بحضور مدبولي.. تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران    بالصور.. محافظ أسوان يتفقد مدارس فى كوم أمبو    97% لتربية كفر الشيخ.. نتيجة تنسيق الثانوية الزراعية 3 سنوات    الذهب يقفز إلى مستوى قياسي عالميا خلال تعاملات اليوم    شعبة الدواجن تتوقع تراجع أسعار الفراخ ل55 جنيهاً خلال 3 أشهر لهذا السبب    السياحة: 22% زيادة في السياحة الوافدة لمصر "يناير - يوليو 2025"    الجيش الإسرائيلي يعلن بدء مرحلة أخرى من "عربات جدعون 2"    إيران: الموافقة على بيان قمة الدوحة لا يعني الاعتراف بإسرائيل    إسبانيا تستدعى القائم بالأعمال الإسرائيلي للاحتجاج على تصريحات ساعر    "الجعان بس".. الغندور يثير الجدل بما فعله أسامة حسني مع النحاس ومدير الكرة    موعد مباريات دوري أبطال أوروبا اليوم الثلاثاء والقنوات الناقلة    معركة على الأوتوستراد.. سائق ميكروباص يضرب شقيقين بعصا خشبية | فيديو    3 شباب يستدرجون مسنًا ويصورونه عاريًا ويسرقون سيارته بأكتوبر    بالصور.. حادث مروري بين سيارة نقل وملاكي بالطريق السياحي دون إصابات    "صيف قطاع المسرح" يختتم فعالياته بالاحتفال باليوم المصري للموسيقى    بحضور يسرا ونجيب وسميح ساويرس.. انطلاق مؤتمر "الجونة السينمائي" لإعلان تفاصيل دورته الثامنة    نادية الجندي تستعيد ذكريات شبابها بصورة بالذكاء الاصطناعي    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    أسامة قابيل: يوضح معني" وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ": لا يعني مجرد التفاخر    وزير الصحة يبحث مع شركة "أليكسيون" تعزيز التعاون في مجال الأمراض النادرة    الصحة: الخط الساخن "105" حل جميع الشكاوى خلال أغسطس    لأول مرة.. نجاح جراحة دقيقة بالمخ ل"مريض مستيقظ" بمستشفى في الأقصر    تداول 13 آلاف طن و681 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    وزير التعليم العالي ل«الشروق»: تدشين 3 جامعات متخصصة مع وزارات النقل والسياحة والشباب والرياضة    غياب 5 لاعبين.. قائمة أتلتيكو مدريد لمواجهة ليفربول    احذر.. انتحال صفة ذوي الإعاقة للحصول على الخدمات يعرضك للحبس    صرف مكافأة مجزية لمديري طارق بن زياد الابتدائية بمرسى مطروح تقديرا لجهدهما    البيئة واللجنة المصرية الألمانية يعقدان اجتماعا تنسيقيا لتعزيز التعاون في العمل المناخي    حملت سفاحا.. التحقيق مع طالبة ألقت رضيعتها أمام جامعة القاهرة    دخول عشرات شاحنات المساعدات من معبر رفح إلى كرم أبو سالم    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحذر من شخص ينتحل صفة كاهن    ضبط 110.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    جيش الاحتلال: رئيس الأركان عقد اجتماعات مع القوات بشأن عدم الإضرار بالمحتجزين    مهرجان الإسكندرية المسرحي يكرّم عصام السيد ومحسن منصور وعددًا من المبدعين    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة بطريق «رأس غارب- المنيا»    اليوم.. انتهاء العمل بمكتب تنسيق القبول بجامعة الأزهر وغلق تسجيل الرغبات    هند صبري تفاجئ جمهورها وتُعلن: عودة قوية لدراما رمضان بعد 4 سنوات غياب    نقل الأسرى فوق الأرض.. ترامب يتحدث من جديد عن قطر ويحذر حماس "فيديو"    إنقاذ حياة طفل مصاب بنزيف في المخ وكسر بالجمجة بمستشفى إيتاي البارود    عشية بحث سعر الفائدة، تعيين مستشار لترامب عضوا بالاحتياطي الفيدرالي وبقاء ليزا كوك في منصبها    قرارات التعليم بشأن الكتب المدرسية 2025.. تسليم دون ربط بالمصروفات (تفاصيل)    خالد جلال وكشف حساب    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    أول رد رسمي من بيراميدز على مفاوضات الأهلي مع ماييلي    عاجل القناة 12: إجلاء 320 ألفًا من سكان غزة يفتح الطريق أمام بدء العملية البرية    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الكلب طاهر.. وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    نجم بيراميدز يكشف: تعرضت لحملة ممنهجة في الزمالك    الشيبي: نريد دخول التاريخ.. وهدفنا مواجهة باريس سان جيرمان في نهائي الإنتركونتيننتال    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد تُناشد: «حافظوا على سلامتكم»    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموقف التركي والشرق الأوسط الجديد
