«السلع التموينية» تتعاقد على شراء 420 ألف طن قمح روسي وروماني    إذا لم تعرقله إسرائيل.. مسئول في حماس: لم يتبق الكثير للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار    محافظ الغربية يشهد ختام فعاليات الدوري الرياضي للاتحاد العام لمراكز شباب مصر    إصابة 3 أشخاص في اصطدام سيارة بعمود إنارة على الطريق الزراعي في القليوبية    كريم عبدالعزيز يطالب بمنع تصوير جنازة وعزاء والدته    مواصفات سيارة تويوتا كامري ال اي ستاندر 2024    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    الرئيس الكازاخستاني: الاتحاد الاقتصادي الأوراسي يمكنه توفير الغذاء لنحو 600 مليون شخص    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    متحدث الصحة: لم ترد إلينا معلومات حول سحب لقاح أسترازينيكا من الأسواق العالمية    «لا نعرف شيئًا عنها».. أول رد من «تكوين» على «زجاجة البيرة» في مؤتمرها التأسيسي    مرصد الأزهر لمكافحة التطرف يكشف عن توصيات منتدى «اسمع واتكلم»    محمود مسلم: الموقف في غزة صعب.. وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته    كوارث خلفتها الأمطار الغزيرة بكينيا ووفاة 238 شخصا في أسبوعين.. ماذا حدث؟    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    سلمى الشماع: مهرجان بردية للسينما الومضة يحمل اسم عاطف الطيب    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    وزير التعليم يُناقش رسالة ماجستير عن المواطنة الرقمية في جامعة الزقازيق - صور    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حلقة نقاشية حول تأسيس شركة مساهمة بجامعة قناة السويس    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    الخارجية الأمريكية: نراجع شحنات أسلحة أخرى لإسرائيل    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «التجارية البرازيلية»: مصر تستحوذ على 63% من صادرات الأغذية العربية للبرازيل    لفترة ثانية .. معلومات عن سحر السنباطي أمين المجلس القومي للطفولة والأمومة    السجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بتهمة الرشوة    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    المشدد 10 سنوات لطالبين بتهمة سرقة مبلغ مالي من شخص بالإكراه في القليوبية    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    الأرصاد تعلن تفاصيل حالة الجو اليوم.. فيديو    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون «على البلاطة»
نشر في الوفد يوم 07 - 07 - 2016

غول الأسعار التهم كل ما وراءهم وما أمامهم. خمس سنوات عجاف أكلت كل ما ادخروه، وتساوى الجميع فى المعاناة.. موظف.. عامل.. تاجر.. صنايعى الكل فى المعاناة سواء.
جميعهم يعانون من حكومات فشلت فى مواجهة ارتفاع الأسعار وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين.
أصبحوا يعيشون فى أزمات دائمة حتى وسائلهم التقليدية لمواجهة الأزمات ومنها السلف والتقسيط و«الجمعيات» لم تعد تجدى نفعاً، ومن ثم لم يعد لديهم سوى الدعاء إلى الله لرفع البلاء عنهم.
ملايين الأسر المصرية على اختلاف دخولها وميزانياتها أصبحت تعانى الأمرين.. يمر عليها اليوم «بالعافية» وتأتيها المواسم والأعياد بالهم بدلاً عن الفرحة.
والحكومة التى تتحدث دائماً عن رفع المعاناة عن المواطنين أعلنت عجزها وفشلها وتركتهم وحدهم فريسة لمعاناة لا تنتهى.. ويستوي في ذلك الفقراء و«الطبقة المتوسطة».
أفواه جائعة
جاء من محافظة المنيا بحثاً عن الرزق الشحيح هناك، لعله يستطيع إطعام 6 أفواه جائعة تركهم أبوه فى رقبته ورحل عن الدنيا التى لم تمنحه من الفرح إلا أقل القليل.
