بالرغم من الظروف الاقتصادية العصيبة التى تمر بها البلاد وأثرها السلبى على المواطنين، إلا أن هناك من يهدر ثروات البلاد دون اكتراث عامداً متعمداً، مستغلين حالة عدم الاستقرار وانشغال القيادات فى أمور سياسية من أجل عودة الدولة والانضباط فى جميع القطاعات.. ما يحدث فى هيئة الأوقاف يحتاج التدخل من الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه طالما أن محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، مشغول بقضايا أخرى تاركاً صغار الموظفين يتلاعبون بأراضى الأوقاف حسب أهوائهم ومعها ضاع فى الإسكندرية وحدها أكثر من 60 مليار جنيه هى قيمة أراضى الأوقاف المنهوبة، ولذلك يجب تدخل القيادة السياسية للتحقيق فى سياسات الهيئة المتخبطة والتى يتم تفصيل قراراتها أحياناً لصالح جهات بعينها، كذلك يجب تدخل المهندس «محلب» لحصر الأراضى المنهوبة. نستعرض فى هذا التقرير حلقة من إحدى حلقات إهدار المال العام فى منطقة سيدى بشر بحرى فيما يسمى بوقف القاضى حسين، حيث تمتلك الهيئة 125 فداناً على المشاع مع وقف القاضى حسين بحق 12 قيراطاً لكل منهما.. وتم تطبيق حجة الوقف هندسياً باللجنة الوزارية المشكلة بالقرار رقم 172 لسنة 1987 مرفق بخريطة تحدد أبعاد الوقف. كما قامت الإدارة المركزية لمساحة المناطق والتى ضمت خبراء الشهر العقارى والمساحة على مستوى الجمهورية فى أعتى لجنة لم تتشكل من قبل نظراً لتشكيلها من أكبر مناصب فى هذه التخصصات وانتهت لنفس النتيجة بتطبيق الحجة والخريطة المساحية لأبعاد الوقف. كما انتهت اللجنة المشكلة بالقرار 66 لسنة 2011 من حى المنتزه بالإسكندرية لنفس القرار. ونفس التقارير السابقة بأن الأرض هى ملك للأوقاف ووقف القاضى حسين «الأهلى» بحق 12 قيراطاً لكل منهما، وتم تطبيق التقارير بالشهر العقارى والخرائط المساحية. وأوصت كل هذه اللجان بعدم الاعتراف بأى مسجلات على هذه الأراضى المحددة بالخرائط المساحية، وبناء عليه أوقف حى المنتزه التعامل على هذه الأراضى لأنها تخص الأوقاف عام 2011. وأوقفت التراخيص فى هذا التاريخ إلا أن مافيا الفساد أطاحوا بمهندسة التنظيم وفاء على حامد المشاركة فى القرار 66 لأنها أوقفت التراخيص للمسجلات على أرض الأوقاف وطبقت القرار، وبعد نقلها أصبح كل من هب ودب يستولى على الأراضى وعندما اشتكى ورثة القاضى حسين للواء ماجد غالب، رئيس الهيئة الأسبق، والمهندس نبيل عمر، مستشار رئيس الهيئة، قام اللواء «ماجد» بعرض الأراضى للاستبدال حتى تستفيد الهيئة بهذه المليارات فى شهر سبتمبر 2012 وبالفعل تم إصدار موافقات الاستبدال لعدد من الراغبين الذين استوفوا الشروط والتى من أهمها شراء الحصة الأهلية من ورثة القاضى حسين المعتمدين بهيئة الأوقاف. ولكن الهيئة لم تتعاقد مع أحد بسبب قيام سلطة الإخوان بإقالة اللواء ماجد غالب الذى تبنى تفعيل بيع الأراضى الفضاء بالاستبدال لمستوفى الشروط ولكنه لم يستبدل إلا قطعة واحدة بشارع محمد نجيب ثم أقاله الإخوان. وجاء رئيس جديد للهيئة لم يحرك ساكناً خوفاً من المساءلة، وعندما تولى الدكتور محمد مختار جمعة، وزارة الأوقاف قابل عدداً من المستثمرين يشتكون وقف الاستبدال ومعه ضياع حوالى 20 مليار جنيه كانت ستدخل خزينة الهيئة على فترات وكانت الدفعة الأولى لا تقل عن 90 مليون جنيه هى حصة الأوقاف فى استبدال عشر قطع أراضى فضاء، بخلاف قطعتين كبيرتين لا يقل ثمنهما عن 500 مليون جنيه حرمت منها خزينة الهيئة. فما كان من الدكتور «جمعة» إلا أن حول الأمر للمهندس صلاح جنيدى، رئيس الهيئة، آنذاك ومستشارى رئيس الهيئة الدكتور سعيد عبدالعال، عميد كلية تجارة الأزهر، والمستشار محمد نصار بتاريخ 3 أكتوبر عام 2013، وعندما درس المستشاران المشكلة قررا عرض أراضى الوقف للمستبدلين