نقابة المعلمين تنفي زيادة المعاشات: لا صحة لما يُتداول على مواقع التواصل    سعر الفضة اليوم الإثنين 14 يوليو| كم قيمة السبيكة وزن 100 جرام؟    رئيس الوزراء: بدأنا تطوير واجهات العقارات على طريق كورنيش الإسكندرية    اعادة اعمار 20 منزلًا بقرية بنبان في أسوان    نائب حافظ الدقهلية والسكرتير العام يتفقدان مركز ومدينة نبروه..صور    إعلام إسرائيلي: مقتل 3 جنود وإصابة 3 آخرين بجروح خطيرة في قطاع غزة    مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين بأحداث أمنية صعبة في غزة    هل يؤثر إيقاف وزير الشرطة بجنوب إفريقيا عن مهامه على الائتلاف الحاكم؟    مقتل 4 أشخاص في تحطم طائرة ببريطانيا    بعد تتويج تشيلسي باللقب.. تعرف على أرقام مونديال الأندية    نيوم يقترب من خطف صفقة مدوية من البوندسليجا    التحقيقات في واقعة مقتل خليجي ودفنه بالشيخ زايد: المتهم استدرج الضحية بهدف السرقة بعد الاتفاق على مشروع تجاري    2 أغسطس المقبل.. نظر دعوى إبراهيم سعيد في ضم بناته لحضانته    مدين يوقع ثلاثة ألحان في ألبوم آمال ماهر.. وتشويق بفستان الزفاف قبل طرح أول أغنية    بطرس دانيال يكشف ل"البوابة نيوز" تفاصيل حالة الفنان لطفي لبيب الصحية    ألبوم ابتدينا.. الموزع أحمد إبراهيم: أردت تقديم أعمال تليق بتاريخ عمرو دياب    رئيس الوزراء يتفقد مشروع تطوير مركز القسطرة وجراحة القلب والصدر بمستشفى شرق المدينة    «قناة السويس» تبحث التعاون مع كوت ديفوار لتطوير ميناء أبيدجان    بينها 4 عربية.. ترامب يفرض رسومًا جمركية تصل ل50% على عشرات الدول    ندوات للسلامة المهنية وتدريب العاملين على الوقاية من الحوادث بالأسكندرية    ضبط 22 طن أسمدة قبل بيعها بالسوق السوداء في حملات بالبحيرة    محافظ سوهاج يعتمد جدول تنسيق القبول بالمدارس الثانوية للتمريض 2025/2026    الأولى بدبلوم المدارس الثانوية الصناعية: اخترت التعليم الفنى لتخفيف العبء عن أسرتي    ضبط قضايا اتجار في العملات ب«السوق السوداء» بقيمة 7 ملايين جنيه    ضبط تشكيل عصابي للنصب على المواطنين عبر منصة إلكترونية بمسمى "VSA"    لفت الأنظار في المونديال.. بالميراس يرفض 3 عروض أوروبية لريتشارد ريوس    وكيله: الهلال استفسر عن التعاقد مع إيدرسون    "التعليم العالي": 18,618 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    تحولات الوعي الجمالي.. افتتاح أولى جلسات المحور الفكري ل المهرجان القومي للمسرح (صور)    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء محور السادات "كوبري 45" بالإسكندرية    مدبولي يستعرض مقترحا للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لإنشاء شبكة رعاية صحية بالإسكندرية    توزيع 977 جهاز توليد الأكسجين على مرضى التليفات الرئوية «منزلي»    موجة حارة جديدة.. بيان هام يكشف طقس الأيام المقبلة وأماكن سقوط الأمطار الرعدية    تفاصيل ضبط قائد سيارة اعتدى على فتاة وصديقتها بالتجمع    الأهلي يبدأ اتخاذ إجراءات قانونية ضد مصطفى يونس بحضور الخطيب (تفاصيل)    نجم الزمالك السابق يفجر مفاجأة: فاروق جعفر أهلاوي    عمره 92 عامًا.. الرئيس الكاميروني بول بيا يعلن ترشحه لولاية ثامنة    «نيابة الغردقة» تُصرح بدفن جثة لاعب «الفلاي بورد» ونقله لدفنه ببلدته بالمنوفية    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    ماذا قال رئيس مجلس الدولة لوزير الأوقاف خلال زيارته؟    رمضان عبد المعز: النبي غرس العقيدة في سنوات مكة.. والتشريعات نزلت في المدينة    «النقل» تنفي صحة تصريحات «الوزير» بشأن هشاشة البنية التحتية المصرية    نتنياهو ينتقد خطط الجيش ل"المدينة الإنسانية" في رفح    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    «الصحة»: دعم وتدريب مجاني لأسر الأطفال حديثي الولادة ضمن «الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية»    استعدادا لانتخابات الشيوخ، تنسيقية الأحزاب تشارك في الاجتماع التنسيقي للقائمة الوطنية من أجل مصر    من بكوية الملك إلى تصفيق المهرجانات، يوسف وهبي فنان الشعب وأسطورة المسرح    هشام جمال: "سمعت صوت حسين الجسمي أول مرة وأنا عندي 14 سنة"    جيش الاحتلال: أكثر من 100 هجوم على مواقع مختلفة في غزة خلال الساعات الماضية    محافظ جنوب سيناء والأنبا أبوللو يناقشان قضايا الكنائس    موعد شهر رمضان المبارك 2026: فاضل فد ايه على الشهر الكريم؟    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 14-7-2025 للمستهلك الآن    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموقف التركي والشرق الأوسط الجديد