جاء حالماً بالعودة لأهله بأموال تغنيهم شر الحاجة، إلا أن أحلامه تحطمت على صخرة الواقع الأليم.
أحمد محمود شاب فى ال26 من عمره، توفى والده تاركاً 4 شقيقات والأم والعمة التى كان يعيلها، فانتقلت التركة الثقيلة إلى الابن الوحيد الذى حمل هم الأسرة على عاتقه.
جاء إلى القاهرة حالماً بالرزق الوفير، إلا أن أحلامه لم تتحقق، فعمله بأحد الجراجات لم يضمن له سوى 300 جنيه شهرياً، بالإضافة إلى ما يجود به عليه أهل الخير.
يقول أحمد: «أرسل ال300 جنيه لأسرتى شهرياً، وأعيش بما يجود به الله على.. لكن المشكلة أن الأسعار كل يوم فى الطالع، بيقولوا الدولار هو السبب، طيب احنا ذنبنا إيه؟ نموت من الجوع يعنى؟.
وأضاف: أصبحت أسافر لأهلى مرة أو اثنين فى السنة لأن أسعار المواصلات زادت حتى أصبح السفر يكلفنى 120 جنيهاً ذهاباً وعودة.
ويرفع أحمد يده بالدعاء لله قائلاً: «ربنا يرحمنا برحمته».
الموظفون فى الأرض
أحوال الموظفين فى مصر كانت دائماً سيئة، فهم أصحاب المعاناة الدائمة بسبب ثبات دخولهم وتآكلها أمام ارتفاع الأسعار الرهيب، معاناتهم معتادة وشكواهم طالت عنان السماء ولا مجيب.
حمدى عبدالسلام موظف بالحكومة أكد أن راتبه بعد الزيادة أصبح 2300 جنيه يدفع منها 600 جنيه للإيجار، ولديه 3 أبناء بمراحل التعليم المختلفة، يدفع لهم حوالى 1000 جنيها دروساً خصوصية وما يتبقى ينفقه على الطعام والشراب.
ويتساءل حمدى: «ماذا أفعل و كل ما أحصل عليه لا يكفى شيئاً؟ فما كادت الدراسة تنتهى ونستريح من مصاريف الدروس الخصوصية حتى جاءنا رمضان، فالمواسم والمناسبات تمر علينا بالعافية، وما كاد شهر رمضان ينتهى بمصاريفه، حتى جاء العيد بمتطلباته من ملابس وكحك وخلافه، والمرتب لا يكفى لشىء، ربنا وحده العالم بنا والحكومة لا تشعر بنا.
وأضاف أسعار الكهرباء نار والمياه زادت بشكل غريب والخضار والفاكهة واللحوم وصل سعرها ل 90 جنيهاً للكيلو، في حين أن المرتب ثابت والزيادة التى تأتى عليه لا تستطيع مواجهة هذا الارتفاع الرهيب فى الأسعار.
وأضاف: «كل أيامنا أصبحت معاناة دائمة، حتى الكحك أصبحنا نشتريه بالتقسيط لأننا لا نستطيع دفع ثمنه مرة واحدة».
وأكد أنه فضل شراء الكعك جاهز لأنه بالتقسيط، أما لو فكرنا فى عمله فى المنزل فرغم أنه أوفر إلا أننا سنضطر إلى شراء الخامات «كاش» وهو ما سيجعلنى أدفع 200 جنيه على الأقل دفعة واحدة وهذا صعب على ميزانية موظف بسيط مثلى.
الصنايعية اشتكوا
دائماً كان أصحاب المهن أو الحرف المختلفة من أقل فئات الشعب المصرى معاناة.. لكن هذا الوضع وفقاً لعادل على «نجار» تغير.. و«الحال تغير» تماماً منذ ثورة 25 يناير 2011، والشغل قليل جداً، مضيفاً: «أصبحت بيوتنا تسير بستر ربنا فقط، والأسعار فى ارتفاع مستمر وليس لدينا دخل ثابت ومع ذلك نقول الحمد لله على كل شىء.
