاق.
وإذا أراد الاعتراض فلديه الحق فى ذلك بصوره المختلفة، أما الإقدام على قتل النفس بهذه الطريقة فهو نوع من الخلل أوالجنون حتى يقتل نفسه كل من يتعرض لأزمة أو مشكلة. فلماذا ابتعدنا فى التعبير عن اعتراضنا بصورة حضارية بدلاً من حرق أنفسنا.
فعل بدون وعى
د. جهاد عودة- أستاذ العلوم السياسية- جامعة حلوان: إن جزءاً كبيراً من الظواهر الاجتماعية ينتقل بالتقليد بصرف النظر عن فاعلية هذا التقليد ينجح أو لا ينجح فى حل المشكلات ، وما حدث من حالات الانتحار التى شهدناها فنجد أنها مطالب فردية لكن قد يكون لها بعد اجتماعى.
د . جهاد عودة
لذلك فنحن لا ننكر وجود مشكلات تواجه البعض وبما أن الشعب المصرى لديه ثقافة الحرق حيث إنها ثقافة شعبية موجودة بالفعل، فهناك من يلجأ إليها دون وعى أو إدراك بخطورة ذلك إلا أن ما يستحق الدراسة حقًا هو ظاهرة الانتحار التى لا يعترف بها أى شرع أو دين.
تقليد أعمى
يقول د. محمد البلتاجى- أستاذ المخ والأعصاب بكلية الطب جامعة القاهرة: هذه الأحداث غير طبيعية وتقليد أعمى واختلال عقلى.. والإنسان الذى يقوم بذلك يعتبر ضعيف الشخصية وغير قادر على حل مشكلاته وليس لديه قدرة على التفكير، لأن الذى يقوم بتقليد الآخرين حتى فى حرق أنفسهم يكون إما طفلاً أو مختلاً عقليًا.. لأنه لا يفكر فيما يقوم بتقليده، والذين قاموا بحرق أنفسهم قلدوا ما رأوه فى تونس وهذا غير مقبول.. وهناك أكثر من طريقة متحضرة لكى يعبر بها الإنسان عن رأيه ورغباته.. فنحن فى بلد ديمقراطى لا يوجد فيها منع لأى رأى.
شعور بالعجز
أما د. حسن عزازى أستاذ الكيمياء ورئيس مجموعة البحث العلمى فى الجامعة الأمريكية فيقول: الاحتجاج أو الاعتراض بمحاولة الانتحار حرقًا هو أحد أساليب الاحتجاج العامة لكن بصورة بشعة ، ويجب التدخل بها لوقفها قبل أن تتحول إلى ظاهرة عامة.. لأن الإنسان عندما يصل إلى هذه المرحلة تكون قد انتهت اختياراته وعاجز عن تحقيقها.. فلابد من محاسبة الذين أوصلوه إلى هذه الدرجة.. فأنا لا أستطيع لومه لأنه خاطر بأغلى شىء فى الدنيا.
وهى الحياة.. فالإنسان عندما يضحى بروحه يوجد سبب قاهر أو ظروف اضطرته لفعل ذلك أو يكون قد ضاق به الحال وأصابه الإعياء لعدم قدرته على تحقيق رغباته فيفضل الانتحار حرقًا احتجاجًا على شعوره بالعجز وعدم الوصول لأهدافه لذلك يجب دراسة هذه الحالات الاجتماعية ومعالجة أسبابها.. لأنها خطيرة وتتنبأ بالشر فى المستقبل.. وهى نوع من الضغط على الحكومة لتحقيق مطالبهم.
إحباط
تقول المستشارة تهانى الجبالى - نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا: لا يجب أبدا الاستهانة بحوادث الانتحار التى وقعت، فالموضوع أخطر من أن يكون تقليدا أعمى، فهو يعكس حالات الإحباط التى يعيشها بعض الناس.
المستشارة تهانى الجبالى
وأنا أرى أنه عندما يصل أى مصرى للدرجة التى تهون فيها حياته عليه، فهذا مؤشر خطر، ولابد أن يشعر المسئولون بهذا الخطر فحالة واحدة كافية لتلهب الناس. فيجب على كل المسئولين أن يعيدوا حساباتهم فى السياسة الاجتماعية وسياسات رأس المال. والأهم من ذلك هو التفكير فى ضرورة معالجة البطالة، فلا يمكن أن نترك الشباب فى مقتبل الحياة للإحباط الذى ينهشهم ويؤدى إلى مثل هذه الحالات.