نشر في الوفد يوم 19 - 12 - 2011

تركيا تتزعم الحملة ضد النظام السوري، تبني مخيمات للاجئين، وتحتضن القيادات العسكرية المنشقة عن الجيش السوري، تصعد حملتها الإعلامية
بشكل يومي، وتصريحات مسؤوليها تزداد سخونة يوماً بعد يوم، وتفكر في منطقة عازلة على الحدود السورية . . ترى ما سر الموقف التركي؟ هل يشكل رأس الحربة لحلف (الناتو)؟ هل تطمح إلى استعادة دورها العثماني الذي مزقته الحرب العالمية الأولى إرباً إرباً؟ هل تدعم الإخوان المسلمين وتعتقد أن وصولهم إلى السلطة سيوسع نفوذها في المنطقة العربية؟ أم أنها فعلاً تدعم الديمقراطية وتداول السلطة؟ . . أسئلة كثيرة يفرزها الموقف التركي ولاسيما بعد أن قطع التنسيق السوري التركي مراحل كبيرة إلى درجة أنها ارتبطت بحلف سوري إيراني في مواجهة الضغط الأمريكي على البرنامج النووي الإيراني، ووضعت نفسها في الطرف الممانع للسياسات الصهيونية في فلسطين، غزة تحديداً، ما أكسبها تأييداً عربياً وإسلامياً كبيراً، وتحوّل رجب طيب أردوغان إلى بطل في عيون كثيرين، إلا أن هذه الصورة بدأت تهتز من جراء مواقفه الأخيرة التي يستهجنها البعض .
لا شك أن هذا الموقف خلق توتراً شديداً مع سوريا التي بادرت إلى إلغاء اتفاقية التجارة الثنائية، ما انعكس على حركة مرور الشاحنات التي شكلت طوابير عملاقة وصلت إلى الألف شاحنة في الجانب التركي من الحدود على معبر واحد فقط، وأجبرت تركيا على البحث عن بدائل، في وقت قلل وزير الاقتصاد التركي من أهمية سوريا كطريق عبور للشاحنات التركية التي تحمل البضائع إلى الشرق الأوسط ودول الخليج . وقال الوزير جعفر كاجلايان “لدينا 3 طرق بديلة من خلال الإسكندرية وبيروت والعراق، وطريق رابعة ممكنة من خلال قناة السويس”، إلا أن العراق لم يبد حماسة لهذا الكلام . وفي الأيام الماضية وجهت اتهامات إلى تركيا بأنها تسمح لعناصر منشقة عن الجيش السوري بشن هجمات من الأراضي التركية، إلا أنها نفت ذلك، وصرح دبلوماسي تركي لوكالة “فرانس برس” أن تركيا لا تسمح بأي هجوم على دول أخرى انطلاقاً من أراضيها، وذلك رداً على إعلان دمشق أنها صدت هجوماً “لإرهابيين” قادمين من تركيا . وقال الدبلوماسي التركي إن بلاده لا تسمح لأية مجموعة مسلحة بشن هجمات ضد دول أخرى .
وبشأن سياساتها في المنطقة يقول الدكتور برهان كور أوغلو الأستاذ في جامعة بهتشه شهير في اسطنبول في مقالة له عن العلاقات التركية مع مصر بعد الثورة: “الواقع والطموحات”، إن تركيا تتبنى رؤية جديدة في سياستها الخارجية تجاه الشرق الأوسط ترتكز على توظيف عمقها الثقافي والتاريخي والسياسي لدى دول وشعوب المنطقة من أجل بناء شرق أوسط جديد قوي يمثل محور قوة جديداً بين التكتلات العالمية، ويقول إنه منذ الأيام الأولى للثورات العربية وهي تتابع عن كثب وتقرأ وتحلل ما آلت الأوضاع إليه في دول المنطقة، فاتخذت ردود أفعال متباينة في المستوى والسرعة تجاه كل ثورة على حدة، فتريثت كثيراً إزاء الثورة التونسية، وبدا رد فعلها أكثر قوة ووضوحاً تجاه مصر، وانتهجت الحل الدبلوماسي إزاء الأوضاع في البحرين، وبدت أكثر تحفظاً إزاء الأوضاع في ليبيا، وحاولت بلورة رؤية مختلفة تجاه الأوضاع في سوريا . وبشأن العلاقة مع إيران كتب الدكتور برهان إن حالة الصراع المستتر بين تركيا وإيران على ملء الفراغ الاستراتيجي بالمنطقة في السنوات الأخيرة، قد شرع يُعبر عن نفسه بشكل أوضح بعد الثورات العربية، ولعله تجلّى في الدعم الإيراني للنظام السوري، وحشد إيران لكل قواها من أجل الإبقاء على نظام بشار الأسد خشية تحول النظام السوري إلى نظام ديمقراطي قد يحول دون استمرار النفوذ الإيراني في المنطقة .