وتساءل عادل عن دور الحكومة فى رفع المعاناة عن الناس، فى ظل هذا الارتفاع الرهيب فى الأسعار ووقف الحال الذى يعانى منه المواطنون.
ويلتقط جمال إبراهيم تاجر موبيليا طرف الحديث قائلاً بانفعال: «الأسعار مولعة والحال واقف والناس تعبانة والحكومة مش عارفة تدير البلد وتضبط الأسعار، احنا أحوالنا بقت طين وما حدش حاسس بينا».
وأضاف: «عندى 5 أبناء منهم واحد فى ثانوية عامة أدفع له دروس 1500 جنيه كل شهر، غير مصاريف البيت، أحياناً تمر على شهور لا أبيع شيئاً، حتى المبالغ البسيطة التى كنت أدخرها من قبل لمستقبل الأولاد أنفقتها ولم يعد لدى شىء وأصبحنا نسير بستر ربنا».
المصريون شعب مؤمن بطبعه يلقون بحمولهم على الله دائما، ومن ثم فرغم كل معاناته بدأ سعيد بيومى «سمكرى» سيارات حديثه بعبارة «الحمد لله مستورة، الأسعار نار والدخل ثابت ولكن الحمد لله على كل شىء».
وأضاف قائلاً: الناس مخنوقة من الأسعار وتصرخ ولكن الحكومة لا تسمع، وأضاف نحن نعيش ببركة ربنا فقط، فلا الحكومة ستنجح فى عمل شىء ولا أى بشر يمكنه أن يرحمنا سوى الله».
أما سعيد أو أبو أدهم «57 عاماً» فهو يعمل من الساعة الثامنة صباحاً حتى العاشرة مساء.. ويرضى بالقليل كما يقول، ويعتقد أن هذا الرضا هو سبب ما فيه من خير.
يقول: «أنا أرضى ب 3 جنيهات أو 5 جنيهات.. وكل ما يرزقنى به الله خير، لذلك ربنا يبارك فى القليل والحمد لله على كل شىء».
أما حمدى محمد موسى صاحب مخبز فيقول: «جميعنا أصبح يعانى، فكل شىء غالى، وسعر شيكارة الدقيق وصل إلى 100 جنيه، وهى تنتج حوالى 1000 رغيف، وبعد إضافة تكلفة الإنتاج إليها حيث يقدر أجر العامل ب 100 جنيه يومياً ولدى 3 عمال فى المخبز يحصلون على 300 جنيه يومياً.. بعد خصم تكلفة المازوت والماء أجد نفسى فى النهاية لا أكسب شيئاً، ومع ذلك نقول الحمد لله على الستر والصحة».
ولم ينج العمال الذين ارتبطت أعمالهم بمواسم بعينها من هذه المعاناة، فقد كان موسم الصيف بشكل عام وشهر رمضان بشكل خاص فرصة بالنسبة لطارق عاطف «بائع العرقسوس والتمر» الذى جاء من محافظة سوهاج ليعمل فى القاهرة، حيث البيع والشراء كثير والأرباح كثيرة أيضاً.
ولكن هذا العام وفقاً لكلام «طارق» مختلف، فأسعار كل شىء زادت، حتى جوال العرقسوس الذى كان يشتريه فى العام الماضى ب 1670 جنيهاً، أصبح سعر5 1970 جنيهاً والزبون الذى يدفع جنيهاً فى الكيس لا يتحمل أى زيادة، لذلك فأنا أتحمل فارق السعر وحدى.
وأضاف: «فى الشتاء أعمل على توك توك وفى الصيف أبيع المثلجات حتى أستطيع أن أنفق على أسرتى المكونة من زوجتى و3 أطفال صغار أتمنى أن أعلمهم حتى لا يصبحوا مثلى ويعيشوا هذه المعاناة، ورغم أن الرزق قليل، إلا أننا نحمد الله على الستر والصحة».