فلا يمكن أيضا أن ننسى حالة الشاب الذى انتحر بسبب عدم قبوله فى الخارجية لأنه فقط غير لائق اجتماعيا، لذا علينا أن نعمل على حل مشكلة انعدام فرصة عمل الشباب وعدم تكافؤ الفرص.
وأنا أرى أيضا أن الإعلام لابد أن يساهم فى حث المسئولين على اتخاذ القرارات، ومعالجة الأمر من مقدماته، وليس من نتائجه.
ليست ظاهرة
ما حدث ليس ظاهرة.. هكذا بدأ د.عجلان إبراهيم الباحث فى مجلس الشعب، ففى رأيه أن ما حدث ليس ظاهرة لكنها تصرفات فردية، وفيها شىء من التقليد العشوائى. يقول د.عجلان: الظاهرة لها شروط مثل: العدد فلابد أن يكون عدد الناس القائمين بها كبير، كما أنها تكون على مستوى الجمهورية وليس فى مناطق محدودة.
لكن ما حدث هو نوع من أنواع ابتزاز الحكومة، مع تقليد أعمى لما حدث فى تونس، سببه الأول هو ضعف الوازع الدينى لدى بعض الأشخاص، وأيضا نتيجة لسخط الناس على بعض الظروف المجتمعية.
وهنا نتساءل: هل الانتحار هو الحل؟.. إطلاقا، فالانتحار لم يكن أبدا هو الحل، ولن يكون التعبير الأمثل عن أى مشكلة كما أن هناك وسائل كثيرة للاعتراض.
وهنا أقول للشخص الذى يرى فى الانتحار حلاً: إذا كنت تريد الاعتراض لماذا لم تنضم للاضطرابات الكثيرة التى حدثت فى 2010 أو على الأقل تتحدث لتعبر عن مشكلتك؟ وهل ترى أن إزهاق روحك سيحل مشكلتك؟! ويستكمل د.عجلان قائلا: لا توجد مشكلة ليس لها حل. والتفكير السليم يحل أكبر جزء منها.
وعلى الدولة أيضا جزء كبير من حل هذه المشكلات، فيجب أن تتكاتف جميع هيئات الدولة حتى يقضوا على المشاكل التى تؤرق الناس، وأيضا على أعضاء مجلس الشعب أن يتحدثوا مع أبناء دوائرهم ليتعرفوا على أهم مشاكلهم ويحاولون حلها.
وكذلك يجب على دور العبادة أن يؤكدوا للناس أن الانتحار حرام، وأن تعميق الناحية الإيمانية فى نفس كل إنسان يقيه من كل الشرور والهواجس التى قد تقضى عليه.
خلل نفسى
ويعتبر اللواء د.ممدوح عطية - الخبير الاستراتيجى، وعضو المجالس القومية المتخصصة ما حدث ليس إلا خلل نفسى عند مجموعة من الأشخاص الذين لا يعرفون كيف يديرون حياتهم كما يجب أن تكون، لذا لجأوا للقضاء على أنفسهم وهم يعرفون جيدا أن هذا كفر.
وأنا أرى أن سبب ذلك هو قلة الوازع الدينى، وعدم التربية المثلى من قبل الأهل. فمصر كانت ومازالت منبعاً للأمن والأمان، وغير مقبول أبدا أن يشاع أن أهلها يلجأون للانتحار هربا من مشكلاتهم.
والحقيقة أننى شعرت بالحزن عندما رأيت بعض الإعلاميين يتاجرون بهذه القضية ويقولون عنها: إنها شرارة للثورة، فكيف نجعل منها وسيلة للضغط على الحكومة؟! هذا شخص قام بحرق نفسه فكيف نجعل منه ضحية، وبطلاً؟! على العكس يجب أن يكون هناك تشريع يفيد بأن الشخص الذى يحدث سقما بنفسه يجب أن يعاقب لأنه بذلك يحرض الشعب، ويصيب الشباب بالإحباط.
ويستكمل اللواء د.ممدوح حديثه قائلا: ومن ناحية أخرى أناشد القطاع الخاص، خاصة أغنياء مصر بأن يقوموا بمشاريع من أجل شبابها للقضاء على البطالة والهجرة غير الشرعية ولحماية الشباب من الانفلات والإحباط.
