"لم أقتل أمى، هذه ليست جثتها، ابحثوا عن أمى المفقودة".. كلمات قالتها فاتن أحمد إبراهيم المتهمة بقتل والدتها بتركها عمدا دون طعام وعلاج حتى الموت، وزادت الكيل بالتخلص من جثتها فى مقلب قمامة حتى تنهشها الكلاب الضالة لإخفاء معالم الجريمة، المجنى عليها خيرية عبدالفتاح محمد، عجوز فى العقد الثامن من عمرها، تنتظر الموت بين الحين والآخر ليرحمها من معاناتها، ولكن ابنتها أرادت أن تخط نهايتها بيديها، طمعا فى إرث من بضعة جدران. رغم أن «إكرام الميت دفنه» لكنه لم تخطر على بال الابنة الجاحدة، تركتها حتى تعفنت جثتها وانبعثت رائحة الموت من المكان، رسمت خطتها للتخلص منها، وانتظرت حتى خلا الشارع من المارة وقت الفجر، وأشركت ابنها أحمد فى جرمها وجعلته يحملها ويلقى بها فى أقرب مقلب قمامة. ما الذى دفعها لذلك؟، سؤال ألح على خاطرى بشدة، وكانت الإجابة عند رجال المباحث أن المجنى عليها بينها وبين قاطنى العقار ملكها نزاع قضائى يتمثل فى طردهم من الشقق، واختمرت فى ذهن المتهمة فكرة التخلص من الجثة دون الإفصاح عن وفاتها، حتى تتمكن من استكمال إجراءات دعاوى الطرد والاستفادة من الحكم بطريق الإرث، هنا انتهت الجريمة البشعة بتفاصيلها المقيتة، وبدأ رجال المباحث رحلتهم فى التوصل لمنفذيها. كشفت كاميرات المراقبة المثبتة على أحد المحلات المواجهة لمقلب الزبالة بحسب رواية الرائد محمد الوردانى رئيس مباحث قسم الوايلى، عن شاب لم تظهر ملامحه يحمل جثة يرتدى حذاء رياضيا أزرق اللون لماركة شهيرة، موضحا أن الفيديو ساعد بشكل كبير فى سير القضية والتحريات التى أشرف عليها اللواء هشام العراقى مدير مباحث العاصمة، حيث تأكد أن مكان وقوع الجريمة لا يبعد كثيرا بسبب عدم وجود سيارة لنقل الجثة، تم تشكيل فريق بحث قاده العميد محمد الألفى رئيس مباحث قطاع الشمال، قام بتفتيش المربع السكنى المحيط بالمقلب حتى تم الوصول إلى العقار الذى شهد الجريمة والعثور أعلى السطح على غرفة متهالكة قالت التحريات ان المجنى عليها كانت تقيم بها بحسب شهود العيان، وعثر بداخلها على سرير متهالك احتضن الجثة عدة أيام وتم إشعال النيران به للقضاء على الرائحة الكريهة، الشرطة كانت تبحث عن صاحب الحذاء الأزرق الذى شاهده فى الفيديو حتى عثر عليه فى شقة المتهمة، وتبين انه ملك ابنها وتم وضعه ضمن أدلة الاتهام، كما ذكرت تحقيقات المباحث ان أشقاء المتهمة أكدوا فى أقوالهم أنهم كانوا لا يستطيعون رؤية والدتهم بسبب شقيقتهم، وأضافوا أن المتهمة أجبرتها على الإقامة فى غرفة في السطوح دون أى اهتمام وبلا عناية طبية لائقة، وامتنعت عن تقديم الدواء لها حتى توفيت. فى خطوات متثاقلة دلفت المتهمة وابنها يجمعهما كلبش واحد إلى داخل مكتب رئيس المباحث، سيدة خمسينية، ملامحها توحى بالقوة والثبات، نظراتها تفقدت الحضور فى الغرفة بطرف عينيها قبل ان تندفع الكلمات من فمها كسيل متدفق، تنفى كل التهم الموجهة اليها، مشيرة إلي أنها لا تعرف هوية صاحبة الجثة، مطالبة بالبحث عن والدتها التى اعتبرتها فى عداد المفقودين حتى يتم العثور عليها، سكتت برهة، وطلبت من وكيل النيابة أن يجرى تحليل «دى إن إيه» على الجثة لإثبات صحة كلامها. قالت المتهمة إن أمى تقيم فى شقتى منذ 8 شهور، وفى الأسبوع الماضى خرجت فى الصباح للذهاب إلى شقيقى فى التجمع الخامس لزيارته ولم تعد، طلبتها على الهاتف المحمول وجدته مغلقا، ظللت أبحث عنها بلا جدوى، حتى فوجئت برجال المباحث يقبضون علينا، وفجرت المتهمة مفاجأة مؤكدة أن أشقاءها الأربعة علاقتهم بها وبوالدتها سيئة ولهم يد فى توريطها فى القضية، معللة ذلك بانه سبق لهم استخراج شهادة وفاة لوالدتهم منذ عام ونصف العام تقريبا لتجميد أرصدتها فى البنك، ومنعها من التصرف فى العقارات المملوكة لها، وبعد أن علمت بالأمر توجهت معها إلى مدير البنك وكذبتهم، وأشارت إلي أن والدتها اتهمت شقيقها أحمد بمحاولة قتلها من قبل، وأرسلت فاكسات إلى وزير الداخلية لحمايتها منه وتهديده لها. وتابعت، أن أشقاءها أحضروا لها بلطجية لتأجيرهم شققا بالعقار، لذلك أقامت ضدهم 3 دعاوى قضائية لطردهم، وبالفعل كسبت قضية وتبقت اثنتان تنظران خلال هذا الأسبوع لإصدار الحكم فيها مشيرة الي ان مصلحتهم تقتضى اختفاء والدتى وسجنى، وأشارت الي أنهم فى المقابل تمكنوا من الحصول على أحكام قضائية ضدها فى مخالفات مبان، ولم يدخروا وسيلة فى إرهاقنا بالمحاكم وأقاموا دعويين بإيصالات أمانة بمبالغ كبيرة فى محافظة أسوان لإرغامنا على السفر إلى هناك وقد تمت تبرئتنا من تلك التهمة، وأوضحت انها لا تعانى من ضائقة مالية وأنها ميسورة الحال و لديها عقارات وشقق فى أماكن مختلفة بالقاهرة والجيزة، وأحد هذه العقارات يتجاوز ثمنه 22 مليون جنيه بمحافظة البحيرة ورثه ابنها عن جدته لوالده، مؤكدة أن ثروتها تصل إلى 60 مليون جنيه، وأشارت الي انها تنازلت عن حقها فى ميراث 3 عقارات بالمطرية لأشقائها، ولكنهم لم يكتفوا بذلك حتى أتنازل عن جميع حقوقى فى الميراث، وبينها العقار الذى نقيم به في العباسية، بالعرض على النيابة أمرت بحبسها 4 أيام على ذمة التحقيقات.