إن كلام د . برهان لا يعني أن تركيا بوجود أردوغان، تتناغم مع السياسة الأمريكية في المنطقة، ففي كتابه “الجمهورية التركية الجديدة” يقول المؤلف غراهام فولر، مدير مركز القاهرة للدراسات التركية، إن أنقرة باتت ترى أن الولايات المتحدة قد تسببت في إحداث تغييرات قسرية في أوضاع الشرق الأوسط، وتجاهلت احترام المؤسسات الدولية، بل ولم تعبأ بسيادة الدول . ويمكن إيجاز رؤية تركيا في عدة نقاط منها: إن الحرب العالمية ضد الإرهاب بزعامة الولايات المتحدة أدت إلى تفاقم المشكلات والأزمات في العالم الإسلامي، والحرب العراقية أضرت بالمصالح التركية في المنطقة، وحرضت الأكراد على الانفصال، وأوجدت في النهاية مركزاً جديداً “للإرهاب الإسلامي الراديكالي” في المنطقة، والسياسات الأمريكية تجاه إيران خلقت أجواء مضطربة عرقلت مرور الطاقة الإيرانية إلى تركيا، وخدمت فقط تعظيم القومية الإيرانية وروح المقاومة ضد الغرب، وكل مبادرة أمريكية تستهدف الحل العسكري تجاه الملف النووي الإيراني لن تكون ذات تأثير إيجابي، وستؤثر فقط سلباً في مصالح تركيا، وسياسات واشنطن الداعمة ل”إسرائيل” من دون قيد أو شرط تعظّم دائماً المشكلة الفلسطينية، وتزيد من الاستقطاب في المنطقة بين المسلمين والولايات المتحدة، وهو ما يضر بمصالح تركيا، وسياسة إرساء الديمقراطية التي تنادي بها الولايات المتحدة في العالم الإسلامي لم تضف إلى المنطقة سوى المزيد من عدم الاستقرار . ورغم هذه الرؤية السلبية من قبل تركيا للسياسات الأمريكية، فإن حزب العدالة والتنمية حريص على الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة بشكل متزن، ودون الإخلال بمصالح تركيا الخاصة بالمنطقة، وذلك -كما يرى فولر- أنه يعلم أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة هي الضمانة الأساسية لبقائه في السلطة بمنأى عن تدخلات الجيش وانقلاباته العسكرية . ويطرح فولر ثلاثة سيناريوهات لمستقبل السياسة الخارجية التركية، فيرى أنها لن تخرج عن: سياسة خارجية ذات صبغة أمريكية، وثانياً، سياسة خارجية ذات صبغة أوروبية، وثالثاً، سياسة خارجية ذات صبغة تركية خالصة مستقلة، تتعدد فيها محاور وأبعاد التوجهات التركية الخارجية .
ويتضح من حديثي فولر ود . برهان أن تركيا تبحث عن دور جديد يناسب قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة، وتطمح إلى أن تستعيد عظمتها (العثمانية) بما أن أردوغان لديه توجهات إسلامية قد تصل إلى التنسيق مع الإخوان المسلمين، ولهذا، فإن سعيها إلى تعزيز علاقاتها مع مصر ما بعد الثورة، وتونس أيضاً، والآن الإطاحة بنظام الأسد، ومواجهتها الشكلية مع الكيان الصهيوني، كلها تصب في استعادة الدور التركي الذي خسرته منذ 90 عاماً تقريباً، وهذا الدور يدخل في إطار خلق شرق أوسط جديد، بمفهوم تركي، ولكنه لا يصطدم كثيراً مع الشرق الأوسط الجديد بنسخته الأمريكية، وبالتالي، فإن القضية تتجاوز حدود محاربة الاستبداد ونشر الحرية والتعددية والديمقراطية، إلى تنفيذ تصور (إمبراطوري) للمنطقة يُسهم في فتح أسواق جديدة أمام البضائع التركية (المادية والفكرية والسياسية والتاريخية) .
قد تستطيع تركيا القيام بدور لافت في هذه المرحلة، ولكن هل يمكنها مواصلة هذا الدور بعد استقرار الأوضاع في المنطقة التي لن تستقر طالما بقي الكيان الصهيوني في فلسطين، وطالما بقيت أمريكا مرتبطة بحلف استراتيجي مع الكيان الصهيوني، وتعمل ليلاً نهاراً على نشر (الفوضى الخلاقة) التي بشر بها بوش الابن؟ لكن هذا لا يهم تركيا في الوقت الراهن، فالسياسة تكتيكات واستراتيجيات، وقد لا تخدم هذه التكتيكات الاستراتيجيات، مثلما لم تخدم تكتيكات الولايات المتحدة استراتيجيتها في المنطقة، كما أشار إليها “فولر” ضمن رؤية أنقرة للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، وسيظل الدور التركي حذراً، وأحياناً متخبطاً، يدعي الاستقلالية وعينه على التحرك الدولي بشأن سوريا .
نقلا عن صحيفة الخليج الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.