فى قراءة سريعة لنتائج الانتخابات البرلمانية المصرية فى مرحلتها الأولى، استقر فى عقول الكثيرين أن التيار الإسلامى على مقربة من حسم النتائج لصالحه. وظهرت فى مصر أعراض الفوبيا من الإسلاميين أو ما يسمى بالإسلاموفوبيا. والفوبيا هى مرض نفسى يسمى «الرهاب» أو الخوف الشديد والمتواصل من مواقف ونشاطات أو أجسام أو أشخاص. والإسلاموفوبيا هو مرض سياسى يقصد به الخوف من الإسلاميين، أو الخوف من الإسلام عموماً، وقد فاقت هذه الأعراض تلك التى تنتشر فى أوروبا وعموم دول الغرب التى تخشى من تقدم الإسلاميين للمشهد السياسى فى بلادهم أو خارجها، وقد زادت حدة الإسلاموفوبيا فى أوروبا خلال الأشهر الماضية بتقدم التيار الإسلامى فى تونس بعد الثورة، وفى المملكة المغربية عقب الإصلاحات الدستورية هناك، ثم فى مصر فى أعقاب انتهاء المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية.. ولم يكن مستغرباً أن تنتقل الأعراض إلى بلاد شمال أفريقيا ومنها مصر. ولعلى أكون منصفاً إذا قلت إن التخوف الشديد من تقدم التيار الإسلامى فى الانتخابات الأخيرة فيه مبالغة كبيرة. ورغم أننى غير منحاز إلى هذا التيار بجناحيه الإخوان والسلفي، إلا أننى غير خائف من تحقيقهما أغلبية فى البرلمان القادم. فالإخوان مع خلافى معهم فى كثير من المواقف إلا أننى أراهم باتوا مؤهلين لممارسة لعبة السياسة بحكم خبرات سابقة اكتسبوها على مدار أكثر من 80 عاماً. أما السلفيون فلو أنهم لم يستدرجوا إلى الحديث عبر وسائل الإعلام المختلفة لقللوا من حدة خوف البعض منهم. ولو أن فيهم عقلاء وحكماء يتحدثون فيما يؤكد على حرية المعتقد وحرية الرأى لطمأنوا الذين يخشون يوماً يتصدر فيه السلفيون المشهد. وأستند فى عدم خوفى من الإسلاميين إلى تجربة سابقة فى تركيا بوصول حرب العدالة والتنمية إلى قمة الحكم هناك على حدود أوروبا. يومها كان الخوف شديداً والفوبيا تسيطر على الأوروبيين بل على شريحة كبرى داخل المجتمع التركي. وشكك العالم فى نوايا الإسلاميين وحذر من خطورتهم. وقال كبار الساسة عنهم إنهم غير مؤهلين للتعامل مع الديمقراطية. وأثبتت الأيام ورسخت التجربة التركية مفهوماً جديداً للإسلام السياسى استقر فى النفوس ثم سرعان ما تلاشى دون سبب مقبول لتعود الفوبيا تسيطر على الكثيرين فى أوروبا وشمال أفريقيا خاصة فى المغرب وتونس ومصر. وبات على الإسلاميين أن يجتازوا الاختبار الأهم وليس اختبار الانتخابات فحسب والاختبار الذى أعنيه هو تأكيد قيادات الإخوان والسلفيين على مدنية الدولة، وأن الدولة الدينية لم يعد لها وجود فى القرن الواحد والعشرين، ولو أنهم فعلوا ذلك لأراحوا من يخشونهم فى مصر أو فى الغرب. تُرى هل الإسلاموفوبيا مرض أم أنه أحد أسلحة الغرب السياسية كأسلحتهم النووية والكيماوية والبيولوجية التي يرعبون بها العالم؟