إن مشاهد الحج ونحن نشاهدها على شاشة التلفاز أو نسمعها من المذياع تثير لدينا أحاسيس كثيرة، تنبعث من قلب لم تكتب له الأقدار الحج في العام نفسه، قلب دائم الشوق والحنين لرحاب الملك الجليل، قلب تعلق بحب الله، ينبض شوقًا لرؤية بيته وزيارة نبيه، لسان حاله: متى يرتوي القلب ويستريح بحج بيت الله الحرام؟ متى أُلبي النداء؟ وإلى هؤلاء نزف بشارة النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم، فهذه خمس أعمال بخمس حِجات لمن فاته الحج وقتله الشوق والحنين، يستطيع أن يتوجه بها أحدنا في أي يوم، ويوم عرفة أولى، وتلك إذن الأعمال: 1- حِجة الذكر بعد الصلوات: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا، والنعيم المقيم يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يَحُجُّونَ بها، ويَعْتَمِرُونَ، ويُجَاهِدُونَ، ويتصدقون، قال: «أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ إِلَّا مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ»[متفق عليه]. 2- حِجة الجلوس بعد الفجر للضحى في المسجد: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى الغَدَاةَ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَتْ لَهُ كَأَجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ»[حسنه الألباني]. 3- حجة المشي إلى صلاة الجماعة: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ، قَالَ: «مَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فِي الْجَمَاعَةِ، فَهِي كَحَجَّةٍ، وَمَنْ مَشَى إِلَى صَلَاةِ تَطَوُّعٍ فَهِي كَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ»[ حسنه الألباني]. وهذه وحدها بخمس حِجات لمن صلى الخمس صلوات، والله ذو فضل عظيم. 4- حجة طلب العلم وتعليمه: عَنْ أبي أمامة رضي الله عنه، عَنِ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يَعْلَمَهُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حِجَّتُهُ»[قال الألباني: حسن صحيح]. 5- بر الوالدين حج وعمرة وجهاد: عَنْ أنس رضي الله عنه، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي الْجِهَادَ وَلَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، قَالَ: «هَلْ بَقِيَ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ؟» قَالَ: أُمِّي، قَالَ: «قَأَبْلِ اللَّهَ فِي بِرِّهَا، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ فَأَنْتَ حَاجٌّ وَمُعْتَمِرٌ وَمُجَاهِدٌ»[حسنه العراقي وله شواهد].