ما زال الطريق الذي سلكه الإنسان القديم ليصل إلى أميركا محل نقاش وخلاف بين العلماء، وقد أثير هذا الموضوع مجدداً مع باحثين يرفضون الفرضية السائدة حتى الآن. فغالبية العلماء يميلون إلى القول إن الانسان الأول وصل إلى أميركا عابراً سيراً على الأقدام ما يعرف اليوم بمضيق بيرينغ بين أقصى الشرق الروسي وآلاسكا. ووفق الفرضية، سلك الإنسان ممراً ظهر بطول 1500 كيلومتر لدى انحسار كتلتين جليديتين، ثم غرق الممر وتكون المضيق البحري. لكن رأياً آخر يذهب إلى القول إن الإنسان عبر المحيط الهادئ ليصل إلى السواحل الغربية للقارة الأميركية. وما زال الانقسام حول هذا الأمر سائداً بين علماء الإنتروبولوجيا والآثار، وحول تاريخ استيطان الإنسان أميركا أول مرة. لكن دراسة نشرت في مجلة «نيتشر» البريطانية شككت في الفرضية الأكثر شيوعاً. وذهب فريق العلماء الدوليين المعدين لهذه الدراسة إلى أن طلائع البشر الذين استوطنوا القارة الأميركية قبل أكثر من 13 ألف عام، لم يسلكوا هذا الطريق. إلى ذلك رجح عدد من علماء الآثار أن يكون البشر وصلوا إلى أميركا قبل هذا التاريخ. فصحيح أن الممر ظهر قبل 13 ألف سنة حين انحسر الجليد، لكنه لم يكن يضم أياً من الموارد اللازمة للإنسان الذي كان آنذاك صياداً وجامعاً للثمار. فقد كان الممر خالياً من الحيوانات والنبات والخشب اللازم لإضرام النار، وفقاً للباحثين. وقال أيسكي فيلرسليف المشارك في إعداد الدراسة في بيان «حتى لو كان ممر بيرينغ فتح قبل 13 ألف عام، كان الأمر يتطلب مئات السنين قبل أن يصبح صالحاً لعبور الإنسان». وللوصول إلى هذه الخلاصة، درس الباحثون عينات من الحمض النووي «دي إن آيه» لعناصر ما زالت محفوظة في الطبقات الرسوبية للممر. وتوصلوا من خلال ذلك إلى تكوين تصور لما كان عليه شكل الحياة هناك في ذلك الزمن، وإلى تحديد الوقت الذي غرق فيه النظام البيئي هناك في مياه ما يعرف اليوم بمضيق بيرينغ.