نشر في الوفد يوم 19 - 12 - 2011

تركيا تتزعم الحملة ضد النظام السوري، تبني مخيمات للاجئين، وتحتضن القيادات العسكرية المنشقة عن الجيش السوري، تصعد حملتها الإعلامية
بشكل يومي، وتصريحات مسؤوليها تزداد سخونة يوماً بعد يوم، وتفكر في منطقة عازلة على الحدود السورية . . ترى ما سر الموقف التركي؟ هل يشكل رأس الحربة لحلف (الناتو)؟ هل تطمح إلى استعادة دورها العثماني الذي مزقته الحرب العالمية الأولى إرباً إرباً؟ هل تدعم الإخوان المسلمين وتعتقد أن وصولهم إلى السلطة سيوسع نفوذها في المنطقة العربية؟ أم أنها فعلاً تدعم الديمقراطية وتداول السلطة؟ . . أسئلة كثيرة يفرزها الموقف التركي ولاسيما بعد أن قطع التنسيق السوري التركي مراحل كبيرة إلى درجة أنها ارتبطت بحلف سوري إيراني في مواجهة الضغط الأمريكي على البرنامج النووي الإيراني، ووضعت نفسها في الطرف الممانع للسياسات الصهيونية في فلسطين، غزة تحديداً، ما أكسبها تأييداً عربياً وإسلامياً كبيراً، وتحوّل رجب طيب أردوغان إلى بطل في عيون كثيرين، إلا أن هذه الصورة بدأت تهتز من جراء مواقفه الأخيرة التي يستهجنها البعض .
لا شك أن هذا الموقف خلق توتراً شديداً مع سوريا التي بادرت إلى إلغاء اتفاقية التجارة الثنائية، ما انعكس على حركة مرور الشاحنات التي شكلت طوابير عملاقة وصلت إلى الألف شاحنة في الجانب التركي من الحدود على معبر واحد فقط، وأجبرت تركيا على البحث عن بدائل، في وقت قلل وزير الاقتصاد التركي من أهمية سوريا كطريق عبور للشاحنات التركية التي تحمل البضائع إلى الشرق الأوسط ودول الخليج . وقال الوزير جعفر كاجلايان “لدينا 3 طرق بديلة من خلال الإسكندرية وبيروت والعراق، وطريق رابعة ممكنة من خلال قناة السويس”، إلا أن العراق لم يبد حماسة لهذا الكلام . وفي الأيام الماضية وجهت اتهامات إلى تركيا بأنها تسمح لعناصر منشقة عن الجيش السوري بشن هجمات من الأراضي التركية، إلا أنها نفت ذلك، وصرح دبلوماسي تركي لوكالة “فرانس برس” أن تركيا لا تسمح بأي هجوم على دول أخرى انطلاقاً من أراضيها، وذلك رداً على إعلان دمشق أنها صدت هجوماً “لإرهابيين” قادمين من تركيا . وقال الدبلوماسي التركي إن بلاده لا تسمح لأية مجموعة مسلحة بشن هجمات ضد دول أخرى .
وبشأن سياساتها في المنطقة يقول الدكتور برهان كور أوغلو الأستاذ في جامعة بهتشه شهير في اسطنبول في مقالة له عن العلاقات التركية مع مصر بعد الثورة: “الواقع والطموحات”، إن تركيا تتبنى رؤية جديدة في سياستها الخارجية تجاه الشرق الأوسط ترتكز على توظيف عمقها الثقافي والتاريخي والسياسي لدى دول وشعوب المنطقة من أجل بناء شرق أوسط جديد قوي يمثل محور قوة جديداً بين التكتلات العالمية، ويقول إنه منذ الأيام الأولى للثورات العربية وهي تتابع عن كثب وتقرأ وتحلل ما آلت الأوضاع إليه في دول المنطقة، فاتخذت ردود أفعال متباينة في المستوى والسرعة تجاه كل ثورة على حدة، فتريثت كثيراً إزاء الثورة التونسية، وبدا رد فعلها أكثر قوة ووضوحاً تجاه مصر، وانتهجت الحل الدبلوماسي إزاء الأوضاع في البحرين، وبدت أكثر تحفظاً إزاء الأوضاع في ليبيا، وحاولت بلورة رؤية مختلفة تجاه الأوضاع في سوريا . وبشأن العلاقة مع إيران كتب الدكتور برهان إن حالة الصراع المستتر بين تركيا وإيران على ملء الفراغ الاستراتيجي بالمنطقة في السنوات الأخيرة، قد شرع يُعبر عن نفسه بشكل أوضح بعد الثورات العربية، ولعله تجلّى في الدعم الإيراني للنظام السوري، وحشد إيران لكل قواها من أجل الإبقاء على نظام بشار الأسد خشية تحول النظام السوري إلى نظام ديمقراطي قد يحول دون استمرار النفوذ الإيراني في المنطقة .