بالمشاركة مع المتقدمين على هذه القطع لمضاعفة دخل الهيئة، وبالرغم من موافقة المستثمرين استطاع مافيا صغار الموظفين بالهيئة إقناع «جنيدى» برفض اقتراح المشاركة وتعديله إلى استبدال وبالفعل انتصر أصحاب هذا الرأى وسارعت الهيئة بإصدار خطابات مرة أخرى للمستثمرين الراغبين فى الاستبدال وشراء حصة الأوقاف، إلا أن الهيئة أوقفت الاستبدال مرة أخرى بالرغم من إصدار الخطابات بالموافقة للمستثمرين بتاريخ 22 سبتمبر 2014، ومنذ ذلك التاريخ لم يتم استبدال قطعة واحدة ولم يدخل خزينة الهيئة جنيه واحد.. إلا حوالى 5 ملايين من جراء القطعة التى استبدلها اللواء ماجد غالب قبل إقالته من حكومة الإخوان. وحقيقة فإن «غالب» كان جاداً فى جمع ال20 ملياراً من جراء استبدال كل خارطة الأوقاف فى وقف «القاضى» فقط فى سيدى بشر وساعده فى ذلك المهندس نبيل عمر، المستشار الأسبق لرئيس الهيئة، وحتى الآن ترفض الهيئة استبدال أراضيها بل وترفض الحفاظ عليها بدليل أن أكثر من 250 عقاراً جديداً شيد على أراضى الأوقاف وصدر لبعضها تراخيص.. والأكثرية قاموا ببناء أراضى الأوقاف دون تراخيص. فى حين أن ال250 عقاراً كان من الممكن أن تحافظ عليها الهيئة قبل بنائها مما أضاع على الدولة حوالى مليار و250 مليون جنيه قيمة حصة الأوقاف وما زالت أراضى الوقف تضيع كل يوم بسبب التراخى والتلاعب بطرق غير قانونية حتيث يقوم الحى بإصدار التراخيص على أراضى الوقف بعد إخطار الهيئة. المنطقة مملوكة لأوقاف «القاضى» و«أغازيان» و«القبانى» ومعلوم حدودها بموجب تطبيق مساحى معتمد من الهيئة المصرية العامة للمساحة فى 11 نوفمبر عام 2009. وأوصى أحد تقاريرها وهو القرار 66 لعام 2011 بعدم استخراج أى تراخيص جديدة بهذه المنطقة إلا بعد الرجوع لهيئة الأوقاف المصرية حتى ولو كان عليها عقود مسجلة مع إيقاف جميع التراخيص الصادرة منذ عام 2008 وإخطار لجنة الإزالة بالحى لإدراج الأعمال المخالفة فى أقرب حملة ممكنة ولكن هذه التوصيات لم تفعل حتى تاريخه. الجدير بالذكر أن أملاك الأوقاف لها صفة المال العام شأنها كشأن أملاك الدولة الخاصة تماماً ولا يجوز البناء عليها لصالح الغير إلا بموافقة الهيئة وإصدار أى تراخيص عليها يعاقب بالمادة رقم 116 (أ) مكرر عقوبات. كما أن حدود أراضى الأوقاف بحوض «بابين وسكرج والخرزانى» معلومة ومطبقة مساحياً من جهة الاختصاص. وأن أى عقود مسجلة بهذه المنطقة طبقاً لما جاء بفتوى مجلس الدولة ملف رقم 105/1/2008 وأخذاً بالمبدأ القانونى بأن أعيان الوقف فى مأمن من تملكها بالتقادم لواضعى اليد أو أصحاب العقود المسجلة مهما طال الزمن وإدراج الأعمال المخالفة للقانون والواقعة ضمن أراضى الوقف دون ترخيص فى أقرب حملة إزالة ممكنة. يقول مصطفى سلام المحامى وكيلاً عن بعض المستثمرين إنه اشتكى عدم جدية الهيئة فى الاستبدال للدكتور محمد جمعة واشتكى لنيابة الأموال العامة العليا. وقدم لرئيس الهيئة الإخوانى قبل ذلك «سى دى» موضحاً لجميع الأراضى التى تمت سرقتها من الأوقاف فى هذه المنطقة وكذلك الأراضى الفضاء غير المستغلة على الكورنيش وأن موكليه من المستثمرين حصلوا على خطابات استبدال ولم يتمكنوا من دفع التأمين والمقدم لكل قطعة مرتين خلال الأولى 2012 والثانية 2014 ولا حياة لمن تنادى حتى طفش بعض المستثمرين الإماراتيين والمصريين والأمريكان لعدم جدية الهيئة. وتساءل مصطفى سلام لمصلحة من تضييع المليارات على الدولة؟ كانت «الوفد» قد نشرت تقريراً عن أراضى الأوقاف بتاريخ 19 أبريل 2012 كانت تستغيث خلاله هيئة الأوقاف من مسئولى محافظة الإسكندرية بغرض الحفاظ على أراضى الوقف لحين الاستبدال. أما الآن فانقلبت الآية وأصبح المستثمرون والمواطنون يستغيثون بالدولة لوقف إهدار المال العام فى هيئة الأوقاف.