عدوى الحرق
الانتحار ليس بالشىء الجديد ولكن مسلسل الحرق الذى نشهده من الواضح جدا أنه أصبح وسيلة لممارسة الضغوط على متخذى القرار.. هكذا بدأت الدكتورة سوسن الغزالى رئيس وحدة الطب السلوكى بجامعة عين شمس.
وتكمل: «أكيد الإنسان الذى يلجأ للتضحية بنفسه هو إنسان عنده استعداد لعدم التكيف مع الضغوط الحياتية وما حدث أن يظهر إنسان يمارس هذا الأمر ويكسب تعاطف الآخرين فهناك شيخ مثل القرضاوى يظهر فى برنامج تليفزيونى ويسأله المذيع «هل هذا انتحار أم شهادة»؟! فكان جوابه مائعا ولم يحدد وهذا برنامج تليفزيونى يشاهده قطاع عريض ويشاهده الشباب الصغير مما يعطى أثرا بأن حرق النفس شهادة وما نراه من زفة إعلامية وراء هذه الأمور تشجع على هذا النهج وكأن هؤلاء الذين يحرقون أنفسهم أبطال من المجتمع؟!
وتضيف الدكتورة سوسن: إن هذا الانتحار بالحرق هو عدوى مما حدث فى تونس فلم نسمع أبدا فى الفترات السابقة فى المجتمع المصرى عن «رجل يولع فى نفسه» فكنا نسمع عن امرأة «زهقتها حماتها فى عيشتها» فوضعت على نفسها جاز «وولعت» فى نفسها ولم نسمع عن رجل يفعل ذلك وهذا نتيجة لهذه العدوى المستوردة التى جعلت البعض لا يشعر بحياته ويقلد ما حدث فى تونس لأن الحرق كان للمرأة التى لا تستطيع أخذ القرار.. وليس الرجل.
و«الموت هو الحل» شعار اتخذته هذه الشريحة للضغط على الحكومة ووجدت نموذجاً خارجياً نتج عنه رضوخ فسلكت هذا السلوك.. مع أن الكثير من الناس لا تجد ذاتها وتستعين بالصبر على حل مشكلاتها.
وأنا أجد أن الإجراء الوقائى قبل وصول الناس لهذا التأثر هو عدم وجود نموذج لوزير يرضخ لوقفة احتجاجية ليعطى موظفين وعمالاً حقهم وعدم الانتظار ليصل الحال بأن يصل لمفهوم الناس أن الاعتصام هو الذى يأتى بحقهم ويصبح هذا تقديراً مستقبلياً أن الاعتصام هو الحل ليرضخ المسئول.. ثم تأتى عدوى حرق النفس فيستجيب لها هؤلاء الفئة للضغط على الحكومة.. فيجب أن نبدأ من البداية لعدم ترسيخ هذا المفهوم عند الناس وتصبح عدوى فلا يمكن تصديق أن إنسان يشعل النار فى نفسه ليأخذ تصريحاً لمزاولة مهنة.. أو لأن ابنته هربت.
اكتئاب شديد
الدكتور أحمد شوقى العقباوى أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر يرى أن الانتحار يلجأ له البعض عند الوصول لحالة اليأس وذلك بسبب اكتئاب شديد يوصل لحالة عقلية غير طبيعية تحول غريزة حب الحياة والمحافظة عليها ولو فى حالات المرض إلى تدمير الذات.. ولاشك أن العالم المفتوح قد يصيب الناس بنوع من العدوى فالاحتراق هو من أشد وأسوأ حالات الانتحار ولا يمكن أن يكون المنتحر عند وصوله لهذه الحالة فى ذهنه إحراج الحكومة فقط وهذه مشكلة عندنا فى التفسير.
فكل حالة يجب تحليلها ودراستها على حدة من منظور علم النفس ولا نسارع بالإفتاء دينيا أو بالتحليل إعلاميا، والاتهام فهى حالة عقلية مضطربة تحتاج لتحليل الطب النفسى.. ومع ذلك فهذا لا يمنع أن هذه الميول عند شخص تساعدها وتنميها فكرة الجماعة فكما شهدنا حالات حرق للنفس من يعانى هذا الاضطراب قد يجد مساندة للإقدام على فكرة الانتحار فنذكر ما حدث فى أمريكا منذ فترة طويلة عندما اجتمع مجموعة من المتدينين من الناس وكان من ضمن عقيدتهم أن يجمعهم القائد وينتحروا جماعيا وهو ما شجع عليه المساندة الجماعية، ولكن الحالات التى لا نشهدها لا يجب أن نحكم عليهم جميعا بأنهم يحاولون أن يكونوا مثل «جان دارك» التى تلوى ذراع المستعمر الإنجليزى.
