لابد أن نعترف بأن مجلس التعاون الخليجى وعلى وجه الخصوص السعودية، أصبح المسيطر والمهيمن على الجامعة العربية بعد أن غابت مصر فى صحراء حسنى مبارك الضالة وتاهت ثلاثين عاماً فى غياهب الجُب! تخلت مصر طواعية عن دورها المحورى فى المنطقة وباعه مبارك للسعودية ولا نعرف حتى الآن بأى ثمن بخس باعه ولكن الذى نعرفه جيدا أن الذهب الأسود أصبح المتحكم فى مصير الوطن العربى والقابض على أمر شعوبها وها نحن نرى كيف أصبحت الجامعة العربية بعد أن سيطرت عليها دول النفط مطية للمشاريع الغربية الاستعمارية ومن سخرية القدر وربما من غضب الله أن تمول تلك المشاريع الاستخرابية التى تستهدف خراب الأمة العربية وضياع شعوبها فى معارك مذهبية وإثنية وعرقية، وهى معارك عبثية صنعها العدو وتنفذها وتمولها تلك الدول النفطية!! والعراق ليس ببعيد عما نقوله بل كان المسرح الرئيسى لتنفيذ هذا المخطط الشيطانى لتقسيم الوطن العربى وتجزأته إلى دويلات ضعيفة، هشة طبقا للدين والمذهب والعرق ثم أتى السودان وسيأتى الباقى فِرادا على مذبح التقسيم بخنجر غربى تمسكه أيدى عربية لن تكون بمنأى عن التقسيم حتى لو توهمت عكس ذلك وإلى أن يأتى اليوم الذى تقف فيه فى ذاك المذبح وتندم حيث لا يفيد الندم وتصرخ وهى تعتصر حسرة وتقول «اُكلت يوم اُكل الثور الأبيض» وإلى أن يأتى هذا اليوم الذى يظنونه بعيداً ونراه قريباً سيظل حكام هذه الدول النفطية أداة من أدوات أمريكا فى المنطقة! فى ليبيا أجبرت الجامعة العربية على استصدار قرار يطلب من مجلس الأمن فرض الحظر الجوى لتكون غطاء لقوات الناتو لضرب ليبيا تحت ذريعة حماية المدنيين ولا أصلا المدنيين ولا العرب بل ولا المسلمين جميعا يعنون لهم شيئاً بل لو استطاعوا أن يبيدوهم جميعا ما تأخروا لحظة! ودخلت ليبيا فيما يشبه الحرب الأهلية إلى أن سقط القذافى وقُتل بوحشية ولا نعرف مصير ليبيا بعد ذلك وما ستؤول إليه الأمور بعد سيطرة الغرب على مقدراته الحيوية والنفطية وما شكل الفاتورة التى سيدفعها النظام الجديد من أموال شعبه وكرامته وعروبته؟! أما فى اليمن فالوضع عند السعودية مختلف وكذلك عند أمريكا فعلى عبد الله صالح حليف لهما ونجاح الثورة فى اليمن وسقوط نظام صالح يخيف السعودية من امتداد رياح الثورة والتغيير إلى أرضها الجامدة ونظامها الوراثي المتخلف الذي يعس في الأرض فساداً ويقبع شعبه ويزيقه كل أشعال الذل والهوان ولذلك نجده يغض الطرف عن الجرائم والقتل اليومى الذى يمارسه نظام صالح ضد شعبه وإن كان فى الوقت الذى يدعم النظام بالمال والسلاح يمد أيضا قوات الأحمر المناوئة له بالمال كى تدخل البلاد فى حرب أهلية وتسقط الثورة!! نفس الشىء فى البحرين والتى كانت انتفاضة شعبية حقيقية أخافت حكام الخليج فأسرعت السعودية لإخمادها ودخلت بقواتها إلي أرض دولة أخري لقتل شعبها التي ينادي بالحرية والعدالة والمساواة واشتغلت الآلة الإعلامية التى يسيطرون عليها لتصويرها على أنها دفاعا عن البحرين ضد التدخل الإيرانى وحولوا الانتفاضة الشعبية إلى صراع مذهبى على الرغم من آلاف البحرانيين السنة المشاركين فى الانتفاضة مع باقى الشعب الذى غالبيته من الشيعة! أما فى سوريا،الدولة المارقة فى القاموس الغربى وحليف إيران فالحال بالطبع لابد أن يختلف ولابد أن يدعموا الانتفاضة بالمال والسلاح والتحريض الإعلامى ويبلغ الحماس مداه ويسحبون سفراءهم ويوجهون خطابات إدانة للنظام وحينما يفشل مجلس الأمن فى استصدار قرار لفرض عقوبات على سوريا بعد ما استعملت روسيا والصين حق الفيتو تجتمع الجامعة العربية فجأة وتفرض خطة إصلاحات تتضمن الحريات والديمقراطية وتداول السلطة وحقوق الإنسان فى سوريا وكان بالأحرى أن تطبق أولا فى دول الخليج الغارقة فى بحر الظلمات والله ضحكت كثيراً وأنا أرى رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها «حمد بن جاسم» يتلوها فى المؤتمر الصحفى، حقاً شر البالية ما يضحك، أمراء النفط يقودون ثورات التحرر.. عجبى!!