ترجمة: محمد بناية نقلا عن صحيفة "زمان" التركية يتصور البعض أن تغير السياسات التركية تجاه إسرائيل إنما هي تكتيك وليست استراتيجية، لأن العلاقات والتعاون العسكري والاستراتيجي بين البلدين مستمر علي أعلي مستوي، والجميع يعلم ضرورة استمرار التعاون بين البلدين رغم الخلاف حول الاستفادة العسكرية من المجال الجوي في قونيا وسط جنوب الأناضول. ففي أكتوبر من العام 2008 قدمت الجامعة العربية مشروعا إلي مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يتضمن مطلبا بإخضاع المنشآت النووية العسكرية للرقابة. وهو المشروع الذي حصل علي تأييد 46 دولة مقابل امتناع 7 دول بينهم تركيا، ولهذا لم نكن نتصور أن تتخذ تركيا سياسيات استراتيجية تجاه إسرائيل. لكن الأوضاع تغيرت تماما بعد حادث دافووس والسجال اللفظي بين بيريز وأرودغان. فلو تسعي تركيا إلي القيام بدور إيجابي مؤثر في معادلات المنطقة، فسوف يعوقها القضية الإسرائيلية، لهذا لن يتأثر ملف العلاقات الثنائية بينهما في المستقبل، وإنما يجب في البداية القضاء علي تعلق الرأي العام العربي بإيران، خاصة بعد ما أثارت حادثة دافووس تصاعد كره شعوب المنطقة ضد إسرائيل، من تقليص حجم التعلق بالمحور الإيراني. مما أدي إلي انقسام الرؤية الإيجابية للرأي العام في المنطقة بين إيران وتركيا. في الوقت الراهن انقسمت المنطقة إلي قطبين، الأول يضم إيران التي تمثل القطب الرافض للولايات المتحدةالأمريكية ومعها في هذا الخندق سوريا، شيعة المنطقة، لبنان وحزب الله، والرأي العام في العالم السني. أما القطب الآخر الذي يعاني من الانقسام فيشمل دولا مثل مصر، السعودية والأردن. وتركيا عضو في التحالفات الغربية، وموقفها حساس جدا بالنسبة لعلاقاتها مع دول المنطقة وإسرائيل. وكان من نتيجة حادثة دافووس أن أثارت تركيا كشريك لإيران غضب شعوب المنطقة تجاه إسرائيل. وبناء عليه تعلق الرأي العام لأهل السنة بتركيا. وفي المقابل لو استمرت تركيا علي علاقاتها الجيدة مع إسرائيل، فسوف تفقد ثقة الشعوب في منطقة الشرق الأوسط. وينبع النفوذ التركي في المنطقة من عاملين رئيسين، أولهما رفض تركيا السماح للولايات المتحدةالأمريكية باستخدام أراضيها في الهجوم علي العراق، والثاني حادثة دافووس. كما يمكن اعتبار تغير السياسات التركية الداخلية ومعارضة الجماهير التركية المسلمة لاستمرار التعاون مع إسرائيل، سببا ثالثا. ولا يمكن أن نتجاهل رد الفعل التركي الشديد إزاء الهجوم الإسرائيلي علي غزة. فأقام حزب سعادت في اسطنبول تظاهرة من مليون شخص تندد بإسرائيل، وهيئة "حماية المستضعفين" نظمت تظاهرة مكونة من 300 شخص. وهو ما أسفر بالإضافة إلي زيادة نفور الشعب التركي من إسرائيل إلي تغير في سياسات الأجهزة الحكومية. واليوم تنتظر الشعوب الإسلامية من تركيا استخدام الفيتو ضد المطلب الإسرائيلي بالعضوية في مجلس الأمن والتعاون الاقتصادي OECD فهل تنجح تركيا في مآربها من خلال استخدام الفيتو ضد إسرائيل؟