كانت هذه صور من معاناة المصريين مع الأسعار والدخل الثابت.. الكل فى المعاناة سواء، موظفون أو عمال أو تجار.. كل فئات المجتمع تعانى، والحكومة عاجزة عن المواجهة، والمصريون لا يملكون سوى عبارة «الحمد لله».
والأوطان أيضاً تفلس!!
هل يمكن أن تفلس دولة؟ سؤال يطرح نفسه بعد أن أعلن المواطنون إفلاسهم والتجار والشركات وتراكمت الديون على مصر كلها، وأصبح هذا السؤال يتردد على ألسنة الكثيرين، خاصة أن هناك سوابق أعلنت فيها دول اقترابها من إعلان إفلاسها، مثلما حدث مؤخراً فى اليونان بعد عجزها عن سداد ديونها وإعادة جدولتها مرات ومرات، ويؤكد الخبراء أن إفلاس الدول يعنى عدم القدرة على الوفاء بالدين، وبما أن ديون مصر بلغت مستويات غير مسبوقة فالأمر ينذر بكارثة وشيكة، حيث تقدر ديون مصر الخارجية ب53.4 مليار دولار أمريكى وفقاً لتقديرات البنك المركزى، الذى أوضح فى تقريره زيادة حجم الدين الخارجى لمصر فى نهاية مارس الماضى بمعدل 11.2% حيث كان يقدر ب48.1 مليار دولار فى نهاية يونيو 2015 أى بارتفاع قدره 5.4 مليار دولار خلال 9 أشهر فقط، بينما ارتفع حجم الدين الداخلى ليصل إلى 2 تريليون و496 مليار جنيه بزيادة قدرها 128 مليار جنيه خلال نفس الفترة.
وهذه الزيادة الرهيبة فى الدين العام دفعت مؤسسات عالمية مثل فيتش الدولية للتصنيف الائتمانى ومؤسسة طومسون رويترز لتصنيف مصر ضمن 18 دولة مهددة بالإفلاس من بينها الأرجنتين وأوكرانيا وفنزويلا واليونان.
ورغم تأكيدات المسئولين أن مصر تقوم بواجبها نحو سداد أقساط خدمة الدين، إلا أن الأمر يحتاج لخطة متكاملة لإنقاذ الاقتصاد المصرى وسداد الديون حتى يشعر المواطن بالاطمئنان.
من ياميش رمضان وكعك العيد إلى جهاز البنات
للمصريين ابتكارات عديدة لحل الأزمات المالية أو «فك الزنقة»، ومواجهة الأزمات الكثيرة التى يمرون بها فى حياتهم، خصوصا أن المواسم والمناسبات تتوالى و«العين بصيرة واليد قصيرة».
لذلك فغالباً ما تكون الجمعية والتقسيط و«النوتة» هى أفضل وسائل مواجهة هذه الأعباء التى لا تقوى الدخول على مواجهتها.
الطريف فى الأمر أن الجمعيات كانت هى الوسيلة الأشهر لدى المصريين خاصة عند المناسبات الكبرى ومنها الزواج أو جهاز البنات أو شراء الشقق وما إلى ذلك.
ولكن هذه الأيام الأمر اختلف.. حتى كعك العيد و«ياميش» رمضان أصبح يشترى بالتقسيط.
ولكن تظل «الجمعية» هى سيدة الموقف والحل الأمثل لكثير من الأزمات وفقا لما أكدته ماجدة صفوت التى وصفت الجمعية بأنها أصبحت أسلوب حياة.
فقد اعتادت هى وزميلاتها فى العمل على عمل جمعيات باستمرار لتوفير نفقات المواسم المختلفة كالأعياد أو بدء الدراسة، حتى إنهم أصبحوا لا يستغنون عنها وأصبحت جزءًا من حياتهم.
