تعيش مصر أياماً من مرحلة مصيرية، فيها إعادة بناء الوطن. لتعيده إلى مكانته العالمية التى يستحقها، بعد أن هدمت ثورة 25 يناير صروح أعتى وأشد الأنظمة الحاكمة قهراً واستبداداً، حيث كان يختلف عن أنظمة ديكتاتورية أخرى.. فقد كان نظاماً ديكتاتورياً ممنهجاً.. ولم يكن وليداً لرد فعل آنٍ فعلى مدار ثلاثين عاماً متواصلة أراد تجريف الوطن من كل مقدراته وثرواته ولم يتورع عن محاولة تقزيم شعبه فى محاولة أن يطيل من قامة وقيمة رأس النظام والوريث ابنه.. إلى الحد أن تحول نظام الحكم للوطن إلى امتلاك الوطن!! وعندما كانت ترتفع أصوات وطنية مخلصة تعترض وتنبه على سبيل المثال من التدخل السافر للأمن فى حكم البلاد واتخاذ القرارات.. كان الرد الجاهز المضحك المبكى من الرئيس المخلوع.. أن ابنى يساعدنى فى الحكم.. وكأن الوطن العظيم مصر تحول إلى متجر بقالة أو مزرعة امتلكتها العائلة من أب وأبنائه.. وكانت هذه لمحة بسيطة لما مر به الوطن من مآس وما ارتكب من خطايا فى حقه وحق أبنائه. وهذا يجعلنا نؤكد أن نكون متيقظين وحريصين كل الحرص على مرحلة إعادة بناء الدولة التى لا نريد لها أن تسرق من شعبها مرة أخرى.. وكفانا ما جرى. وهذا يجعلنا نتحسب كل خطوة ونتوقف أمام كل مرحلة وندرس جيداً ما حولنا، حتى لا نُدفع بعيداً عن مسار البناء أو يحاول البعض أن يأخذنا إلى مجاهل الظلام والتخلف. فمصر وشعبها عبر السنين والعصور كانت دائماً مدعاة للتحضر وللتنوير والتقدم لدول العالم وشعوبها. وهذا يوجب علينا النظر ودراسة ما تسفر عليه أول انتخابات برلمانية بعد ثورة 25 يناير والتى سيعول عليها ونتائجها.. إلى أين سيسير الوطن؟؟ كذلك من الأهمية أن تكون الصورة بأكملها تعكس حقائق أمور لا يتغاضى عنها. وهناك تساءل مطروح هل يمكن أن نسلم مصير الوطن فى أيدى من يخترقون القانون جهاراً فى محاولة لتضليل فئة من الشعب حسنة النية وطيبة السريرة؟؟ وهى الفئة التى حرمها النظام السابق من الاحتياجات الأساسية للحياة.. وأعاشها فى فقر وقهر (فمن غشنا ليس منا) ثم يجىء البعض ممن يسعون إلى سلطة الحكم والتحكم فى مصير الوطن يلعبون على مشاعر تلك الفئة بالوعود وحلو الكلام.. وتقديم رشاوى وعطايا وقتية فى سبيل حصاد أكبر عدد من مقاعد البرلمان التى تؤهلهم.. كما يتخيلون فى السيطرة على صوت الشعب مصدر السلطات، بتنفيذ خطط تحقق أهدافا يعتقدون أنها فى صالحهم غير مقدرين لما سيعود من ضرر على البلاد، ولقد دفعنى نشوة الحصول على نتائج غير متوقعة فى المرحلة الأولى من الانتخابات إلى تصريحات تهز مكانة مصر التى حافظ عليها الأجداد والآباء ولقرون من الزمن فهم بنوا الحضارة الإنسانية الأولى وتركوا لنا آثارها التى عليها بنيت الحضارات الأخرى.. فهل من المعقول أن يجىء الآن من يهدد بتدميرها. أو تغطيتها بالشمع (ياخسارة يامصر) أصبح مراً حتمياً أن نحلل ونقيم نتائج المرحلة الأولى حتى لا تتكرر فى المراحل التالية من الانتخابات الثانية والثالثة. الكلمة الأخيرة من المفارقات الصادمة أن ثورة 25 يناير التى نظر إليها العالم بكل انبهار وتقدير.. وتمنى رؤساء الدول المتقدمة أن شبابهم يتخذونها نموذجاً وقدوة. ثم نفاجأ من البعض فى القفز على الثورة ليجنوا ثمارها على حساب دماء الشهداء من الشباب الذين ضحوا بالكثير والكثير فى سبيل أن تعلوا مصر ويعيش أبناؤها فى حرية وكرامة.. ومن المحزن أن من كانوا ضد الثورة منشغلين الآن.. فى حصاد ثمارها!!