إن كلام د . برهان لا يعني أن تركيا بوجود أردوغان، تتناغم مع السياسة الأمريكية في المنطقة، ففي كتابه “الجمهورية التركية الجديدة” يقول المؤلف غراهام فولر، مدير مركز القاهرة للدراسات التركية، إن أنقرة باتت ترى أن الولايات المتحدة قد تسببت في إحداث تغييرات قسرية في أوضاع الشرق الأوسط، وتجاهلت احترام المؤسسات الدولية، بل ولم تعبأ بسيادة الدول . ويمكن إيجاز رؤية تركيا في عدة نقاط منها: إن الحرب العالمية ضد الإرهاب بزعامة الولايات المتحدة أدت إلى تفاقم المشكلات والأزمات في العالم الإسلامي، والحرب العراقية أضرت بالمصالح التركية في المنطقة، وحرضت الأكراد على الانفصال، وأوجدت في النهاية مركزاً جديداً “للإرهاب الإسلامي الراديكالي” في المنطقة، والسياسات الأمريكية تجاه إيران خلقت أجواء مضطربة عرقلت مرور الطاقة الإيرانية إلى تركيا، وخدمت فقط تعظيم القومية الإيرانية وروح المقاومة ضد الغرب، وكل مبادرة أمريكية تستهدف الحل العسكري تجاه الملف النووي الإيراني لن تكون ذات تأثير إيجابي، وستؤثر فقط سلباً في مصالح تركيا، وسياسات واشنطن الداعمة ل”إسرائيل” من دون قيد أو شرط تعظّم دائماً المشكلة الفلسطينية، وتزيد من الاستقطاب في المنطقة بين المسلمين والولايات المتحدة، وهو ما يضر بمصالح تركيا، وسياسة إرساء الديمقراطية التي تنادي بها الولايات المتحدة في العالم الإسلامي لم تضف إلى المنطقة سوى المزيد من عدم الاستقرار . ورغم هذه الرؤية السلبية من قبل تركيا للسياسات الأمريكية، فإن حزب العدالة والتنمية حريص على الحفاظ على العلاقات مع الولايات المتحدة بشكل متزن، ودون الإخلال بمصالح تركيا الخاصة بالمنطقة، وذلك -كما يرى فولر- أنه يعلم أن العلاقات الجيدة مع الولايات المتحدة هي الضمانة الأساسية لبقائه في السلطة بمنأى عن تدخلات الجيش وانقلاباته العسكرية . ويطرح فولر ثلاثة سيناريوهات لمستقبل السياسة الخارجية التركية، فيرى أنها لن تخرج عن: سياسة خارجية ذات صبغة أمريكية، وثانياً، سياسة خارجية ذات صبغة أوروبية، وثالثاً، سياسة خارجية ذات صبغة تركية خالصة مستقلة، تتعدد فيها محاور وأبعاد التوجهات التركية الخارجية .
ويتضح من حديثي فولر ود . برهان أن تركيا تبحث عن دور جديد يناسب قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة، وتطمح إلى أن تستعيد عظمتها (العثمانية) بما أن أردوغان لديه توجهات إسلامية قد تصل إلى التنسيق مع الإخوان المسلمين، ولهذا، فإن سعيها إلى تعزيز علاقاتها مع مصر ما بعد الثورة، وتونس أيضاً، والآن الإطاحة بنظام الأسد، ومواجهتها الشكلية مع الكيان الصهيوني، كلها تصب في استعادة الدور التركي الذي خسرته منذ 90 عاماً تقريباً، وهذا الدور يدخل في إطار خلق شرق أوسط جديد، بمفهوم تركي، ولكنه لا يصطدم كثيراً مع الشرق الأوسط الجديد بنسخته الأمريكية، وبالتالي، فإن القضية تتجاوز حدود محاربة الاستبداد ونشر الحرية والتعددية والديمقراطية، إلى تنفيذ تصور (إمبراطوري) للمنطقة يُسهم في فتح أسواق جديدة أمام البضائع التركية (المادية والفكرية والسياسية والتاريخية) .
قد تستطيع تركيا القيام بدور لافت في هذه المرحلة، ولكن هل يمكنها مواصلة هذا الدور بعد استقرار الأوضاع في المنطقة التي لن تستقر طالما بقي الكيان الصهيوني في فلسطين، وطالما بقيت أمريكا مرتبطة بحلف استراتيجي مع الكيان الصهيوني، وتعمل ليلاً نهاراً على نشر (الفوضى الخلاقة) التي بشر بها بوش الابن؟ لكن هذا لا يهم تركيا في الوقت الراهن، فالسياسة تكتيكات واستراتيجيات، وقد لا تخدم هذه التكتيكات الاستراتيجيات، مثلما لم تخدم تكتيكات الولايات المتحدة استراتيجيتها في المنطقة، كما أشار إليها “فولر” ضمن رؤية أنقرة للسياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، وسيظل الدور التركي حذراً، وأحياناً متخبطاً، يدعي الاستقلالية وعينه على التحرك الدولي بشأن سوريا .
نقلا عن صحيفة الخليج الإماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.