وأضافت: «رواتبنا لا تزيد بنفس قيمة زيادة الأسعار، التى تزيد فى المناسبات بشكل كبير لذلك أحيانا أعمل الجمعية وأقبضها وأدخرها لوقت الحاجة».
أما هدى سعد موظفة فترى أن التقسيط هو خير معين للموظفين على حياتهم. وأضافت: «جهزت بناتى الاثنين بالتقسيط واشتريت لهما الأجهزة الكهربائية، وزوجى اشترى سيارة مستعملة بالتقسيط أيضا، وحتى كعك العيد اشتريناه بالتقسيط، فهو أفضل وسيلة لشراء كل ما نحتاجه دون أن ندفع مبالغ كبيرة مرة واحدة».
ولأن الحالة الاقتصادية للمصريين جميعا أصبحت متردية فى كل مكان فقد ظهرت عبارة «الشكك ممنوع» فى أماكن كثيرة، وبعد أن كانت البقالة والجزارة وغيرها من الطلبات «على النوتة»، والدفع «حين ميسرة».. أصبحت معظم المحال ترفض العمل بهذه الطريقة.
فالجميع لديه أعباء يريد أن يواجهها، وهو ما أكده أحمد إمام بائع دواجن، مشيرا إلى أن لديه 3 أبناء منهم طفلان فى المدرسة يدفع لهما 300 جنيه دروساً خصوصية كل شهر، و600 جنيه إيجار شقة و1500 جنيه إيجار محل، ونتيجة لارتفاع أسعار الدواجن «أصبح الحال واقف» وقال: «أريد سيولة حتى أستطيع أن أشترى وأبيع».
وأضاف: «نحن نعانى أكثر من أى شخص فعندما كانت أسعار الدواجن رخيصة كنت أكسب أما الآن فالناس لا تشترى إلا أقل القليل، ومع ذلك أحيانا يأتينى زبون أعرفه جيداً فأعطيه ما يحتاج وأكتب الحساب على النوتة ولكن هذا فى أضيق الحدود».
وإذا كانت عمليات البيع والشراء على النوتة قد قلت فى المدن إلا أنها ما زالت منتشرة فى الريف وفقا لما أكده حمام محمد عبدالحليم عامل نظافة مقيم بإحدى قرى ناهيا، والذى أشار إلى أن النوتة هى الوسيلة الوحيدة التى تساعده على الحياة، فراتبه 1350 جنيهاً ينفق منها على زوجته وأبنائه الأربعة، وأضاف قائلا: «لولا النوتة والشكك من البقال والجزار لما وجدنا ما نأكله.. فالدروس الخصوصية نحلت وبرنا كل شهر 500 جنيه على الأقل، ومياه وكهرباء وأنابيب بوتاجاز حوالى 200 جنيه، وما يتبقى من المرتب لا يكفى لأسبوع، لذلك لا نجد سوى النوتة لتنقذنا.
وأكد أن الباعة أنفسهم لا يمكنهم الاستغناء عن «النوتة» لأنها وسيلتهم لتصريف البضائع.
وأضاف: «الناس كلها تعبانة وبتستحمل بعضها، ولولا النوتة والتقسيط كنا متنا من زمان».
الإفلاس.. كأس يشرب منه التجار والشركات
ليس المواطنون وحدهم من أعلنوا إفلاسهم، ولكن التجار والشركات أيضاً شربوا من نفس الكأس حيث أشارت الإحصاءات إلى ارتفاع عدد حالات البروتستو - أى عدم القدرة على دفع الدين وهى الحالة التى تسبق إشهار الإفلاس – إلى 15116 حالة فى العام الماضى وعجز الأفراد والمؤسسات عن سداد 1.4 مليار جنيه ديونا مستحقة لأفراد وشركات وبنوك، وجاءت محافظة القاهرة فى المركز الأول من حيث عدد حالات البروتستو فى قيمة الدين ب2388 حالة بلغت نسبتها 15.8%، تليها محافظة أسيوط ب1634 حالة ثم محافظة المنوفية ب1364 حالة، أما العجز عن دفع الدين فقد احتلت القاهرة المركز الأول أيضا ب9678 حالة بنسبة 16.9%، ثم البحيرة ب5355 حالة ثم الغربية ب5266 حالة.