أسباب شخصية
الدكتور نبيل حلمى أستاذ القانون وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان يقول: إن من يقدم على إحراق نفسه هو مختل عقليا فليس هذا حلاً لأى مشكلة ولا هو حل يكفل احترام الإنسان لنفسه فهناك قنوات سياسية وشرعية يمكن لأى مواطن فى مصر اللجوء إليها فهى حق له . ويرى د. نبيل أنه لا توجد صلة بين الحرائق التى تحدث فى تونس والتى حدثت فى القاهرة فما يحدث فى مصر محاولة للفت الأنظار فمن يحرق نفسه يعتقد أنه يسجل موقفاً ومن قام بهذه الأفعال فى مصر لا توجد لديهم أبعاد سياسية فهم أشخاص عادية حاولوا قتل أنفسهم لأسباب شخصية. ويؤكد حلمى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان يتلقى أى شكوى ويقوم بحلها فلماذا يلجأ هؤلاء من ضعاف النفوس لإشعال النيران.

د . نبيل حلمى
ويضيف حلمى إن هذا لا يعتبر ابتزازاً بقدر ما هو تقليد وضيق للرؤية فلا يستطيع أن يؤثر 6 أشخاص فى دوله كمصر بها 80 مليون مواطن.
موضة
الدكتور صلاح قنصوة أستاذ الفلسفة يقول: الأصل فى الحكاية أنهم ليسوا فى حالة طبيعية فالطرق أمامهم مسدودة وقد فقدوا الأمل فى الحل ولا يستطيع حرقا موضة كنوع من إعلان السخط على الواقع وهم بذلك يقلدون ما حدث تقليداً أعمى وهى ليست الحقيقة فانتحار الشاب التونسى لم يكن سببا فى إشعال الثورة التونسية وإسقاط زين العابدين بل كان مجرد الضغط على الزناد) وفى مصر انتقلت العدوى والتى هيئ للبعض بأنها وسيلة سريعة التأثير يمكنها أن تحل مشكلة ويمكننا توصيف ما يحدث على أنه نوع من الموضة كما تنتشر أحيانا موضة الكرافتات الرفيعة أو ألوان معينة لذلك فنحن حاليا فى موضة أو عدوى الحرق رافضا وصف ما يحدث بأنه ابتزاز ولكنه عرض مرضى لابد أن يبحث فى كل حالة بمفردها.
أسلوب مرفوض
السفير محمود كارم الأمين العام للمجلس القومى لحقوق الإنسان: إن الحرق أسلوب مرفوض فلا يوجد شك أن هناك مشاكل ولكن يوجد عندنا المجلس القومى لحقوق الإنسان وقسم الشكاوى الذى يستقبل كل الشكاوى بجميع أنواعها إلا المنظورة أمام القضاء وأنا أقول لأى إنسان يقدم على فعل (خايب) إنه لابد أن يتوجه أولا للمجلس وأن تأخذ حقك بيدك بدلاً من الجاز. ويرى كارم أن ما حدث هو تقليد أعمى لوضع مختلف تماما وأول اختلاف فيه أن تونس لا يوجد فيها مجلس قومى لحقوق الإنسان كالذى يوجد فى مصر بل عندهم رابطة مكبلة معطلة لا تباشر عملها فتونس لا تتمتع بأى حريات ولم يكن بمقدور شعبها القيام باعتصامات أو مظاهرات كالتى تحدث فى مصر والحالات الفردية التى أقدمت على الانتحار فى مصر هى ناس مقصورة النظر انتقلت لها العدوى ولم يفكر أصحابها فيما هم قادمون عليه.
السفير محمود كارم
ويؤكد السفير كارم أن المجلس يبحث حاليا استخدام خريطة (gis) التى استخدمناها أثناء الانتخابات لتقبل الشكاوى عن طريق رسائل ال sms ومناطق وجودها بالإضافة إلى وجود سيارات متنقلة تذهب لمختلف الأماكن وتقوم برصد الشكاوى وقد ذهبت حتى شلاتين وراجعت ما يقرب من 50 شكوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.