أما دعاوى الإفلاس الفعلى المنظورة أمام المحاكم الاقتصادية فقد بلغت 69 حالة تم إشهار إفلاس 4 حالات منها بالفعل، وبلغت قيمة الدين لحالات دعاوى الإفلاس حوالى 117.2 مليون جنيه، فى حين بلغت قيمة الدين لأحكام الإفلاس الصادرة بالفعل 3.3 مليون جنيه من ناحية أخرى أعلن الاتحاد العام لعمال مصر إغلاق 3500 شركة صغيرة ومتوسطة، بالإضافة إلى إغلاق 190 فندقاً ومنشأة سياحية فى محافظات البحر الأحمر وجنوب سيناء بالإضافة إلى تقليص عدد العاملين فى منشآت أخرى وهو ما انعكس على أحوال العاملين وعدم قدرتهم على الإنفاق على أسرهم.
اكتوينا ياريس
أحوال المصريين فى الحضيض، فقد كشف أحدث تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن عام 2015 أن نسبة الفقر بلغت 26.3% من المصريين، فى حين وصلت هذه النسبة فى محافظات الصعيد إلى 50%، وفى المحافظات الحضرية 17%.
واحتلت محافظة أسيوط المركز الأول بين محافظات الجمهورية الأكثر فقراً بنسبة 60 %، تلتها محافظة سوهاج ثم قنا فالمنيا وأسوان، فى حين وصلت نسبة الفقر فى سيناء إلى 20% نظراً للعمليات الإرهابية وتوقف مشروعات التنمية والسياحة.
كما بلغت نسبة السكان الذين يعيشون فى فقر مدقع -أى لا يجدون قوت يومهم- حوالى 4.4%. وكشفت بحوث الدخل والإنفاق أنه رغم انخفاض الدخول.. فالمصريون ينفقون معظم دخولهم على الطعام والشراب، حيث يستحوذ هذا البند على 37.3% من إنفاق المصريين، بمعدل 34% فى الحضر و41.4% لسكان الريف، بينما احتل الإنفاق على السكن ومستلزماته من مياه وكهرباء المركز الثانى بنسبة 18.1 %، وجاءت الرعاية الصحية والخدمات فى المركز الثالث بنسبة 9.2%، والتعليم فى المركز الرابع بنسبة 4%، بينما أنفق المصريون 4.1% من دخولهم على التدخين، و2.2 % على الاتصالات و5.2% على الانتقالات والمواصلات.
وفى حين ترتفع الأسعار بمعدلات رهيبة يوماً بعد يوم، تستمر الأجور على ثباتها أو تتحرك ببطء شديد جداً وتكشف الإحصاءات أن متوسط أجور العاملين فى القطاع الحكومى أعلى من غيرها بكثير، حيث يبلغ متوسط أجر العاملين بالقطاع العام 4833 جنيهاً شهرياً، فى حين أنه يقدر فى القطاع الخاص ب1916 جنيهاً شهرياً.. هذا فى الوقت الذى كشفت فيه الإحصاءات عن ارتفاع الأسعار بمعدلات غير مسبوقة خلال الفترة الماضية، وارتفاع معدل التضخم السنوى ليصل إلى 12.9%، وأرجعت الإحصاءات السبب إلى ارتفاع أسعار مجموعات الحبوب والخبز والأرز بنسبة 8.4% واللحوم والدواجن بنسبة 3.8% والخضراوات بنسبة 3.8%، والفاكهة 5.2%، والرعاية الصحية بنسبة 15.1% و هو ما زاد من معاناة المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.